قال سهل بن عبدالله التسترى
قرأت قول القائل:
منْ أدمنَ طرق َالبابِ يوشكُ
أنْ يُفتحَ لهُ، فاستُغلِقَ علىَّ فهمها
فخرجت أسير فى طرقاتِ تستر ليلا
والسماءُ تمطرْ فوجدت أُمَّا تعاقبُ
ابنها على خطأ قد فعله وتقول
له ألم أقل لك لا تعصِ لى أمرا
وأخذت تعنفه حتى أخرجته
من بيتها قائلة له مادمت
لأمرى لا تطيع ففى دارى لا تسكن
وأغلقت الباب، فمازال الغلام
يبكى ويتضرع على أمه أن تعفوَ
عنه وأن تسامحه فمازال يتوسل
إليها حتى فتحت الباب فارتمى
فى حضنها وأجهشا كلاهما
فى البكاء ووعدها ألا يعود
لمخالفتها ثانية، فأدخلته
الدار وقد ضحكت له وأظهرت
له مراحم الأم بولدها،
قال سهل فعلمت حينها المعنى من قوله:
من أدمن طرق الباب
يوشك أن يفتح له.
أبواب الله تعالى للعباد مفتوحه
لا حاجب عليها ولا ساتر متى
يريدُ العبدُ أن يذهبَ لربهِ
وأنْ يعودَ إلى حظائرِ قدسه ِ
الشريف وجدَ ربه متشوقا
إليه اكثر منه ومقبلاٌ بفرائد
الإحسان عليه أليس هو سبحانه القائل:
«ومن تقرَّبَ إلىَّ شبرًا تقربْتُ
منه ذراعًا ومن تقرَّبَ إلى ذراعًا
تقربتُ منه باعًا، ومن أتانى
يمشى أتيتُه هرولةً».
فسبحانه بابه مفتوح للسائل
وفضله مبذول للنائل فما اكتفى
القريب ولا حُرم البعيد. لقد كان
أنبياء الله دائمى قرع الأبواب
الإلهية للاغتراف من الأنوار
القدسية فما قرع بابه قارع
إلا أجابه ولا طلبه طالب إلا لباه
وقربه قال تعالى:
«وَذَا النُّونِ إِذ ذَّهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ
أَن لَّن نَّقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِى الظُّلُمَاتِ
أَن لَّا إِلَهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ
إِنِّى كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ فَاسْتَجَبْنَا لَهُ».
وقال تعالى:
«وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّى مَسَّنِىَ
الضُّرُّ وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ فَاسْتَجَبْنَا لَهُ».
ها هو رمضان يعلمنا بعد عام
يمر على الإنسان بكل ما فيه
من بُعد عن الله وتقصير فى
حقه عز وجل جاء ليرمض
الذنوب أى يمحوها، فيجعل
صاحبها كيوم ولدته أمه خاليا
من الذنوب مطهرا من العيوب.
لكم خالص تحياتى وتقديرى
و
رمضــان كريـــم
الدكتــور علـــــى