(سجآده حمراء وأرائـك الهطول# حصريآت ال روآية عشق)  
 
 

العودة   منتدى رواية عشق > ۩ القِسـم الإسلامـي ۩ > ۩ إسلامِي هُو سر حَياتي ۩

الملاحظات

۩ إسلامِي هُو سر حَياتي ۩ غيمَة الرُوح فِي رِحَابِ الإيمَانْ " مَذْهَبْ أهْلُ السُنَةِ وَالجَمَاعَة ".

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
#1  
قديم 02-01-2024
غـرام الشوق غير متواجد حالياً
Saudi Arabia     Female
قَدَاسَة طُهِّرَ | | أَوْسِمَتِي | |
 
 عضويتي » 1720
 اشراقتي ♡ » Nov 2020
 كُـنتَ هُـنا » منذ 10 ساعات (11:09 PM)
آبدآعاتي » 1,368,524
 تقييمآتي » 52944
 حاليآ في »
دولتي الحبيبه » دولتي الحبيبه Saudi Arabia
جنسي  »  Female
 حالتي الآن » نبض قلبه
آلعمر  » 🌹
الحآلة آلآجتمآعية  » متزوجة 😉
تم شكري »  1,698
شكرت » 2,557
مَزآجِي  »  الحمدلله
 
افتراضي الْغَفُورُ - الْغَفَّارُ - الْغَافِرُ جَلَّ جَلَالُهُ وَتَقَدَّسَتْ أسْمَاؤُهُ



الدِّلَالَاتُ اللُّغَوِيَّةُ لاِسْمِ (الْغَفَّارِ):

الْغَفَّارُ فِي اللُّغَةِ مِنْ صِيَغِ المُبَالَغَةِ عَلَى وَزْنِ فَعَّالٍ كَثِيرِ المَغْفِرَةِ، فِعْلُهُ غَفَرَ يَغْفِرُ غَفْرًا وَمَغْفِرَةً، وَأَصْلُ الغَفْرِ التَّغْطِيَةُ وَالسَّتْرُ، وَقَدْ تَقَدَّمَ الْحَدِيثُ عَنِ المَعْنَى اللُّغَوِيِّ فِي تَفْسِيرِ اِسْمِ اللهِ الْغَفُورِ[1].



وَالْغَفَّارُ سُبْحَانَهُ هُوَ الَّذِي يَسْتُرُ الذُّنُوبَ بِفَضْلِهِ، وَيَتَجَاوَزُ عَنْ عَبْدِهِ بِعَفْوِهِ، وَطَالمَا أَنَّ الْعَبْدَ مُوَحِّدٌ فَذُنُوبُهُ تَحْتَ مَشِيئَةِ اللهِ وَحُكْمِهِ، فَقَدْ يُدْخِلُهُ الْجَنَّةَ اِبْتِدَاءً، وَقَدْ يُطَهِّرُهُ مِنْ ذَنْبِهِ.



وَالْغَفُورُ وَالْغَفَّارُ قَرِيبَانِ فِي المَعْنَى فَهُمَا مِنْ صِيَغِ المُبَالَغَةِ فِي الفِعْلِ، وَقِيلَ الْغَفَّارُ أَبْلَغُ مِنَ الْغَفُورِ، فَالْغَفُورُ هُوَ مَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ الْعِظَامَ، وَالْغَفَّارُ هُوَ مَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ الْكَثِيرَةَ، غَفُورٌ لِلْكَيْفِ فِي الذَّنْبِ وَغَفَّارٌ لِلْكَمِّ فِيهِ[2].



وَقَدْ تَكُونُ هُنَاكَ مِنَ الْفُرُوقِ مَا لَمْ يَظْهَرْ حَتَّى الآنَ مِمّا يُظْهِر إِعْجَازَ الْقُرْآنِ فِيمَا يُسْتَقْبَلُ مِنَ الزَّمَانِ، كَمَا هُوَ الْحَالُ فِي الإِعْجَازِ الْعَدَدِي لِحسَابِ الْحُرُوفِ وَالْجُمَلِ فإِنَّهَا أُمُورٌ تُزِيدُ الْعَقْلَ عَجْزًا فِي تَصَوُّرِ عَظَمَةِ الْقُرْآنِ[3]، وَقَدْ ظَهَرَ الْآنَ الإِعْجَازُ الصَّوْتِيُّ لِلأَسْمَاءِ الْحُسنَى، وَإِنْ كَانَ الأَمْرُ يَتَطَلَّبُ مَزِيدًا مِنَ الأَدِلَّةِ، فَقَدْ تَبَيَّنَ بِالتَّجْرِبَةِ أَنَّ كُلَّ اسْمٍ لَهُ تَأْثِيرٌ صَوْتِيٌّ عَلَى الْجِهَازِ المَنَاعِي فِي الإِنْسَانِ، وَأُمُورٌ أُخْرَى تُبَيِّنُ أَنَّ اِسْمَ اللهِ الْغَفَّارُ عَلَى وَزْنِ فَعَّالٍ لَهُ مَوْضِعُهُ المحْسُوبُ بِدِقَّةٍ فِي كِتَابِ اللهِ، وَأَنَّ اسْمَ اللِه الغَفُورُ عَلَى وَزْنِ فَعْولٍ لَهُ أَيْضًا مَوْضِعُهُ المَحْسُوبُ بِدِقَّةٍ فِي كِتَابِ اللِه[4].



وَأَيًّا كَانَ الْفَرْقُ فَإِنَّ الْغَفَّارَ يَدُلُّ عَلَى المُبَالَغَةِ فِي الْكَثْرَةِ.



وَاللهُ عز وجل وَضَعَ نِظَامًا دَقِيقًا لِمَلائِكَتِهِ فِي تَدْوِينِ الْأَجْرِ المَوْضُوعِ عَلَى الْعَمَلِ، فَهِي تُسَجِّلُ مَا يَدُورُ فِي مَنْطِقَةِ حَدِيثِ النَّفْسِ دُونَ وَضْعِ ثَوَابٍ أَوْ عِقَابٍ لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم فِي الحَدِيثِ: «إِنَّ اللهَ تَجَاوَزَ لِي عَنْ أُمَّتِي مَا وَسْوَسَتْ بِهِ صُدُورُهَا مَا لَمْ تَعْمَلْ أَوْ تَكَلَّمْ»[5]، وَهَذَا يَتَطَلَّبُ اِسْتِغْفَارًا عَامًّا لِمَحوِ خَوَاطِرِ الشَّرِّ النَّابِعَةِ مِنْ هَوَى النَّفْسِ، وَيَتَطَلَّبُ اِسْتِعَاذَةً لِـمَحْوِ خَوَاطِرِ الشَّرِّ النَّابِعَةِ مِنْ لَمَّةِ الشَّيْطَانِ، كَمَا أَنَّهَا تُسَجِّلُ مَا يَدُورُ فِي مَنْطِقَةِ الكَسْبِ مَعَ وَضْعِ الثَّوَابِ وَالْعِقَابِ، وَهِيَ تُسَجِّلُ فِعْلَ الإِنْسَانِ المُحَدَّدِ بِالزَّمَانِ وَالمَكَانِ، ثُمَّ تَضَعُ الْجَزَاءَ المُنَاسِبَ بِالْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ فِي مُقَابِلِ الْعَمَلِ، فَإِذَا تَابَ الْعَبْدُ مِنَ الذَّنْبِ مُحِيَتْ سَيِّئَاتُه وَزَالَتْ وَغُفِرَتْ بَأَثرٍ رَجْعِيٍّ وَبُدِّلَتِ السَّيِّئَاتُ حَسَنَاتٍ كَمَا قَالَ: ﴿ إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا ﴾ [الفرقان: 70].



وَهَذِهِ هِيَ المُبَالَغَةُ فِي المَغْفِرَةِ أَنَّ الْوِزْرَ يُقَابِلُهُ بِالتَّوْبَةِ الصَّادِقَةِ حَسَنَاتٌ، فَاللهُ عز وجل غَفَّارٌ كَثِيرُ المَغْفِرَةِ لَمْ يَزَلْ وَلَا يَزَالُ بِالْعَفْوِ مَعْرُوفًا، وَبِالْغُفْرَانِ وَالصَّفْحِ عَنْ عِبَادِهِ مَوْصُوفًا.



وَكُلٌّ مُضْطَرٌّ إِلَى عَفْوِهِ وَمَغْفِرَتِهِ كَمَا هُوَ مُضْطَرٌّ إِلَى رَحْمَتِهِ وَكَرَمِهِ، وَقَدْ وَعَدَ عِبَادَهُ بِالمَغْفِرَةِ وَالْعَفْوِ لِمَنْ أَتَى مِنْهُم بِأَسْبَابِهَا، فَقَالَ: ﴿ وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى ﴾ [طه: 82][6].



الْغَفُورُ[7]:

الْغَفُورُ فِي اللُّغَةِ مِنْ صِيَغِ المُبَالَغَةِ عَلَى وَزْنِ فَعُولٍ الَّتِي تَدُلُّ عَلَى الْكَثْرَةِ فِي الْفِعْلِ، فِعْلُهُ غَفَرَ يَغْفِرُ غَفْرًا وَمَغْفِرَةً.



وَأَصْلُ الغَفرِ التَّغْطِيَةُ وَالسَّتْرُ، وَكُلُّ شَيءٍ سَتَرْتَهُ فَقَدْ غَفَرْتَهُ.



وَالْمِغْفَرُ غِطَاءُ الرَّأْسِ، وَالمَغْفِرَةُ التَّغْطِيَةُ عَلَى الذُّنُوبِ وَالْعَفْوُ عَنْهَا، غَفَرَ اللهُ ذُنُوبَه أَيْ: سَتَرَهَا[8].



وَعِنْدَ الْبُخَارِيِّ مِنْ حَدِيثِ اِبْنِ عُمَرَ رضي الله عنه؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إِنَّ اللهَ يُدْنِي المُؤْمِنَ فَيَضَعُ عَلَيْهِ كَنَفَهُ وَيَسْتُرُهُ، فَيَقُولُ: أَتَعْرِفُ ذَنْبَ كَذَا؟ أَتَعْرِفُ ذَنْبَ كَذَا؟ فَيَقُولُ: نَعَمْ أَيْ رَبِّ، حَتَّى إِذَا قَرَّرَهُ بِذُنُوبِهِ وَرَأَى فِي نَفْسِهِ أَنَّه هَلَكَ، قَالَ: سَتَرْتُهَا عَلَيْكَ فِي الدُّنْيَا وَأَنَا أَغْفِرُهَا لَكَ الْيَوْمَ فَيُعْطَى كِتَابَ حَسَنَاتِهِ، وَأَمَّا الْكَافِرُ وَالمُنَافِقُونَ فَيَقُولُ الأَشْهَادُ: هَؤُلَاءِ الذِينَ كَذَبُوا عَلَى رَبِّهِمْ أَلَا لَعْنَةُ اللهِ عَلَى الظَّالِمِينَ»[9].



وَالْغَفُورُ سُبْحَانَهُ هُوَ الَّذِي يَسْتُرُ الْعُيُوبَ وَيَغْفِرُ الذُّنُوبَ.



وَمَهْمَا بَلَغَ الذَّنْبُ أَوْ تَكَرَّرَ مِنَ الْعَبْدِ وَأَرَادَ الرُّجُوعَ إِلَى الرَّبِّ فَإِنَّ بَابَ المَغْفِرَةِ مَفْتُوحٌ فِي كُلِّ وَقْتٍ.



وَاسْمُ اللهِ الْغَفُورُ يَدُلُّ عَلَى دَعْوَةِ الْعِبَادِ لِلاسْتِغْفَارِ بِنَوْعَيْهِ: الْعَامِّ وَالْخَاصِّ، فَالاسْتِغْفَارُ مِنَ الْعَبْدِ عَلَى نَوْعَينِ:

الأَوَّلُ: الاسْتِغْفَارُ الْعَامُ وَهُوَ الاسْتِغْفَارُ مِنْ صَغَائِرِ الذُّنُوبِ، وَمَا يَدُورُ مِنْ خَوَاطِرِ السُّوءِ فِي الْقُلُوبِ، فَالْقَلْبُ فِيهِ مَنْطِقَةُ حَدِيثِ النَّفْسِ وَمَنْطِقَةُ الْكَسْبِ، فَمِنَ المَنْطِقَةِ الأُولَى تَخْرُجُ الْخَوَاطِرُ الَّتِي تَتَطَلَّبُ الاِسْتِغْفَارَ الْعَامَّ، وَهِي خَوَاطِرُ النَّفْسِ الأَمَّارَةِ، كَمَا وَرَدَ فِي قَوْلِهِ سبحانه وتعالى: ﴿ وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلَّا مَا رَحِمَ رَبِّي إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [يوسف: 53].



وَعِنْدَ الْبُخَارِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «وَاللهِ إِنِّي لأَسْتَغْفِرُ اللهَ وَأَتُوبُ إِلَيْهِ فِي الْيَوْمِ أَكْثَرَ مِنْ سَبْعِينَ مَرَّةً»[10].



وَعِنْدَ مُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ الأَغرِّ المُزَنِيِّ رضي الله عنه؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إِنَّهُ لَيُغَانُ عَلَى قَلْبِي، وَإِنَّي لأَسْتَغْفِرُ اللهَ فِي الْيَوْمِ مِائَةَ مَرَّةٍ»[11].



الثَّانِي: الاْسْتِغْفَارُ الْخَاصُّ، وَهُوَ مُتَعَلِّقٌ بِمَنْطِقَةِ الْكَسْبِ بَعْدَ تَعَمُّدِ الْفِعْلِ وَاقْتِرَافِ الإِثْمِ فِي اللِّسَانِ وَالْجَوَارِحِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا * يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا * إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا ﴾ [الفرقان: 68 - 70].



وَاللهُ عز وجل خَلَقَ الْبَشَرَ بِإِرَادَةٍ حُرَّةٍ مُخَيَّرَةٍ بَيْنَ الْحَقِّ وَالْبَاطِلِ وَالْخَطَأِ وَالصَّوَابِ، وَأَعْلَمَهُم أَنَّهُ الْغَفُورُ التَّوَّابُ؛ لِيُظْهِرَ لَهُم الْكَمَالَ فِي أَسْمَائِهِ، وَيُحَقِّقَ فِيهِم مُقْتَضَى أَوْصَافِهِ لِتَعُودَ المَنْفَعَةُ عَلَيْهِمْ؛ لَأَنَّهُ الْغَنِيُّ عَنْهُم أَجْمَعِين.



رَوَى التِّرْمِذِيُّ، وَحَسَّنَهُ الْأَلْبَانِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه؛ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «كُلُّ ابْنِ آدَمَ خَطَّاءٌ، وَخَيْرُ الخَطَّائِينَ التَّوَّابُونَ»[12].



وَعِنْدَ مُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ أَبِي أَيُّوبَ رضي الله عنه؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «لَوْ أَنَّكُمْ لَمْ تَكُنْ لَكُمْ ذُنُوبٌ يَغْفِرُهَا اللهُ لَكُمْ لَجاءَ اللهُ بِقَوْمٍ لَهُمْ ذُنُوبٌ يَغْفِرُهَا لهُمْ»[13].



وُرُودُ الأَسْمَاءِ فِي القُرْآنِ الْكَرِيمِ[14]:

سَمَّى اللهُ نَفْسَهُ بِالْغَفُورِ فِي إِحْدَى وَتِسْعِينَ آيَةً، وَأَمَّا اِسْمُهُ (الْغَفَّارُ) فَقَدْ جَاءَ فِي خَمْسِ آيَاتٍ، فَعُلِمَ أَنَّ وُرُودَ (الْغَفُورِ) فِي الْقُرْآنِ أَكْثَرُ بِكَثِيرٍ مِنَ (الْغَفَّارِ)، وَ (الْغَفَّارُ) أَبْلَغُ مِنَ (الْغَفُورِ)، وَكِلَاهُمَا مِنْ أَبْنِيَةِ المُبَالَغَةِ.



قَالَ تَعَالَى: ﴿ أَلَا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ﴾ [الشورى: 5].

وَقَالَ سُبْحَانَهُ: ﴿ نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ﴾ [الحجر: 49].

وَقَالَ: ﴿ وَهُوَ الْغَفُورُ الْوَدُودُ ﴾ [البروج: 14].

وَقَالَ: ﴿ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ﴾ [الزمر: 53].

وَقَالَ: ﴿ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ شَكُورٌ ﴾ [الشورى: 23].

وَقَالَ سُبْحَانَهُ: ﴿ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا ﴾ [فاطر: 41].

وَقَالَ: ﴿ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ ﴾ [فاطر: 28].

وَأَمَّا (الْغَفَّارُ) فَفِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ أَلَا هُوَ الْعَزِيزُ الْغَفَّارُ ﴾ [الزمر: 5].

وَقَوْلُهُ عز وجل: ﴿ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا الْعَزِيزُ الْغَفَّارُ ﴾ [ص: 66].

وَقَوْلُهُ سُبْحَانَهُ: ﴿ فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا ﴾ [نوح: 10].



وَأَمَّا (الْغَافِرُ) فَقَدْ وَرَدَ مَرَّةً وَاحِدَةً فِي الْقُرْآنِ وَذَلِكَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ غَافِرِ الذَّنْبِ وَقَابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ الْعِقَابِ ﴾ [غافر: 3].



مَعْنَى الأَسْمَاءِ فِي حَقِّ اللهِ تَعَالَى:

قَالَ الزَّجَّاجُ: «وَمَعْنَى الْغَفْرُ فِي حَقِّ اللهِ سُبْحَانَهُ هُوَ الَّذِي يَسْتُرُ ذُنُوبَ عِبَادِهِ وَيُغَطِّيهِم بِسَتْرِهِ»[15].



وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ: «فَالْغَفَّارُ السَّتَّارُ لِذُنُوبِ عِبَادِهِ، وَالمُسْدِلُ عَلَيْهِم ثَوْبَ عَطْفِهِ وَرَأْفَتِهِ، وَمَعْنَى السَّتْرِ فِي هَذَا: أَنَّهُ لَا يَكْشِفُ أَمْرَ الْعَبْدِ لِخَلْقِهِ، وَلَا يَهْتِكُ سِتْرَهُ بِالعُقُوبَةِ الَّتِي تُشَهِّرُهُ فِي عُيُونِهِم»[16].



وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: «وَالمَغْفِرَةُ مِنَ الذُّنُوبِ إِنَّمَا هُوَ إِلْبَاسُ اللهِ النَّاسَ الْغُفْرَانَ وَتَغَمُّدُهُمْ بِهِ»[17].



وَقَالَ الحُلَيْمِيُّ: «(الْغَافِرُ): وَهُوَ الَّذِي يَسْتُرُ عَلَى المُذْنِبِ، وَلَا يُؤَاخِذُهُ فَيُشَهِّرُهُ وَيَفْضَحُهُ.



(الْغَافِرُ): وَهُوَ المُبَالِغُ فِي السَّتْرِ، فَلَا يُشْهِرُ المُذْنِبَ لَا فِي الدُّنْيَا وَلَا فِي الآخِرَةِ.



(الْغَفُورُ): وَهُوَ الَّذِي يَكْثُر مِنْهُ السَّتْرَ عَلَى المُذْنِبِينَ مِنْ عِبَادِهِ، وَيَزِيدُ عَفْوُهُ عَلَى مُؤَاخَذَتِهِ»[18].



وَقَالَ اِبْنُ الْعَرَبِيِّ فِي الْأَمَدِ: «المَسْأَلَةُ الثَّالِثَّةُ فِي تَرْتِيبِ هَذِهِ الأَسْمَاءِ الثَّلَاثَةِ، وَفِي ذَلِكَ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ:

أَحَدُهَا: إِنَّ غَافِرًا فَاعِلٌ مِنْ غَفَرَ، وَإِنَّ قَوْلَنَا «غَفُورٌ» لِلمُبَالَغَةِ إِذَا تَكَرَّرَ، وَإِنَّ «الْغَفَّارَ» أَشَدُّ مُبَالَغَةً مِنْهُ.



الثَّانِي: إِنَّ قَوْلَهُ (غَافِرٌ) بِسَتْرِهِ فِي الدُّنْيَا، وَإِنَّ (غَفُورًا) بِسَتْرِهِ فِي الآخِرَةِ، وَإِنَّ (غَفَّارًا) بِسَتْرِهِ عَنْ أَعْيُنِ الْخَلَائِقِ، وَعَنْ أَعْيُنِ المُذْنِبِينَ، لِيَكُونَ لِكُلِّ لَفْظٍ فَائِدَةٌ يَخْتَصُّ بِهَا».



قَالَ: «وَالْقَوْلُ الأَوَّلُ هُوَ أَصَحُّ، وَمَا بَعْدَهُ تَحَكُّمُ لَا يَشْهَدُ لَهُ لُغَةٌ وَلَا حَقِيقَةٌ»[19].



وَقَالَ السَّعْدِيُّ: «(الْعَفُوُ - الْغَفُورُ - الْغَفَّارُ): الَّذِي لَمْ يَزَلْ وَلَا يَزَالُ بِالْعَفْوِ مَعْرُوفًا، وَبِالْغُفْرَانِ وَالصَّفْحِ عَنْ عِبَادِهِ مَوْصُوفًا، كُلُّ أَحَدٍ مُضْطَرٌّ إِلَى عَفْوِهِ وَمَغْفِرَتِهِ، كَمَا هُوَ مُضْطَرٌّ إِلَى رَحْمَتِهِ وَكَرَمِهِ، وَقَدْ وَعَدَ بِالمَغْفِرَةِ وَالْعَفْوِ لِمَنْ أَتَى بِأَسْبَابِهَا، قَالَ تَعَالَى: ﴿ وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى ﴾ [طه: 82]»[20].



وَقَالَ اِبْنُ الْقَيِّمِ فِي (النُّونِيَّةِ):

وَهُوَ الْغَفُورُ فَلَو أَتَى بقُرابِها
لَأَتَاهُ بِالغُفْرَانِ مِلءَ قُرَابِها
مِنْ غَيرِ شِرْكٍ بَلْ مِنَ العِصْيَانِ
سُبْحَانَهُ هُوَ وَاسِعُ الْغُفْرَانِ[21]


مِنْ فَوَائِدِ الإِيمَانِ بِهَذِهِ الأَسْمَاءِ:

1- وَصَفَ اللهُ سُبْحَانَهُ نَفْسَهُ بِأَنَّهُ غَفَّارٌ وَغَفُورٌ لِلذُّنُوبِ وَالْخَطَايَا وَالسَّيِّئَاتِ لِصِغَرِهَا وَكَبِيرِهَا، وَحَتَّى الشِّرْكِ إِذَا تَابَ مِنْهُ الإِنْسَانُ وِاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ، قَبِلَ اللهُ تَوْبَتَهُ وَغَفَرَ لَهُ ذَنْبَهُ، قَالَ تَعَالَى: ﴿ قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ﴾ [الزمر: 53]، وَقَالَ تَعَالَى: ﴿ وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَحِيمًا ﴾ [النساء: 110].



فَمَهْمَا عَظُمَتْ ذُنُوبُ هَذَا الإِنْسَانِ فَإِنَّ مَغْفِرَةَ اللهِ وَرَحْمَتَهُ أَعْظَمُ مِنْ ذُنُوبِهِ الَّتِي اِرْتَكَبَهَا، قَالَ تَعَالَى: ﴿ إِنَّ رَبَّكَ وَاسِعُ الْمَغْفِرَةِ ﴾ [النجم: 32].



وَقَدْ تَكَفَّلَ اللهُ سُبْحَانَهُ بِالمَغْفِرَةِ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ، قَالَ تَعَالَى: ﴿ وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى ﴾ [طه: 82].



بَلْ مِنْ فَضْلِهِ وَجُودِهِ وَكَرَمِهِ أَنْ تَعَهَّدَ بِأَنْ يُبَدِّلَ سَيِّئَاتِ المُذْنِبِينَ إِلَى حَسَنَاتٍ، قَالَ تَعَالَى عَنِ التَّائِبِينَ: ﴿ فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا ﴾ [الفرقان: 70].



2- وَلَكِنْ لَا يَجُوزُ لِلمُسْلِمِ أَنْ يُسْرِفَ فِي الْخَطَايَا وَالمَعَاصِي وَالْفَوَاحِشَ بِحُجَّةِ أَنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ؛ فَالمَغْفِرَةُ إِنَّمَا تَكُونُ لِلتَّائِبِينَ الأَوَّابِينَ، قَالَ تَعَالَى: ﴿ إِنْ تَكُونُوا صَالِحِينَ فَإِنَّهُ كَانَ لِلْأَوَّابِينَ غَفُورًا ﴾ [الإسراء: 25]، وَقَالَ سُبْحَانَهُ: ﴿ إِلَّا مَنْ ظَلَمَ ثُمَّ بَدَّلَ حُسْنًا بَعْدَ سُوءٍ فَإِنِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [النمل: 11].



فَاشْتَرَطَ تَبَدُّلَ الْحَالِ مِنْ عَمَلِ المَعَاصِي وَالسَّيِّئَاتِ إِلَى عَمَلِ الصَّالِحَاتِ وَالْحَسَنَاتِ لِكَي تَتَحَقَّقَ المَغْفِرَةِ وَالرَّحْمَةِ، وَقَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ ﴾ [النساء: 48]، [النساء: 116]، يُبَيِّنُ أَنَّ المُقِيمَ عَلَى الشِّرْكِ حَتَى الوَفَاةِ لَا غُفْرَانَ لِذُنُوبِهِ؛ لأَنَّهُ لَمْ يُبَدِّلْ حُسْنًا بَعْدَ سُوءٍ، وَكَذَا قَوْلُهُ تَعَالَى عَنِ المُنَافِقِينَ: ﴿ سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ لَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ ﴾ [المنافقون: 6] ؛ لأَنَّهُم لَمْ يُخْلِصُوا دِينَهُم للهِ وَلَمْ يُصْلِحُوا مِنْ أَحْوَالِهم.



وَأَمَّا إِذَا حَصَلَ ذَلِكَ فَإِنَّ المَغْفِرَةَ تَحْصُلُ لَهُمْ مَعَ المُؤْمِنِينَ، قَالَ تَعَالَى: ﴿ إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَاعْتَصَمُوا بِاللَّهِ وَأَخْلَصُوا دِينَهُمْ لِلَّهِ فَأُولَئِكَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ وَسَوْفَ يُؤْتِ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ أَجْرًا عَظِيمًا ﴾ [النساء: 146].



فَلَا بُدَّ مِنَ الأَخْذِ بِالأَسْبَابِ المُؤَدِّيَةِ إِلَى المَغْفِرَةِ.



وَأَمَّا إِنْ مَاتَ وَهُوَ مُقِيمٌ عَلَى الكَبَائِرِ مِنْ غَيرِ أَنْ يَتُوبَ فَإِنَّ مَذْهَبَ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالجَمَاعَةِ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ عَهْدٌ عِنْدَ اللهِ بِالمَغْفِرَةِ وَالرَّحْمَةِ، بَلْ إِنْ شَاءَ غَفَرَ لَهُ وَعَفَا عَنْهُ بِفَضْلِهِ كَمَا قَالَ اللهُ عز وجل: ﴿ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ ﴾ [النساء: 48]، [النساء: 116]، وَإِنْ شَاءَ عَذَّبَهُ فِي النَّارِ بِعَدْلِهِ، ثُمَّ يُخْرِجُهُ مِنْهَا بِرَحْمَتِهِ وَشَفَاعَةِ الشَّافِعِينَ مِنْ أَهْلِ طَاعَتِهِ، ثُمَّ يُدْخِلُهُ الجَنَّةَ، وَذَلِكَ لِلْمُوَحِّدِينَ خَاصَّةً.



3- اِتِّصَافُ اللهِ سُبْحَانَهُ بِأَنَّهُ (غَفَّارٌ) لِلذُّنُوبِ وَالسَّيِّئَاتِ فَضْلٌ مِنَ اللهِ وَرَحْمَةٌ عَظِيمَةٌ لِلعِبَادِ؛ لأَنَّهُ غَنِيٌّ عَنِ العَالَمِينَ، لَا يَنْتَفِعُ بِالمَغْفِرَةِ لَهُم؛ لأَنَّهُ سُبْحَانَهُ لَا يَضُرُّه كُفْرُهُم أَصْلًا.



وَلَا يَغْفِرُ لَهُم خَوْفًا مِنْهُم أَيْضًا؛ لأَنَّهُ قَوِيٌّ عَزِيزٌ، قَدْ قَهَرَ كُلَّ شَيءٍ وَغَلَبَهُ، وَلَا يُعْجِزُهُ شَيءٌ فِي الأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ، وَقَدْ نَبَّهَ اللهُ عِبَادَهُ إِلَى هَذَا الأَمْرِ فِي القُرْآنِ الكَرِيمِ عِدَّةَ مَرَّاتٍ، بِاقْتِرَانِ اسْمِهِ (الغَفُورِ) مَعَ (العَزِيزِ) كَقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ ﴾ [فاطر: 28]، وَقَوْلِهِ: ﴿ أَلَا هُوَ الْعَزِيزُ الْغَفَّارُ ﴾ [الزمر: 5]، فَمَعَ عِزَّتِهِ وَقَهْرِهِ، إِلَّا أَنَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ.



الفَرْقُ بَيْنَ العَفْوِ وَالغُفْرَانِ:

قَالَ بَعْضُ العُلَمَاءِ: إِنَّ الغُفْرَانَ سِتْرٌ لَا يَقَعُ مَعَهُ عِقَابٌ.

وَالعَفْوُ إِنَّمَا يَكُونُ بَعْدَ وُجُودِ عَذَابٍ وَعِتَابٍ[22].



ثَمَرَاتُ الإِيمَانِ بِهَذِهِ الأَسْمَاءِ الْكَرِيمَةِ[23]:

مَنْ عَرَفَ مَغْفِرَةَ اللهِ لِعِبَادِهِ عَلَى ظُلْمِهِم، وَعَظِيمَ عَفْوِهِ عَنْهُم مَعَ إِسَاءَتِهِم فَقَدْ عَرَفَ جَانِبًا عَظِيمًا مِنْ صِفَاتِ اللهِ جل جلاله وتقدست أسماؤه، وَإِلَيْكَ جَانِبًا مِنْ هَذِهِ الصِّفَاتِ:

1- لاَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللهُ:

قَالَ تَعَالَى: ﴿ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ ﴾ [آل عمران: 135].

قَالَ اِبْنُ كَثِيرٍ: «أَيْ لَا يَغْفِرُ أَحَدٌ سِوَاهُ».



وَكَانَ مِنْ دُعَاءِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: «وَأَبُوءُ بِذَنْبِي فَاغْفِرْ لِي فَإِنَّهُ لَا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا أَنْتَ»[24].



2- إِنَّ رَبَّكَ وَاسِعُ المَغْفِرَةِ:

قَالَ تَعَالَى: ﴿ إِنَّ رَبَّكَ وَاسِعُ الْمَغْفِرَةِ ﴾ [النجم: 32].



فَإِنَّ اللهَ عز وجل وَسِعَتْ رَحْمَتُهُ كُلَّ شَيءٍ، وَمَغْفِرَتُهُ أَعْظَمُ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ، فَقَدْ قَالَ اللهُ تَعَالَى فِي الحَدِيثِ القُدُسِيِّ: «يَا ابْنَ آدَمَ، إِنَّكَ مَا دَعَوْتَنِي وَرَجَوْتَنِي غَفَرْتُ لَكَ عَلَى مَا كَانَ مِنْكَ وَلَا أُبَالِي، يَا ابْنَ آدَمَ، لَوْ بَلَغَتْ ذُنُوبُكَ عَنَانَ السَّمَاءِ ثُمَّ اِسْتَغْفَرْتَنِي غَفَرْتُ لَكَ، يَا ابْنَ آدَمَ إِنَّكَ لَوْ أَتَيْتَنِي بِقُرَابِ الأَرْضِ خَطَايَا ثُّمَ لَقِيتَنِي لَا تُشْرِكُ بِي شَيْئًا لأَتَيْتُكَ بِقُرَابِهَا مَغْفِرَةً»[25].



3- إِنَّ اللهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا:

فَمَهْمَا عَظُمَتْ ذُنُوبُ العَبْدِ فَإِنَّ مَغْفِرَةَ اللهِ وَرَحْمَتَهُ أَعْظَمُ مِنْهَا، بَلْ وَمِنْ كُلِّ شَيءٍ، فَلَا يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ اللهِ وَلَا يَيْأَسُ مِنْ عَفْوِهِ وَغُفْرَانِهِ أَحَدٌ أَبَدًا.



قَالَ تَعَالَى: ﴿ قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ﴾ [الزمر: 53].



قَالَ ابْنُ عَبَاسٍ رضي الله عنهما فِي هَذِهِ الآيَةِ: «قَدْ دَعَا اللهُ إِلَى مَغْفِرَتِهِ مَنْ زَعَمَ أَنَّ المَسِيحَ هُوَ اللهُ، وَمَنْ زَعَمَ أَنَّ المَسِيحَ هُوَ ابْنُ اللهِ، وَمَنْ زَعَمَ أَنَّ عُزَيْرًا اِبْنُ اللهِ، وَمَنْ زَعَمَ أَنَّ اللهَ فَقِيرٌ، وَمَنْ زَعَمَ أَنَّ يَدَ اللهِ مَغْلُولَةٌ، وَمَنْ زَعَمَ أَنَّ اللهَ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ، يَقُولُ اللهُ تَعَالَى لِهَؤُلَاءِ: ﴿ أَفَلَا يَتُوبُونَ إِلَى اللَّهِ وَيَسْتَغْفِرُونَهُ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [المائدة: 74]، ثُمَّ دَعَا إِلَى التَّوْبَةِ مَنْ هُوَ أَعْظَمُ قَوْلًا مِنْ هَؤُلَاءِ، مَنْ قَالَ: ﴿ أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى ﴾ [النازعات: 24]، وَقَالَ: ﴿ مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي ﴾ [القصص: 38]»، ثُمَّ قَالَ ابْنُ عَبَاسٍ رضي الله عنهما: «مَنْ آيَسَ عِبَادَ اللهِ مِنَ التَّوْبَةِ بَعْدَ هَذَا فَقَدْ جَحَدَ كِتَابَ اللهِ عز وجل»[26].



وَعَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه قَالَ: «إِنَّ أَكْثَرَ آيَةً فِي الْقُرْآنِ فَرَحًا فِي سُورَةِ الغُرَفِ: ﴿ قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ ﴾[27].



وَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «لَوْ يَعْلَمُ الكَافِرُ مَا عِنْدَ اللهِ مِنَ الرَّحْمَةِ مَا قَنَطَ مِنْ جَنَّتِهِ أَحَدٌ»[28]، حَتَّى الشِّرْكُ يَغْفِرُه اللهُ لِمَنْ تَابَ، فَمَا أَعْظَمَ رَبَّنَا! وَمَا أَكْرَمَ إِلَهَنَا! وَمَا أَحَنَّهُ عَلَى خَلْقِهِ وَهُوَ غَنِيٌّ عَنْهُم! وَمَا أَحَبَّهُ لِتَوْبَتِهِم وَهُمْ لَا يَضُرُّونَهُ شَيْئًا وَلَا يَنْفَعُونَهُ!



وَللهِ دَرُّ القَائِلِ:

يَا رَبِّ إِنْ عَظُمَتْ ذُنُوبي كَثْرَةً
فَلَقَدْ عَلِمْتُ بأَنَّ عَفْوَكَ أَعْظَمُ
أَدْعُوكَ رَبِّ كَمَا أَمَرْتَ تَضَرُّعًا
فَإِذَا رَدَدْتَ يدي فَمَنْ ذَا يَرْحَمُ
إِنْ كَانَ لَا يَدْعُوكَ إِلَا مُحْسِنٌ
فَبِمَنْ يَلُوذُ وَيَسْتَجِيرُ المُجْرِمُ
مَالِي إِلَيْكَ وَسِيلَةٌ إِلَّا الرَّجَا
وَعَظِيمُ عَفْوِكَ ثُمَّ إِنِّي مُسْلِمُ


4- السَّتْرُ عَلَى عَبْدِهِ:

قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ اللهَ عز وجل حَيِيٌّ سِتِّيرٌ يُحِبُّ الحَيَاءَ والسَّتْرَ»[29].



وَقَالَ اِبْنُ القَيِّمِ رحمه الله:

وَهُوَ الحَيِيُّ فَلَيْسَ يَفْضَحُ عَبْدَهُ
عِنْدَ التَّجَاهُرِ مِنْهُ بِالعِصْيَانِ
لَكِنُّهُ يُلْقِي عَلَيْهِ سِتْرَهُ
فَهُوَ السَّتِيرُ وَصَاحِبُ الْغُفْرَانِ


فَإنَّ اللهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى يُحِبُّ السَّتْرَ عَلَى عِبَادِهِ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ.



فَعَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «يَدْنُو أَحَدُكُم مِنْ رَبِّهِ حَتَّى يَضَعَ كَنَفَهُ عَلَيْهِ، فَيَقُولُ: عَمِلْتَ كَذَا وَكَذَا؟ فَيَقُولُ: نَعَمْ، وَيَقُولُ: عَمِلْتَ كَذَا وَكَذَا؟ فَيَقُولُ: نَعَمْ، فَيُقَرِّرُهُ ثُمَّ يَقُولُ: إِنِّي سَتَرتُ عَلَيْكَ فِي الدُّنْيَا، فَأَنَا أَغْفِرُهَا لَكَ الْيَوْمَ»[30].



وَفِي رِوَايةٍ: «فَإِنِّي قَدْ سَتَرْتُهَا عَلَيْكَ فِي الدُّنْيَا وَإِنِّي أَغْفِرُهَا لَكَ الْيَوْمَ، فَيُعَطَى صَحِيفَةَ حَسَنَاتِهِ، وَأَمَّا الكُفَّارُ وَالمُنَافِقُونَ فَيُنَادَى بِهِم عَلَى رُؤوُسِ الخَلَائِقِ: هَؤُلَاءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللهِ»[31].



وَإِذَا سَتَرَ اللهُ مُؤْمِنًا فِي الدُّنْيَا فَكَذَلِكَ يَسْتُرُهُ يَوْمَ القِيَامَةِ.



فَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «لَا يَسْتُرُ اللهُ عَلَى عَبْدٍ فِي الدُّنْيَا، إِلَّا سَتَرَهُ اللهُ يَوْمَ القِيَامَةِ»[32].



بَلْ وَيَسْتُرُ مَنْ سَتَرَ المُسْلِمِينَ، فَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللهُ يَوْمَ القِيَامَةِ»[33].



وَيَذُمُّ مَنْ يَتَتَبَّعُ عَوْرَاتِ المُسْلِمِينَ وَيَفْضَحُ أَمْرَهُم وَيَكْشِفُ سِتْرَهُم، وَتَوعَّدَهُم عَلَى ذَلِكَ، فَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «يَا مَعْشَرَ مَنْ آمَنَ بِلِسَانِهِ وَلَمْ يَدْخُلِ الإِيمَانُ قَلْبَهُ لَا تَغْتَابُوا المُسْلِمِينَ، وَلَا تَتَّبِعُوا عَوْرَاتِهِمْ؛ فَإِنَّه مَنْ يَتَّبِعْ عَوْرَاتِهِم، يَتَّبِعِ اللهُ عَوْرَتَهُ، وَمَنْ يَتَّبِعْ عَوْرَتَهُ يَفْضَحْهُ فِي بَيْتِهِ»[34].



فَسُبْحَانَ اللهِ عَلَى سِتْرِه لِمَنْ عَصَاهُ وَرَحْمَتِهِ بِمَنْ جَفَاهُ.



وَللهِ دَرُّ القَائِلِ:

فَكَمْ عَصَيْتُكَ يَا مَوْلَايَ مِنْ جَهلٍ
وَأَنْتَ يَا سَيِّدِي فِي الْغَيْبِ تَسْتُرُنِي
لَأَبْكِيَنَّ بِدَمْعِ الْعَيْنِ مِنْ نَدَمٍ
لَأَبْكِيَنَّ بُكَاءَ الْوَالِهِ الحَزِنِ


5- إِنَّ اللهَ يُحِبُّ التَّوَابِينَ:

فَإِنَّ اللهَ عز وجل يُحِبُّ التَّوْبَةَ أَكْثَرَ مِنْ حُبِّ التَّائِبِ لَهَا، وَيُحِبُّ المَغْفِرَةَ أَكْثَرَ مِنْ حُبِّ النَّاسِ أَنْ يُغْفَرَ لَهُمْ.



قَالَ تَعَالَى: ﴿ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ ﴾ [البقرة: 222].



وَمِنْ حُبِّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى لِلتَّوْبَةِ وَالاِسْتِغْفَارِ أَنَّهُ إِذَا لَمْ يُذْنِبِ النَّاسُ لَذَهَبَ بِهِمْ وَلَأَتَى بِقَوْمٍ لِيُذْنِبُوا فَيَسْتَغْفِرُوا لِيَغْفِرَ لَهُمْ، فَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ لَمْ تُذْنِبُوا لَذَهَبَ اللهُ تَعَالَى بِكُمْ، وَلَجَاءَ بِقَوْمٍ يُذْنِبُونَ فَيَسْتَغْفِرُونَ اللهَ تَعَالَى فَيَغْفِرُ لهُمْ»[35].



وَقَدْ أَحْسَنَ مَنْ قَالَ:

دَعَوْتُ كَرِيمًا قَدْ وَثَقْتُ بِصَنْعِهِ
وَلَيْسَ مَنْ يَدْعُو الكَرِيمَ يَخِيبُ
فَيَا مَنْ يُحِبُّ الْعَفْوَ إِنِّيَ مُذْنِبٌ
وَلَا عَفْوَ إِلَّا أَنْ تَكُونَ ذُنُوبُ


6- وَيَفْرَحُ بِهِمْ:

عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «للهُ أَفْرَحُ بِتَوْبَةِ عَبْدِهِ مِنْ أَحَدِكُمْ سَقَطَ عَلَى بَعِيرِهِ وَقَدْ أَضَلَّهُ فِي أَرْضِ فَلَاةٍ»[36].



وَفِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ: «للهُ أَشَدُّ فَرَحًا بِتَوْبَةِ عَبْدِهِ حِينَ يَتُوبُ إِلَيْهِ مِنْ أَحَدِكُمْ كَانَ عَلَى رَاحِلَتِهِ بِأْرْضِ فَلَاةٍ، فَانْفَلَتَتْ[37] مِنْهُ وَعَلَيْهَا طَعَامُهُ وَشَرَابُهُ، فَأَيِسَ[38] مِنْهَا، فَأَتَى شَجَرَةً فَاضْطَجَعَ فِي ظِلِّهَا، وَقَدْ أَيِسَ مِنْ رَاحِلَتِهِ، فَبَيْنَمَا هُوَ كَذَلِكَ إِذْ هُوَ بِهَا قَائِمَةً عِنْدَهُ بِخِطَامِهَا[39]، ثُمَّ قَالَ مِنْ شِدَّةِ الْفَرَحِ: اللَّهُمَّ أَنْتَ عَبْدِي وَأَنَا رَبُّكَ، أَخْطَأَ مِنْ شِدَّةِ الْفَرَحِ».



7- وَيَضْحَكُ إِلَيْهِمْ:

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «يَضْحَكُ اللهُ سبحانه وتعالى إِلَى رَجُلَيْنِ يَقْتُلُ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ يَدْخُلَانِ الجَنَّةَ، يُقَاتِلُ هَذَا فِي سَبِيلِ اللهِ فَيُقْتَلُ، ثُمَّ يَتُوبُ اللهُ عَلَى القَاتِلِ فَيُسْلِمُ فَيُسْتَشْهَدُ»[40].



8- وَيُسَخِّرُ لَهُمْ مَخْلُوقَاتِهِ:

فَمِنْ عَظِيمِ رَحْمَةِ اللهِ عز وجل أَنَّهُ يُحِبُّ لِلْتَّائِبِينَ الرَّحْمَةَ وَالْقَبُولَ، وَأَنْ يُدْخِلَهُمْ الجَنَّةَ، حَتَى أَنَّهُ يُسَخِّرُ لَهُمْ الْأَرْضَ مِثْلَ مَا حَدَثَ فِي تَوْبَةِ قَاتِلِ الْمائَةِ؛ إِذْ أَوْحَى لِلْأَرْضِ الطَّيِّبَةِ أَنْ تَقْتَرِبَ مِنْهُ، وَأَنْ تَبْتَعِدَ عَنْهُ الْأَرْضُ الْخَبِيثَةُ؛ حَتَّى تَأْخُذَهُ مَلَائِكَةُ الرَّحْمَةِ، فَسُبْحَانَ اللهِ.



عَنْ أَبِي سَعِيدٍ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «كَانَ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ رَجُلٌ قَتَلَ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ إِنْسَانًا، ثُمَّ خَرَجَ يَسْأَلُ، فَأَتَى رَاهِبًا فَسَأَلَهُ، فَقَالَ لَهُ: هَلْ مِنْ تَوْبَةٍ؟ قَالَ: لَا، فَقَتَلَهُ، فَجَعَلَ يَسْأَلُ، فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: اِئْتِ قَرْيَةَ كَذَا وَكَذَا - وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ: «فَإِنَّ بِهَا أُنَاسًا يَعْبُدُونَ اللهَ فَاعْبُدِ اللهَ مَعَهُمْ» - فَأَدْرَكَهُ المَوْتُ، فَنَاءَ بِصَدْرِهِ نَحْوَهَا، فَاخَتَصَمَتْ فِيهِ مَلَائِكَةُ الرَّحْمَةِ وَمَلَائِكَةُ الْعَذَابِ، فَأَوْحَى اللهُ إِلَى هَذِهِ: أَنْ تَقَرَّبِي، وَأَوْحَى إِلَى هَذِهِ: أَنْ تَبَاعَدِي، وَقَالَ: قِيْسُوا مَا بَيْنَهُمَا، فَوُجِدَ إِلَى هَذِهِ[41] أَقْرَبَ بِشِبْرٍ، فَغُفِرَ لَهُ»[42].



9- وَيَغْضَبُ عَلَى مَنْ قَنَّطَ النَّاسَ مِنْ رَحْمَتِهِ:

عَنْ جُنْدُبٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ رَجُلًا قَالَ: وَاللهِ لَا يَغْفِرُ اللهُ لِفُلَانٍ، قَالَ اللهُ: مَنْ ذَا الَّذِي يَتَأَلَّى عَلَيَّ أَنْ لَا أَغْفِرَ لِفُلَانٍ، فَإِنِّي قَدْ غَفَرْتُ لِفُلَانٍ وَأَحْبَطُتْ عَمَلَكَ»[43]، وَفِي رِوَايَةٍ قَالَ: «فَوَالَّذِي نَفْسُ أَبِي الْقَاسِمِ بِيَدِهِ، لَتَكَلَّمَ بِكَلِمَةٍ أَوْبَقَتْ[44] دُنْيَاهُ وَآخِرَتَهُ»[45].



المُسَارَعَةُ إِلَى التَّوْبِ بَعْدَ الذَّنْبِ:

قَالَ تَعَالَى: ﴿ وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ ﴾ [آل عمران: 133].



أَخِي الْحَبِيبُ: أَسْرِعْ أَسْرِعْ، أَدْرِكْ أَدْرِكْ.



وَلَا تَتْرُكْ حَبِيبَكَ مِنْ أَجْلِ مَنْ يُبْغِضُكَ، وَلَا تُخَاصِمْ مَوْلَاكَ مِنْ أَجْلِ عَدُوِّهِ وَعَدُوِّكَ، وَفِرَّ إِلَيْهِ مِنْ ذُنُوبِكَ تَجِدْهُ أَرْحَمَ بِكَ مِنْ نَفْسِكَ وَأَحَنَّ عَلَيْكَ مِنْ أُمِّكَ، وَأَسْرِعْ إِلَيْهِ تَجِدْهُ إِلَيْكَ أَسْرَعَ فَإِنَّهُ إِلَى تَوْبَتِكَ بِالْأَفْرَاحِ.



قَالَ تَعَالَى فِي الْحَدِيثِ القُدْسِي: «وَاللهِ للهُ أَفْرَحُ بِتَوْبَةِ عَبْدِهِ مِنْ أَحَدِكُمْ يَجِدُ ضَالَّتَهُ بِالْفَلَاةِ، وَمَنْ تَقَرَّبَ إِلَيَّ شِبْرًا تَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ ذِرَاعًا، وَمَنْ تَقَرَّبَ إِلَيَّ ذِرَاعًا تَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ بَاعًا، وَإِذَا أَقْبَلَ إِلَيَّ يَمْشِي أَقْبَلْتُ إِلَيْهِ أُهَرْوِلُ»[46].



اِغْفِرُوا يُغْفَرْ لَكُمْ:

﴿ أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ ﴾...؟!!



مَنْ غَفَرَ لِلنَّاسِ غَفَرَ اللهُ لَهُ، وَمَنْ تَجَاوَزَ عَنْهُم تَجَاوَزَ اللهُ عَنْهُ، وَالْجَزَاءُ مِنْ جِنْسِ الْعَمَلِ.



عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم؛ أَنَّهُ قَالَ وَهُوَ عَلَى المِنْبَرِ: «اِرْحَمُوا تُرْحَمُوا، وَاغْفِرُوا يَغْفِرِ اللهُ لَكُمْ»[47].



وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «كَانَ رَجُلٌ يُدَايِنُ النَّاسَ، فَكَانَ يَقُولُ لِفَتَاهُ: إِذَا أَتَيْتَ مُعْسِرًا فَتَجَاوَزْ عَنْهُ لَعَلَّ اللهَ أَنْ يَتَجَاوَزَ عَنَّا، فَلَقِيَ اللهَ فَتَجَاوَزَ عَنْهُ»[48].



مِنْ عَلاَمَاتِ الْمَغْفِرَةِ:

إِنَّ مِنَ الحَقِّ أَنْ نَعْلَمَ أَنَّ المَغْفِرةَ بِيَدِ اللهِ وَحْدَهُ، وَلَا يَعْلَمُهَا إِلَّا اللهُ، وَلَكِنَّ اللهَ عز وجل قَدْ جَعَلَ لَهَا عَلَامَاتٍ وَمُبَشِّرَاتٍ، فَمَنْ رُزِقَ إِيَّاهَا يُرْجَى أَنْ يَكُونَ غُفِرَ لَهُ...



1- أَنْ يُرْزَقَ تَوْبَةً نَصُوحًا:

قَالَ تَعَالَى: ﴿ فَمَنْ تَابَ مِنْ بَعْدِ ظُلْمِهِ وَأَصْلَحَ فَإِنَّ اللَّهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [المائدة: 39].



وَقِيلَ: «مَنْ رُزِقَ التَّوْبَةَ لَمْ يُحْرَمْ مِنَ القَبُولِ، وَمَنْ رُزِقَ الشُّكْرَ لَمْ يُحْرَمْ مِنَ الزِّيَادَةِ، وَمَنْ رُزِقَ التَّوَكُّلَ لَمْ يُحْرَمْ مِنَ الكِفَايَةِ، وَمَنْ رُزِقَ الاِسْتِغْفَارَ لَمْ يُحْرَمْ مِنَ المَغْفِرَةِ، وَمَنْ رُزِقَ الدُّعَاءَ لَمْ يُحْرَمْ مِنَ الإِجَابَةِ».



وَقِيلَ عَنِ التَّوْبَةِ النَّصُوحِ: هِيَ التَّوْبَةُ الصَّادِقَةُ مِنْ كُلِّ الذُّنُوبِ وَالْخَطَايَا.



2- النَّدَمُ:

قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «النَّدَمُ تَوْبَةٌ، وَالتَّائِبُ مِنَ الذَّنْبِ كَمَنْ لَا ذَنْبَ لَهُ»[49].



3- فَرْحَةُ التَّائِبِ بِالمَغْفِرَةِ:

فَإنَّ التَّائِبَ الَّذِي نَجَا مِنْ ذَنْبِهِ، وَخَرَجَ مِنْ مَعْصِيَتِهِ، كَغَرِيقٍ أُنْقِذَ بَعْدَ مَا رَأى المَوْتَ، وَكَمَرِيضٍ شُفِيَ بَعْدَ مَا يَئِسَ مِنَ الشِّفَاءِ، وَكَأُمٍّ وَجَدَتْ وَلَدَهَا بَعْدَ ضَيَاعِهِ مِنْهَا.



وَمِنْ ذَلِكَ مَا فَعَلَهُ كَعْبُ بْنُ مَالِكٍ رضي الله عنه حِينَ بُشِّرَ بِالتَّوْبَةِ مِنَ اللهِ فَقَدْ خَرَّ سَاجِدًا شُكْرًا للهِ، وَتَصَدَّقَ بِكَثِيرٍ مِنْ مَالِهِ، وَأَعْطَى مَنْ بَشَّرَهُ بِالتَّوْبَةِ مَلَابِسَهُ الَّتِي يَرْتَدِيهَا وَهُوَ لَا يَمْلِكُ غَيْرَهَا.



فَعَنْ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ حِينَ سَمِعَ البُشْرَى: «فَخَرَرَتُ سَاجِدًا، وَعَرَفْتُ أَنَّهُ جَاءَ فَرَجٌ، فَلَمَّا جَاءَنِي الَّذِي سَمِعْتُ صَوْتَهُ يُبَشِّرُنِي نَزَعْتُ لَهُ ثَوْبيَّ فَكَسَوْتُهُمَا إِيَّاهُ بِبُشْرَاهُ، وَاللهِ مَا أَمْلِكُ غَيْرَهُمَا يَوْمَئِذٍ»، فَلَمَّا أَتَى رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ لَهُ: «إِنَّ مِنْ تَوْبَتِي أَنْ أَنْخَلِعَ مِنْ مَالِي صَدَقَةً إِلَى اللهِ وَإِلَى رَسُولِهِ»[50].



4- الْبُكَاءُ مِنْ خَشْيَةِ اللهِ:

قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «عَيْنَانِ لَا تَمَسَّهُمَا النَّارُ أَبَدًا: عَيْنٌ بَكَتْ مِنْ خَشْيَةِ اللهِ، وَعَيْنٌ بَاتَتْ تَحْرُسُ فِي سَبِيلِ اللهِ»[51].

أَلَا يَا عَيْن وَيْحَكِ أَسْعِدِينِي
بِطَوْعِ الدَّمْعِ فِي ظُلَمِ اللَّيَالِي
لَعَلَّكِ فِي الْقِيَامَةِ أَنْ تَفُوزِي
بِخَيْرِ الدَّهْرِ فِي تِلْكَ العَلَالِي


قَالَ عُمَرُ بْنُ ذَرٍّ: «مَا رَأَيْتُ بَاكِيًا قَطَّ إلَّا خُيِّلَ إِليَّ أَنَّ الرَّحْمَةَ قَدْ تَنَزَّلَتْ عَلَيْهِ».

وَعَنْ ثَوْبَانَ مَرْفُوعًا: «طُوبَى لِمَنْ مَلَكَ لِسَانَهُ، وَوَسِعَهُ بَيْتُهُ، وَبَكَى عَلَى خَطِيئَتِهِ»[52].

وَقَالَ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ: «الْبُكَاءُ مِنْ مَفَاتِيحِ التَّوْبَةِ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ يَرِقُّ فَيَنْدَمُ».

وَعَنْ مُجَاهِدٍ: «أَنَّ نَبِيَّ اللهِ دَاوُدَ بَكَى مِنْ خَطِيئَتِهِ حَتَى هَاجَ مَا حَوْلَهُ».

وَقَدْ يَكُونُ البُكَاءُ أَيْضًا مِنْ حَيَائِهِ مِنَ اللهِ عز وجل.



5- تَبْدِيلُ السَّيِّئَاتِ حَسَنَاتٍ:

قَالَ تَعَالَى: ﴿ إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا ﴾ [الفرقان: 70].



وَفِي مَعْنَى هَذِهِ الآيَةِ قَوْلَانِ:

الْقَوْلُ الأَوَّلُ: أَنَّهُمْ يُبَدَّلُونَ مَكَانَ عَمَلِ السَّيِّئَاتِ بِعَمَلِ الْحَسَنَاتِ.



رُوِيَ عَنْ اِبْنِ عَبَاسٍ رضي الله عنهما؛ أَنَّهُ قَالَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ: «هُمُ المُؤْمِنُونَ كَانُوا مِنْ قَبْلِ إِيمَانِهِمْ عَلَى السَّيِّئَاتِ، فَرَغَبَ اللهُ بِهِم عَنِ السَّيِّئَاتِ، فَحَوَّلَهُم إِلَى الْحَسَنَاتِ، فَأَبْدَلَهُمْ مَكَانَ السَّيِّئَاتِ حَسَنَاتٍ»[53].



وَقَالَ عَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ: «هَذَا فِي الدُّنْيَا يَكُونُ الرَّجُلُ عَلَى صِفَةٍ قَبِيحَةٍ ثُمَّ يُبَدِلُهُ اللهُ بِهَا خَيْرًا»[54].



وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: «أَبْدَلَهُمُ اللهُ بِعِبَادَةِ الْأَوْثَانِ عِبَادَةَ الرَّحْمَنِ، وَأَبْدَلَهُمْ بِقِتَالِ المُسْلِمِينَ قِتَالَ المُشْرِكِينَ، وَأَبْدَلَهُمْ بِنِكَاحِ المُشْرِكَاتِ نِكَاحَ المُؤْمِنَاتِ»[55].



وَقَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ: «أَبْدَلَهُم اللهُ بِالْعَمَلِ السَّيِّئ الْعَمَلَ الصَّالِحَ، وَأَبْدَلَهُم بِالشِّرْكِ إِخْلَاصًا، وَأَبْدَلَهُم بِالْفُجُورِ إِحْصَانًا، وَبِالْكُفْرِ إِسْلَامًا»[56].



أَمَّا الْقَوْلُ الثَّانِي: أَنَّ تِلْكَ السَّيِّئَاتِ المَاضِيَةَ تَنْقَلِبُ بِنَفْسِ التَّوْبَةِ النَّصُوحِ حَسَنَاتٍ[57]:

عَنْ أَبِي ذَرٍّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «إِنِّي لَأَعْلَمُ آخِرَ أَهْلِ الجَنَّةِ دُخُولًا الجَنَّةَ، وَآخِرَ أَهْلِ النَّارِ خُرُوجًا مِنْهَا، رَجُلٌ يُؤْتَى بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَيُقَالُ: اعْرِضُوا عَلَيْهِ صِغَارَ ذُنُوبِهِ، وَارْفَعُوا عَنْهُ كِبَارَهَا، فَتُعْرَضُ عَلَيْهِ صِغَارُ ذُنُوبِهِ، فَيُقَالُ: عَمِلْتَ يَوْمَ كَذَا وَكَذَا كَذَا وَكَذَا، وَعَمِلْتَ يَوْمَ كَذَا وَكَذَا كَذَا وَكَذَا، فَيَقُولُ: نَعَمْ، لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُنْكِرَ وَهُوَ مُشْفِقٌ مِنْ كِبَارِ ذُنُوبِهِ أَنْ تُعْرَضَ عَلَيْهِ، فَيُقَالُ لَهُ: فَإِنَّ لَكَ مَكَانَ كُلِّ سَيِّئَةٍ حَسَنَةً، فَيَقُولُ: رَبِّ قَدْ عَمِلْتُ أَشْيَاءَ لَا أَرَاهَا هَا هُنَا»، فَلَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَضْحَكُ حَتَى بَدَتْ نَوَاجِذُهُ[58].



مِنْ مَوَانِعِ الْمَغْفِرَةِ:

1- الشِّرْكُ:

فَإِنَّ المُشْرِكَ قَدْ كَفَرَ بِاللهِ الَّذِي لَهُ صِفَةُ المَغْفِرَةِ وَالَّذِي لَا يَغْفِرُ سِوَاهُ، فَكَيْفَ يُغْفَرُ لِمَنْ كَفَرَ بِمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ وَيَسْتُرُ الْعُيُوبَ؟ وَلِذَلِكَ قَالَ تَعَالَى: ﴿ إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ ﴾ [النساء: 48].



2- أَصْحَابُ الْبِدَعِ:

فَكَمَا أَنَّ أَصْحَابَ الْبِدَعِ يُرِيدُونَ لِلنَّاسِ الضَّلَالَ، وَيُحِبُّونَ حَيَاةَ الظَّلَامِ؛ فَإِنَّ اللهَ لَا يُخْرِجُهُمْ إِلَى نُورِ التَّوْبَةِ وَالْهِدَايَةِ حَتَى يَتُوبُوا مِنْ ذَلِكَ.



فَعَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ اللهَ حَجَبَ التَّوْبَةَ عَنْ كُلِّ صَاحِبِ بِدْعَةٍ حَتَى يَدَعَ بِدْعَتَهُ»[59].



3- المُجَاهَرَةُ بِالمَعَاصِي:

فَكَمَا أَنَّ الْعَاصِيَ لَا يَسْتَحِي مِنْ ذَنْبِهِ وَيَجْهَرُ بِهِ، فَإِنَّ اللهَ لَا يَسْتُرُ عَيْبَهُ وَلَا يَغْفِرُ ذَنْبَهُ، فَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ يَقُولُ: «كُلُّ أُمَّتِي مُعَافَى إِلَا المُجَاهِرِينَ، وَإِنَّ مِنَ المُجَاهَرَةِ أَنْ يَعْمَلَ الرَّجُلُ بِاللَّيْلِ عَمَلًا ثُمَّ يُصْبِحُ وَقَدْ سَتَرَهُ اللهُ، فَيَقُولُ: يَا فُلَانُ، عَمِلْتُ الْبَارِحَةَ كَذَا وَكَذَا، وَقَدْ بَاتَ يَسْتُرُهُ رَبُّهُ، وَيُصْبِحُ يَكْشِفُ سِتْرَ اللهِ عَنْهُ»[60].



4- طُلُوعُ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا:

وَذَلِكَ حِينَ يَتَغَيَّرُ نِظَامُ الْكَوْنِ، وَلَا يَكُونُ أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ إِلَا آمَنَ، وَلَكِنَّ هَذَا مَوْضِعٌ لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا.



عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ تَابَ قَبْلَ أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا تَابَ اللهُ عَلَيْهِ»[61].



وَعَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إِنَّ اللهَ تَعَالَى يَبْسُطُ يَدَهُ بِاللَّيْلِ لِيَتُوبَ مُسِيءُ النَّهَارِ، وَيَبْسُطُ يَدَهُ بِالنَّهَارِ لِيَتُوبَ مُسِيءُ اللَّيْلِ، حَتَى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا»[62].



5- الْغَرْغَرَةُ:

عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إِنَّ اللهَ عز وجل يَقْبَلُ تَوْبَةَ الْعَبْدِ مَا لَمْ يُغَرْغِرْ»[63].



6- الْهُجْرَانُ بَيْنَ المُسْلِمِينَ:

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «تُعْرَضُ الْأَعْمَالُ فِي كُلِّ اِثْنَينِ وَخَمِيسٍ فَيَغْفِرُ اللهُ لِكُلِّ اِمْرِئٍ لَا يُشْرِكُ بِاللهِ شَيْئًا، إِلَّا اِمْرَءًا كَانَتْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَخِيهِ شَحْنَاءُ، فَيَقُولُ: اُتْرُكُوا هَذَيْنِ حَتَى يَصْطَلِحَا»[64].



مِنْ أَسْبَابِ الْمَغْفِرَةِ:

فَإِنَّ اللهَ بِرَحْمَتِهِ قَدْ جَعَلَ لِلْمَغْفِرَةِ أَسْبَابًا يُيَسِّرُهَا لِمَنْ شَاءَ، وَيُوَفِّقُ إِلَيْهَا مَنْ يُرِيدُ، وَسَنَعْرِضُ فِيمَا يَلِي لِبَعْضِ هَذِهِ الْأَسْبَابِ، وَهِيَ كَمَا يَلِي:

1- الإِسْلاَمُ يُكَفِّرُ كُلَّ مَا سَبَقَ مِنَ السَّيِّئَاتِ:

عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «إِذَا أَسْلَمَ الْعَبْدُ فَحَسُنَ إِسْلَامُهُ، يُكَفِّرُ اللهُ عَنْهُ كُلَّ سَيِّئَةٍ كَانَ زَلَفَهَا وَكَانَ بَعْدَ ذَلِكَ الْقِصَاصُ، الحَسَنَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا إِلَى سَبْعِمَائَةِ ضِعْفٍ، وَالسَّيِّئَةُ بِمِثْلِهَا إِلَّا أَنْ يَتَجَاوَزَ اللهُ عَنْهَا»[65].



2- الْمَوْتُ عَلَى التَّوْحِيدِ:

قَالَ تَعَالَى فِي الْحَدِيثِ الْقُدْسِيِّ: «يَا اِبْنَ آدَمَ إِنَّكَ لَوْ أَتَيْتَنِي بِقُرَابِ الْأَرْضِ خَطَايَا، ثُمَّ لَقِيتَنِي لَا تُشْرِكُ بِي شَيْئًا، لَأَتَيْتُكَ بِقُرَابِهَا مَغْفِرَةً»[66].



3- الاِتِّبَاعُ لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم:

قَالَ تَعَالَى: ﴿ قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ ﴾ [آل عمران: 31].



4- الأَذَانُ:

قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ اللهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى الصَّفِ المُقَدَّمِ، وَالمُؤَذِّنُ يُغْفَرُ لَهُ مَدَّ صَوْتِهِ، وَيُصَدِّقُهُ مَنْ سَمِعَهُ مِنْ رَطْبٍ وَيَابِسٍ، وَلَهُ مِثْلُ أَجْرِ مَنْ صَلَّى مَعَهُ»[67].



5- الذِّكْرُ عِنْدَ الأَذَانِ:

عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم؛ أَنَّهُ قَالَ: «مَنْ قَالَ حِينَ يَسْمَعُ المُؤَذِّنَ: وَأَنَا أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، رَضِيتُ بِاللهِ رَبًّا وبَمُحَمَّدٍ رَسُولًا وَبِالْإِسْلَامِ دِيْنًا غُفِرَ لَهُ ذَنْبُهُ»[68].



6- إِحْسَانُ الْوُضُوءِ:

عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم؛ أَنَّهُ قَالَ: «مَنْ تَوَضَّأَ فَأَحْسَنَ الْوُضُوءَ، خَرَجَتْ خَطَايَاهُ مِنْ جَسَدَهُ، حَتَى تَخْرُجَ مِنْ تَحْتِ أَظَفَارِهِ»[69].



7، 8 - الْمَشْيُ إِلَى الْمَسْجِدِ وَاِنْتِظَارُ الصَّلاَةِ:

عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: «أَلَا أَدُلُّكُمْ عَلَى مَا يَمْحُو اللهُ بِهِ الخَطَايَا وَيَرْفَعُ بِهِ الدَّرَجَاتِ؟»، قَالُوا: بَلَى يَا رَسُولَ اللهِ، قَالَ: «إِسْبَاغُ الْوُضُوءِ عَلَى المَكَارِهِ، وَكَثْرَةُ الخُطَا إِلَى المَسَاجِدِ، وَاِنْتِظَارُ الصَّلَاةِ بَعْدَ الصَّلَاةِ؛ فَذَلِكُم الرِّبَاطُ، فَذَلِكُم الرِّبَاطُ، فَذَلِكُم الرِّبَاطُ»[70].



وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ تَطَهَّرَ فِي بَيْتِهِ، ثُمَّ مَشَى إِلَى بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِ اللهِ؛ لِيَقْضِيَ فَرِيضَةً مِنْ فَرَائِضِ اللهِ، كَانَتْ خُطُوَاتُهُ: إِحَدَاهَا تَحُطُّ خَطِيئَةً، وَالْأُخْرَى تَرْفَعُ دَرَجَةً»[71].



9- الصَّلاَةُ:

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «أَرَأَيْتُم لَوْ أَنَّ نَهَرًا بِبَابِ أَحَدِكُمْ يَغْتَسِلُ مِنْهُ كُلَّ يَوْمٍ خَمْسَ مَرَّاتٍ، هَلْ يَبْقَى مِنْ دَرَنِهِ شَيءٌ؟»، قَالُوا: لَا يَبْقَى مِنْ دَرَنِهِ شَيءٌ، قَالَ: «فَذَلِكَ مَثَلُ الصَّلَوَاتِ الخَمْسِ؛ يَمْحُو اللهُ بِهِنَّ الخَطَايَا»[72].



وَعَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ رضي الله عنه، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «مَا مِنْ اِمْرِئٍ مُسْلِمٍ تَحْضُرُهُ صَلَاةٌ مَكْتُوبَةٌ فَيُحْسِنُ وُضُوءَهَا وَخُشُوعَهَا وَرُكُوعَهَا إِلَّا كَانَتْ كَفَارَةً لِمَا قَبْلَهَا مِنَ الذُّنُوبِ، مَا لَمْ يُؤْتِ كَبِيرَةً، وَذَلِكَ الدَّهْرَ كُلَّهُ»[73].



10- صَلاَةُ الْجُمُعَةِ:

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنِ اغْتَسَلَ، ثُمَّ أَتَى الجُمُعَةَ فَصَلَّى مَا قُدِّرَ لَهُ، ثُمَّ أَنْصَتَ حَتَّى يَفْرُغَ الْإِمَامُ مِنْ خُطْبَتِهِ، ثُمَّ يُصَلِّي مَعَهُ، غُفِرَ لَهُ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الجُمُعَةِ الْأُخْرَى، وَفَضْلَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ»[74].



11- صَلاَةُ رَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْوُضُوءِ:

يُقْبِلُ عَلَيْهَا بِقَلْبِهِ وَوَجْهِهِ: عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم؛ أَنَّهُ قَالَ: «مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ يَتَوَضَّأُ فَيُسْبِغُ الْوُضُوءَ، ثُمَّ يَقُومُ فَيَرْكَعُ رَكْعَتَيْنِ، يُقْبِلُ عَلَيْهِمَا بِقَلْبِهِ وَوَجْهِهِ، إِلَّا وَجَبَتْ لَهُ الجَنَّةُ وَغُفِرَ لَهُ»[75].



12- مَنْ وَافَقَ تَأْمِينُهُ تَأْمِينَ الْمَلاَئِكَةِ:

قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ رضي الله عنه: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «إِذَا أَمَّنَ الْإِمَامُ فَأَمِّنُوا؛ فَإِنَّهُ مَنْ وَافَقَ تَأْمِينُهُ تَأْمِينَ المَلَائِكَةِ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ»[76].



13- السُّجُودُ:

قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّكَ لَا تَسْجُدُ للهِ سَجْدَةً إِلَّا رَفَعَكَ اللهُ بِهَا دَرَجَةً، وَحَطَّ عَنْكَ بِهَا خَطِيئَةً»[77].



14- الذِّكْرُ دُبُرَ كُلِّ صَلاَةٍ:

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ سَبَّحَ اللهَ فِي دُبُرِ كُلِّ صَلَاةٍ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ، وَحَمِدَ اللهَ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ، وَكَبَّرَ اللهَ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ، فَتِلْكَ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ، وَقَالَ تَمَامَ الْمِائَةِ: لَا إَلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ المُلْكُ وَلَهُ الحَمْدُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيءٍ قَدِيرٌ، غُفِرَتْ خَطَايَاهُ، وَإِنْ كَانَتْ مِثْلَ زَبَدِ الْبَحْرِ»[78].



15- قِيَامُ اللَّيْلِ:

قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «عَلَيْكُمْ بِقِيَامِ اللَّيْلِ؛ فَإِنَّهُ دَأْبُ الصَّالِحِينَ قَبْلَكُم، وَإِنَّ قِيَامَ اللَّيْلِ قُرْبَةٌ إِلَى اللهِ، وَمَنْهَاةٌ عَنِ الْإِثْمِ، وَتَكْفِيرٌ للسَّيِّئَاتِ، وَمَطْرَدَةٌ لِلدَّاءِ عَنِ الجَسَدِ»[79].



16- الصَّدَقَةُ:

قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «وَالصَّدَقَةُ تُطْفِئ الخَطِيئَةَ كَمَا يُطْفِئُ المَاءُ النَّارَ»[80].



17- صِيَامُ رَمَضَانَ:

قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ»[81].



18- قِيَامُ رَمَضَانَ:

قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ قَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ»[82].



19- قِيَامُ لَيْلَةِ الْقَدْرِ:

قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ قَامَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ»[83].



20- صَوْمُ يَوْمِ عَرَفَةَ:

قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «صَوْمُ يَوْمِ عَرَفَةَ يُكَفِّرُ سَنَتَيْنِ مَاضِيَةً وَمُسْتَقْبَلَةً»[84].



21- صَوْمُ عَاشُورَاءَ:

قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «صَوْمُ عَاشُورَاءَ يُكَفِّرُ سَنَةً مَاضِيَةً»[85].



22- الْحَجُّ الْمَبْرُورُ:

قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ حَجَّ هَذَا الْبَيْتَ فَلَمْ يَرْفُثْ وَلَمْ يَفْسُقْ رَجَعَ كَيَوْمِ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ»[86].



وَقَالَ أَيْضًا: «... وَأَنَّ الحَجَّ يَهْدِمُ مَا كَانَ قَبْلَهُ»[87]؛ أَيْ: يَهْدِمُ مَا كَانَ قَبْلَهُ مِنَ الذُّنُوبِ.



23- الْعُمْرَةُ:

قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «الْعُمْرَةُ إِلَى الْعُمْرَةِ كَفَّارَةٌ لِمَا بَيْنَهُمَا»[88].



وَقَالَ أَيْضًا: «تَابِعُوا بَيْنَ الحَجِّ وَالْعُمْرَةِ؛ فَإِنَّهُمَا يَنْفِيَانِ الْفَقْرَ وَالذُّنُوبَ كَمَا يَنْفِي الْكِيرُ خَبَثَ الحَدِيدِ»[89].



24- مَسْحُ الْحَجَرِ الأَسْوَدِ وَالرُّكْنِ الْيَمَانِيِّ:

عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ: قَال النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ مَسْحَ الحَجَرِ الْأَسْوَدِ وَالرُّكْنِ الِيَمَانِيِّ يَحُطَانِ الخَطَايَا حَطًّا»[90].



25- الشَّهَادَةُ فِي سَبِيلِ اللهِ:

عَنِ الْمِقْدَامِ بْنِ مَعْدِيَكْرِبَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «لِلشَّهِيدِ عِنْدَ اللهِ سِتُّ خِصَالٍ: يُغْفَرُ لَهُ فِي أَوَّلِ دَفْعَةٍ مِنْ دَمِهِ، وَيُرَى مَقْعَدَهُ مِنَ الجَنَّةِ، وَيُجَارُ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ، وَيَأْمَنُ مِنَ الْفَزَعِ الْأَكْبَرِ، وَيُحَلَّى حُلَّةَ الْإِيمَانِ، وَيُزَوَّجُ مِنَ الحُورِ الْعِينِ، وَيُشَفَّعُ فِي سَبْعِينَ إِنْسَانًا مِنْ أَقَارِبهِ»[91].



وَعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْروٍ بْنِ الْعَاصِ رضي الله عنهما؛ أَنَّ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «يُغْفَرُ لِلشَّهِيدِ كُلُّ ذَنْبٍ إِلَّا الدَّيْنَ»[92].



26- ذِكْرُ اللهِ:

التَّسْبِيحُ: عَنْ سَعْدٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «أَيَعْجزُ أَحَدُكُم أَنْ يَكْسِبَ كُلَّ يَوْمٍ أَلْفَ حَسَنَةٍ؟»، فَسَأَلَهُ سَائِلٌ مِنْ جُلَسَائِهِ: كَيْفَ يَكْسِبُ أَحَدُنَا أَلْفَ حَسَنَةٍ؟ قَالَ: «يُسَبِّحُ مِائَةَ تَسْبِيحَةٍ فَيُكْتَبُ لَهُ أَلْفُ حَسَنَةٍ، أَوْ يُحَطُّ عَنْهُ أَلْفُ خَطِيئَةٍ»[93].



27- قَوْلُ سُبْحَانَ اللهِ وَبِحَمْدِهِ:

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ قَالَ: سُبْحَانَ اللهِ وَبِحَمْدِهِ فِي يَوْمٍ مِائَةَ مَرَّةً حُطَّتْ خَطَايَاهُ، وَإِنْ كَانَتْ مِثْلَ زَبَدِ الْبَحْرِ»[94].



وَفِي رِوَايَةٍ: «مَنْ قَالَ حِينَ يُمْسِيَ وَحِينَ يُصْبِحُ».



28- الصَّلاَةُ عَلَى النَّبِيِّ عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ:

عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلَاةً وَاحِدَةً، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ عَشْرَ صَلَواتٍ، وحُطَّتْ عَنْهُ عَشْرُ خَطِيئَاتٍ، وَرُفِعَتْ لَهُ عَشْرُ دَرَجَاتٍ»[95].



29- كَفَارَةُ الْمَجْلِسِ:

عَنْ جُبَيرٍ بْنِ مُطْعِمٍ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ قَالَ: سُبْحَانَ اللهِ وَبِحَمْدِهِ، سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ، أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ، أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتُوبُ إِلَيْكَ، فَقَالَهَا فِي مَجْلِسِ ذِكْرٍ كَانَتْ كَالطَّابِعِ يُطْبَعُ عَلَيْهِ، وَمَنْ قَالَها فِي مَجْلِسِ لَغْوٍ كَانَتْ كَفَّارَةً لَهُ»[96].



30- الْعَفْوُ عَنِ النَّاسِ:

قَالَ تَعَالَى: ﴿ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ ﴾ [النور: 22].

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «كَانَ رَجُلٌ يُدَايِنُ النَّاسَ فَكَانَ يَقُولُ لِفَتَاهُ: إِذَا أَتَيْتَ مُعْسِرًا فَتَجَاوَزْ عَنْهُ لَعَلَّ اللهَ أَنْ يَتَجَاوَزَ عَنَّا، فَلَقِيَ اللهَ فَتَجَاوَزَ عَنْهُ»[97].



31- السُّهُولَةُ فِي التِّجَارَةِ:

عَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «غَفَرَ اللهُ لِرَجُلٍ مِمَّنْ كَانَ قَبْلَكُمْ، كَانَ سَهْلًا إِذَا بَاعَ، سَهْلًا إِذَا اِشْتَرَى، سَهْلًا إِذَا اِقْتَضَى»[98].



32- إِمَاطَةُ الأَذَى عَنْ طَرِيقِ الْمُسْلِمِينَ:

قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «بَيْنَمَا رَجُلٌ يَمْشَي بِطَرِيقٍ وَجَدَ غُصْنَ شَوْكٍ عَلَى الطَّرِيقِ، فَأَخَّرَهُ، فَشَكَرَ اللهُ لَهُ، فَغَفَرَ لَهُ».



وَفِي رِوَايَةٍ قَالَ: «لَقَدْ رَأَيْتُ رَجُلًا يَتَقَلَّبُ فِي الجَنَّةِ فِي شَجَرَةٍ قَطَعَهَا مِنْ ظَهْرِ الطَّرِيقِ كَانَتْ تُؤْذِي المُسْلِمِينَ»[99].



33- عِيَادَةُ الْمَرِيضِ:

عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «مَا مِنْ رَجُلٍ يَعُودُ مَرِيضًا مُمْسِيًا إِلَّا خَرَجَ مَعَهُ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ يَسْتَغْفِرُونَ لَهُ حَتَى يُصْبِحَ، وَمَنْ أَتَاهُ مُصْبِحًا خَرَجَ مَعَهُ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ يَسْتَغْفِرُونَ لَهُ حَتَى يُمْسِي»[100].



34- تَغْسِيلُ الْمُسْلِمِ وَتَكْفِينُهُ:

قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ غَسَّلَ مَيِّتًا فَسَتَرَهُ سَتَرَهُ اللهُ مِنَ الذُّنُوبِ، وَمَنْ كَفَّنَهُ كَسَاهُ اللهُ مِنَ السُّنْدُسِ»[101].



35- مَنْ صَلَّى عَلَيْهِ مَائَةٌ عِنْدَ مَوْتِهِ:

عَنِ اِبْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «مَا مِنْ رَجُلٍ يُصَلِّي عَلَيْهِ مِائَةٌ إِلَّا غُفِرَ لَهُ»[102].



36- مُصَافَحَةُ الْمُسْلِمِ أَخَاهُ:

قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «إِذَا تَصَافَحَ المُسْلِمَانِ، لَمْ تُفَرَّقْ أَكُفُّهُمَا حَتَى يُغْفَرَ لَهمَا»[103].



37- الْبَلاَءُ:

عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنهما عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَا يُصِيبُ المُسْلِمَ مِنْ نَصَبٍ وَلَا وَصَبٍ وَلَا هَمٍّ وَلَا حَزَنٍ وَلَا أَذًى وَلَا غَمٍّ حَتَى الشَّوْكَة يُشَاكُهَا إِلَّا كَفَّرَ اللهُ بِهَا مِنْ خَطَايَاهُ»[104].



النَّصَبُ؛ أَيْ: التَّعَبُ، وَالْوَصَبُ؛ أَيْ: المَرَضُ.



38- الْمَرَضُ بِالْحُمَّى:

عَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم - لِأُمِّ السَّائِبِ-: «لَا تَسُبِّي الحُمَّى؛ فَإِنَّهَا تُذْهِبُ خَطَايَا بَنِي آدَمَ كَمَا يُذْهِبُ الكِيرُ خَبَثَ الحَدِيدِ»[105].



39- الصَّرَعُ:

عَنْ أَبِي أُمَامَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «مَا مِنْ عَبْدٍ يُصْرَعُ صَرْعَةً مِنْ مَرَضٍ، إِلَّا بَعَثَهُ اللهُ مِنْهَا طَاهِرًا»[106].



40- رَحْمَةُ الْحَيَوَانِ:

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «بَيْنَمَا كَلْبٌ يُطِيفُ[107] بِرَكِيَّةٍ[108] قَدْ كَادَ يَقْتُلُهُ الْعَطَشُ إِذْ رَأَتْهُ بَغِيٌّ مِنْ بَغَايَا بَنِي إِسْرَائِيلَ، فَنَزَعَتْ مُوقَهَا فَاسْتَقَتْ لَهُ بِهِ، فَسَقَتْهُ، فغُفِرَ لَها بِهِ»[109].



41- حُسْنُ الظَّنِّ باللهِ تَعَالَى:

قَالَ تَعَالَى فِي الحَدِيثِ الْقُدْسِيِّ: «أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي، وَأَنَا مَعَهُ حَيْثُ يَذْكُرُنِي»[110].



فَمَنْ ظَنَّ أَنَّهُ يَرْحَمُهُ رَحِمَهُ، وَمَنْ ظَنَّ أَنَّهُ يَغْفِرُ لَهُ غَفَرَ لَهُ.



عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «قَالَ اللهُ تَعَالَى: مَنْ عَلِمَ أَنِّي ذُو قُدْرَةٍ عَلَى مَغْفِرَةِ الذُّنُوبِ، غَفَرْتُ لَهُ وَلَا أُبَالِي، مَا لَمْ يُشْرِكْ بِي شَيْئًا»[111].



فَعَلَى الْعَبْدِ المُؤْمِنِ المُحِبِّ لِرَبِّهِ أَنْ يَعْرِفَ جَمِيلَ صَفْحِهِ، وَيَرْجُو عَظِيمَ عَفْوِهِ، وَلْيَقُولَ بِلِسَانِ حَالِهِ:

فَلَمَّا قَسَى قَلْبِي وَضَاقَتْ مَذَاهِبِي
جَعَلْتُ الرَّجَا مِنِّي لِعَفْوِكِ سُلَّما
تَعَاظَمَنِي ذَنْبِي فَلَمَّا قَرَنْتُهُ
بِعَفْوِكَ رَبِّي كَانَ عَفْوُكَ أَعْظَمَا


لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيءٌ فِي مَغْفِرَتِهِ:

1- فَمَنْ يَغْفِر مِنَ النَّاسِ إنَّمَا يَغْفِرُ أَخْطَاءً دُونَ أُخْرَى، فَقَدْ يَغْفِرُ الصَّغَائِرَ دُونَ الْكَبَائِرَ، وِيَعْفُو عَنِ الْقَلِيلِ دُونَ الْكَثِيرِ، وَإِذَا غَفَرَ ذَنْبًا كَبِيرًا قَدْ يَتَذَكَّرُهُ لِصَاحِبِهِ بَعْدَ حِينٍ، فَيُؤْلِمُهُ ذَلِكَ، وَيُثِيرُ عَلَيْهِ أَحْقَادَهُ وَضَغَائِنَهُ مَرَّةً أُخْرَى، وَقَدْ حَدَثَ مِثْلَ هَذَا لِعُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ رضي الله عنه حِينَ أَسْلَمَ الرَّجُلُ الَّذِي قَتَلَ زَيْدَ بْنَ الخَطَّابِ أَخَا عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ رضي الله عنه، فَقَدْ كَانَ يَكْرَهُ النَّظَرَ إِلَى هَذَا الرَّجُلِ.



أَمَّا اللهُ عز وجل فَإِنَّهُ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا مَهْمَا عَظُمَتْ كَمَا سَلَفَ فِي الشَّرْحِ.



2- قَدْ يَغْفِرُ النَّاسُ لِمَنْ أَسَاءَ إِلَيْهِمُ مُضْطَرِّينَ إِلَى ذَلِكَ لِمَصْلَحةٍ لَهُمْ عِنْدَ مَنْ آذَاهُم أَوْ خَشْيَةٍ ممَّنْ ظَلَمَهُم أَوْ لِضَعْفٍ مِنْهُم.



أَمَّا اللهُ عز وجل فَإِنَّهُ يَغْفِرُ عَنْ عِزَّةٍ، فَقَدْ أَخْبَرَ اللهُ عَنْ نَبِيِّهِ عِيسَى أَنَّهُ قَالَ: ﴿ إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ﴾ [المائدة: 118].



وَيَعْفُو عَنْ قُدْرَةٍ، قَالَ تَعَالَى: ﴿ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا قَدِيرًا ﴾ [النساء: 149].



3- قَدْ يَغْفِرُ النَّاسُ عَنْ جَهْلٍ بِعَظِيمِ الْجِنَايَةِ الَّتِي ارْتُكِبَتْ فِي حَقِّهِم، فَمِنْهُم مَنْ لَوْ عَلِمَ مَدَى الْإِسَاءَةِ مِنَ الْجَانِي، وَتَفَاصِيلَ مَعْصِيَتِهِ وَمَكْرِهِ بِهِ وَتَرَصُّدِهِ لَهُ لِكَي يَظْفَرَ مِنْهُ بِلَحْظَةٍ كَيْ يَضُرَّهُ أَوْ يُسِيءَ إِلَيْهِ، أَوْ عَلِمَ مَا كَانَ يُخْفِيهِ فِي صَدْرِهِ مِنْ خِيَانَةٍ وَسُوءِ طَوِيَّةٍ لَما اِسْتَطَاعَ أَنْ يَغْفِرَ لَهُ أَبَدًا.



أَمَّا اللهُ عز وجل فَإِنَّهُ يَعْلَمُ كُلَّ شَيءٍ عَنْ مَعْصِيَةِ الْعُصَاةِ الظَّاهِرَ مِنْ أَمْرِهِم وَالْبَاطِنَ، وَمَعَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يَغْفِرُ وَيَرْحَمُ وَيَعْفُو وَيَتَكَرَّمُ وَيَتَجَاوَزُ عَمَّا يَعْلَمُ، وَقَدْ قَالَ تَعَالَى: ﴿ وَأَسِرُّوا قَوْلَكُمْ أَوِ اجْهَرُوا بِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ ﴾ [الملك: 13]، لِذَلِكَ عِنْدَمَا سَمِعَ الإِمَامُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ رَجُلًا يَقُولُ:

إِذَا مَا خَلَوْتَ الدَّهْرَ يَوْمًا فَلَا تَقُلْ
خَلَوْتُ وَلَكِنْ قُلْ عَلَيَّ رَقِيبُ
وَلَا تَحْسَبَنَّ اللهَ يَغْفَلُ سَاعَةً
أَوْ أَنَّ مَا تُخْفِي عَلَيْهِ يَغِيبُ


فَبَكَى رحمه الله وَدَخَلَ بَيْتَهُ وَأَغْلَقَ عَلَيْهِ البَّابَ وَهُوَ يُرَدِّدُ:

إِذَا مَا خَلَوْتَ الدَّهْرَ يَوْمًا...



دُعَاءُ اللهِ بِأَسْمَائِهِ الْغَافِرِ وَالْغَفَّارِ وَالْغَفُورِ:

1- عَنْ شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «سَيِّدُ الْاِسْتِغْفَارِ أَنْ تَقُولَ: اللَّهُمَّ أَنْتَ رَبِّي لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ خَلَقْتَنِي وَأَنَا عَبْدُك، وَأَنَا عَلَى عَهْدِكَ وَوَعْدِكَ مَا اسْتَطَعْتُ، أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا صَنَعْتُ، أَبُوءُ لَكَ بِنِعْمَتِكَ عَلَيَّ وَأَبُوءُ لَكَ بِذَنْبِي، فَاغْفِرْ لِي فَإِنَّهُ لَا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا أَنْتَ».



قَالَ: «وَمَنْ قَالَهَا فِي النَّهَارِ مُوقِنًا بِهَا فَمَاتَ مِنْ يَوْمِهِ قَبْلَ أَنْ يُمْسِيَ فَهُوَ مِنْ أَهْلِ الجَنَّةِ، وَمَنْ قَالَها مِنَ اللَّيْلِ وَهُوَ مُوقِنٌ بِهَا فَمَاتَ قَبْلَ أَنْ يُصْبِحَ فَهُوَ مِنْ أَهْلِ الجَنَّةِ»[112].



2- وَعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ بَيْنَ التَّشَهُّدِ وَالتَّسْلِيمِ: «اللَّهُمَّ اِغْفِرْ لِي مَا قَدَّمْتُ وَمَا أَخَّرْتُ، وَمَا أَسْرَرْتُ وَمَا أَعْلَنْتُ، وَمَا أَسْرَفْتُ، وَمَا أَنْتَ أَعْلَمُ بِهِ مِنِّي، أَنْتَ المُقَدِّمُ، وَأَنْتَ المُؤَخِّرُ لَا إِلَهَ إِلَا أَنْتَ»[113].



3- وَعَنِ اِبْنِ عُمَرَ رضي الله عنه قَالَ: كُنَّا نَعُدُّ لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي المَجْلِسِ الْوَاحِدِ مِائَةَ مَرَّةٍ: «رَبِّ اِغْفِرْ لِي وَتُبْ عَلَيَّ إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَابُ الْغَفُورُ»[114].



4- عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا قَامَ إِلَى الصَّلَاةِ يَكُونُ مِنْ آخِرِ مَا يَقُولُ بَيْنَ التَّشَهُّدِ وَالتَّسْلِيمِ: «اللَّهُمَّ اِغْفِرْ لِي مَا قَدَّمْتُ وَمَا أَخَّرْتُ، وَمَا أَسْرَرْتُ وَمَا أَعْلَنْتُ، وَمَا أَسْرَفْتُ، وَمَا أَنْتَ أَعْلَمُ بِهِ مِنِّي، أَنْتَ المُقَدِّمُ، وَأَنْتَ المُؤَخِّرُ، لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ»[115].



فَيُمْكِنُكَ أَنْ تَقُولَ:

يَا غَفَّارُ اِغْفِرْ لِي.

يَا غَفُورُ اِغْفِرْ لي.

يَا غَافِرَ الذُّنُوبِ جَمِيعًا اِغْفِرْ لي.

يَا وَاسِعَ المَغْفِرَةِ اِغْفِرْ لي.

يَا مَنْ لَا يَمْلِكُ مَغْفِرَةَ الذُّنُوبِ إِلَّا هُوَ اِغْفِرْ لي وَتَجَاوَزْ عَنِّي بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ.



 توقيع : غـرام الشوق

سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ

رد مع اقتباس
قديم 02-01-2024   #2



 
 عضويتي » 2326
 اشراقتي ♡ » Sep 2023
 كُـنتَ هُـنا » منذ يوم مضى (09:00 AM)
آبدآعاتي » 3,877,871
 تقييمآتي » 282771
 حاليآ في » العراق الحبيب
دولتي الحبيبه » دولتي الحبيبه Iraq
جنسي  »  Female
 حالتي الآن » متزوجه ❤
آلقسم آلمفضل  » الترفيهي♡
آلعمر  » 29سنة
الحآلة آلآجتمآعية  » مرتبطة ♡
تم شكري »  158
شكرت » 72
 التقييم » بنت العز has a reputation beyond reputeبنت العز has a reputation beyond reputeبنت العز has a reputation beyond reputeبنت العز has a reputation beyond reputeبنت العز has a reputation beyond reputeبنت العز has a reputation beyond reputeبنت العز has a reputation beyond reputeبنت العز has a reputation beyond reputeبنت العز has a reputation beyond reputeبنت العز has a reputation beyond reputeبنت العز has a reputation beyond repute
نظآم آلتشغيل  » Windows 2000
مُتنفسي هنا » مُتنفسي هنا
مَزآجِي  »  الحمدلله
 
قَدَاسَة طُهِّرَ | | أَوْسِمَتِي | |
وسآم - ♥ |المَحبْة .  


/ قيمة النقطة: 0

وسآم - ♥ |- العيد 1446 -♥  


/ قيمة النقطة: 0

وسام || مسابقةَ زُلفىَ .  


/ قيمة النقطة: 0

وسآم - ♥ |مجلس صبايا عشق  


/ قيمة النقطة: 0

وسآم - ♥ | يَنبتُ الوردُ فِي خُطُواتِها.  


/ قيمة النقطة: 0

وسآم -  |- السنوية التاسعه رواية عشق  


/ قيمة النقطة: 0

وسآم - ♥ |مُترفة رَواية عِشق.  


/ قيمة النقطة: 0

وسآم - ♥ | حُسنها فاق الموسيقى  


/ قيمة النقطة: 0

وسآم - ♥ |فعالية سؤال وجواب-♥  


/ قيمة النقطة: 0

وسآم - ♥ |فعالية حزر فزر| المركز الثالث.  


/ قيمة النقطة: 0

  مجموع الأوسمة: 48

 

بنت العز غير متواجد حالياً

افتراضي



جَمُيّـــلُ
سلمت الأكف
والله يعطيك العآفية ،
دمت بخير ~


 توقيع : بنت العز

سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ


رد مع اقتباس
قديم 02-01-2024   #3



 
 عضويتي » 6
 اشراقتي ♡ » May 2017
 كُـنتَ هُـنا » منذ 58 دقيقة (08:22 AM)
آبدآعاتي » 2,873,417
 تقييمآتي » 1205158
 حاليآ في » إينمَا يكون الحُب دائمًا .
دولتي الحبيبه » دولتي الحبيبه k.s.a
جنسي  »  Female
 حالتي الآن » أنا أوسم إمراة فكريًا.
آلقسم آلمفضل  » الترفيهي♡
آلعمر  » 28سنة
الحآلة آلآجتمآعية  » مرتبطة ♡
تم شكري »  1,056
شكرت » 6,351
 التقييم » حاء has a reputation beyond reputeحاء has a reputation beyond reputeحاء has a reputation beyond reputeحاء has a reputation beyond reputeحاء has a reputation beyond reputeحاء has a reputation beyond reputeحاء has a reputation beyond reputeحاء has a reputation beyond reputeحاء has a reputation beyond reputeحاء has a reputation beyond reputeحاء has a reputation beyond repute
نظآم آلتشغيل  » Windows 10
مُتنفسي هنا » مُتنفسي هنا
مَزآجِي  »  ماخصني-بشي
 
قَدَاسَة طُهِّرَ | | أَوْسِمَتِي | |
وسآم - ♥ |المَحبْة .  


/ قيمة النقطة: 0

وسآم - ♥ |- العيد 1446 -♥  


/ قيمة النقطة: 0

وسام || مسابقةَ زُلفىَ .  


/ قيمة النقطة: 0

وسام || من اعز الناس استلمنا الكأس .  


/ قيمة النقطة: 0

وسآم - ♥ |مٌدللة روَاية .  


/ قيمة النقطة: 0

وسآم -  |- السنوية التاسعه رواية عشق  


/ قيمة النقطة: 0

وسآم - ♥ |مجلس صبايا عشق  


/ قيمة النقطة: 0

وسآم - ♥ |  مركز لثاني فعاليه روقان  


/ قيمة النقطة: 0

وسآم - ♥ |حُسنَها فتْانَ.  


/ قيمة النقطة: 0

وسآم - ♥ | إلوان السعادة  


/ قيمة النقطة: 0

  مجموع الأوسمة: 50

 

حاء غير متواجد حالياً

افتراضي



-


جزاك الله خيرًا
جعله الله في ميزان حسناتك
و شكرًا على طرحك المُفيد
و لا حرمنا الله من جديدك الرائع
و الله يعطيك الف عافيه
لك


 توقيع : حاء

سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ


رد مع اقتباس
قديم 02-01-2024   #4



 
 عضويتي » 677
 اشراقتي ♡ » Jun 2018
 كُـنتَ هُـنا » 02-07-2024 (05:19 PM)
آبدآعاتي » 355,315
 تقييمآتي » 998218
 حاليآ في »
دولتي الحبيبه » دولتي الحبيبه Saudi Arabia
جنسي  »  Female
 حالتي الآن »
آلقسم آلمفضل  » الآسلامي♡
آلعمر  » 27سنة
الحآلة آلآجتمآعية  » مرتبط ♡
تم شكري »  0
شكرت » 0
 التقييم » الياقوتة has a reputation beyond reputeالياقوتة has a reputation beyond reputeالياقوتة has a reputation beyond reputeالياقوتة has a reputation beyond reputeالياقوتة has a reputation beyond reputeالياقوتة has a reputation beyond reputeالياقوتة has a reputation beyond reputeالياقوتة has a reputation beyond reputeالياقوتة has a reputation beyond reputeالياقوتة has a reputation beyond reputeالياقوتة has a reputation beyond repute
نظآم آلتشغيل  » Windows 2000
مُتنفسي هنا » مُتنفسي هنا
مَزآجِي  »  1
 

الياقوتة غير متواجد حالياً

افتراضي



جزاك الله خير
موضوع قيم وابداع في الاختيار
جعله في موازين حسناتك
لاعدمنا جديدك


 توقيع : الياقوتة

سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ


رد مع اقتباس
قديم 02-01-2024   #5



 
 عضويتي » 1789
 اشراقتي ♡ » Feb 2021
 كُـنتَ هُـنا » منذ 18 ساعات (03:08 PM)
آبدآعاتي » 1,435,660
 تقييمآتي » 262057
 حاليآ في »
دولتي الحبيبه » دولتي الحبيبه Italia
جنسي  »  male
 حالتي الآن » عاشق
آلقسم آلمفضل  » الأدبي♡
آلعمر  » 17سنة
الحآلة آلآجتمآعية  » » 😍
تم شكري »  63
شكرت » 68
 التقييم » عبد الحليم has a reputation beyond reputeعبد الحليم has a reputation beyond reputeعبد الحليم has a reputation beyond reputeعبد الحليم has a reputation beyond reputeعبد الحليم has a reputation beyond reputeعبد الحليم has a reputation beyond reputeعبد الحليم has a reputation beyond reputeعبد الحليم has a reputation beyond reputeعبد الحليم has a reputation beyond reputeعبد الحليم has a reputation beyond reputeعبد الحليم has a reputation beyond repute
نظآم آلتشغيل  » Windows 2000
مُتنفسي هنا » مُتنفسي هنا
مَزآجِي  »  1
 
قَدَاسَة طُهِّرَ | | أَوْسِمَتِي | |
وسآم - ♥ |المَحبْة .  


/ قيمة النقطة: 0

وسآم - ♥ |- العيد 1446 -♥  


/ قيمة النقطة: 0

وسام || مسابقةَ زُلفىَ .  


/ قيمة النقطة: 0

وسام || من اعز الناس استلمنا الكأس .  


/ قيمة النقطة: 0

وسآم - ♥ |نقش السماء  


/ قيمة النقطة: 0

وسآم - ♥ |ينَابيِع العَطآء.  


/ قيمة النقطة: 0

وسآم - ♥ |فعالية سؤال وجواب-♥  


/ قيمة النقطة: 0

وسآم - ♥ |فعالية حزر فزر| المشاركين.  


/ قيمة النقطة: 0

وسآم - ♥ |فعالية كنز رواية| المشاركين.  


/ قيمة النقطة: 0

وسآم - ♥ |مسابقة اية وصورة| المركز الثاني.  


/ قيمة النقطة: 0

  مجموع الأوسمة: 31

 

عبد الحليم غير متواجد حالياً

افتراضي



جزاك الله خيرا
طرح يفوق الجمال لروعته
كعادتك إبداع في مواضيعك
يعطيك العافيه يارب
وبإنتظار المزيد من هذا الجمال
لقلبك السعادة والفرح
ودي..


 توقيع : عبد الحليم

سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ


رد مع اقتباس
قديم 02-01-2024   #6



 
 عضويتي » 2074
 اشراقتي ♡ » May 2022
 كُـنتَ هُـنا » 04-07-2025 (10:06 AM)
آبدآعاتي » 773,154
 تقييمآتي » 180299
 حاليآ في »
دولتي الحبيبه » دولتي الحبيبه Iraq
جنسي  »  Female
 حالتي الآن »
آلقسم آلمفضل  » الآسلامي♡
آلعمر  » 24سنة
الحآلة آلآجتمآعية  » مرتبط ♡
تم شكري »  0
شكرت » 0
 التقييم » مرفأ has a reputation beyond reputeمرفأ has a reputation beyond reputeمرفأ has a reputation beyond reputeمرفأ has a reputation beyond reputeمرفأ has a reputation beyond reputeمرفأ has a reputation beyond reputeمرفأ has a reputation beyond reputeمرفأ has a reputation beyond reputeمرفأ has a reputation beyond reputeمرفأ has a reputation beyond reputeمرفأ has a reputation beyond repute
نظآم آلتشغيل  » Windows 2000
مُتنفسي هنا » مُتنفسي هنا
مَزآجِي  »  1
мч ѕмѕ ~
 
قَدَاسَة طُهِّرَ | | أَوْسِمَتِي | |
وسآم - ♥ |- العيد 1446 -♥  


/ قيمة النقطة: 0

وسآم - ♥ |رَقِيقة و مُغلفة باللُّطفِ .  


/ قيمة النقطة: 0

وسآم - ♥ |فعالية سؤال وجواب-♥  


/ قيمة النقطة: 0

وسآم - ♥ |فعالية حزر فزر| المشاركين.  


/ قيمة النقطة: 0

وسآم - ♥ |فعالية كنز رواية| المشاركين.  


/ قيمة النقطة: 0

وسآم - ♥ |مسابقة اية وصورة| المركز الثالث.  


/ قيمة النقطة: 0

وسآم - ♥ | التاسيس السعودي  


/ قيمة النقطة: 0

وسآم - ♥ |فعالية صورة وقلم-♥  


/ قيمة النقطة: 0

وسآم - ♥ | حُسنها فاق الموسيقى  


/ قيمة النقطة: 0

وسآم - ♥ |مَلامْح النقَاء .  


/ قيمة النقطة: 0

  مجموع الأوسمة: 33

 

مرفأ غير متواجد حالياً

افتراضي



بوركت جهودك الله يعطيك الف عافية
على الطرح الرائــــع كروعتك
والراقي كرقيك


 توقيع : مرفأ

سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ


رد مع اقتباس
إضافة رد

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ لذة مطر ..! ۩ إسلامِي هُو سر حَياتي ۩ 23 10-09-2024 02:08 PM
قوله تعالى : وَهُوَ الْغَفُورُ الْوَدُودُ ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ غـُـلايےّ ۩ إسلامِي هُو سر حَياتي ۩ 25 09-19-2024 08:41 PM
الظَّاهِرُ جَلَّ جَلَالُهُ، وَتَقَدَّسَتْ أَسْمَاؤُهُ ألِيونَا ۩ إسلامِي هُو سر حَياتي ۩ 23 09-02-2024 06:28 PM
الرَّؤُوفُ جَلَّ جَلَالُهُ، وَتَقَدَّسَتْ أَسْمَاؤُهُ ضامية الشوق ۩ إسلامِي هُو سر حَياتي ۩ 28 06-08-2024 09:35 PM


الساعة الآن 09:20 AM


Powered by vBulletin Hosting By R-ESHQ
HêĽм √ 3.1 BY: ! RESHQ ! © 2010
new notificatio by R-ESHQ
User Alert System provided by Advanced User Tagging (Lite) - vBulletin Mods & Addons Copyright © 2025 DragonByte Technologies Ltd.
تنويه : المشاركات المطروحة تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس بالضرورة تمثل رأي أدارة الموقع