كيف يحصن الذكاء الاصطناعي الزراعة من تداعيات تغير المناخ؟ (مقابلة)

في الوقت الذي يزداد فيه زخم الحديث عن تغيرات المناخ وتأثيره على الأمن الغذائي العالمي، نتيجة تأثيره المباشر على الإنتاج الزراعي.
يزداد أيضا زخم الحديث عن الحلول الفائقة التي يمكن أن يقدمها الذكاء الاصطناعي لكل مشاكل الحياة، فهل يمكن أن يكون من بين هذه الحلول دور يلعبه في تحصين البشرية من تداعيات تأثير تغير المناخ على الزراعة؟
قد يبدو الربط بين الاثنين بعيدا، وقد يقول قائل إن الربط يمنح الذكاء الاصطناعي أكثر من قدراته، ولكن الدكتور عبدالعزيز بلال، رئيس شعبة التطبيقات الزراعية في "الهيئة القومية للاستشعار من بعد وعلوم الفضاء" في مصر، يكشف في مقابلة خاصة مع بوابة "العين الإخبارية"، أنه على العكس تماما، فإن مواجهة تداعيات تغير المناخ على الزراعة هي المجال الأنسب لإظهار قدرات الذكاء الاصطناعي في توظيف سلاح المعلومات لحماية الأمن الغذائي العالمي، مستشهدا في هذا الإطار بتجارب عملية يتم تنفذها داخل مصر.. وإلى نص الحوار.






بداية: ما هو تأثير تغير المناخ على الزراعة؟

نتيجة تغير أنماط هطول الأمطار ودرجات الحرارة التي لا يمكن التنبؤ بها، وزيادة تواتر الظواهر المناخية المتطرفة مثل موجات الجفاف والفيضانات وتفشي الآفات والأمراض، بسبب تغيرات المناخ، فإن هناك تأثيرات تحدث على الزراعة بشكل مباشر وغير مباشر.
ويواجه العالم هذه المشكلة من خلال ثلاثة مسارات، هي التخفيف من آثار تغير المناخ، عن طريق العمل على الحد من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، وتعويض الدول الأقل فقرا عن الخسائر والأضرار التي تعرضت لها، وأخيرا، التكيف مع تغير المناخ من خلال مجموعة واسعة من البرامج والمشاريع العملية القائمة على البحوث، وهذا المسار الثالث، هو الذي يلعب فيه الذكاء الاصطناعي الدور المهم.








كيف؟

الذكاء الاصطناعي يستخدم سلاح المعلومات، ومن خلال تزويد برامجه ببيانات متعددة، يمكن لتلك البرامج تكوين رؤية عن العوامل التي تؤثر على إنتاجية المحاصيل، ومن بينها تغيرات المناخ، ومن ثم تقديم نصائح للمزارعين حول أفضل أوقات الزراعة والحصاد ومعدلات الري المناسبة.



هل يمكن أن تشرح بمزيد من التفصيل، اعتمادا على ما تقومون به في هيئة الاستشعار عن بعد؟

توجد أقمار صناعية توفر بدورها صورا للمحاصيل في مراحل النمو المختلفة، كما توفر صورا لأي تغير يطرأ على المحصول نتيجة تغير المناخ، كأن يكون هناك نقص في المياه مثلا أو ظهور حشرة غازية، وتتم تغذية برامج الذكاء الاصطناعي بهذه الصور، ومن خلال استخدام "التعلم الآلي"، تكون تلك البرامج قادرة على اكتشاف أي مشكلة تحدث في أي محصول، وهذا من شأنه أن يساعد متخذي القرار على اتخاذ قرارات معينة تتعلق بالاحتياجات المحلية لكل محصول، بناء على معلومات تم توفيرها، مثل تقديم توصيات لتحسين مدخلات معينة، كالري والتسميد ومكافحة الآفات، لتجنب المشكلة.



ولماذا قصرت الفائدة على متخذي القرار، فهل هناك صعوبة في تقديم التوصيات للمزارعين بشكل مباشر؟

المزارعون من أصحاب الحيازات الصغيرة، علاقتهم بالأرض مستمرة ودائمة، فهم يتابعون كل شبر فيها بانتظام، وقادرون على التعامل مع أي مشكلة طارئة تحدث بها نتيجة تغير المناخ، لكن مثل هذه الأدوات القائمة على الذكاء الاصطناعي تكون مناسبة لدعم المستثمرين الزراعيين من أصحاب الحيازات الكبيرة، وكذلك متخذي القرار على مستوى الدولة، لاتخاذ قرارات بناءً على المعلومات التي يتم توفيرها.








هل يمكن أن تعطيني مثالا للدور الذي يمكن أن يلعبه الذكاء الاصطناعي في دعم الدول بمعلومات مفيدة تتعلق بتأثيرات تغير المناخ على الزراعة؟

في الموسم الماضي على سبيل المثال، استخدمنا في هيئة الاستشعار عن بعد الذكاء الاصطناعي، لمتابعة المحاصيل الاستراتيجية الصيفية وتأثر إنتاجها بتغير المناخ، واستطعنا وضع تصور للمساحات المزروعة بكل محصول، وهو ما ساعد متخذي القرار على اتخاذ قرارات تتعلق بالاحتياجات المحلية لكل محصول، بناء على معلومات تم توفيرها.