تتضح حكمة الصحابي سليط بن قيس بشكل جلي في موقعة الجسر والتي وقعت في العام الثالث عشر من الهجرة النبوية الشريفة، حيث أن أبا عبيد الثقفي قد أراد أن يعبر الجسر بجيش المسلمين بهدف لقاء العدو بعد أن أقسم بأن يقطع عليهم نهر الفرات الذي كان بينه وبين جيش العدو، وهذا بعد أن قام جيش العجم بإرسال رسول لهم ويدعى رستم، وقال لهم إما أن تعبروا إلينا أو نقوم نحن بالعبور إليكم، ولكن أبا عبيد الثقفي من شدة شجاعته أراد أن يقوم هو بالعبور لملاقاتهم، ولكن سليط بن قيس خاف على المسلمين وقال لأبا عبيد أناشدك الله ألا تفعل فإن العرب تحارب كرا وفر، يعني أن الجسر مكان ضيق ولا يصلح للقتال خاصة أن الجيشان كبيران، ولكن أبا عبيد ظن أن سليط قد خاف من ملاقاته للعدو، واتهمه بالجبن.
ولكن سليط أجابه بأنه لم يخف ولم يصبه الجبن، ولكنه مجرد رأي ورؤيا واضحة لما قد يصيب جيش المسلمين، وإنه إن أراد أخذ برأيه أو لا، وتركه لينفذ ما يريد، وبالطبع نفذ الصحابي أبا عبيد الثقفي ما كان ينوي، وقام بعبور الجسر بالجيش الذي كان عدده تسعة آلاف مقاتل، وكانت النتيجة أن خسر جيش المسلمين في تلك المعركة أربعة آلاف مقاتل، وتحققت مخاوف سليط، والذي ثبت وقاتل حتى أخر ن في دمه، أمام جيش العجم الذي كانت أفيلته الضخمة تخيف خيل جيش المسلمين، حتى استشهد داخل المعركة.
وكذلك استشهد القائد أبا عبيد الثقفي، رضي الله عنهما، وكانت تلك هي المرة الأولى التي ينتصر فيها جيش العجم على المسلمين، ورغم الخسارة الفادحة التي أصابت المسلمين في تلك الواقعة، إلا أنها تدل على شجاعة صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، الذين لم يفكروا يومً سوى في رفع راية الإسلام مهما كلفهم الأمر.