افتتح في متحف كونديه بمدينة شانتيي الفرنسية معرض تحت عنوان "دولاكروا وفجر الاستشراق", يضم عشرات اللوحات والرسوم التي تسعى لاستكشاف مرحلة ولادة التيار الاستشراقي في فرنسا والذي ظهر في بداية القرن التاسع عشر.
ولدى عودته إلى فرنسا، اشتهر اسمه على أثر عرضه لوحات ذات مواضيع تركية وأخرى تتألف من مشاهد توراتية، كلوحة "أليعازر وريبيكا". ولا شك أن أسلوبه الشخصي الذي يتميز بعجينة سميكة وبتضارب حاد بين النور والعتمة، هو الذي قاد النقّاد إلى اعتباره رائد المدرسة الاستشراقية الجديدة. أما مصدر وحيه فكان الحياة اليومية التركية التي رسمها بمفاعيل مادية بارزة، والجماهير الغفيرة في الأسواق والشوارع التي أسقطها بألوانٍ نيّرة.
ومن الشعراء والأدباء الذين تغنّوا بلوحات دوكان: بروسبير ميريميه، وماكسيم دوكان، وشارل بودلير، وتيوفيل غوتيي الذي كتب حوله "جان جاك روسو اكتشف الطبيعة في القرن الثامن عشر، وفي القرن التاسع عشر اكتشف دوكان الشرق".
أما الرسام بروسبير ماريلا (ظ،ظ¨ظ،ظ،ـظ،ظ¨ظ¤ظ§) الحاضر أيضاً في المعرض بعددٍ من اللوحات، فرحل إلى الشرق عام ظ،ظ¨ظ£ظ، وأمضى عامَين بين اليونان وسوريا ولبنان وفلسطين ومصر. وشغفه بأرض مصر وناسها ومعالمها الأثرية دفعه إلى توقيع رسائله "ماريلا المصري".
وفي هذا البلد، أنجز بورتريهات على الطلب لأسباب مادية مثل بورتريه محمد علي، ورسوم ولوحات بدافع الدراسة والعلم مثل لوحة "مسافرون عرب سوريون". ودفعت شهرته الواسعة في فرنسا بعض الرسامين إلى نسخ بعض لوحاته، خصوصاً بعد وفاته المبكرة.
وفي الجزء الأخير من المعرض نشاهد اللوحات والرسوم المرصودة للجزائر والتي تبدو بمعظمها مرتبطة بالحملة الفرنسية على هذا البلد. ومن هذه الأعمال، تلك التي أنجزها رسامو الجيش وتتميز بواقعية ودقة شديدة، كمائيات أدريان دوزا، أو رسوم تيودور يونغ وغاسبر غوبو اللذين جهدا في إعادة تشكيل الأحداث التاريخية والمراحل الأساسية من احتلال الجزائر.
لكن رسام الحملة الفرنسية على الجزائر بامتياز يبقى أوراس فيرنيه الذي رسم لوحة "احتلال مدينة الزمالة على يد الدوق دومال" العملاقة التي تظهر فيها جوانب مثيرة من حياة البدو، كما رسم لوحة "عرب يستمعون إلى قصة في مخيّمهم" الحاضرة في المعرض.
ولا يهمل المعرض الفنانين الذين صوروا هذه الحملة من فرنسا، وأبرزهم أوغست رافّي الحاضر في المعرض بألبومَين من الرسوم المنجزة انطلاقاً من شهادات بعض الضبّاط ومن رسوم وضعها رسّامو الجيش المشاركون في الحملة.
ويمكن أن ينتقد معظم هؤلاء الفنانين لرسمهم غالباً انطلاقاً من استيهاماتهم الشخصية. ولكن هذه الاستيهامات إن دلّت على شيء فعلى ولعٍ حقيقي وبريء بالشرق، ولع كانت له نتائج تشكيلية وجمالية في غاية الأهمية، كانبثاق وتطوّر التيارَين الرومنطيقي والرمزي في أوروبا.
جزيل الشكر والتقدير لاختي الكريمة غرام الروح على التصميم البديع