ليس كل حامل علم قادرا على إبلاغه
ليس كل حامل علم قادرًا على إبلاغه
أكرر وأقول: ما أحرانا أن نعيد النظر في خطابنا، وطريقة إلقائنا وأسلوبنا.
قلت لك: الخطباء فينا كُثُر، وطلاب العلم المبرزون لعلهم أكثر، ومن لهم قَدَم وقِدَم في الدعوة كُثُر كذلك، لكن - للأسف - مع يحملونه من معلومات، وما يكنزونه من محفوظات؛ لضعف أسلوبهم، وقلة خبرتهم ومعرفتهم، لا يستطيعون أن يوصلوا ما يحملونه، ولضعف عباراتهم وإلقائهم لا يقدرون على أن يصلوا إلى ما يريدونه!
وبالمقابل قد يكون أحد المبدعين بأسلوبه وإلقائه حديث عهد بمجاله، ولا يحمل ما يحمله الأول من درر العلم وفرائده، لكن الناس يتابعون خطبه ومحاضراته، ومعجبون بسماع كلماته وعباراته، وقد يشاهده الآلاف، بل الملايين في موقعه وصفحته، ما السبب يا ترى؟! إنها مهارات الإلقاء الجذابة، والأساليب المؤثرة الفعَّالة التي يتحلى بها بعض أصحاب المهارات والقدرات.
كثير من الخطباء لا ينتبه لفن إلقاء الخطاب والكلام، بل ولا يبالي به أو يلقي له أي اهتمام، فترى أسلوبه وإلقاءه في هذا العام كإلقائه قبل عشرة أعوام، والذين يسمعونه قد سئموه ومَلُّوه، بل ينفرون منه ويستثقلونه؛ مع اعترافهم بعلمه ومكانته، وقد يكون الأول من طلابه وتلامذته، وهو ربما يعرف ذلك، خاصة إذا كان يعيش معهم، وظل سنوات بينهم.
يعرف أنهم لا يرغبون في حديثه أو أسلوب خطبته ودروسه، وربما يتكلمون عليه في غيبته، وقد يتكلمون عليه بحضوره.
فلماذا كل هذا؟! ولماذا لا نرتقي بخطابنا، ونتحبب إلى الناس بطريقة جذابة مؤثرة بأسلوبنا، وكلامنا!؟
فما أحرانا أننتعلم فن الإلقاء والأساليب التي تجذب الناس إلى حديثنا واستماعنا، وأن نتعرَّف على هذا الفن الذي من حرمه فقد حُرم خيرًا كثيرًا، وأغلق على نفسه بابًا عظيمًا، حتى قال بعضهم: لو خيرت بفقد كل شيء معي ويبقى لي شيء واحد، لاخترت بقاء فن الإلقاء، لماذا؟ قال: لأنني بفن إلقائي، وأسلوب كلامي، أستطيع أن أُرجع جميع ما فاتني، وذهب عني.
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|