كتب عبد الملك بن مروان إلى الحجاج : أن ابعث إلي أسلم بن عبد البكري ، لما بلغني عنه ، فأحضره الحجاج ، فقال الرجل : أيها الأمير أنت الشاهد وأمير المؤمنين الغائب ، وقال الله تعالى : ” يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبإ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين ” وما بلغه باطل ، وإني أعيل أربعا وعشرين إمرأة ما لهن من معيل غيري ، وهن بالباب . فأمر الحجاج بإحضارهن ، فلما حضرن جعلت هذه تقول : أنا خالته ، وهذه : أنا عمته ، وهذه : أنا أخته ، وهذه : أنا زوجته ، وهذه : أنا ابنته ، وتقدمت إليه جارية فوق الثمانية ودون العشر ، فقال لها الحجاج : من أنت ؟ فقالت : أنا ابنته ، ثم قالت : أصلح الله الأمير – وجثت على ركبتيها – وقالت : أحجاج لم تشهد مقام بناته * وعماته يندبنه الليل أجمعا أحجاج كم تقتل به إن قتلته * ثمانا وعشرا واثتين وأربعا أحجاج من هذا يقوم مقامه * علينا فمهلا إن تزدنا تضعضعا أحجاج إما أن تجود بنعمة * علينا وإما أن تقتلنا .. معا فبكى الحجاج ، وقال : والله لا أعنت عليكن ولا زدتكن تضعضعا ثم كتب إلى عبد الملك بما قال الرجل ، وبما قالت ابنته هذه ، فكتب عبد الملك إلى الحجاج يأمره بإطلاقه وحسن صلته وبالإحسان إلى هذه الجارية وتفقدها في كل وقت !! .