فلورنس نايتنجيل، البريطانية الملهمة، رائدة التمريض الحديث

فلورنس نايتنجيل، البريطانية الملهمة، رائدة التمريض الحديث من دون منازع، اسم خلّده التاريخ، لإسهاماتها الكبيرة في تطوير مهنة التمريض في القرن التاسع عشر، والقرن العشرين، عرفت بجولاتها الليلية لمساعدة الجرحى، فتأسست صورتها في الأذهان «السيدة ذات المصباح».. قامت بتأسيس أول مدرسة مهنية للتمريض في العالم، ومقرها الأول كان بمستشفى سانت توماس بلندن، وذلك في عام 1860، وهو الاسم القديم للمدرسة التي تعرف اليوم باسم «مدرسة نايتنجيل للتمريض والقِبالة» في كينجز، كان لها دور كبير في معالجة المرضى، الإشراف على متابعة أوضاعهم الصحية، وهو الدور الذي برز إبان حرب القرم، بمشفى الثكنات في سكوتاري، حيث وضعت نظاماً لتحسين المرافق الصحية، وهو النظام المتكامل للرعاية الصحية الذي ما زال معمولاً به حتى اليوم.
وُلدت في فلورنسا / إيطاليا في 12 مايو عام 1820. وهي تنحدر من عائلة ثرية، شاركت في حرب القرم مع فريق من الممرضات، فعملن على تحسين الظروف غير الصحية في أحد المستشفيات البريطانية، مما قلل بشكل كبير من عدد الوفيات. قوبلت كتاباتها حول إصلاح الرعاية الصحية بانتباه شديد في جميع أنحاء العالم، وفي عام 1860 أسست مستشفى «سانت توماس» و«مدرسة نايتنجيل» لتدريب الممرضات. ماتت في 13 أغسطس 1910 في لندن، بعد أن طغت شهرتها كإحدى الرائدات البطلات في زمنها.
انحدرت من عائلة من التجار من دوائر النخبة البريطانية، وعلى عكس النظم الاجتماعية في زمنها، التي تضع المرأة في دائرة الزواج وتكوين الأسرة، ولكونها تتمتع بإرادة قوية، خالفت السائد، وارتأت امتهان التمريض، الذي أرخ فيما بعد لرائدة وأسطورة في هذا المجال.

منذ صغرها، كانت ناشطة في الأعمال الخيرية، فخدمت المرضى والفقراء في القرية المجاورة لممتلكات عائلتها. في النهاية توصلت إلى أن التمريض هو مصيرها، بناء على دعوة إلهية حلمت بها.
في عصر «الحقبة الفيكتورية»، الذي عاشت فيه، لم يكن لدى النساء البريطانيات أي حقوق، وكان من المتوقع أن تتزوج رجلاً من مكانتها الاجتماعية، يضمن لها مكانتها في الصف الأول، لكنها فضلت اختيار مهنة كانت تنظر إليها طبقتها على أنه مهنة متواضعة.
في عام 1849، رفضت نايتنجيل اقتراح زواج من رجل نبيل، هو ريتشارد مونكتون ميلنيس، الذي ألحّ على الزواج منها لسنوات. أوضحت سبب رفضها قائلة إنه بينما كان يحفزها فكريًا ورومانسيًا، فإن طبيعتها «الأخلاقية... النشطة» تدعو إلى شيء يتجاوز الحياة المنزلية. وعقدت العزم على متابعة مشوارها رغم معارضة الأهل، وفي نهاية المطاف التحقت كطالبة تمريض في عام 1850 و51 بمعهد معهد البروتستانت، في كايزرسويرث/ ألمانيا.
في عام 1854 غادرت إلى شبه جزيرة القرم مع 38 ممرضة وأختاً. كان من أهم إنجازاتها هناك، عملها على تنظيم مستشفى الثكنات في سكوتاري، وإدخال عنصر الانضباط بين الممرضات، وتحسين المرافق الصحية. أصبحت في ما بعد معروفة باسم «سيدة المصباح».. في إشارة بارزة لزياراتها المتكررة للمرضى في الليل وهي حاملة مصباح إنارة تتفقد المرضى وتشرف على متابعة حالتهم الصحية.
مدرسة تمريض جديدة
في عام 1855، وفي بادرة ترمز إلى الامتنان واحترام مجهوداتها، تم إنشاء صندوق فلورنس للترعات الخاصة، تم جمع 45000 جنيه إسترليني بحلول عام 1859، ووضعت تحت تصرف نايتنجيل، وقد استخدمت جزءًا كبيرًا من هذه الأموال لإنشاء مدرسة نايتنجيل للتمريض في مستشفى سانت توماس في لندن، والذي افتتح في عام 1860. وأضفت المدرسة الطابع الرسمي على تعليم التمريض المدني، مما جعل التمريض خيارًا قابلاً للتطبيق ويحترم رغبة النساء اللائي يرغبن في العمل خارج البيت. وقد اتخذ هذا النموذج في جميع أنحاء العالم من قبل الأمهات (المشرفات على مؤسسات الصحة العامة). ولا تزال النماذج الإحصائية والاقتراحات التي طورتها نايتنجيل مثل مخطط «كوكسكومب» لتقييم معدل الوفيات والمفاهيم الأساسية المتعلقة بالتمريض قابلة لتمريض اليوم.
ولهذه الأسباب تعتبر فلورنس نايتنجيل الفيلسوفة المؤسس للتمريض الحديث.
حاملة المصباح
كانت فلورنس نايتنجيل أسطورة في حياتها، وواحدة من أشهر النساء في التاريخ البريطاني. وضع عملها في شبه جزيرة القرم معايير التمريض الحديث، حتى نهاية حياتها، واصلت حملتها لتحسين الظروف الصحية في المستشفيات العسكرية والمدنية، حصلت فلورنس على لقب «السيدة ذات المصباح» خلال عملها في سكوتاري، ذكرت «التايمز» أنها في الليل كانت تسير بين الأسرّة، لتفقّد الجرحى وهي تحمل مصباحاً في يدها.
استولت صورة «السيدة ذات المصباح» على خيال الجمهور، وسرعان ما أصبحت فلورنس نايتنجيل من المشاهير، كان هنري وادسورث لونجفيلو، أحد المبدعين، الذي خلدها في قصيدته «سانتا فيلومينا».
حسنت فلورنس والممرضات بشكل كبير راحة المرضى في سكوتاري، وبحلول فبراير 1855، ارتفع معدل الوفيات في المستشفى إلى 42 في المئة. أخطأت فلورنس في اعتبار سوء التغذية هو السبب في ارتفاع عدد الوفيات، وليس بسبب سوء الصرف الصحي.. كان المبنى الذي يقع فيه المشفى مقاماً دون تهوية على رأس مداخل المجاري التالفة، لم ينخفض معدل الوفيات إلاّ بعد قيام لجنة الصرف الصحي بإصلاح وتحسين مداخل التهوية.
سكوتاري 1856
رداً على روايات الصحف عن معاناة الجنود في حرب القرم (1854-1856)، استجابت فلورنس لنداء الحكومة للممرضات. تم تعيينها المشرفة على الممرضات في المستشفيات التابعة لبريطانيا، وفي 21 أكتوبر 1854، غادرت وفريقها من الممرضات لندن، فعبرن القناة، وسافرن عبر فرنسا إلى مرسيليا. من هناك أبحرن إلى القسطنطينية (إسطنبول الآن)، ووصلن في 3 نوفمبر.
في سكوتاري، بالقرب من القسطنطينية، كانت الظروف مزرية. كان المستشفى في حالة يرثى لها مليء بالقذارة، ويفتقر إلى المعدات الأساسية، وأية شروط وأحكام تضبط معايير المستشفيات، انشغل الطاقم الطبي حتى رأسه بمعالجة العدد الكبير من الجنود الذين يتم شحنهم عبر البحر الأسود من الحرب في شبه جزيرة القرم. أكثر هؤلاء المرضى كانوا يعانون المرض، أكثر مما هو بسبب جروح المعارك.
كتب
«ملاحظات حول المشافي».. جاء في الكتاب: عبرت مؤسسة التمريض الحديث عن أفكارها الثورية حول إصلاح المستشفيات في هاتين المقالتين، اللتين نشرتا في عام 1859 وقدمت في العام السابق في مؤتمر العلوم الاجتماعية. خلال حرب القرم، حققت فلورنس نايتنجيل شهرة باسم حاملة المصباح، المشرفة الدؤوبة التي لا تكلّ في رعايتها للجنود الجرحى. بعد ذلك، كانت هناك إبداعاتها في أوروبا وإصرارها على مساعدة الجيش على تحسين الرعاية في المستشفى. كان لهذه الخلاصة التي توصلت إليه نتائجها ومقترحاتها تأثير عميق على المجتمع الطبي.
على الرغم من التقدم الذي أحرزته نايتنجيل في المعرفة الطبية في عصرها، لا يزال أسلوبها المنطقي يشكل أساسًا قويًا للتمريض. في هذه المقالات، تعبر عن أهمية النظافة - الهواء النقي والماء، والنظافة، والصرف الصحي المناسب، والإضاءة الكافية - بالإضافة إلى الاهتمام المستمر بمشاعر المرضى. أثرت قدرة نايتنجيل في التعبير عن أفكارها على الزمن الذي عاشت فيه، ولا تزال تؤثر في القراء المعاصرين. يفيد هذا المجلد كل طالبي علم التمريض، بما فيه من معلومات وتجربة وملاحظات فيصلب عملية التمريض وأصولها.
«الرسائل»... كواحدة من أشهر النساء في القرن التاسع عشر، عكست فلورنس نايتنجيل تحولات عصرها والصراعات والتناقضات التي حلت بالنساء الرائدات في ذلك العصر. وبالتالي، يجب أن تثبت هذه المجموعة المهمة - التي تم اختيارها من بين أكثر من 10000 من رسائلها - أنها ذات قيمة هائلة للطلاب والعلماء. وهي تمثل مجموعة كاملة من اهتماماتها وتكشف عن طبيعتها المعقدة: صراعات عائلتها، وتناقضها تجاه الحركة النسائية، وآرائها حول العلاقات بين الجنسين. تتعزز فائدة مجلد الرسائل هذا من خلال تقديم سيرة ذاتية عامة، ومقدمات مركزة لكل فترة زمنية عاشتها.
نايتنجيل وحرب القرم
بتفويض من سيدني هربرت، وزير الحرب في عام 1854، أحضرت فلورنس نايتنجيل فريقًا من 38 ممرضة متطوعة لرعاية الجنود البريطانيين الذين يقاتلون في حرب القرم، والتي كانت تهدف إلى الحد من التوسع الروسي في أوروبا. وعندما وصلت نايتنجيل والممرضات إلى المستشفى العسكري في سكوتاري، وجدن الجنود المصابين، وكثيراً منهم ماتوا وسط ظروف صحية مروعة. كان نحو عشرة جنود قد ماتوا بأمراض مثل التيفوئيد والكوليرا والدوسنتاريا.
«رسائل من مصر».. هو منشور فلورنس الوحيد الذي لا يهتم بالتمريض. تكشف الرسائل عن شابّة حيوية وعاطفية، تصف آفاق رحلتها عبر النيل، وهي موجهة إلى أسرتها وأصدقائها، وتقدم من خلالها رؤية غير عادية لمصر في عام 1849. حررت الرسائل من قبل شقيقتها في عام 1854، أعدت للنشر لاحقاً من قبل أنتوني ساتين، وهي مصحوبة بمجموعة غنية من الرسائل التي تقدم نظرة انطباعية وغير رسمية لنايتنجيل البالغة من العمر 29 عامًا، حيث لم تحدد بعد مهمتها في الحياة - كانت الدعوة الإلهية قبل 12 عامًا غير محددة الملامح بالنسبة لها، دفعها ذكاؤها وطموحها إلى اكتشاف هذا الجانب الروحي، وفي خلال ثلاثة أشهر، سجلت ملاحظاتها عبر النيل، في مصر القديمة، التي وصفتها ب «أرض المعابد» بطبيعة الحال وصفت أحوال الناس الصعبة، ومن بين ما سجلته مشاهدتها ل «رؤية قارب العبيد الإثيوبي» ودرجة الحرارة اللاهبة، وغابات النخيل والألوان الأرجوانية، والهندسة مغربية الطراز المعماري، ومعابد الكرنك التي توقفت عندها كثيراً، تقول «لم أفهم الكتاب المقدس حتى أتيت إلى مصر».
كتبت لويز سيلاندرز تحت عنوان (تراثها والعودة للوطن): رغم أن العارفين يتذكرون فلورنس نايتنجيل في المقام الأول بسبب إسهاماتها خلال حرب القرم، فإن أعظم إنجازاتها ركزت على محاولات إيجاد إصلاح اجتماعي في مجال الرعاية الصحية والتمريض. عند عودتها إلى إنجلترا، عانت نايتنجيل من آثار كل من داء البروسيلات والإرهاق. في سبتمبر عام 1856، التقت الملكة فيكتوريا والأمير ألبرت لمناقشة الحاجة إلى إصلاح المؤسسة العسكرية البريطانية. احتفظت نايتنجيل بسجلات دقيقة فيما يتعلق بإدارة مستشفى باراك، وأسباب المرض والموت، وكفاءة طاقم التمريض والطب، وصعوبات النقل. أُنشئت اللجنة الملكية، استناداً إلى نتائج البيانات الإحصائية والتحليلات التي قدمتها شركة نايتنجيل. وكانت النتيجة إصلاحاً ملحوظاً في الأنظمة الطبية والتموينية.
بيانات وإحصاءات
كانت نايتنجيل مبدعة في عرض البيانات الإحصائية من خلال الرسوم البيانية. في عام 1858، ابتكرت نموذجاً إحصائياً وأطلقت عليه اسم الرسوم البيانية للمناطق والذي يتبع طبيعة المنطقة وتدرجها في مؤشر الرعاية الصحية من عدمه، وقامت بتحسين صحة الأسر من خلال منشورها الأكثر شهرة، «ملاحظات حول التمريض»: والذي وفّر دليلاً مهماً حول كيفية الاعتناء بالمرضى. تم نشر هذا المجلد تباعاً في جميع أنحاء العالم منذ عام 1859. وتم تمويل إصلاحات إضافية من خلال صندوقها، وأنشأت مدرسة لتعليم القابلات في مستشفى «كينجز كوليدج» في عام 1862، كما أقامت نظاماً تدريبياً يصلح لتطبيقه في المناطق المختلفة، وكان يهدف إلى تحسين صحة الفقراء والضعفاء، فحصت اللجنة الملكية البريطانية مؤشر الصحة في الهند، مما أدى إلى إصلاح بيئي كبير، ومرة أخرى بناءً على البيانات الإحصائية ل نايتنجيل.
تكريم
تم تكريم فلورنس نايتنجيل في حياتها من خلال حصولها على لقب سيدة النعمة من وسام القديس يوحنا في القدس وأصبحت أول امرأة تحصل على وسام الاستحقاق. عند وفاتها في عام 1910، بناء على طلب مسبق منها، رفضت عائلتها عرض جنازة الدولة ودفنها في دير وستمنستر. بدلاً من ذلك، تم تكريمها بإقامة مراسم تذكارية في كاتدرائية القديس بولس في لندن. وتم دفنها في مراسم عائلية في كنيسة مارجريت، إيست ويلو، هامبشاير.

سلمت أناملك على الطرح المميّز
ويعطيك العافية على المجهود المبذول
ما ننحرم من فيض عطائك وإبداعك
لك تحياتي وفائق شكري
ولك كل الود

طرح جميل
يعطيك العافيه

سلمت اناملك على
ماجادت به من روعة بالطرح
دام لنا ابداعك بأرقى حالاته
بأنتظار عطائك القادم

_



سلمت الأيادي ..
ويعطيك العافية لـ جمال الآنتقاء
لروحك جنائن الورد .

سَلمِتَ الأُكِفَ بطُرحَكّ المُترفَ
شُكْرًا لِهَذَا اَلْإِمْتَاعِ بِالأخُتِيآرَ
دُمْتَ بِعَطَاء مُسْتَمَدٍّ . . .