كل شيء يَمُر

كل شيء يَمُر..

لحظات التعب تمضي ، لحظات الفرح تمضي ، ولحظات الحزن تمضي..
كل شيء يَمُر. شئنا أم أبينا ، سواء تحركنا معه أو جلسنا نشاهده ونلوِّح له من بعيد..
سواء مر فوقنا أو عبرنا أو من خلالنا ، كل شيء يَمُر..

كل شيء يَمُر، ويبقى أثره..
كل شيء يَمُر ولا يبقى سوى بضع آثار هي ما تُشكِّلنا ، هي ما تصنعنا ، هي نحن..
آثار ترحل مسبباتها مع الأيام وتضيع في زخم الأحداث وأحيانًا تتحلل مع رتابتها وننساها ويظل الأثر وحيدًا محفورًا وباقيًا..

تلك الكلمات التي آلمتنا وأقلقت مضجعنا ، نسينا بعضها وبقى أثره ، والبعض الآخر الذي نجا واستطاع البقاء حيًا في أذهاننا على مر الأيام ، سكن ألمه وتاه أثره في الزحام..

تلك الأيام التي ظنناها لن تمر أبدًا ، مرت..
تلك اللحظات التي ظنناها نهاية الدنيا ، لم تنتهي الدنيا عندها..
ذلك الكتاب الذي انغمسنا فيه وظننا أننا لن تستطيع التعافي من أثره أبدًا وكيف سنكمل حياتنا بعد أن ينتهي .. ذلك المسلسل ذو العدد الذي ظنناه لا نهائيًا من الحلقات ، التي اندمجنا معها بشده وأصبح أبطالها جزء من أيامنا ..
انتهوا جميعهم وكل ما بقى هو بضع ذكريات وومضات وبضع آثار ، آثار ليست واضحة جلية ، بل اندمجت في وسط كل المؤثرات الأخرى وأصبحت جزء منهم وجزء منا.. آثار مجردة ، لا نستطيع تمييزها من بعضها البعض .. لا نستطيع أن نشاور على إحداهم ونجزم قائلين "هذا الآثر من هذا الشيء" ، ف هي آثار ممتزجة ذابت معًا في بحر واحد..

فنحن مزيج من كل شيء أحببناه وقاربناه ولامس روحنا .. من كل شيء آلمنا ..
من كل وجع وكل خوف وكل حب وكل فرحة وكل كلمة.. من كل شيء لمسنا بصدق ..
من كل شيء نجح في النفاذ بداخل خلايانا..
نحن نتاج كل ما رأينا وسمعنا وقرأنا وكتبنا..
كل ما مررنا به وكل ما مر بنا ..
نحن كل ما لامس روحنا..

ف لن يبقى من كل هذا سوى تلك المشاعر التي نجحت في أن تشق طريقها داخل أنفاق أرواحنا ..
لن يبقى سوى آثار لأيام شكَّلتنا ونحتتنا ..
لن يبقى سوى بعض التفاصيل ، وبعض المشاعر ، وذواتنا الناتجة من رحم كل هذا.