فينك انت
قد تغمُرك السعادةُ وتبتهجُ و أيضاً تبتسم من دون أن تشعر، ولماذا تبتسم!
فقط لأنك تشاهدُ طفلًا صغيرًا يركض مسرعاً باتجاهك، وكأنهُ يهربُ من أمه،
ويريدُ أن يتحررَ منها ويلهو ويلعبُ كما يحلو له ، يريد أن يخبرَ العالمَ بانتصارهِ بأنه يمشي ،
يشعرُ بدبدبةِ قدميهِ على الأرضِ وكأنهُ هو الوحيد الذي يقفُ عليها ويمتلكها،
ولكن وللأسف من شدةِ فرحتهِ سقطَ أرضاً ،
وسرعان ما أتتْ أمه وضمدت جرحه ووضعتْ عليه " البلسم "
، فسمعت صوتًا يقولُ لها ( الملحُ مفيدٌ أيضاً للجروح) ،
فغضبت الأمُ وردت " أضعُ الملحَ على جرح ابني؟! فلذةُ كبدي
، أأجعلُ ابني يحترقُ من الوجع ويتألمُ من شدةِ الجرح
، هل من المعقولِ أن أساهم في أن يبقى جرحُ ابني موجودًا وحتى إن التئم
، تبقى ندوبُ الجرح موجوده ، أضعُ الملح وأنا لدي البلسم؟!
" البلسم هذه مَادَّةٌ بَلْسَمِيَّةٌ ، صَمْغِيَّةٌ ، تُسْتَخدَمُ فِي الطِّبِّ وَتُضَمَّدُ بِهَا الجِرَاحُ" .
لماذا لا أضعُ له البلسم ، الذي لا يُؤلمهُ ولا يشعرُ أن هناك جرح من الأساس ،
سوءاً بالنظر إلى شكلِ ذلك الجرح والذي سيختفي بعد عدةِ أيامٍ
وكأنه لم يكن من الأساس .
أعجبني ردُ الأم ، لأنها لخصتْ طريقةَ علاج مشاكل حياتنا في التفريقِ بين الملحِ والبلسم،
وماذا يفعلان، وطرق علاجهما ، والآثار المترتبة ما بعد استخدامِ هذين العلاجين .
الجميعُ لديه مشاكلٌ سوءاً جسدية أم معنوية،
وقد يكونُ لا بل بالتأكيدِ الجسديةِ لها حلول ، وتعالجُ بالأدويةِ ولله الحمد
، لكن المعنوية كيفَ ستُعالج؟ هل بالبلسمِ أم بالملح .
كفتاةٍ متزوجةِ تشكو لصديقتها عن زوجِها ، " فترشُ على الجرحِ ملح" ،
و تقولُ لها كلماتٍ وعباراتٍ وألفاظٍ قد تُدمرُ عائلةً بأكملها وقد ينتهي الأمر بالطلاقِ
، لماذا ؟! ألم يكن معكِ البلسم ألا وهو الكلمةُ الطيبة ؟!
لماذا لم تُذكريها بحسنةٍ من حسناته معها ، ألم يأتي لها بهدية مرة ،
ألم يقل لها كلمة حلوةً ذاتَ مره ، ألم وألم وألم ؟!
يقول البرت أينشتاين :
(المثقفون يأتون لحلِ المشاكل بعدَ وقوعِها،
والعباقرةُ يسعون لمنعها قبلَ أن تبدأ).
فأين أنتِ منهم ؟!
|