ما هو (لغو اليمين) الذي لا تجب فيه الكفارة؟

السؤال: 567447
هل تنعقد اليمين إذا كتبت لأحدهم "والله تسلم" قاصدة بها التأكيد على مدحي له، وليس اليمين، كذلك إذا كتبت لأحد "والله يا فلان يجب عليك فعل هكذا" كذلك قاصدة بها تأكيدي على نصيحتي؟

الجواب
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
ما ذكرتِه في سؤالك من قولك (والله تسلم) وقول (والله يجب عليك تفعل كذا) هو مما يجري على ألسنة الناس ولا يقصدون بذلك عقد اليمين ، فهو من لغو اليمين الذي لا يؤاخذ الله العبد عليه، وليس فيه كفارة.
قال الله تعالى (لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ ‌بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ) البقرة/ 225.
وقال تعالى (لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ ‌بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ) المائدة/ 89.
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله:
و"اللغو" هو الذي لا يقصد، بأن يجري على اللسان بدون قصد، وهذا يقع كثيرًا، يقول لك صاحبك: أتريد أن نذهب إلى فلان؟ تقول: لا واللهِ، لا أريد الذهاب إليه، أو يقول: اذهب فسلم على فلان؟ تقول: لا واللهِ لا أريد، على سبيل اللغو لا القصد، فهذا على سبيل اللغو لا يترتب عليه حكم، ولأن هذا أيضًا من الأشياء التي قد يشق تجنبها" انتهى من "تفسير العثيمين: المائدة" (2/ 308).
فما يصدر عن الناس من الأيمان التي لم يقصدوها ، فهي من اللغو الذي جاء العفو عنه بعدم انعقاده أو وجوب الكفارة فيه.
جاء في موسوعة الإجماع: "الأيمان التي تجرى على اللسان بلا قصد، مثل ‌بلى ‌واللَّه، لا واللَّه، لا كفارة فيها، لأن الحالف لم يعقد الأيمان عليها، وإنما هو سبق اللسان باليمين من غير قصد ولا اعتقاد.
وقد نقل الإجماع في ذلك محمد بن نصر المروزي حيث قال: (فأما يمين اللغو الذي اتفق عامة العلماء على أنها لَغْو، فهو ‌قول ‌الرجل: لا واللَّه، وبلى واللَّه، في حديثه وكلامه، غير معتقدٍ لليمين، ولا مُريدها) "اختلاف العلماء" (212).
ونقل هذا الإجماع عنه أبو عبد اللَّه القرطبي .. "الجامع لأحكام القرآن" (6/ 285)" انتهى من "موسوعة الإجماع في الفقه الإسلامي" (7/ 469).
وقال ابن قدامة رحمه الله: "اليمين التي تمر على لسانه في عُرض حديثه، من غير قصد إليها، لا كفارة فيها، في قول أكثر أهل العلم؛ لأنها من لغو اليمين.
نقل عبد الله، عن أبيه، أنه قال: اللغو عندي أن يحلف على اليمين، يرى أنها كذلك، والرجل يحلف فلا يعقد قلبه على شيء.
وممن قال إن اللغو اليمين التي لا يعقد عليها قلبه: عمر، وعائشة، رضى الله عنهما. وبه قال عطاء، والقاسم، وعكرمة، والشعبي، والشافعي. لما روى عن عطاء، قال: قالت عائشة: إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال، يعنى اللغو في اليمين: "هو كلام الرجل في بيته: لا والله. وبلى والله". أخرجه أبو داود...، وقول الله تعالى: لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم ولكن يؤاخذكم بما عقدتم الأيمان فكفارته إطعام عشرة مساكين جعل الكفارة لليمين التي يؤاخذ بها، ونفى المؤاخذة باللغو...
ولأن قول عائشة في تفسير اللغو، وبيان الأيمان التي فيها الكفارة، خرج منها تفسيرا لكلام الله تعالى، وتفسير الصحابي مقبول" انتهى من "المغني" (13/449).
والحاصل:
أن اليمين المذكورة غير منعقدة في الصورتين.
والله اعلم.

الإسلام سؤال وجواب