نحن أولى بإسرائيل عليه السلام منهم (10)
يقول الدكتور المسيري عن إشكالية تعريف اليهودي في العصر الحاضر: ومع ظهور حركة التَّنْوير، وضَعْف اليهودية الحاخامِيَّة، ترك كثير من اليهود عقيدتهم الدينية، واستمروا في تَسْمِية أنفسهم (يهودًا)، وهذا ما يُطلَق عليه (اليهودي غير اليهودي)، وبين هؤلاء نجد (اليهودي المُلْحِد)، و(اليهودي العلْماني)، و(اليهودي الإثني)[1]، ممن نُطْلِق عليهم نحن (اليهود الجدد).
وغَنِيٌ عن القول: أنه حينما كان مصطلح (يهودي) يُستخدَم للإشارة إلى هؤلاء، فإن مُحيطه الدّلالي كان يختلف تمامًا عن مُحيطه الدّلالي حتى أوائل القرن التاسع عشر الميلادي، حيث كان الانتماء اليهودي يعني الإيمان بالعقيدة اليهودية، أما هؤلاء، فإنهم لا يتبعون تعاليم دينهم، بل ويرفضها بعضُهم تمامًا، ويُسَمِّي نفسه يهوديًا؛ استنادًا إلى ما يَتَصَوَّر أنه مَوْرُوثه الثَّقافِي.
ويوجد الآن تعريفان لليهودي: أحدهما ديني، يعتمد الشريعة، ويأخذ به نحو 18% من يهود العالم، والآخر علْماني، ويأخذ به نحو 61%، والباقون مُتَرَدِّدون، مُتضارِبون في الرأي، فإن شعر أحدهم في قَرارة نفسه بأنه يهودي، فإنه يمكن اعتباره يهوديًا.
وقد حاول جان بول سارتر تعريف اليهودي، فأخذ بهذا التُّعْريف الذَّاتي، وقال: إن اليهودي يكون يهوديًا أصيلًا حينما يُصْبِح واعيًا بحالته كيهودي، ويشعر بالتَّضامُن مع سائر اليهود، ولكن سارتر نفسه كان قد عَرَّف اليهودي من قبل، بأنه من يراه الأَغْيار[2] كذلك، وفي كلتا الحالتين، لا يُوجَد معيار مَوْضُوعي للتَّعْريف، وقد انتهى الأمر به إلى القول بأن اليهودي هو رجل يبحث عن هويته، وهذا ليس بتعريف أيضًا، وإنما إشارة إلى حالة عَقْلِيَّة، وقد عَلَّق أحد المُثَقَّفِين الفَرَنْسِيِّين على الوَضْع قائلًا: إنني مثل جميع اليهود الفرنسيين، فأنا يهودي من الناحية الخَيالية، ولكني فَرَنِسي من الناحية الفِعْلِيَّة.
ويمكن القول بأن كلمة يهودي في الوقت الحالي لها معنيان:
1- يهودي بالمعني الدِّيْنِي الإثْنِي.
2- يهودي بالمعنى الإثْنِي المَحْض.
فهي تُشير إذًا إلى الكُتَل اليهودية الثلاث الأساسية، وهي: الإشكناز[3]، والسفارد[4]، ويهود العالم الإسلامي، وإلى الجماعات اليهودية الأخرى التي انفصلت عن الكُتَل الثلاث الكبرى، مثل: الفلاشاه[5]، ويهود الهند[6].
وهي تُشير أيضًا إلى اليهود من شَتَّى الفِرَق التي نشأت في العالم الغربي: الإصلاحيين[7]، والمحافظين[8]، والأرثوذكسيين[9]، والتجديديين[10]، حتى ولو كَفَّر أعضاءُ هذه الفِرَق بعضُهم بعضًا.
ويُستخدَم المُصْطَلح للإشارة إلى المُسْتَوْطِنين الصَّهايِنة، مع أن مَسألة: مَنْ هو اليهودي؟ لا تزال دون إجابة داخل الدولة الصِّهْيَوْنِيَّة، أي أنها كلمة ذات مجال دلالي مُختلَط وغير محدَّد، انتهى.
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|