الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛
فالطعن في الأولياء والأتقياء، ومحاولات الانتقاص من شأنهم، ومن مكانتهم التي يحتلونها في قلوب المؤمنين ليس بجديد؛ فمع الأيام يخرج أفاك أثيم ممن تلاعب به الشيطان، فيسب في السادة والأولياء؛ محاولاً أن ينال منهم، ومن منزلتهم، ولا يدري أن هذا الطعن لا يزيدهم إلا علوًا ورفعة، ولا يزيد الطاعنين إلا خسارًا ونكدًا!
ولا نقول لأمثال هؤلاء إلا: "موتوا بغيظكم".
والطعن لم ينشأ في هذه الآونة الأخيرة فحسب، ولم يقتصر على الطعن في الأتقياء والأولياء، ولكن هناك من طعن في الله -تعالى- ووحدانيته، ومَن طعن في صفاته وأسمائه، ومن طعن في عدل الله وحكمته، وترى من طعن في شريعة الله المعصومة، وترى من طعن في خير الخلق والصفوة المختارة، الذين اختارهم الله لرسالته، ولدعوة قومهم إلى توحيد الله، وترى من طعن في الرسالات التي أنزلها الله على خير خلقه من النبيين والمرسلين.
فقد طعنوا في ربهم: ولكن الناس مع الفهم لهذا الأمر ومع طول الأمد وهم يسمعون هذا الطعن في ربهم ليلاً ونهارًا، نسوا أن يكون طعنًا؛ فما انتهى هذا الطعن في الله -تعالى-، كما نسمع ذلك من طوائف كثيرة، نسبوا إلى الله الولد ونسبوا إلى الله الصاحبة! (وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَقَالَتِ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ ذَلِكَ قَوْلُهُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِئُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ) (التوبة:30).
بل تجد من ينتسب إلى الإسلام ويطعن في شريعة ربه، ويطعن في حكمة الله -تعالى-؛ فيسعى للتبديل والتغيير في أحكام الله معترضًا على حكم ربه -سبحانه-.
يقول الله -تعالى-: (وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالا مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) (المائدة:38)، فترى هذا الطاعن في شرع ربه يرى أن هذا ليس بالحكم، إنما الحكم ما يحكم هو أن السارق يسجن ولا تقطع يده، فهو بذلك يطعن في أحكام ربه وفي حكمته!
ويقول الله -تعالى-: (الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ وَلا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) (النور:2)، فيرى الطاعن في حكم ربه أن هذا ليس بالحكم، إنما الحكم كما يرى هو لا كما يحكم الله -تعالى-، فيرى أنه لا جلد ولا رجم على الزاني المحصن، فلو ثبت أن المرأة الزانية متزوجة فالقول قول زوجها؛ إن عفا عنها يخلي سبيلها وإن لم يعف عنها فعقوبتها السجن، أما الزاني فلا عقاب عليه، والأمثلة على هذه الطعون في الله -تعالى-، أو في صفاته، أو في أحكامه وشرعه لا تعد ولا تحصى، ولكن مع إلفنا لهذا الطعن كأنا لا نراه طعنًا! فقد قتلت الغيرة في النفوس.
ولقد نبهنا الله -تعالى- وحذرنا من المجالس التي يطعن فيها في شرع الله وفي آياته: (وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) (الأنعام:68).
- جبريل -عليه السلام- يقرؤها السلام: عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يومًا: (يَا عَائِشَ هَذَا جِبْرِيلُ يُقْرِئُكِ السَّلامَ). فَقُلْتُ: وَعَلَيْهِ السَّلامُ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ، تَرَى مَا لا أَرَى. تُرِيدُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- (رواه البخاري ومسلم).
- مكانة عائشة -رضي الله عنها- من النساء: عن أبي موسى الأشعري -رضي الله عنه- قال: قال رسول -صلى الله عليه وسلم-: (كَمَلَ مِنْ الرِّجَالِ كَثِيرٌ، وَلَمْ يَكْمُلْ مِنْ النِّسَاءِ إِلا آسِيَةُ امْرَأَةُ فِرْعَوْنَ، وَمَرْيَمُ بِنْتُ عِمْرَانَ، وَإِنَّ فَضْلَ عَائِشَةَ عَلَى النِّسَاءِ كَفَضْلِ الثَّرِيدِ عَلَى سَائِرِ الطَّعَامِ) (رواه البخاري ومسلم).