يوضح فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، أن القرآن الكريم لا يقتصر فى إغرائه الأزواج بامرأة واحدة بالتخويف من الظلم وعواقبه، وإنما يغريهم بأمر آخر هو كثرة العيال وما تؤدى إليه من الافتقار وضيق العيش فى حالة تعدد الزوجات: «ذلك أدنى ألا تعولوا»، وهذا ما ذهب إليه الإمام الشافعي، ومن قبله زيد بن أسلم فى تفسير قوله تعالى: «ألا تعولوا».. وقد انتهى بنا تفسير الآية الكريمة، ومن خلال المصادر الفقهية الأصيلة إلى أن هذه الآية وردت فى سياق حماية الضعيف والتحذير من ظلمه والاعتداء عليه، سواء كان الضعيف يتيمة أو زوجة ضحية تعدد ظالم، وأن ظلم الزوج الذى لا يعدل لا يقل إثما ولا جرما عن ظلم اليتيمة التى يظلمها وليها أو وصيها، فكلاهما من حصب جهنم ووقودها.
كما يتحدث شيخ الأزهر، فى برنامجه التليفزيونى، «حديث الإمام الطيب»، عن المشكلة الأخرى الملازمة لمشكلة: «فوضى التعدد» ألا وهي: مشكلة فوضى «الطلاق» وأثرها الأشد سوءا على الأسرة والأطفال..ويمكن تلخيص هذه المشكلة فى سؤال يقول: ما حكم الطلاق؟ هل هو الإباحة المطلقة؟ أو الإباحة بقيد الضرورة؟ إن الذى يستقرئ أحكام الشريعة الإسلامية، لا يخامره شك فى أن الشريعة تنحو منحى التضييق فى مسألة الطلاق،وأنها حين تلجأ إلى الطلاق كحل فإنما تلجأ إليه بحسبانه ضرورة من الضرورات ،وذلك حين يشكل الطلاق أخف الضررين وأهون الشرين.
فإذا أصبحت العشرة بين الزوج وزوجه من هذا النوع الذى لا يحتمل ولا يطاق، أو حتى مما يصعب احتماله، وهذه حالة لا تنضبط لاختلافها من زوج لآخر.. ومن زوجة لأخرى.. فمثلا هناك الزوجة التى لا تسمح لها كرامتها التى تكونت لديها خلال نشأتها وتربيتها وأسرتها – والتى لا تسمح لها أن ترى نفسها كما مهملا، ثم تعامل من زوجها كما تعامل قطعة الأثاث فى المنزل، وينظر زوجها إليها وإلى أولادها وكأنهم قدر فرض عليه، وتعيش حالة دائمة من الإرهاق النفسي.. مثل هذه الزوجة لا يمكن أن تفرض عليها أى شريعة من الشرائع حياة قاسية قد تؤدى بها إلى أمراض عصبية ونفسية لا طاقة لها بها.
ويضيف شيخ الأزهر، أن القرآن، يغرى الزوج بالحفاظ على عش الزوجية، وإمساك الزوجة وعدم اللجوء لتطليقها حتى وإن حدث ما يحمله على كره زوجته.. ونلاحظ أن الزوج هو الذى يتوجه إليه هذا الإغراء الإلهى فى حالة «الكره»؛ لأنه أقدر على ضبط شعوره السلبى وإخفائه وعلى المعاملة بالمعروف، ولم يتوجه شيء من هذا النداء إلى المرأة الكارهة، اللهم إلا فى النداء العام بفضيلة الصبر الموجه للرجل والمرأة فى كل أمور الحياة، وذلك فى قوله تعالى: «والصابرين والصابرات»، أما قوله تعالى: «وعاشروهن بالمعروف فإن كرهتموهن فعسى أن تكرهوا شيئا ويجعل الله فيه خيرا كثيرا»، فإن من أعجب ما قرأت فى تفسير معنى «المعروف» الذى أمر به الأزواج فى حسن معاشرتهن لزوجاتهم هو - فيما يقول المفسرون - ألا يعبس الزوج فى وجه زوجته بغير ذنب، وأن يكون منسابا طلقا فى القول، لا فظا ولا غليظا، وألا يظهر ميلا لغيرها.
لكم خالص تحياتى وتقديرى
و
رمضــان كريــم
الدكتـور علــــى