كان الشافعي يحضر دروس الإمام مالك ولازمه طوال حياته، وكان الشافعي في أول حياته فقير ولم يكن يملك محبرة ولا أوراق فكان الشافعي يضع إصبعه في ريقه ويكتب به على يده اليسرى، فلما رآه مالك شعر أنه يهزأ بالدرس فطرده، وفي تلك الأثناء أتى رجل للإمام مالك ليفته، فقد قال لزوجته أنت طالق إن لم تكوني أحلى من القمر، فقال له مالك هي طالق.
فلما خرج الرجل قابله الشافعي، وسأله عن حديثه مع الإمام مالك، فأخبره الرجل، فقال له الشافعي لكن امرأتك أحلى من القمر، فسأله الرجل عن ذلك فقال له قول الله عز وجل” لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم”، فقال له الرجل إذن نعود للإمام مالك.
فلما دخلا للإمام قال له الرجل هذا الرجل يقول أنك أخطأت، فرد الشافعي يا شيخي لم أقل ذلك، بل قلت كذا وكذا، فقال الإمام مالك أصاب الشافعي وأخطأ مالك.
وشعر الإمام مالك أنه أخطأ حين طرد تلميذه دون أن يتبين حقيقة عمله، فسأله عما كان يفعل، فأخبره أنه كان يكتب ما يقول لأنه لا يملك أوراق، فقال له مالك اقرأ ما كتب، فأعاد الشافعي كل ما قاله مالك في الدرس، وتدور الأيام ويحضر الإمام مالك درسًا لتلميذه النجيب، كان مالك يجلس بجوار عمود فكتب عليه” من أراد العلم النفيس فعليه بمحمد بن إدريس”.
فلما قرأ الشافعي ماكتبه أستاذه، ذهب وكتب أسفله ” كيف وهو تلميذ نعلك يا مالك”، وهكذا كان الشافعي يوقر شيخه ومعلمه طوال حياته، وهكذا يكون تواضع العلماء والتلاميذ النجباء وأخلاقهم.