" لا حولَ ولا قوةَ إلا باللهِ " كلمةٌ قليلةُ الأحرفِ لكنها ذِكرٌ عند اللهِ كريمٌ، عظيمةٌ حقائقُها، جَزْلةٌ فضائلُها، مباركةٌ آثارُها؛ قد حباها المولى الكريمُ من الفضائلِ
والآثارِ ما يجعلُها جديرةً بعنايةِ المكلفِ؛ علمًا وعملًا حتى تكونَ له حالًا راسخًا تظهرُ به تلك الآثارُ وتُجنى به الفضائلُ في الدنيا والآخرةِ.
بلغتْ في الاصطفاءِ الربانيِّ أنْ كانت في مصافِّ أحبِّ الكلامِ إليه -سبحانه-، يقولُ النبيُّ صلى الله عليه وسلم: " أَحَبُّ الْكَلَامِ إِلَى اللَّهِ: سُبْحَانَ اللَّهِ لَا شَرِيكَ لَهُ
لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ، سُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ "؛ رواه البخاريُّ في الأدبِ المُفْردِ وصحّحَه الألبانيُّ.
و" لا حولَ ولا قوةَ إلا باللهِ "من سبلِ الوصولِ إلى الجنةِ، بل هي بابٌ من أبوابِها التي تفضي إليها، عَنْ قَيْسِ بْنِ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ -رضيَ اللهُ عنهما-
أَنَّ أَبَاهُ دَفَعَهُ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم يَخْدُمُهُ، قَالَ: فَمَرَّ بِيَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَقَدْ صَلَّيْتُ فَضَرَبَنِي بِرِجْلِهِ، وَقَالَ:
" أَلَا أَدُلُّكَ عَلَى بَابٍ مِنْ أَبْوَابِ الجَنَّةِ؟» قُلْتُ: بَلَى؟ قَالَ: «لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ "؛ رواه أحمدُ وصحّحَه الحاكمُ والألبانيُّ.
و" لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ "كنزٌ نفيسٌ من كنوزِ الجنةِ، مدَّخرٌ ثوابُه العظيمُ لصاحبِه يومَ القيامةِ، قال أبو موسى الأشعريُّ -رضيَ اللهُ عنه-:
لما غَزَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خَيْبَرَ، أو قال: لما توجَّه رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، أشرفَ الناسُ على وادٍ، فرفعوا أصواتَهم بالتكبيرِ: اللهُ أكبرُ اللهُ أكبرُ
لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " ارْبَعُوا على أنفسِكم؛ إنكم لا تَدْعون أصمَّ ولا غائبًا، إنكم تدعون سميعًا قريبًا، وهو معكم ".
وأنا خلفَ دابةِ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فسمعني وأنا أقولُ: لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ، فَقَالَ لي: " يا عبدَاللهِ بنَ قيسٍ". قلتُ: لبيك يا رسولَ اللهِ
قال: " ألا أدلُّك على كلمةٍ من كنزٍ من كنوزِ الجنةِ؟ ". قلتُ: بلى يا رسولَ اللهِ- فِداك أبي وأمي! -، قَالَ: " لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ " رواه البخاريُّ.
ولعلوِّ قدْرِها كانت من كنوزِ العرشِ، قال أبو ذرٍ -رضيَ اللهُ عنه-: أَمَرَنِي خَلِيلِي صلى الله عليه وسلم بِسَبْعٍ، وذكر منها:
" وَأَمَرَنِي أَنْ أُكْثِرَ مِنْ قَوْلِ: لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللهِ؛ فَإِنَّهُنَّ مِنْ كَنْزٍ تَحْتَ الْعَرْشِ "؛ رواه أحمدُ وصحَّحَه الألبانيُّ.
وكما أنها من كنوزِ الجنةِ فهي غراسُ أشجارِها الخالدةِ، فقد مرَّ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم
ليلةَ أُسرِيَ به على إبراهيمَ صلى الله عليه وسلم، فقال: مَنْ مَعَكَ يا جبرائيلُ؟ قال: هذا محمدٌ، فقال له إبراهيمُ -عليه السلامُ-: يا محمدُ!
مُرْ أمَّتكَ؛ فَليُكْثِرُوا مِن غِراسِ الجنَّة؛ فإنَّ تُربتَها طيبّةٌ، وأرضَها واسعةٌ، قال: ما غِراسُ الجنَّةِ؟ قال: لا حولَ ولا قوَّةَ إلا بالله "رواه أحمدُ وحسَّنَه المنذريُّ وابنُ حَجَرٍ.
وهي من أسبابِ تكفيرِ السيئاتِ ومحوِ الذنوبِ، قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "من قال حين يَأوي إلى فراشِه: لا إلهَ إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ له
له الملكُ، وله الحمدُ، وهو على كلِّ شيءٍ قديرٌ، لا حولَ ولا قوةَ إلا باللهِ العليِّ العظيمِ، سبحانَ اللهِ، والحمدُ للهِ، ولا إلهَ إلا اللهُ، واللهُ أكبرُ
غُفرت له ذنوبُه أو خطاياه وإنْ كانت مثلَ زبدِ البحرِ"؛ رواه النسائيُّ وصحَّحَه ابنُ حبانَ والألبانيُّ.