ارتفاع معدلات الطلاق أصبح أمرا مقلقا للغاية وللأسف يكون ضحيته الأبناء، فمعظم الشباب يكون لديهم حماس شديد للزواج ويظنون أنهم مختلفون عمن سبقوهم، ودائما ما تتعالى الأصوات المطالبة بضرورة ان يكون الشاب والفتاة مؤهلين للزواج وخاصة من الناحية الصحية وليس
لمجرد الوصول إلى سن معينة أو استعداد مادى مناسب، والمشكلة أن أغلب هؤلاء يظنون انهم مؤهلون تماما للزواج, لكن فى الحقيقة هم غير
ذلك فلا يرتبط الأمر بسن معينة للزواج أو درجة استعداد مالى ولكن بالعقل المؤهل للزواج كما يقول د.محمد فكرى أستاذ الطب النفسى بجامعة عين شمس فالأمر مرتبط بالنضوج، وهو يكتسب بالخبرات التى يمر بها الإنسان، فكثيرا ما نرى شخصا قد بلغ الثلاثين ولم ينضج بعد على
عكس شخص آخر قد بلغ الرابعة والعشرين ولكنه شخص تحمل المسئولية منذ صغره، فنجد تصرفاته وقدراته الذهنية تؤهله للزواج فى سن مبكرة.
وقد نرى بنتا مدللة فى بيت أهلها، وهناك من يخدمها باستمرار وبالتالى فهى لم تتحمل المسئولية على الإطلاق فنجدها عندما تتزوج لا تستطيع تحمل مسئولية بيت وزوج وأولاد، ويزداد الأمر تعقيدا إذا سافرت بعد الزواج للخارج لذلك نرى علاقات كثيرة تفشل مبكرا بعد الزواج.
والتعامل مع شخص بالغ غير ناضج مسألة مرهقة ويخلق الكثير من المتاعب فى العلاقة الزوجية وعلميا تصل النساء الى مرحلة النضج العاطفى والنفسى قبل الرجال لاختلاف طبيعة كل منهما والشخص غير الناضج لا يعرف معنى الاستقلال والاعتماد على النفس واستمرار
الاهل فى دعمهم ليست مسألة جيدة على الاطلاق فهم بحاجة للاعتماد اكثر على الذات واكتساب المهارات الحياتية التى تصل بهم الى النضج وبالتالى إدراك معنى الزواج وتكوين صورة جيدة عن شكل العلاقات الصحية وأهمية الحفاظ عليها وينبغى الا نخلط بين النضج الجسدى والنضج النفسى والعاطفى فهما امرآن مختلفان كل الاختلاف.
والاستعداد للزواج يعنى الوصول الى درجة معينة من النضج ومن علاماته إدراك الشخص ان الحفاظ على العلاقات يحتاج الى جهد متساوى من الطرفين لكن الأشخاص البالغين غير الناضجين لا يدركون ذلك وهم عادة ما يعيشون فى وحدة وبلا مسئوليات ولا يستوعبون فكرة الالتزام
بشكل صحيح فيعجزون عن إظهار التعاطف مع الآخرين او فهم أولويات الطرف الآخر ويميلون للتعامل مثل الأطفال والنضج يعنى التحكم فى الذات وتحليل الأمور والسيطرة على الأفعال وإيجاد الحلول ومعرفة الذات والحدود والقدرات وتقبل الآخرين وعدم محاولة تغييرهم وعدم
المبالغة فى ردود الافعال وعدم التهرب من المسئوليات بالكذب والحجج والأعذار ولا يصل الجميع لمستوى من النضج فى سن معينة فالأمر متوقف على التجارب السابقة وقدرة كل شخص على التعامل معها وإدراك معناها والاستفادة منها
ويضيف أستاذ الطب النفسي: لابد أن نؤكد أن الأهل عليهم دورا كبيرا فى التربية لذلك يجب البعد عن التدليل المفرط لكل من الولد والبنت، وأخص بالذكر الولد لأننا فى مصر لدينا تربية ذكورية، فنجد أن اخواته البنات هم من يخدمونه ويحققن له كل ما يطلبه فعندما يتزوج يتصور أن زوجته ستكون مثل أمه وأخواته البنات وبالتالى يفاجأ بعكس ذلك مما ينتج عنه مشاكل تؤدى إلى الطلاق لذلك أنصح دائما بأن يقوم الأهل بإسناد مسئوليات محددة لكل من الولد والبنت كلا حسب سنه وقدراته.
وكما تقول يارا شهوان استشارية العلاقات الزوجية فالسن المناسب للزواج يختلف بين المرأة والرجل، فبعض الدراسات والأبحاث العلمية ترجح أن يكون السن المناسبة للزواج بالنسبة للرجل هى سن الخامسة والثلاثين فما فوقها أما البنت فهى سن الواحدة والثلاثين وما بعدها وهى
بالطبع سن متقدمة بالنسبة لمجتمعنا لكن فى هذه السن يصل الشخص الى درجة من النضج النفسى والفكرى والعاطفى ويكون هؤلاء الشباب قد خاضوا تجارب كثيرة سواء فى الحياة أو فى العمل وكونوا علاقات مختلفة كل حسب خبراته ويستطيعون تحديد ما يرغبون فيه كما يكونون قد
فهموا أنفسهم وتفهموا شخصياتهم وأصبحوا مؤهلين للارتباط وتكوين عائلة وبذل المجهود اللازم من أجل إنجاحها وليس الاستهانة بها والهروب عند أول مشكلة تواجه الشريكين كما ترى أن الزواج فى سن صغيرة يعنى ان مساحة تدخل الأهل ستكون اكبر والاختيار سيكون لهم وقد يصل الامر لحد التحكم فى مصير الابناء والاختيار بدلا منهم لشريك الحياة وبالتالى فالأبناء لم يخرجوا من عباءة الأهل بعد مما يسبب المشاكل الزوجية ويقلل احتمالية التفاهم بين الزوجين.
وتؤكد استشارية العلاقات الزوجية: أن للأهل دورا كبيرا فى الحد من ظاهرة الطلاق المبكر وهو عدم الالحاح المستمر أو الزن المتواصل على الأبناء من أجل الزواج خاصة البنت بأنها تأخرت فى الزواج وإنها اقتربت من سن العنوسة.
والضغط على الأبناء الذكور من أجل الزواج كى نرى اولادك ونفرح بك، فيصبح الزواج مجرد تنفيذ لرغبة الاهل فقط وليس قرار نابع من ارادة حقيقية ورغبة فى الحياة المشتركة مع شخص محدد اختاره العقل والقلب.
وللأهل دور أيضا فى تأهيل الأبناء للزواج بتدريبهم وتعويدهم منذ الطفولة على الاعتماد على النفس واحترام قراراتهم وتشجيعهم على العمل المبكر وألا ينوبوا عنهم فى المسئوليات، ويشجعونهم أيضا على التعرف على أشخاص جدد، كل ذلك من شأنه أن يتعرفوا جيدا على أنفسهم ويحددون طريقهم فى الحياة وبالتالى عندما يتزوجون يكون لديهم خبرات كثيرة تؤهلهم أن يكونوا أزواجا ناجحين.
وتنصح يارا شهوان المقبلين مقبل على الزواج بأخذ فترة معقولة قبل الإنجاب لأننا للأسف كثيرا ما نرى حالات طلاق بعد الزواج بفترة قصيرة ويكون الزوجان قد تسرعا فى الإنجاب فى أول الزواج قبل أن يحدث بينهما التفاهم الكافى والتوافق الكافى ولذلك أنصح أيضا لتفادى الطلاق
المبكر بضرورة التفاهم جيدا قبل الزواج والبعد عن التمثيل والتجميل، وعدم مداراة الحقائق فلابد من الصراحة فى كل شئ بالإضافة إلى تحديد الهدف من الزواج منذ البداية، مع ضرورة عدم تدخل الأهل بين الزوجين لأن تدخلهم يخلق كثيرا من المشاكل.
لكم خالص تحياتى وحبى
الدكتــور علــى