كان للتابعي الجليل عمر بن ذر الهمداني ولد فمات ، وجاء أهل بيته يبكونه أشد البكاء وينتحبون عليه أشد النحيب ، ورآهم عمر فقال لهم : ما لكم . إنا والله ما ظلمنا ولا قهرنا ولا ذهب لنا بحق ولا أخطئ بنا ولا أريد غيرنا وما لنا على الله معتب .
وسمع أصحابه بموت ولده فقالوا : الآن يضيع الشيخ فقد كان ابنه بارا لوالديه أشد البر مطيعا لهما لأجمل ما تكون طاعة الوالد فسمعهم الشيخ فبقى متعجبا يتمتم : أنا أضيع ؟
حتى إذا واراه التراب وقف على قبره يقول : رحمك الله يا بني ، والله لقد كنت بي بارا ، ولقد كنت عليك حدبا ، وما بي إليك من وحشة ، وما إلى أحد بعد الله فاقة ، ولا ذهبت لنا بعز ، ولا أبقيت علينا من ذلك ، ولقد شغلني الحزن لك عن الحزن عليك .
يا ذر لولا هول المطلع ومحشره لتمنيت ما صرت إليه فليت شعري يا ذر ما قيل لك وماذا فعلت .
اللهم إنك وعدتني الثواب بالصبر على ذر اللهم فعلى ذر صلواتك ورحمتك ، اللهم إني قد وهبت ما جعلت لي من أجر على ذر ، فتجاوز عنه فإنك أرحم به مني وأكرم .
فلما ذهب لينصرف قال : يا ذر قد انصرفنا وتركناك ولو أقمنا ما نفعناك .
يقول أحد أصحابه : فبقي القوم متعجبين مما ظنوا بالشيخ ومما رأوا من رضاه عن الله وتسليمه له .
قصص واقعية عن الصبر والفرج
الفرج بعد الشدة ( 1 )
حج رجل علوي فلما طاف بالبيت وأدى نسكه وأراد الخروج إلى ” منى” أودع رحله وما كان معه بيتا وقفل بابه ، فلما عاد وجد الباب مفتوحا والبيت فارغا .
قال : فتحيرت ونزلت بي شدة ما رأيت مثلها فاستسلمت لأمر الله ، ومضى علي ثلاثة أيام ما طعمت فيها شيئا .
فلما كان اليوم الرابع بدأ بي الضعف وخفت على نفسي وذكرت قول رسول الله – صلى الله عليه وسلم – : ” ماء زمزم لما شُرب له ” ( رواه ابن ماجه ) .
فخرجت حتى شربت منها ورجعت لأستريح فعثرت في الطريق بشيء فأمسكته فإذا هو هميان ( كيس جلدي ) داخله ألف دينار ، فجلست في الحرم وناديت : من ضاع منه شيء فليأتني بعلامة ويأخذه .
وانقضى يومي ولم يأتني أحد ، فغدوت إلى الصفا والمروة في اليوم الثاني فوقفت عندهما أنادي فلم يأتني أحد .
فضعفت ضعفا شديدا فجئت على باب ” إبراهيم ” فقلت قبل انصراف الناس : قد ضعفت عن النداء فمن رأيتموه يطلب شيئا قد ضاع فأرشدوه إلي .