- دعاء المضطر
الدّعاء إضافة إلى أنّه عبادة، فهو وسيلة لبناء النّفس وتكاملها، ونافذة إلى النّجاة، وصلة الوصل بين العبد وخالقه، فعندما تسدّ جميع الأبواب والطّرق والأسباب الظّاهرية بوجه الإنسان، فإنَّ الله تعالى هو الوحيد الّذي يستطيع أن يفتحها ويقذف نور الأمل في قلب الإنسان، فإذا وصل الإنسان إلى مرحلة اليأس بحيث تقفل بوجهه السّتائر الظّاهرية، فإنَّ مسبّب الأسباب يفتح له أبواب الرّحمة الإلهيّة ويريه ساحل النّجاة، خصوصًا إذا ما دعاه العبد بقلب طاهر ونيّة خالصة.
يقول تعالى: ﴿ أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الأَرْضِ أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ قَلِيلاً مَّا تَذَكَّرُونَ ﴾ [292] .
إذا وصلت البشريّة إلى حالة الاضطرار، وجمعت لها شروط الاستجابة، فإنَّ المولى تعالى يجيبها، والاضطرار له أبعاد وتجلّيات عديدة من أهمّها: عندما تصل البشريّة إلى حالة من السّوء ينعدم فيها الأمن والعدل والمساواة الاجتماعيّة، ويعمّ الفساد والظلم والقهر، عند ذلك لا بدّ من منجي للبشريّة يخلّصها من كلّ الموبقات والفساد والظّلم وينشر راية العدل والمساواة والمحبّة بين جميع البشر، وهذا الأمر لا يتحقّق إلاّ على يد وليّ من أولياء الله ذخره الله تعالى لمثل هذه الحالة.
ورد في كثير من الرّوايات والتّفاسير أنَّ الإمام المهديّ (عجّل الله تعالى فرجه الشّريف) هو المضطر في كتاب الله تعالى.
قال أبو جعفر (عليه السّلام): والله لكأنّي أنظر إلى القائم وقد استند ظهره إلى الحجر، ثمّ ينشد حقّه إلى أن قال: هو والله المضطر في كتاب الله في قوله: ﴿ أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الأَرْضِ ﴾ فيكون أوّل من يبايعه جبرائيل (عليه السّلام) ثمّ الثّلاثمائة والثّلاثة عشر رجل [293] .
وعن الإمام الصّادق (عليه السّلام): « نزلت في القائم من آل محمّد (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، هو والله المضطر إذا صلّى في المقام ركعتَيْن ودعا إلى الله عزّ وجلّ فأجابه ويكشف السّوء ويجعله خليفة في الأرض » [294] .
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|