05-29-2022
|
05-29-2022
|
#2
|


القول السني في خبر عدي بن حاتم الطائي
محمد السيد حسن محمد
المسالة الحادية عشرة:
مفارقة بين امرأتين عمة أو أخت عدى وهند بنت عتبة
ويكأننا في خضم كلام حول رفيقات الخير من النساء، ومناسبة أخت عدي أو عمته، وإنما نستصحب هذه هند بنت عتبة بن ربيعة، وقبل إسلامها، وكيف كان فعلها يوم أحد، وهي إذ تتولى زعامة التعبئة، وهي إذ تتولى داعية التجمهر والتأليب! وحين كان قولها:
نحن بنات طارق
نمشي على النمارق
والدر في المخانق
والمسك في المناطق
إن تقبلوا نعانق
ونفرش النمارق
أو تدبروا نفارق
فراق غير وامق
ويوم كان حنقها على سيد الشهداء حمزة عم نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، وحين قد مر تسجيل سيرتها هذه الزاكمة، قبل إسلامها أيضًا، وكما قد سجلها التاريخ عنها، مثل سوء، وعملا غير صالح، ويوم أن كان شأنها تأليبًا، وحين كان عملها كيدًا، ويوم وبدل أن تشاركهم الذود عن الإسلام الحنيف، أو على الأقل ألا يكونوا رؤساء فتنة، أو زعماء ضلال، وفي الحالين سيفيض الله عليهم من فضله، ومن مثل عمل عمة أو أخت عدي، ولكنه وهكذا كان وجود هذا الصنف في الناس ابتلاء، وقد كان من حاصل أمره امتحانًا واختبارًا، وتسليمًا بأقدار الله تعالى، ولنتشوف فيها الحكمة والعلة والسبب، وإن كنا لسنا ندرك حكمة، ولا علة، ولا سببًا، أحايين كثيرة، وإنما تعويلنا على ذلكم تسليم، وحين كان علامة الإسلام، ولما أضحى شارة الإذعان لله تعالى ربًّا وخالقًا ورازقًا ومحييًا ومقدرًا سبحانه.
* * *
المسألة الثانية عشرة:
بدار عدي
ولكن هذا عديًّا، وحين راح إلى النبي صلى الله عليه وسلم، ومنشرحًا صدرًا، وإلى نصح أخته أو عمته أو كلتيهما وقد وجد خيرًا.
وهذا ما يحسب لعدي أيضًا، وقد كان مطيعًا، وللنصح مجيبًا، وحين أضحى مثالًا للانقياد.
* * *
المسألة الثالثة عشرة:
بساطة عقيدة وسلاسة دين
ولكن هذا النبي صلى الله عليه وسلم وقد كان الحكيم الخبير، وكان الداعية الرؤوف الرحيم، وكان منه أن داخل خلجات هذا عدي، وحين أوجز له العبارة، ولما اختصر له الإشارة، وأنه الله تعالى، وألا إله إلا الله، وأنه ليس إله يستحق أن يعبد معه أو من دونه تعالى، وهذه هي خلاصة عقيدة المسلمين مبسطة موجزة، ولا تراكيب فيها ولا تداخلات، وإنما هي هذا النوع من البساطة والإيجاز، ويكأنها وبهذا الشكل العالي قيمة، والبسيط تركيًبا، هكذا وإذ تختصر بطلان عقائد الكفر قاطبة، وحين جعل من الإله العلي الأعلى ثلاثة! ولا يستقيم، ولسنا نريد أن تغيب عقولنا، فإن هذا القرآن الذي بين أيدينا، وقد شهد بصحته خصومه، ولما قال إنهم يثلثون، فإنهم يثلثون! وبالتالي فإن دفع هذه الشبهة، بل التهمة، بل الحقيقة عنهم غير سديد؛ ولأن القوم فيها غارقون، وقد كانت لنا مع القوم مساجلات في هذا، وكانت لصالح الحق ولله الحمد.
وإذ قد سبق قرآننا ذكر مسلمة يطبق على صحتها العقلاء، ويوم أن قال الله تعالى، ولكن كونا هكذا محكمًا نراه، ويكأن نظامًا متقنًا هكذا نعيشه أبدًا لشاهد على الوحدانية، وإذ لرأينا ارتطامًا لطائرات، وتطاحنًا لسفن وأفلاك، وتناصبًا لشرق مع غرب، وحين كان الأمر شركاء! ومن يغلب يا ترى؟! وفي تسلسل كان هذا الدين أحكم، ولما أن أقض مضاجعه من مهدها.
ولا تقل لي: إن هناك تناغمًا بين الشركاء؛ وإذ يحيل العقل الصحيح هذا!
ولهذا الذي سبق، وما كان لعدي إلا أن يسلم، وأمام هذه البساطة التي لم يعهد مثلها قبل، وبعيدًا عن تعقيدات وتبريرات، هي أقرب أن تزيد التعقيد تعقيدًا آخر مضاعفًا، وحتى يصار إلى غياهب ظلمات، وإذ ليس يمكن أن ينالها النور المبين، والقسطاس المستقيم، ولما أن هكذا أظلموها، وعقدوها، وداخلوها، وتداخلوها، وحتى أصبحت ركامًا، ومن فوقه ركام آخر، وأليس يزيله إلا هكذا برهان البساطة الذي فرشه هذا النبي محمد صلى الله عليه وسلم، ولما أن كانت أذنا عدي إليه مصغية، وإذ كان منه يسر وسهولة عملية الاتصال ولتؤتي أكلها: مرسل جيد، يحسن البلاغ، ومستقبل جيد، يجيد الاستقبال.
وكذا وحين ضرب هذا النبي على وتر التكبير، ولأنه لا أكبر إلا الله تعالى الحكيم المجيد، ومنه بطلان كل كبير أمام هذا الجبروت والقهر، واللذين هما صفتان لصيقتان بالربوبية الحانية الرحيمة أيضا.
* * *
المسألة الرابعة عشرة:
انهيار الباطل أمام زخم الحق:
ولهذا السبب فتفرغ عقيدة عدي، وتبطل، وتنهار، وأمام هاتين القاعدتين، وأنه لا إله إلا الله، وأنه لا أكبر إلا الله تعالى أيضا. ومنه كانت تخليته عن باطله، وبه كانت تحليته بإسلامه. ولأنه وكما أثبتوه فإن التخلية قبل التحلية.
* * *
المسألة الخامسة عشرة:
اتقوا النار ولو بشق تمرة:
وغير أنه صلى الله عليه وسلم كان قد ترك لنا إرثًا مجيدًا، وفي متناول كل عبد بصير، وحين جعل النبي صلى الله عليه وسلم أن من أسباب اتقاء النار تمرة أو شق تمرة. أو كلمة حسنى، وخلقًا حميدًا.
وأن هذا النبي محمدًا صلى الله عليه وسلم، قد قال أعلامًا من أعلام نبوته، وقد سبق ذكر جانب منها في هذا المبحث، وأنه صلى الله عليه وسلم ليس يخاف على أمته فقرا، وبقدر أنه يخاف أن تفتح عليهم الدنيا، فتهلكهم كما أهلكت من كان قبلهم.
فعن عمرو بن عوف المزني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: بعث أبا عبيدة بن الجراح إلى البحرين يأتي بجزيتها، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم هو صالح أهل البحرين وأمر عليهم العلاء بن الحضرمي، فقدم أبو عبيدة بمال من البحرين، فسمعت الأنصار بقدوم أبي عبيدة، فوافوا صلاة الفجر مع النبي صلى الله عليه وسلم، فلما انصرف تعرضوا له، فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم حين رآهم، ثم قال: أظنكم سمعتم أن أبا عبيدة قدم بشيء قالوا: أجل يا رسول الله، قال: فأبشروا وأملوا ما يسركم، فوالله ما الفقر أخشى عليكم، ولكني أخشى أن تبسط عليكم الدنيا كما بسطت على من كان قبلكم، فتنافسوها كما تنافسوها، وتهلككم كما أهلكتهم[4].
* * *
المسألة السادسة عشرة:
من هم المغضوب عليهم؟ ومن هم الضالون؟
ولكن هذا الحديث الذي بين أيدينا قد أبان أن المغضوب عليهم هم اليهود؛ ولأنهم علموا الكتاب، ولم يعملوا بمقتضى هذا العلم الذي علموه.
ولكن هذا الحديث قد أفصح عن معنى الضالين، ألا وهم النصارى؛ ولأنهم عبدوا ربهم بلا علم، بل عن جهل.
وكلا الأمرين مخالف للصراط المستقيم، وهو ذلك الذي يجمع بين نقيضي هذين الفريقين، ولأنه الصراط المستقيم إذًا هو ذلكم عبادة الله تعالى، وعن علم شرعي، وعن عمل بمقتضى هذا العلم.
والعلم الشرعي هو ذلكم المستمد من الكتاب والسنة، وعلى منهج السلف الصالح رضي الله تعالى عنهم أجمعين.
وقال الله تعالى ï´؟ قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَï´¾ [يوسف:108].
وعن عبد الله بن عباس رضي الله تعالى عنه أن نبينا محمدًا صلى الله عليه وسلم قال: إن الشيطان قد يئس أن يعبد بأرضكم، ولكن رضي أن يطاع فيما سوى ذلك مما تحاقرون من أعمالكم، فاحذروا، إني قد تركت فيكم ما إن اعتصمتم به فلن تضلوا أبدًا، كتاب الله، وسنة نبيه[5].
ودلك على صحة مذهبنا هذا ما رواه الإمام أحمد رحمه الله تعالى عن عدي بن حاتم قال: عن سماك بن حرب، قال: سمعت عباد بن حبيش، يقول: سمعت عدي بن حاتم قال: جاءت خيل رسول الله صلى الله عليه وسلم أو رسل رسول الله صلى الله عليه وسلم بعقرب فأخذوا عمتي وناسًا، فلما أتوا بهم النبي صلى الله عليه وسلم صفوا له فقالت: يا رسول الله، نأى الوافد وانقطع الولد وأنا عجوز كبير وما بي من خدمة، فمن علي من الله عز وجل عليك، قال: ومن وافدك؟ قالت: عدي بن حاتم قال: أي الذي فر من الله ورسوله، قالت: فمن علي فلما رجع ورجل إلى جنبه ترى أنه عليَّ فقال: سليه حملانًا، قالت: فسألته فأمر بأتان فقلت: لقد فعلت فعلة ما كان أبوك يفعلها، فقالت: ائته راغبًا أو راهبًا، فقد أتاه فلان فأصاب منه، وأتاه فلان فأصاب منه، فأتيته، فإذا عنده امرأة وصبيان أو صبي فذكر قربهم من النبي صلى الله عليه وسلم، فعرفت أنه ليس ملك كسرى وقيصر فقال: يا عدي، ما أفرك أن يقال: لا إله إلا الله فهل من إله إلا الله؟ ما أفرك أن يقال: الله أكبر فهل من شيء أكبر من الله؟ فأسلمت فرأيت وجهه استبشر وقال: إن المغضوب عليهم اليهود وإن الضالين النصارى ثم جاءه ناس فسألوه فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: أما بعد، فلكم أيها الناس أن ترضخوا من الفضل، ارتضخ امرؤ بصاع ببعض صاع بقبضة قال شعبة: وأكثر علمي أنه قال: بتمرة بشق تمرة، إن أحدكم لاقي الله فقائل: ألم أجعلك سميعًا بصيرًا، ألم أجعل لك مالًا وولدًا، فماذا قدمت؟ فينظر من بين يديه ومن خلفه وعن يمينه وعن شماله، فلا يجد شيئًا، فلا يتقي النار إلا بوجهه، فاتقوا النار ولو بشق تمرة، فإن لم تجدوا فبكلمة طيبة، إني لا أخشى عليكم الفاقة، لينصرنكم الله، وليعطينكم أو ليفتحن لكم حتى تسير الظعينة بين الحيرة ويثرب أخوف ما تخاف على ظعينتها السرق[6].
* * *
المسألة السابعة عشرة:
لئن طالت بك حياة لتفتحن كنوز كسرى بن هرمز:
هذا علم من أعلام نبوة هذا النبي العربي الأمي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، وهذا خطاب لعدي بن حاتم، موجب مؤانسة، وخلقًا حسنًا، وكم دل على سعة صدر هذا النبي، وقربه من الناس.
وقد قررنا هذا من قبل، ولكنه ولأهميته وكعلم من أعلام نبوة هذا النبي محمد صلى الله عليه وسلم، ولأثر ذلك في إسلام الكافرين، وزيادة إيمان المؤمنين، ولأن عديا ذكر أنه حضر هذا الفتح، وقد ذكره التاريخ له، وعلاوة على رواية الإمام البخاري رحمه الله تعالى لذلك، وما لها من زخم.
وكما قلنا: فإن هذا دال بطبيعة الحال على كم هو انبساط الدعاة العاملين وسط أقوامهم، ليعلموهم طرق الخير فيتبعوها، ويبينوا لهم طرق الشر فيجتنبوها.
ولكن هذا النبي صلى الله عليه وسلم ومن انبساطه أيضًا ذلكم ذكر صاحب فاقة ألمت به، فجاءه ليقضيها، ولأن إعانة ذي الحاجة الملهوف خلق نبيل، ولأن الأخذ بيد الضعفة عمل جليل.
وهكذا فنحن أمام دين يروح بالأخلاق الحسان، وحيث أمكَن لها أن تحط رحالها، وحتى كان ذلكم واجبًا، ويكأن ذلكم على كل مسلم، ولن يعدمه، وحين كان كفه عن الشر صدقة، وما يحمل ذلكم من تهذيب للنفوس، وحملها ذات نفسها على نفسها، خلقًا رشيدًا، حميدًا حسنًا مجيدًا؛ ليتنشأ مجتمع هذا الذي تعلوه شارات المودة، وتسمق به دلالات الإحسان، وترتفع به هالات الأدب الجم الحسن الرفيع، وإلى حيث آفاق لا حدود لها!
فعن أبي موسى الأشعري عن النبي: على كل مسلم صدقة، قالوا: فإن لم يجد؟ قال: فيعمل بيديه فينفع نفسه ويتصدق، قالوا: فإن لم يستطع أو لم يفعل؟ قال: فيعين ذا الحاجة الملهوف، قالوا: فإن لم يفعل؟ قال: فيأمر بالخير - أو قال: بالمعروف - قال: فإن لم يفعل؟ قال: فيمسك عن الشر؛ فإنه له صدقة[7].
لا، بل ليس على كل مسلم صدقة، بل على عضو منه صدقة! وليأتلف الكل مع الجزء، وبحيث لا تتبقى نافذة، بل ثقب، إلا والمسلم فيها محفوظ بأمر ربه، ومن سبب هذه الصدقات، ولو كان إمساكًا عن الشر، وهذا ليس يكاد يخرج منه أحد! بل يدخل فيه كل أحد! وهذا استدعاء نبوي حان لطيف لمكنونات النفوس الطيبة، وما قد جبلت عليه فطرة من الله تعالى الخالق العظيم سبحانه، وجبلة قد أركزها فيها الرحمن الرحيم اللطيف الغفور التواب سبحانه أيضًا.
فعن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه أن نبينا محمدًا صلى الله عليه وسلم قال: كل سلامى من الناس عليه صدقة، كل يوم تطلع فيه الشمس، يعدل بين الاثنين صدقة، ويعين الرجل على دابته فيحمل عليها، أو يرفع عليها متاعه صدقة، والكلمة الطيبة صدقة، وكل خطوة يخطوها إلى الصلاة صدقة، ويميط الأذى عن الطريق صدقة[8].
وكذا وقد جاءه صاحب قطع طريق ليطمئنه، وليربط على قلبه.
* * *
المسألة الثامنة عشرة:
أهمية المال وتزكية النفوس أهم:
وهذا علم نبوة آخر، وحين يأتي على الناس زمان فيملأ الرجل كفًّا من ذهب وأخرى من فضة، ثم لا يجد من يأخذه، ولكثرة المال ووفرته، ودلالة على أن المال ليس يسد رمقًا، ومواجهة حاجات الأرواح وتربية النفوس، والأخذ بزمامها نحو آفاق الفضل والعفة والعزة والكرامة والإباء، وإن كل ذلك ولئن وضع في كفة، ووضعت خزائن الأرض في كفة، لرجحت كفة العفة والقناعة والرضا بقسمة الله تعالى الحق المبين سبحانه.
* * *
المسألة التاسعة عشرة:
من مشاهد يوم القيامة:
ولكن هذا الحديث قد بيَّن مشهدًا من مشاهد يوم القيامة، وهذه المشاهد لا تقال إلا بوحي، ولا تعلم إلا من تنزيل، ولأنها من علوم الغيب التي أمرنا شريعة وديانة وملة أن نصدقها، وأن نجريها، وحيث جاءت، ولا نُعمل فيها عقولنا كثيرًا، ولأن إعمال العقول فيما هو خارج عملها إرهاق وتعب وإضناء، وطحن بلا طحين، وعجن بلا عجين، وهي أمور كان من الإيمان تصديقها، ولأن هذا ركن ركين من أركان الإيمان بالله تعالى الستة، وكما جاء من حديث جبريل الملك عليه السلام المشهور.
ولكن هذا المشهد صورته، وعلى بيانه صلى الله عليه وسلم أنه: وليلقين الله أحدكم يوم يلقاه ليس بينه وبينه ترجمان فينظر عن يمينه فلا يرى إلا جهنم، وينظر عن شماله فلا يرى إلا جهنم.
وهذه هي طلاقة القدرة لهذا الرب الكريم المتعال القهار الجبار سبحانه، وحين كانت من آياته اختلاف الألسن واللغات، وهو سبحانه عالم بها، ولأنه تعالى هو خالقها، وكما قال تعالى: ï´؟وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّلْعَالِمِينَ ï´¾ [الروم: 22].
* * *
المسألة العشرون:
العلاج بالصدمة:
هذا، وقد رأينا كل الذي سبق، وإنما جاء في أسلوب ماهر باهر، عن طريق المساءلة، وليقر المستقبل برسالة المرسل في أدق معاني الاتباع، والمتلبس بزي الرضا، ورداء المتابعة، وهذان هما ركنا الإذعان والتسليم لله تعالى العلي الأعلى سبحانه، وبحيث يكون العبد مسلمًا لا عن إجبار بل اختيار، وهذه مرة أخرى طلاقة النبي، وعمل الولي، وحين يجعل المستقبل مقرا للديانة وأحكامها، ولما يضحى المكلف راضيا عن اختيار بشرائع الملة ونظامها أيضًا.
ولكنه ليس يخلو عن تحدٍّ وإعجاز! وحين جاءت كل هذا المساءلات، ومما يسمونه العلاج بالصدمة، وبحيث ليس يجد المستقبل إلا التسليم؛ ومن هول ما يسمع أو يرى!
ودلك على عن صحة مذهبنا هذا ما رواه الإمام البخاري رحمه الله تعالى عن عدي بن حاتم قال: بينا أنا عند النبي صلى الله عليه وسلم، إذ أتاه رجل فشكا إليه الفاقة، ثم أتاه آخر فشكا إليه قطع السبيل، فقال: يا عدي، هل رأيت الحيرة؟ قلت: لم أرها، وقد أنبئت عنها، قال: فإن طالت بك حياة، لترين الظعينة ترتحل من الحيرة حتى تطوف بالكعبة، لا تخاف أحدًا إلا الله - قلت فيما بيني وبين نفسي: فأين دعار طيء الذين قد سعروا البلاد؟! - ولئن طالت بك حياة لتفتحن كنوز كسرى، قلت: كسرى بن هرمز؟ قال: كسرى بن هرمز، ولئن طالت بك حياة، لترين الرجل يخرج ملء كفه من ذهب أو فضة، يطلب من يقبله منه، فلا يجد أحدًا يقبله منه، وليلقين الله أحدكم يوم يلقاه، وليس بينه وبينه ترجمان يترجم له، فليقولن له: ألم أبعث إليك رسولًا فيبلغك؟ فيقول: بلى، فيقول: ألم أعطك مالًا وأفضل عليك؟ فيقول: بلى، فينظر عن يمينه فلا يرى إلا جهنم، وينظر عن يساره فلا يرى إلا جهنم، قال عدي: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: اتقوا النار ولو بشقة تمرة، فمن لم يجد شقة تمرة فبكلمة طيبة، قال عدي: فرأيت الظعينة ترتحل من الحيرة حتى تطوف بالكعبة، لا تخاف إلا الله، وكنت فيمن افتتح كنوز كسرى بن هرمز، ولئن طالت بكم حياة، لترون ما قال النبي أبو القاسم صلى الله عليه وسلم: يخرج ملء كفه[9].
[1][معجم مقاييس اللغة، أبو الحسين أحمد بن فارس زكريا: 2/ 434].
[2][البداية والنهاية، ابن كثير: 5 /57]. خلاصة حكم المحدث: له شواهد من وجوه أخر.
[3][صحيح البخاري: 2101].
[4][صحيح البخاري: 4015].
[5][صحيح الترغيب، الألباني: 40].
[6][صحيح ابن حبان: باب ذكر البيان بأن أهل الكتاب هم الذين ضلوا وغضب عليهم، حديث رقم 6352].
[7][صحيح البخاري: 6022].
[8][صحيح البخاري: 2989].
[9][صحيح البخاري: 3595].
|
|
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|
05-29-2022
|
#3
|
سلمت الأيادي ..
ويعطيك العافية لـ جمال الآنتقاء
لروحك جنائن الورد .
|
|
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|
05-29-2022
|
#4
|
جزاك الله خيـر
بارك الله في جهودك
وأسال الله لك التوفيق دائما
وأن يجمعنا على الود والإخاء والمحبة
وأن يثبت الله أجرك
|
|
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|
05-29-2022
|
#5
|
|
|
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|
05-29-2022
|
#6
|
جزاكى الله خير الجزاء
جعل يومكِ نوراً وَسروراً
وجبال من الحسنات تعآنقها بحورا
جعلها الله فى ميزان اعمالكِ
دام لنا عطائكِ
|
|
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|
أدوات الموضوع |
|
انواع عرض الموضوع |
العرض العادي
|
تعليمات المشاركة
|
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك
كود HTML معطلة
|
|
|
الساعة الآن 06:46 PM
| | | | | |