الصيام فرصة ذهبية للتحكم في الضغط والدهون الثلاثية والكوليسترول والإقلاع عن التدخين، لكن الذي نراه في كل رمضان أن الدهون ترتفع عند مرضى عيادة القلب، والسبب ليس الصوم، وإنما النمط الغذائي الذي تعوده بعضنا من الإكثار من الدهون والسكريات في رمضان، وقلة الحركة، وكثرة النوم خلال النهار، فيؤدي ذلك إلى ارتفاع السكر والدهون الثلاثية، وازدياد الوزن خلال الشهر الفضيل، ولذلك يُنصَح كل مريض من مرضى القلب قبل دخول الشهر الكريم بأن يناقش مع طبيبه: هل يستطيع الصيام أم لا؟ لأن آباءنا وأمهاتنا كبار في السن، ويعلمون أنهم مقبلون على ربهم، ويريد كل منهم أن يعطي أفضل ما عنده في آخر أيامه طمعا فيما عند الله، لكنه ينسى أو يتناسى خطورة إهمال صحة الأبدان، وأن الصيام فيه مشقة وجهد بدني لا يستطيعه كل شخص، ولذلك أوضح الشارع رخص الإفطار في نهار رمضان، وأن الله سبحانه يحب أن تؤتى رخصه كما تؤتى عزائمه، وأنه سبحانه ما جعل علينا في الدين من حرج، فإذا كان الله سبحانه قد أباح الفطر للمسافر الصحيح، فمن باب أولى كبير السن المصاب بمرض في القلب. فالغالبية العظمى من مرضى القلب يستطيعون الصيام (نحو 90 في المئة منهم)، لكن هناك فئات من مرضى القلب لا ينصحون بالصوم في نهار رمضان، وهم:
أصحاب المرحلتين الثالثة والرابعة من فشل القلب، حيث يعاني المريض ضيق التنفس وهو على فراشه أو عند الذهاب إلى دورة المياه، مع انتفاخ في الأرجل وتجمع السوائل في الرئتين، وأصحاب المرحلتين الثالثة والرابعة من آلام شرايين القلب، حيث يشعر المريض بالألم عند أدنى حركة، ويحتاج إلى الدواء بصفة مستمرة، ومن لديه ضغط غير متحكم فيه، ومن لديه جلطة قلبية خلال ثلاثة أسابيع من حدوثها، ومن لديه ضغط شرياني رئوي شديد غير متحكم فيه.. وهناك أيضا بعض حالات مرض القلب أو الضغط الشديد، الذين يستخدمون الأدوية على مدار الساعة، فإن الصيام قد يؤدي بهم إلى الهلاك ودخول المستشفى؛ بسبب نقص الأملاح أو تجمع السوائل في الجسم، ولذلك فإن المتبع في مثل هذه الحالات أن ننصحهم بعدم الصوم ولا القضاء؛ بسبب طبيعة المرض (مثل فشل القلب)، وإنما يطعم عن كل يوم مسكينا من سائر قوت البلد في ذلك الزمان، وقد قال والدنا الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله «لكن إذا كان المريض لا يرجى برؤه بشهادة الأطباء الثقات، فلا يلزمه الصوم ولا القضاء، وعليه أن يطعم مسكيناً عن كل يوم، وهو نصف صاع بالصاع النبوي من قوت البلد ومقداره كيلو ونصف تقريباً، وهكذا الشيخ الكبير والعجوز الكبيرة اللذان لا يستطيعان الصوم، يطعمان عن كل يوم نصف صاع من قوت البلد، ولا صوم عليهما ولا قضاء.. ويجوز دفع الكفارة عن جميع رمضان دفعة واحدة