وادي شاب

يعتبر وادي شاب، من المقاصد السياحية المهمة، التي تلاقي رواجاً وقبولاً واسعين من الزوار المحليين والأجانب، وهو واحدٌ من الأودية المتنفسة التي تتوفر فيها المياه على مساحاتٍ ممتدة، منبلجةً من أرحام الجبل متصلةً بالبحر في نهايته، ما شكّل امتزاجاً لطيفاً بين عذوبة ماء الوادي وملوحة البحر، غير أنه يحظى بحركةٍ مشبوبةٍ لا تهدأ، وبخاصة أيام الإجازات والمناسبات، فهو الخيار الأمثل لكثير من العوائل والزوار الشباب.

موقع الوادي

يقع وادي شاب في نيابة طيوي بولاية صور، في محافظة جنوب الشرقية، يبعد عن ولاية قريات 76 كم وحوالي 140 كم عن محافظة مسقط، والوصول إليه يتم بيسرٍ وسهولة عبر الطريق الساحلي (قريات- صور).

عند بلوغ طيوي يكون شاطئ شاب في الواجهة، ثم الانعطاف يميناً ناحية الوادي الذي تنحدر مياهه من أعالي جبال "بني جابر".

بحيرة صغيرة

اقتراب البحر من الوادي، ولّد بحيرةً صغيرة على المدخل، وهي عادةً ما تكون مكتظةً بالجلسات العائلية، وكأن الأسر العمانية تكتفي بها مؤنساً عوضاً عن الوادي وتتجشّم عناء قطع المسافات مشياً، ومن اكتفى بالمكوث على ضفاف البحيرة، سيجد ما يكفيه من المتعة، حيث الأشجار الكبيرة المنتشرة بجوار الجبل، التي تهيئ المقيل لكل باحث عن الاستظلال، ما يجعل كل عوامل البهجة متوفرة، فالمكان ملائم لرياضة المشي وممارسة الأنشطة المختلفة.

قامت وزارة السياحة بجهود حثيثة لتطوير الموقع السياحي وجعله ملائما للزائرين بما يحتاجه من مرافق وخدمات، يبدو ذلك واضحا للزائر من اللحظة الأولى التي يَفِدُ فيها إلى وادي شاب، اذ يجد على ميمنته مبنى جديدا يضم عددا من المرافق العامة من بينها دورات مياه يشرف عليها عمال نظافة على الدوام، لذا فهي تتمتع ببيئة صحية تجعل السائح مرتاحا، إضافة الى ذلك عمدت الوزارة الى توفير عدد من اللوحات الارشادية والعلامات السياحية التي تهدي الزائر إلى مواطن الجمال في الوادي العامر بالماء والهواء النقي، ويبقى مشروع تنظيم المسارات الجبلية وتهيئتها لكي تجعل حركة السياحة ميسرة في الجبل للوصول الى البحيرات والشلال في نهاية الوادي، هو المشروع الأضخم الذي بذلت فيه الوزارة جهودا كبيرة لكي ينعم السائح بطرق جبلية آمنة محاطة بسياج حديدي منيع.

مكامن الدهشة

من رغب في مواصلة التقصي والبحث عن مكامن الدهشة في الوادي الذي لا يشيب، فعليه مواصلة الرحلة من خلال العبور إلى الضفة المقابلة عبر قوارب النقل المتوفرة بأسعارٍ رمزيةٍ لا تذكر، في حين يرغب البعض في أخذ جولةٍ صغيرةٍ بالقارب في تلك البحيرة، غير أن على الزائرين الانتباه والحرص أثناء نزولهم من القارب في الجهة الأخرى، كي لا يقعوا في البحيرة، وبخاصة من لا يجيد السباحة، فهي على عمقٍ يتجاوز المترين إلى ثلاثة أمتار.

مالك الحزين

أثناء الانتقال إلى الضفة المقابلة، تتراءى لك الكثير من المشاهد الطبيعية الخلابة، كما يستقبلك الطائر المعروف بـ "مالك الحزين" الملازم لبحيرة الوادي في بدايته، تلكم البحيرة التي تميزت بصفاء مائها وعذوبته، إيذاناً بانتهاء رحلة التمازج بين البحر والوادي. مالك الحزين بتحركاته الظريفة، وملازمته للماء، أصبح محطّ أنظار المصورين، وكأنه اعتاد على ذلك الوضع، لذا تجده يلتزم السكون لحظة الالتقاط، وعليه تُلتَقَط الكثير من الذكريات الجميلة بمقربةٍ منه. اذ اصبح وادي شاب ملاذا للكثير من الطيور المستوطنة والمهاجرة التي وجدت بين جنباته ما تبحث عنه من الجمال واخضرار الطبيعة وشموخ الجبال لذا توطنت هذه الطيور في وادي شاب.

امتزاج بيئي

المنظر ما بعد البحيرة الصغيرة، هو المنظر المحبّب للزوار الأجانب، حيث الجبال المتطاولة، والأرض البراح المنفتحة على ممرّ الوادي الفسيح، في لوحةٍ عبر عنها أحد الزائرين الفرنسيين "ميشيل دانتيل" بقوله: "استهوتني لوحة الطبيعة المرسومة بحرفية عالية، حيث الماء النمير الذي يسيل بين الصخور، والجبال الشاهقة بتكوينها الجميل، مناظر طبيعية تتيح لك الاختلاء بالنفس ومحادثة البيئة حديثاً شاعرياً، هذه البيئة المتفردة قلما نجدها في البلدان الأوروبية، لذلك تأسرنا الجبال بتعرّجاتها ونحتها واتصالها الأنيق بالأرض والأودية".

واحة خضراء

المدهش في الوادي بعد رحلة سيرٍ بسيطة مشاهدة واحة خضراء على الميمنة فكأنما يد حانيةً نقلتها من مكانٍ ما وأنزلتها بهدوءٍ على كنف الجبل، ما يجعل الحماسة ترتفع في نفوس الزائرين لمواصلة المسير نحو الوادي النضير، كما أن زقزقة العصافير الساكنة بأعالي الأشجار لا تهدأ البتة في تلكم الواحة، التي تتمازج بطريقةٍ مبهرة مع صوت خرير المياه في سيمفونية موسيقية عذبة، لا تملك الأذن والنفس حيالها إلا التراقص على وتر أنغامها سروراً وانتشاء.