صليت في مسجد وصلّى بجانبي طفلٌ لطيف، بعد التسليمة الثانية سَلَّم عليّ مبتسمًا وقال :
"دعوتُ لك" بقيتُ بين انتفاضة دواخلي من وقع الكلمة وبين مبسمه الجذّاب، وأخرجني من ذهول الجَمال حينَ أخرج من جيبه حبّة -حلوى- صغيرة، وأهداني إياها قائلًا
بعد سؤاله عن السبب*
أمّي رقيّة علّمتني!! *
احتضنته باكياً متأثرًا
• طفلٌ في مسجد، يُصلّي بلا لعب
*• يُسلّم على من بجانبه ويبتسم *
• يدعو له في سجوده ويخبره
*• يُهديه حبّة حلوى *
*صناعة القادة ليست وليدة لحظة، ما أعظم هذا!! *
*لم تنتهِ القصّة هنا، وضعتُ النيّة أن أبدأ مثله، أدعو لكل من يصلّي على يميني، أسلّم عليه وأحادثه بلُطف، ثمّ أمضي... *
اليوم بينَ يديّ دفترٌ مذكرات كامل، فيه كل ردّات الفعل التي واجهتها بعد كل صلاة، كلّ كلمةٍ -تقريبًا- سمعتها من قلبِ من صلّى على يميني، كلّ لحظةٍ استشعرتُ أنّ صغائر الأمور تبني عظائم الأجور.
أمس بعد المغرب ..
أُسلّم على شابٍ أسمَر الوجه أبيض القلب، قادمٍ من "غانا" *
عربيّته ثقيلة بعكس قلبه الرقيق، طبّقتُ الأمر معه، أخبرته أنّي دعوتُ له، ابتَسَمَ جدًا ثم رَبَتَ على كتفي يشكرني ثمّ صَمَتَ على حين غرّة
ثم بكى بهدوء.. *
وقال الحمد لله أنّ الدّعاء حديثُ الصّامتين وهديّةُ المتحابّين، وإنّي أُحبّك في الله.. شَدّ في سلامه على يدي و ذهب.
*- وقتها أيقنتُ أن الله يُيَسِّر قلوبًا تحِن، لقلوبٍ تئن، حتّى تبني دواخلها بالدّعاء، والدّعاء قُربٌ خفيّ وحُبٌّ رَضِيّ، وسّلامُ القلبَ أرجى منَ يدٍ فارغة، واحتضانُ صدرٍ أنّ، يُكمل مشهدًا يُحييك. *
وأنا مذهولٌ جدًا بلُطف الله، بتدبيره المُدهش، كيفَ باحتضانِ قلبٍ هُنا، وَصَلَ الأجرُ لأُمّ الطِّفلِ رقية هناك.*
أدخل الحياة وأنت خارج من البيت وأدخلها وأنت داخل على عملك وكذلك عندما تركب سيارتك أحسس عامل النظافة أنك عالمه وأهله
# دخلت مشفى جامعة الملك
عبد العزيز بجدة لأعود قريب لي وفِي نفس المشوار قرعت غرفة مريض لا أعرفه سوداني سألته ما أدخلك قال: قطعت رجلي من السكر .
سلمت عليه وصافحته بقوة وبوجه طلق وقلت له :
لعلها سبقتك إلى الجنة .. كيفك الآن قال ممتاز وجلست بجواره
معي مسبحة أهديته إياها وجلست بجواره أدردش معه
وأخرجته إلى عالم الحياة
قال هل تعرفني :
قلت : الله وعدنا ان من زار مريضاً فله خريف من الجنة ويستغفر له سبعون ألف ملك. فأتيت إليك حاثاً الخطى .
# وعندما كنت أودعه قال لي أهلي في السودان والوحيد الذي زارني أنت.
ودعته بحرارة ودموع الفرح
تنحدر على وجنتيه
أدركتُ وقتها قول الله عز وجل:
إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا
علمني طفل كيف أمنح الحياة لذرات تائهة في الكون