"الوكيل".. الملاذ لمن التجأ والغالب لمن ُظلم

"الوكيل".. الملاذ لمن التجأ والغالب لمن ُظلم



يقول المولى عز وجل في كتابه الكريم: «وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَىٰ فَادْعُوهُ بِهَا ۖ وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ ۚ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ» (الأعراف 180).
ومن أبرز هذه الأسماء، اسم الله (الوكيل)، وهو الاسم الذي ذكر في قوله تعالى : « الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ » (آل عمران:173).
وقد ورد في مواضع أخرى مقرونًا بمعاني العلو والسمو، وهو ما يزيد الإطلاق كمالاً على كمال، كما ورد في قوله تعالى: « ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ فَاعْبُدُوهُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ » (الأنعام:102).


معنى الوكيل
وكلمة وكيل تأتي على وزن فعيل وهو وزن كثيرًا ما نراه في أسماء الله الحسنى ، وهو من صيغ المبالغة ، وهو يدل على اسم الفاعل واسم المفعول، والله سبحان وتعالى هو الوكيل بمعنى انه يوَكِّلُه الإنسان، بمعنى أني نفيت حولي وقوتي وجعلت الله سبحانه وتعالى وكيلي لأنه أحكم الحاكمين ، ولأنه ملك الملوك، ولأنه رب العالمين ، ولأنه أعلم وأعلى من كل أحد ، وهو الذي يعرف الحقيقة كاملة والغيب كاملاً.
ولذلك عندما نواجه أزمة من الأزمات أو مشكلة من المشكلات، وقد نكون قد قومناها تقويمًا خطأ ، وقد نكون قد أسأنا الفهم ، وقد نكون قد ظلمنا أحدًا من الناس ، وظننت فيه السوء، وكل ذلك الله منزه عنه لأنه هو الحكيم والعليم والعظيم فإنني أنسحب من هذه الأزمة و أوكل الله عز وجل فيها ، فالله هو وكيلي يدافع عني، ويأخذ حقي، فأتوكل عليه حق التوكل.
فعند البخاري من حديث ابن عباس رضي الله عنه، أنه قال : «حسبنا الله ونعم الوكيل»، قالها نبي الله إبراهيم عليه السلام حين ألقي في النار ، وقالها نبينا الأكرم محمد عليه الصلاة والسلام حين قالوا : «إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ » (آل عمران:173).

الوكيل عنا
ومن ثمّ فإنه من حق التوكل أن نجعله وكيلاً عنا، وهنا فإن الله سبحانه وتعالى إذا كان هذا الطرف الآخر قد ظلمته أو أسأت الظن به فإن الله سيجازيه خيرًا ويرفق به ، وإذا كان غير ذلك فله أن يعفو عنه ويعطيني أجرًا وثوابا وفتحا من عنده سبحانه وتعالى وهو الذي بيده ملكوت السماوات والأرض أو أنه سبحانه وتعالى يغفر هذه الظنون التي ظننتها ويسامحني لأنني قد سحبت حولي وقوتي من هذا النزاع والخصام وجعلت الله سبحانه وتعالى وكيلا عني فهو نعم الوكيل.

والله سبحانه وتعالى وكيل بمعنى موكِّل، وَكَّلنا بعبادته وبعمارة الأرض وتزكية النفس، وفي سنن الترمذي أن النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم قال : «كيف أنعم وصاحب القرن قد التقم القرن ، وحنى جبهته ، وأصغى السمع متى يؤمر ؟» قال : فسمع بذلك أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فشق عليهم ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : قولوا : «حسبنا الله ونعم الوكيل».