من دلائل و بشائر النبوة قبل البعثة
مساء عاطر بالصلاة على خير الأنام
الأحداث العظيمة غالباً يسبقها من الإشارات ما يكون علامة على قرب حدوثها ووقوعها، وقد مهَّد الله تعالى لبعثة نبيه صلى الله عليه وسلم بدلائل وبشائر تدل على قرب بعثته وصدقه ونبوته، ومن ذلك ما حدث أثناء رضاعته صلى الله عليه وسلم عند حليمة السعدية، وما حدث مع بحيرا الراهب، وما ظهر في جميل وعظيم أخلاقه صلى الله عليه وسلم، وكذلك كلام بعض أهل الكتاب على نبوته وبعض صفاته وعلاماته.
النبي صلى الله عليه وسلم ورضاعته من حليمة:
حدث أثناء فترة رضاعه صلى الله عليه وسلم عند حليمة السعدية لها ولزوجها وأولادها من البركة والنعم الكثير، مما يدل على فضله وبركته وأنه ليس طفلا عادياً، وأشهر ما روي في ذلك حديث حليمة السعدية رضي الله عنها الطويل المشهور الذي رواه كافة أهل السِيَر، وقال عنه الذهبي: "هذا حديث جيد الإسناد"، وقال ابن كثير: "هذا الحديث قد روي من طرق أخر" وهو من الأحاديث المشهورة المتداولة بين أهل السيرة والمغازي، وقد ضعفه الألباني، وفيه أن حليمة قالت لزوجها: (.. والله لأذهبن إلى ذلك اليتيم فلآخذنه. قال: لا عليك أن تفعلى، عسى الله أن يجعل لنا فيه بركة. قالت: فذهبتُ إليه وأخذته، وما حملنى على أخذه إلا أنى لم أجد غيره، قالت: فلما أخذته رجعتُ به إلى رحلى، فلما وضعته في حجرى أقبل عليه ثديأي بما شاء من لبن، فشرب حتى روى، وشرب معه أخوه حتى روى، ثم ناما، وما كنا ننام معه قبل ذلك، وقام زوجي إلى شارفنا (ناقة مسنة) تلك، فإذا هي حافل (ممتلئة الضرع من اللبن)، فحلب منها ما شرب وشربت معه حتى انتهينا ريَّا وشبعا، فبتنا بخير ليلة، قالت: يقول صاحبى حين أصبحنا: تعلمي والله يا حليمة، لقد أخذت نسمة مباركة، قالت: فقلت: والله إنى لأرجو ذلك. قالت: ثم خرجنا وركبت أنا أتانى (أنثى الحمار)، وحملته عليها معى، فوالله لقطعت بالركب ما لا يقدر عليه شىء من حمرهم، حتى إن صواحبى ليقلن لى: يا ابنة أبي ذؤيب، ويحك! أرْبِعى علينا، أليست هذه أتانك التي كنت خرجت عليها؟ فأقول لهن: بلى والله، إنها لهي هي، فيقلن: والله إن لها شأناً، قالت: ثم قدمنا منازلنا من بلاد بني سعد، وما أعلم أرضًا من أرض الله أجدب منها، فكانت غنمى تروح علىَّ حين قدمنا به معنا شباعًا لُبَّنـًا، فنحلب ونشرب، وما يحلب إنسان قطرة لبن، ولا يجدها في ضرع، حتى كان الحاضرون من قومنا يقولون لرعيانهم: ويلكم، اسرحوا حيث يسرح راعى بنت أبي ذؤيب، فتروح أغنامهم جياعاً ما تبض بقطرة لبن، وتروح غنمى شباعًا لبنًا. فلم نزل نتعرف من الله الزيادة والخير حتى مضت سنتاه وفصلته، وكان يشب شباباً لا يشبه الغلمان، فلم يبلغ سنتيه حتى كان غلاماً جفراً (شديدأ). قالت: فقدمنا به على أمه ونحن أحرص على مكثه فينا، لما كنا نرى من بركته، فكلمنا أمه، وقلت لها: لو تركت ابني عندي حتى يغلظ، فإني أخشى عليه وباء مكة، قالت: فلم نزل بها حتى ردته معنا".
|
|
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|