إعلان جبل الصفا

لما تكونت جماعة من المؤمنين تقوم على الأخوة والتعاون، وتتحمل عبء تبليغ الرسالة وتمكينها مقامها نزل الوحي مكلفاً
رسول الله صلى الله عليه وسلم بإعلان الدعوة، ومجابهة الباطل بالحسنى .

يذكر فضيلة الشيخ صفي الرحمن المباركفوري في كتابه “الرحيق المختوم . . بحث في السيرة النبوية” أن أول ما نزل بهذا الصدد قوله
تعالى: “وأنذر عشيرتك الأقربين، واخفض جناحك لمن اتبعك من المؤمنين، فإن عصوك فقل إني بريء مما تعملون، وتوكل على العزيز
الرحيم، الذي يراك حين تقوم، وتقلبك في الساجدين”، (سورة الشعراء: الآيات من 214- 219) .

ويضيف الدكتور فاروق حمادة في كتابه “أيام في حياة الرسول”: “وبدأ رسول الله صلى الله عليه وسلم الدعوة في الأقربين أولاً لأنه كان
يخشى أن يتألب عليه قومه، فجمع بني عبد المطلب وهم أربعون رجلاً أو زهاؤها، وفيهم أعمامه أبو طالب، وحمزة والعباس
وأبو لهب عبد العُزى ، فقدم إليهم جفنة من طعام، وعُسا من لبن، ثم أخذ من الجفنة حُذية أي قطعة فشقها بأسنانه ثم رمى بها
نواحيها، وقال: “كلوا باسم الله” فأكلوا حتى نهلوا، ثم شربوا حتى نهلوا (أي شبعوا وارتووا) فلما أراد رسول الله صلى عليه وسلم
أن يتكلم بدره أبو لهب فقال : “ لقد سحركم صاحبكم”، فتفرقوا، ولم يتكلم النبي في ذلك المجلس .

ثم دعاهم ثانية وقال: “الحمد لله، أحمده وأستعينه، وأؤمن به، وأتوكل عليه . وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له” . ثم قال: “إن الرائد
لا يكذب أهله، والله الذي لا إله إلا هو، إني رسول الله إليكم خاصة وإلى الناس عامة، والله لتموتن كما تنامون، ولتبعثن كما تستيقظون،
ولتحاسبن بما تعملون، وإنها الجنة أبداً أو النار أبداً” .
فقام القوم يضحكون، واندفع أبو لهب وكان جاراً لصيقاً لرسول الله صلى الله عليه وسلم - في عداوته وإيذائه .



وقال أبو طالب: ما أحب إلينا معاونتك، وهؤلاء بنو أبيك مجتمعون، وإنما أنا أحدهم، فامض لما أمرت به، فوالله، لا أزال أحوطك
وأمنعك، غير أن نفسي لا تطاوعني على فراق دين عبد المطلب .

الصعود إلى الصفا

يقول فضيلة الشيخ صفي الرحمن المباركفوري في كتابه “الرحيق المختوم . . بحث في السيرة النبوية”، و”غداة اليوم التالي صعد
النبي صلى الله عليه وسلم جبل “الصفا”، وهو يطل على النادي الذي يجتمع فيه أعيان قريش وسادتها، ونادى بأعلى صوته:
”يا صباحاه” وكانت كلمة إنذار تخبر عن هجوم جيش أو وقوع أمر عظيم . . ثم جعل ينادي بطون قريش، ويدعوهم قبائل قبائل:
“يا بني فهر، يا بني عدي، يا بني عبد مناف، يا بني عبد المطلب، يا بني فلان . . الخ” .

فلما سمعوا قالوا: من هذا الذي يهتف؟ قالوا: محمد . فأسرع الناس إليه، ومن عجز عن الوصول إليه أرسل من ينوب عنه ليسمع
الأمر، فجاء أبو لهب وقريش، فلما أحدقوا به وهو يعلوهم على الصفا قال لهم: “الحمد لله، أحمده وأستعينه وأؤمن به وأتوكل
عليه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، إن الرائد لا يكذب أهله، والله لو كذبت الناس جميعاً ما كذبتكم، ولو غششت
الناس جميعاً ما غششتكم، ولو غررت الناس جميعاً ما غررتكم، أرأيتم لو أخبرتكم أن خيلاً وراء هذا الوادي تريد أن تُغير عليكم،
أكنتم تصدقونني؟” فقالوا جميعاً: ما جربنا عليك كذباً . قال: “فإني لكم نذير بين يدي عذاب شديد، والله إني لرسول الله إليكم
خاصة وإلى الناس كافة، والله لتموتن كما تنامون، ولتبعثن كما تستيقظون، ولتحاسبن بما تعملون، ولتجزون بالإحسان إحساناً
وبالسوء سوءاً، وإنها لجنة أبداً أو لنار أبداً، وأنكم لأول من أنذر، ومثلي ومثلكم كمثل رجل رأى العدو، فانطلق يربأ أهله، فخشي
أن يسبقوه، فجعل يهتف: يا صباحاه، يا معشر قريش، أنقذوا أنفسكم من النار . يا معشر بني كعب، أنقذوا أنفسكم من النار،
يا معشر بني هاشم، أنقذوا أنفسكم من النار، يا معشر بني عبد المطلب، أنقذوا أنفسكم من النار، يا فاطمة بنت محمد، أنقذي
نفسك من النار، يا صفية عمة رسول الله، أنقذي نفسك من النار، فإني والله لا أملك لكم من الله شيئاً إلا أن لكم رحماً سأبلها
ببلالها، وإني لا أملك لكم من الدنيا منفعة، ولا من الآخرة نصيباً إلا أن تقولوا: لا إله إلا الله . يا معشر قريش، أنا النذير،
والموت المغير، والساعة الموعد” . ولما تم هذا الإنذار انفض الناس وتفرقوا، ولم تصدر عنهم أي ردة فعل .

صوت الإسلام

ويضيف الكاتب محمد حسين هيكل في كتابه “حياة محمد”، و”اجتمع الملأ القرشيون لمناقشة هذا الإعلان وما جاء فيه،
وكرروا الاجتماعات واللقاءات وفكروا وقدروا وأقبلوا وأدبروا . كان لإعلان الصفا أثر عظيم، فقد بدأ صوت الإسلام يعلو
بعد أن كان خافتاً، وانشرحت به صدور الطيبين، وقلوب المظلومين والمقهورين والضعفاء والمضطهدين، فبدأوا يُقبلون عليه،
ويسرعون إلى لقاء رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأصبح دين محمد حديث المجالس والنوادي، ويسري في عقول كثيرين
وينفذ إلى شغاف قلوبهم .

وغداً يوم إعلان الصفا يوماً عظيما في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم، إنه يوم “الإسلام”، وأعظم به من يوم، فقد فتح
عهداً جديداً لدعوة الإسلام، وكان منعطفاً عظيماً في التاريخ، وإن لاقى النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه بعد هذا اليوم صنوفاً
من الأذى، ولكنهم أعلنوا الإسلام لمن يريد أن يعرفه أو يتطلع إليه، فامتد إشعاعه إلى القبائل والمدن والمضارب والخيام، وكان
هذا اليوم محل رعاية إلهية في القرآن الكريم، أكده رب العزة فقال جل ثناؤه: “فاصدع بما تؤمر وأعرض عن المشركين،
إنا كفيناك المستهزئين، الذين يجعلون مع الله إلها آخر فسوف يعلمون، ولقد نعلمُ أنك يضيقُ صدرُك بما يقُولُون، فسبح بحمد
ربك وكن من الساجدين، واعبد ربك حتى يأتيك اليقينُ” سورة الحجر، الآيات 94- 99 .

_







جزآك الله كل خير
بآرك الله فيك على الطَرح القيم و في ميزآن حسناتك ,,

_







جزآك الله كل خير
بآرك الله فيك على الطَرح القيم و في ميزآن حسناتك ,,

جزاك الله خير
وجعله فى ميزان حسناتك
وانار دربك بالايمان
ويعطيك العافيه على طرحك
دمت بحفظ الله ورعآيته

الله يجزاك كل خير على مجهودك...
ويجعل الأجر الاوفر بميزان حسناتك...

مُزْنٌ يَهْطُل وشَلآلٌ يَتَدَفَقْ
بَطِرُوحَآتِكْ الْرَآئِعَةْ الْجَمِيلَةَ
بِإخْتِيَآرْ يَفُوقْ الْوَصْفْ والْتَعْبِيِرْ
فَإلَى الأَمَآمْ بِإنْتِظآرِ جَدِيِدِكْ بِشَوقْ
وفَقِكْ الْلَه تَعَآلَى