عَزَفَ المساءُ على وترِ الغياب،
وفي الظلِّ، كانت صورتُها تتمايل
كأنها أنفاسُ اللحنِ
تختبئُ بينَ أجنحةِ الحمامِ،
خيالُها كانَ طيفًا يهيمُ في لحنهِ،
كأنها نغمةٌ تختبئُ بينَ أوتارِ قيثاري.
هل رأيتَ الوعدَ وهو ينحني لنبضي بالوفاء؟
هل سمعتَ الريحَ حينَ حملتْ ارتجافَ الأوتار؟
يا لها من خطوةٌ بين ثنائيات الضوءِ والظلامِ،
حلمٌ لا يفتأ يُراوغُني في المسافةَ بين القربِ والبعادِ.
تعبرُ لعالمه كي تقاسم الليلَ أسرارهُ،
يفوح عطرها في مداه كأنفاسِ الوردِ،
تترددُ صورتها في أروقةِ الزمنِ،
كأنهُ طيفٌ لا يبرحُ صدرَ العزفِ الأخيرِ.
يا وعدًا سكنَ بين الأضلاع وما خانَ،
كيفَ للحنٍ أن يُقاومَ ارتعاشةَ الحلم؟
وكيفَ للنبضِ أن يسيرَ بلا أثرٍ،
إذا كانت أناملُ الضوءِ
تُمسكُ خطاهُ في ممراتِ البعاد؟
صوتُكِ كالمطرِ إذ يغشى الأرضَ،
يتسربُ في الأعماقِ مهلًا،
ثم يهطلُ بغتةً..
يفتحُ أشرعةَ القلبِ لريحٍ لا تهدأُ،
فتنتشي روحي،
وتتحررُ كطائرٍ في فضاءِ عينيكِ..
ابتعدتِ لكنني ما زلت هنا،
بين نبض الكلمات، بين شهقة المساء،
أبحث عن صوتكِ في أروقة الذكرى،
فكيف يرحل الطيفُ وهو يسكنني؟
وهل ابتعدتِ؟
أم أن الظلال ترسم خطاكِ في دروبي؟
أتراكِ في رحيلكِ تتركين أثرًا لا يُمحى؟
أم أن الحب حين يُكتب، لا يعرف الزوال؟