الإمامِ أحمدَ في أزليَّةِ صفةِ الكلامِ:
الإمامِ أحمدَ في أزليَّةِ صفةِ الكلامِ:
أما قولُ الإمامِ: إنَّ اللهَ "لم يزلْ مُتكلِّمًا"، فقد روى عنه حَنْبَلٌ في كتابِ (المحنَةِ) أنَّه قالَ: "لم يَزل الله مُتكلِّمًا، والقرآنُ كلامُ اللهِ-عزَّ وجلَّ- غيرُ مَخلوقٍ"(9)، وروى حَنْبَلٌ كذلكَ عنه أنَّه قالَ: "لم يزل اللهُ مُتكلِّمًا حيًّا عالمًا غَفُورًا"(10).
وفي (المحنةِ) لحَنْبَلٍ -أيضًا- عن الإمامِ: "لم يزل اللهُ عالمًا مُتكلِّمًا"(11).
وقال حَنْبَلٌ: "سمعتُ أبا عبد اللهِ قالَ: (وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا)، فأثبتَ الكلامَ لموسَى كرامةً منه لموسَى، ثمَّ قال تعالى يؤكِّدُ كلامَه: (تكليمًا)". قال حَنْبَلٌ: قلتُ لأبي عبد الله: يُكلِّمُ عبدَه يومَ القيامةِ؟ قالَ: نعم. فمن يقضِي بين الخلائقِ إلا اللهُ عزَّ وجلَّ؟! يكلِّمُ عبدَه ويَسألُه. اللهُ مُتكلِّمٌ، لم يزلْ يأمرُ بما يشاءُ ويحكمُ، وليس له عِدلٌ ولا مثلٌ، كيف شاءَ، وأنَّى شاءَ"(12).
وقال الإمامُ -في روايةِ ابنِ هانئٍ وفي روايةِ إبراهيمَ بن الحارثِ-: "لم يزل اللهُ مُتكلِّمًا"(13).
وروى المروزيُّ عنه قالَ: "لم يزل اللهُ -تبارك وتعَالى- مُتكلِّمًا عالمًا"(14).
وقال في الرِّسالةِ إلى ابن حَمدُونَ الأنطاكيِّ(15): "اللهُ لم يخْلُ من العِلْمِ والكلامِ، وليسا من الخَلقِ، لأنَّه لم يخلُ منهُما"، وقالَ فيها أيضًا: "لما يزل اللهُ عالمًا مُتكلِّمًا"(16).
وصحَّ عنه أنَّه كان يعجبُه قولُ المحدِّث محمدِ بنِ سليمانَ؛ الملقَّبِ بلُوَيْنٍ: "لم يزلْ مُتكلِّمًا قبل أن يخلُقَ الخلقَ"(17).
ففي هذا كلِّه أنَّ من مذهبِ الإمامِ أنَّ اللهَ (لم يزلْ مُتكلِّمًا)، وأنَّهُ لم يخلُ أبدًا من صفةِ الكلامِ، على خلافِ قولِ الكرَّاميَّةِ الزَّاعمينَ أنَّه سبحانه تكلَّمَ بعد أن لم يكُن يتكلَّم.
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|