الفوانيس

الفوانيس يكتنف الكون العظيم ظلمةٌ تحيط بأطرافه جميعاً فلا نور إلا في كوكب الأرض لدوران الشمس عليه ولدورانه عليها، وكذلك هذا الكوكب مظلمٌ في ليله تحيطه الوحشاء والقلق والخوف، كذلك قلوب الناس منها الموحشة ذات الظلام الواسع المخيم على نواحيها، في دنيا الإبتلاء وأرض الضعف والهوان يتزايد الظلام ويصطدم كل شيئٍ بضده وتضطرب الحقائق ويتآكل الناس حقوق بعضهم بعضا، في خضم هذا الظلام السائد على المعمورة تجد فوانيس الأمان والسلام تشاهد إضاءتها من بعيد لها نور وليس لها صوت تحسن الإضاءة ولا تحسن الضوضاء، خيرها متدفق وشرها متضائل، تجدها على طرق الخير مضيئة وللنفوس مأنسه، وللأمان باعثه، يجتمع حولها كل قلبٍ أحب الأمان والأيمان، وتبغضها خفافيش الظلام وهوام الأرض، حبيبها كل مسالم، وعشيقها القلب الرحيم، وعروسها العفو، ومهرها الإسلام، وحفلتها التسامح والوئام، ما أجمل نورها من بعيد، وما أدفأها في الليلة الشاتية من قريب، يتحلق حولها الطيبون، و يتشاءم من لهبها الموسوسون، فيا حبذا هذه الفوانيس ونورها، تراها في جسد إنسان وفي بسمة الغلام، في دمعة اليتيم، وفي مواقف النبل، في ميادين الكرم والبذل، وفي ساعات الشدة يتزايد نورها لقوة زيتها يكاد يضيئ ولو لم تتمسسه نار، سنا برقها يخطف الأبصار . مما تصفحت..