النظرَ الحرامَ
إنَّ النظرَ الحرامَ يورثُ الحسرات والزفرات؛
فيرى العبدُ ما ليس قادراً عليه ولا صابراً عنه وهذا من أعظم البلاء.
أيها المسلمون:
من عقوباتِ النظرِ: فسادُ القلبِ، وذهابُ النورِ والخشيةِ والخشوعِ.
قال شجاعُ الكرماني:
“من عَمَّر ظاهرهُ باتباعِ السنةِ وباطنهُ بدوامِ المراقبةِ وغضَّ بصرَه عن الحرام،
وكفّ نفسه عن اتباع الشهوات وأكلَ الحلالَ لم تخطِئْ له فِراسةٌ“.
ومن عواقبِ النظرِ الحرامِ: أنه يحرِمُ المرءَ من العلم.
نظر أحدُ طُلابِ وكيعٍ القاضي يوماً إلى امرأةٍ حسناءَ فتتبَّعها ببصرِه ثم انصرف
.. فلاحظَ أنَّ فهمَه وحِفظهُ تشتّتَ؛ فاشتكى أمرَه إلى وكيعٍ،
فقال له: غُضَّ بصرَك عن الحرام.
من عواقبِ النظر الحرام: أنه يجعلُ المرءَ ذليلاً لشهَواتِه،
فقد يتعلَّق بصورةٍ يعشقُها خاصةً إذا كانت العينُ تُدمِنُ النظرَ إلى القنواتِ الفاسِدةِ
التي تُظهر المرأةَ والرجلَ بأبهى صورةٍ، وهم في رقصٍ وتغَنُّجٍ وإغراءٍ
حتى ربّما فُتن بذلك الرجال والنساء، فإذا تعلق القلب ذلّت النفس
وصار العاشق المعجب يجمع الصور ويتتبع الأخبار،
ومن تعلق قلبُه شيئاً وُكّلَ إليه.
قيل للإمام أحمد -رحمه الله تعالى-: يا إمام فلانٌ تابَ. قال: الحمد لله.
قالوا له: وهو يقولُ لو ضُربَ ظهري بالسِّياطِ ما دخلتُ في معصية الله.
قالوا: إلّا أنه لا يصبر عن النظرِ، يعني: هذا الرجلُ تابَ من معاصٍ كان مقيماً عليها،
والآن هو مُصلٍّ قائمٍ لليلِ ومُتصدقٍ غيرَ أنَّه لا يصبرُ عن النظرِ الحرامِ للنساءِ والغِلمان.
فقال الإمامُ أحمد: سبحان الله أيُّ توبةٍ هذه!!
أخيراً: أسبابُ إطلاقِ البصرِ مُتَعدِّدةٌ.
أولها: اتباعُ الهوى وطاعةُ الشيطان.
ومن ذلك: مشاهدةُ المسلسلاتِ والأفلامِ والبرامج والصورِ الفاتنة.
ومن ذلك تبرُّجِ النساءِ في الأسواق ، ذلكَ أنَّ بعضَ النساء تُشجّع الرجلَ للنظرِ إليها؛
(إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آَمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ
وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ) [النور: 19].
وعلاجُ فتنةِ النظرِ معروفٌ، أولُه: غَضُّ البصرِ وصَرفُه عن الحرام.
ومن العلاج: أن تُفكِّرَ في الأشياءِ القبيحةِ في المعشوقِ لا الأشياءَ الحسنة.
ومن ذلك: أن تعلم أنَّ الله –تعالى- مدحَ من غَضَّ بصره عن محاسنِ امرأةٍ
ووعدهُ بحلاوةِ الإيمان.
فمن غضَّ بصره عن محاسن امرأةٍ وهو قادرٌ على أن ينظر إليها
أورَثَه اللهُ إيماناً يجدُ حلاوتَه في قلبه.
ومن العلاج:
دعاءُ الله تعالى أن يحفظَ البصرَ والقلبَ عن الحرامِ والفِتن
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|