ظل يرسل عشرات الرسائل والصور والفيديوهات كالمعتاد كل يوم لكل اصدقاؤه على الواتس آب... و فجاة تذكر أن صديقه (...) لم يعد يرسل له اي رسائل منذ فترة!
أستغرب...ثم غضب... ثم ذهب الى صفحة صديقه ووجد ان كل رسائله عليها إشارة وصول رسائله فقط! .. فكر على التّو ان صديقه قام بحظره!
أمسك بهاتفه و أتصل و أراد أن يبادر بالهجوم على صديقه ولكنه أدرك ان الصوت ليس بصوت صديقه بل بصوت إبنه الذي بادر... "اهلا عمو..."! فرد " فين ابوك الزفت؟"!.. صمت الإبن قليلا ثم رد" ابي كان في غيبوبة لأكثر من شهر و أمس أنتقل الى جوار ربه ودفناه بالعصر!
شكرا يا عمو على اتصالك و تعزيتك و جزاك الله خير"!
مؤلمة.. اليس كذلك؟
كم من المرات نرسل رسائل إعتيادية ولا نهتم من قرأ و من لم يقرأ ومن رد و من لم يرد...؟
كم مرات شعرنا إننا بمجرد أننا أرسلنا رسائلنا الصباحية و تهاني الجمعة بأننا قمنا بواجب التواصل الإجتماعي؟
كم مرات سألنا أنفسنا عن اصدقاؤنا وعن احوالهم الصحية والمعيشية؟
كم مرات أستفسرنا إن كان اصدقاؤنا يملكون قيمة علاج السكر او الضغط او اي علاج يأخذوه بشكل دوري؟
كم مرات سألنا أنفسنا إن كان اصدقاؤنا يملكون قيمة إيجار السكن الذي يؤويهم وعائلتهم بعد ترك الوظيفة مؤخرا بسبب الأوضاع؟ وكم الإيجارات المتراكمة؟
كم .. وكم.. وكم...؟
للأسف باتت وسائل التواصل الإجتماعي تباعد بيننا أكثر مما تجمع بيننا!
كم صديق خسر صديق بسبب تعليق او تجريح مقصود او غير مقصود في المجموعات.. ؟
كم كسبنا من إضافات جديدة ولكن في المقابل خسرنا أصدقاء الطفولة.. اصدقاء العمر.. اصدقاء السر!
كم باعدت بيننا المسافات.. وكم فرقت بيننا وسائل التواصل الإجتماعي...
"قسوة القلوب" أكثر إيلاما من بعد المسافات!
تواصلوا.. أسالوا .. اطمئنوا عن احوال اصدقاؤكم ..
حبوا بعضكم بعضا.. لا يعلم أي منا من يغادر قبل أخيه!