نمت في قبر ..

نمتُ في قبر

.
قال: ..نمتُ في قبر مفتوح ...وأنا لم أمُت بعد ...فجاءني أحد الأموات ..قلت له :فيم كنت!!...في الدنيا .. قال: كنتُ غنيا على تلك الأرض ..ولا أدري ما حصَل وجئتُ إلى هنا ...كأنّ الحياة السالفة حلم ...وهذه القبور هي الحقيقة ...قلتُ له : وهذه حلم والحقيقة لم تأت بعد ….!!..أنت ممّن لم يسأل سائق الحافلة عن نهاية الطريق ….فكيف تفكّر في شيء لم تسأل عنه …!!
.
..وقام من القبر المجاور ميت ..قال كنت معجبا بنفسي ..كأنها إلهي ..وهاأنا ذاهب الى الإله الحق الذي سيدمّر الإلهة الكاذبة .
..وجاء ني ميّت .وقال: كنت في نعيم الدنيا وقد أروني من شقّ في القبر نعيما لو دريت عنه لانتظرته مئة عام …...وغلَبَ الشقاء عليّ …
.
..ورأيت ميتا مازال في كفنه ينام بهدوء ...قلت له : ما قصّتك ..قال : كنت فقيرا ..والحمد لله على الموت ...ولكنّهم قالوا لي : أنني من ملوك الجنّة ...ولو عرّف الملوك في الأرض عنّي ...لأعطوني ملكهم وأخذوا مملكتي القادمة ولبخسوني مرّة أخرى …!!…
.
……….ونظرتُ الى مشاكس غويّ لم يأتِ اليّ..ومازال يصرخ منذ دفنوه ….يقول : لعن الله من منع العلم وسكَت ولم يعلّمنا ..!..نحن الأشقياء ..فلو علّمونا لأرونا ما يروا ….مِن الحقّ الواسع الكبير ...قلتُ : كان العلماء يخافون منك ...قال: مَن يعرف قيمة العلم لا يبخل به ولو ذبحوه في الطريق …
…
….عالِم واحد لو سمعتُ منه في الدنيا ...لأنقذني من هذا الهلاك
.
..وجاء ميّتٌ وجلس قربي ..قال: أنا كنتُ عالِما ..ولم يهدني عقلي لهذا ...لماذا !!...قلت: العِلم وحده لا يكفي ...يلزمه الصدق ...الصدق أن ترى الطريق ولا تسلك غيرها ...والكاذب يحبّ طريقا غريبة ملتوية ليمتاز عن الناس ….فأنت أردت العلم ليميزك ..وليس ليهديك ..
.
..وقمتُ من نومتي في ذلك القبر خائفا أركض ألهث ...أخاف أن أموت في الطريق قبل أن أصلّي ركعتين …..
.
.