قصة حادثة يوم العقبة
حادثة يوم العقبة
على الرغم من كون النبي محمد قد تعرّض للعديد من محاولات القتل والاغتيال على مدار سنوات حياته التي تعدّت الستين عاماً، فإن محاولة اغتياله في العقبة في العام التاسع من الهجرة تبقى إحدى أهم تلك المحاولات وأكثرها جدلاً على الإطلاق.
السمة المميزة لمؤامرة العقبة أنها جرت من قِبل مجموعة من الصحابة المصاحبين للرسول في غزوة تبوك، وهو الأمر الذي أثار الكثير من التساؤلات في ما بعد حول مسألة عدالة الصحابة، وحول سبب تغيّر موازين القوى السياسية في المدينة في الفترة الأخيرة من حياة الرسول، وهي المسائل التي سيهتم بها العقل المذهبي السنّي والشيعي، وسيعمل العلماء من المذهبين على تأويل الحادثة بما يتوافق مع مبانيهم المذهبية والأصولية.
وردت قصة مؤامرة العقبة في العديد من المصادر التاريخية الإسلامية، ومنها على سبيل المثال مسند أحمد بن حنبل (ت. 241هـ)، وصحيح مسلم بن الحجاج (ت. 261هـ)، وتاريخ الرسل والملوك لابن جرير الطبري (ت. 311هـ)، والكامل في التاريخ لابن الأثير (ت. 630هـ).
بحسب ما ورد في تلك المصادر، خرج الرسول لقتال الروم وحلفائهم من القبائل العربية الساكنة في شمال شبه الجزيرة العربية في غزوة تبوك في العام التاسع من الهجرة، حاشداً جيشاً ضخماً وصل تعداده إلى ما يقترب من الثلاثين ألف مقاتل، ولمّا وصل إلى تبوك، وجد أن جيش الروم وحلفائهم قد تفرّق ولم يثبت لقتال المسلمين، فرجع بمَن معه إلى المدينة، بعدما وسّع نفوذه بين تلك القبائل وأمن شرها.
تتحدث المصادر عن أن المسلمين لمّا وصلوا إلى مكان يُسمّى بالعقبة، وهو على طريق تبوك-المدينة، وجدوا أن أمامهم وادياً واسعاً، وبجواره ممر جبلي ضيّق لا يتسع إلا لعدد قليل من المارّين، ولهذا أمرهم الرسول جميعاً بالمرور من الوادي، بينما اتّخذ هو طريق العقبة، واصطحب معه كل من حذيفة بن اليمان وعمار بن ياسر.
بحسب المصادر، أرسل الرسول من قبله منادياً نادى في الجيش "إن رسول الله يريد أن يسلك العقبة فلا يسلكها أحد واسلكوا بطن الوادي فإنه أسهل لكم وأوسع، فسلك الناس بطن الوادي وسلك رسول الله العقبة". وأثناء مرور الرسول بالعقبة، اجتمع 12 رجلاً من أفراد الجيش، واتفقوا مع بعضهم البعض على قتل الرسول وهم ملثمين، وذلك من خلال صعود العقبة ورمي بعض الأحجار على دابته حتى تنفر وتسقط من فوق الجبل.
تتفق المصادر على أن جبريل أخبر الرسول بتفاصيل تلك المؤامرة، وأنه لما اقترب هؤلاء المتآمرون من دابة الرسول، بادر حذيفة بن اليمان بضرب دوابهم بعصاه، فهربوا بسرعة وقد خافوا من انكشاف أمرهم.
وتُستكمل القصة بأن الرسول أخبر حذيفة بأسماء هؤلاء الرجال، وبأنهم من المنافقين الذين يُظهرون الإسلام ويبطنون الكفر، فلما سأله حذيفة عن سبب عدم قتلهم، رد عليه الرسول: "أكره أن يتحدث الناس ويقولوا إنّ محمداً وضع يده في أصحابه".
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|