كن إبن من شئت لكن إكتسب أدباً

إستلفت نظري موضوعاً عن العصبية القبلية ، وكيف هو إرث جاهلي تم
إعتناقه رغم نهي الإسلام عنه ، وبالرغم أنه لافضل لعربي على أعجمي
إلا بالتقوى كما قال رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم ، وكم يسبب هذا
النهج من فواجع وجرائم في حق البنت التي هي زهرة الأسرة ورحيقها
المختوم ، بوقفها على مشيئة إبن القبيلة الذي إن شاء منحها حقها في
الحياة ، وإن لم يشأ ظلت مثل النبتة التي تجف على عودها حتى تذبل
وتموت ، حتى لو كان هناك من يريدها من قبيلة أخرى أو من بلد آخر
أيضاً وكان أكثر كفاءة ولياقة من إبن القبيلة ؟؟
ثم هل هناك أحد منا يختار أباه أو أمه ، حتى نحاسب أناساً لاذنب لهم في
أنهم قد خلقوا لهذا الأب وهذه الأم أو من جنسية أخرى ؟؟
وكم من أسر وقبائل عريقة وكان من ضمن ابنائها من يجلبون عليها
الويلات والنكبات وكم من أسر فقيرة ولا تنتمي لقبائل وعوائل عريقة
ويشار إليهم بالبنان خلقاً وعملاً وإبهاراً بنجاحاتهم
وتحضرني هنا قصة
أعجبتني كثيراً دارت في عصر الحجاج بن يوسف الثقفي إبان حكمه للعراق
فحين تولى الحجاج ابن يوسف الثقفي شؤون العراق، أمر مرؤوسيه أن
يطوفوا بالليل، ومن يجدوه بعد العشاء يضربون عنقه ، فطافوا ذات ليلة
فوجدوا ثلاثة صبيان فأحاطوا بهم وسألوهم
من أنتم، حتى خالفتم أوامر الحجاج؟
فقال الأول
أنا ابن الذي دانت الرقاب له مابين مخزومها وهاشمها
تأتي إليـه الـرقـاب صاغـرة يأخذ من مالها ومن دمها
فأمسكوا عن قتله ، وقالوا لعله من أقارب الأمير.
وقال الثاني
أنا ابن الـذي لا ينـزل الدهـر قدره
وإن نزلت يوماً فسوف تعود
ترى الناس أفواجاً إلى ضوء ناره
فمنهم قيام حولها وقعود
فتأخروا عن قتله وقالوا لعله من أشراف العرب
وقال الثالث
أنا ابن الذي خاض الصفوف بعزمه
وقوّمها بالسيف حتى استقامت
ركـابـاه لا تـنـفـك رجـلاه عـنهـمـا
إذا الخيل في يوم الكريهة ولّت
فتركوا قتله وقالوا لعله من شجعان العرب
فلما أصبحوا رفعوا أمرهم إلى الحجاج
فأحضرهم وكشف عن حالهم،فإذا
الأول ابن حجام ، والثاني ابن خباز
والثالث ابن حائك
فتعجب الحجاج من فصاحتهم وقال لجلسائه
علّموا أولادكم الأدب ، فلولا فصاحتهم
لضربت أعناقهم ثم أطلقهم وأنشد
كن ابن من شئت واكتسب أدباً
يغـنـيك محـموده عن النسـب
إن الفتـى من يقــول هـاأنـــذا
ليس الفتى من يقول كان أبي
مما راق لى واعجبنى فنقلته