07-03-2021
|
07-03-2021
|
#2
|


أثر الانقسامات والثورات على الخلافة الأموية
موقف الحسن البصري من ثورة ابن الأشعث
يعد الحسن البصري واحداً من أولئك العلماء الذين اعتزلوا القرب من الولاة والأمراء وابتعدوا عن المناصب ورغبوا عن وجاهتها. فقد كان ينهي العلماء عن طرق أبواب الأمراء والتزلف لهم؛ لأن في ذلك إهانة للعلم وحطاً من قدر العلماء ومكانتهم.
وبقي الحسن معتزلاً القرب من الولاة بعيداً عن تولي مناصبهم حتى توفي ـ رحمه الله ـ إلا أن ذلك لم يكن سبباً في انزوائه عما يجري في عصره من أحداث سياسية بل كان علماً بارزاً يهتدي كثير من الناس بتوجيهاته وآرائه السديدة، لاسيما في أوقات الفتن وفترات الخلاف؛ لذا قال فيه الثقات: كان والله الحسن من رؤوس العلماء في الفتن والدماء والفروج.
وكان ينحى في نصحه للعامة إلى جمع الكلمة وتوحيد الصف، وينهي عن الإثارة والفرقة، ويدعو إلى السمع والطاعة للولاة. وكان يرى وجوب الموازنة بين الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ووحدة الجماعة.
ولقد عاصر الحسن البصري معظم فترات الحكم الأموي، وتأثر بالواقع السياسي في هذه الفترة، فأصبح يمثل مدرسة سياسية في عصره. فهو يرى أن حكم بني أمية فيه ظلم وجور، ولكنهم في نفس الوقت يملكون القوة العسكرية، وموازين القوى في صالحهم. كما أن الفئة الراغبة في التغيير والشاكية من الظلم ينقصها التنظيم والإعداد والقوة والصبر. ويرى أن الذين يحملون راية الخروج على حكم بني أمية إما مخلص لدينه، ولكنه لا يصلح للحكم ولا يقدر على إحداث التغيير، وإما رجال يستخدمون الدين والدعوة للتغيير لأغراض دنيوية، منها حبهم للسلطة والحكم، فليسوا بأحسن حال من الأمويين. وعلى ذلك أصبح موقفه من الحكم الأموي يقوم على أمور، منها:
عدم الخروج على حكم بني أمية لما في ذلك من سفك الدماء، وتقويض لقوة المسلمين، وازدياد الجور والظلم. فقد دخل عليه رجل فقال: يا أبا سعيد إني أريد أن أسألك عن الولاة، فقال الحسن: سل عما بدالك. فقال: ما تقول في أئمتنا هؤلاء؟، فسكت الحسن ملياً، ثم قال: وما عسى أن أقول فيهم وهم يلونا من أمورنا خمساً: الجمعة والجماعة، والفيء والثغور، والحدود، والله ما يستقيم الدين إلا بهم، وإن جاروا وإن ظلموا، والله ما يصلح الله بهم أكثر مما يفسدون، والله إن طاعتهم لغبطة، وإن فرقتهم لكفر. فقال الرجل: يا أبا سعيد والله إني لذو مال كثير، وما يسرني أن يكون لي أمثاله، وإني لم أسمع منك الذي سمعت فجزاك الله عن الدين وأهله خيراً.
وحين سئل عن الحجّاج قال: يتلو كتاب الله ويعظ وعظ الأبرار، ويطعم الطعام، ويؤثر الصدق، ويبطش بطش الجبارين. قالوا فما ترى في القيام عليه؟، فقال: اتقوا الله، وتوبوا إليه يكفيكم جوره.
وكان إذا قيل له: ألا تخرج فتغير، قال: إن الله إنما يغير بالتوبة ولا يغير بالسيف.
وكان يرى أن جور الحكام بسبب ما يحدثه الناس من ذنوب ومعاصي، وإن من أهم أسباب دفع الجور والظلم هو الرجوع إلى الله. وكان يحث الناس على تجنب الفتن والبعد عن أسباب إشعالها.
وحين بلغ السخط على الحجّاج أوجه وثار عليه الناس مع ابن الأشعث، وكان جملتهم عدد من العلماء لزم الحسن موقفه من الفتن، فلم يخرج مع من خرج بل كان يكره ذلك، وينهي الناس عنه.
أسباب فشل ثورة ابن الأشعث
ـ عدم تمكن العلماء من السيطرة على مسار تلك الحركة:
وذلك حين تطور الأمر وخلع الثائرون الخليفة عبد الملك بن مروان، فلم يتمكن العلماء من إقناع الناس بالحفاظ على الهدف الذي قامت الثورة لأجله وهو خلع الحجّاج. بل ربما جر بعض العلماء إلى القناعة بهذا المسار الجديد، وتأكد فشل العلماء في عدم محافظتهم على الهدف الرئيس للحركة؛ وذلك حينما عرض عبد الملك على الثائرين عزل الحجّاج، ولكن الزهو والعجب بما تحقق من انتصارات أدى إلى رفض ذلك العرض من الخليفة، ولم يتمكن العلماء من إقناع الثائرين بقبوله.
ـ تحكم أصحاب الدوافع الإقليمية والمذهبية في مسارها:
استطاع أصحاب الدوافع الإقليمية والميول المذهبية أن يسيروا بالحركة نحو التخلص من بني أمية.
ـ عدم امتلاك الثورة لرؤية كاملة:
فقد أصبح العلماء يسيرون في طريق غير واضح المعالم، سوى تحقيق الانتصار على جيوش الأمويين. وهنا يتساءل الصلابي: ولكن ماذا بعد؟، هل بالإمكان تغيير الخليفة بالانتصار على جيوش الأمويين في العراق. وهل يستسلم الشام بهذه السهولة، أو تقر الأقطار الإسلامية ذلك؟. وهل يكون ابن الأشعث هو الخليفة للمسلمين في حالة القضاء على عبد الملك. لقد دخلت الثورة في طريق شائك معقد بمجرد رفضها عرض الخليفة بعزل الحجّاج واضطربت أهدافها؛ مما أدى إلى وأدها وفشلها وانتصار جيوش الخليفة عليها.
- ذكاء الخليفة عبد الملك:
فقد تعامل الخليفة عبد الملك مع الثورة بذكاء؛ حيث استمر دعمه للحجّاج بالجيوش، إلى جانب أنه مال للصفح والمسالمة والمسامحة، ولبى طلب أهل العراق في عزل الحجّاج؛ من أجل حقن الدماء، وتوفير الجهود، والحفاظ على الجبهة الداخلية الواحدة المتراصة.
وكان عرضه على ابن الأشعث في عزل الحجّاج كسباً سياسياً له؛ حيث تبلبل صف ثورة ابن الأشعث واختلفت الآراء. وكان عبد الملك في نفس الوقت قد أعد جيشين من أهل الشام، وسلم القيادة إلى أخيه وولده، وأمرهما بالتقيد بأوامر والي العراق.
إن عدد العساكر المقاتلة والقادة وتزويدهم بكل ما يحتاجون ثم تكليفهم بالمفاوضة مع ابن الأشعث، منحت الثقة لابنه وأخيه، وهزت قرارة نفوس العراقيين، وهذا من رباطة جأش الخليفة، فكأنما قد قدّم جرعة كبيرة من الحرب النفسية، الأمر الذي أدخل الرهبة في نفس المفاوض الأول حتى مالت نفس ابن الأشعث للرضوخ لولا أصحابه.
كما أكسبت الثقة للجنود الشاميين فكانوا يقاتلون ببسالة؛ ومن هنا يظهر دور الخليفة في كبح الحجّاج حيناً، وفي إعداد الجيش حيناً آخر. فلولاه لما كان بالإمكان القضاء على هذه الانتفاضة، وبهذا القدر من الجهد.
ويعود ذلك إلى السياسة المتجددة، القائمة على أصول من الفهم الكامل لخطط الخليفة البعيدة المدى. فقد كان رجل دولة من الطراز الأول يملك خطة مستقبلية لدولة قادرة على وضع أهدافها التكتيكية والإستراتيجية من أجل بناء دولة القوة والمنعة على أسس راسخة من الملك العضوض.
ـ شخصية بن الأشعث وطبيعة جيشه:
لم تكن شخصية ابن الأشعث تملك الصفات القيادية من بعد نظر، وثاقب فكر، وتقدير للأمور، وثبات في المواقف. فقد وقع في شباك رتبيل وباعه للحجّاج مقابل مصالحه وتحالف مع الكفّار ضد المسلمين، ولم يستطع أن يقود جيشه كما يريد بل انقاد لعواطف ومشاعر الجنود فأودت به إلى حتفه. كما أن جيشه لم يكن ينقصه عدد أو عدة، ولكن حماسهم خفّ بسبب طول انتظارهم، ولم تكن لهم طاعة قوية لرؤسائهم، بعكس أهل الشام الذين كانوا جنداً نظاميين بكل ما لهذه الكلمة من معاني.
ـ القيادة لم تكن بيد العلماء وإنما بيد الأشعث
ـ عدم وجود تنظيم قوي يتحكم في توجيه الثوار وفق الأهداف المرسومة من القادة.
انتصار رأي العلماء القائلين بعدم الخروج
علت منزلة العلماء الذين اعتزلوا تلك الفتنة ولم يشاركوا فيها. فعن ابن عون قال: كان مسلم بن يسار أرفع عند أهل البصرة من الحسن حتى خف مع ابن الأشعث وكف الحسن. فلم يزل أبو سعيد ـ يعني الحسن ـ في علو منها.
وقد أسهمت حركة ابن الأشعث ـ بنهايتها بتلك الصور ـ في إقناع كثير ممن كان يرى استخدام القوة وحمل السيف لتغيير الجور والظلم الواقع من الولاة بعدم جدواها؛ ولذلك قال ابن تيمية - عقب الحديث عن ما حدث من فتن وقعت باجتهاد من بعض أهل العلم والصلاح، كخروج الحسين بن علي رضي الله عنه، وفتنة خروج أهل المدينة ووقعة الحرّة وفتنة ابن الأشعث -: ولهذا استقر مذهب أهل السنة على ترك القتال في الفتنة للأحاديث الصحيحة الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم. وصاروا يذكرون هذا في عقائدهم، ويأمرون بالصبر على جور الأئمة وترك قتالهم.
وقال ابن حجر في ترجمة أحد هؤلاء الذين كانوا يرون السّيف: كان يرى الخروج بالسّيف على أئمة الجور، وهذا مذهب للسَّلف قديم، لكن استقر الأمر على ترك ذلك لما رأوه أفضى إلى أشدّ منه، ففي وقعة الحرّة ووقعة ابن الأشعث وغيرها عظة لمن تدبر.
ثورة الزنوج
ثار الزنوج سنة 71هـ، وثاروا سنة 76هـ، وكان كبار الملاكين قد جلبوهم من شرقي إفريقيا لاستصلاح البطائح المغمورة بمياه المد جنوب العراق. وقد تكاثروا وساءت ظروفهم المعاشية، ونالهم ظلم الملاك المتنفذين؛ فثاروا بزعامة زنجي منهم يدعي رباح ويلقب (شيرزاد) - أي أسد الزنوج - وقمع ثورتهم خالد القسري أمير العراق، وقمع ثورتهم الثانية الحجاج الثقفي.
ثورة عبد الله بن الجارود
هو زعيم قبائل عبد القيس من ربيعة من مضر
أمره الحجاج أن يندب الناس للحاق بالمهلب ابن أبي صفرة لحرب الخوارج سنة 76هـ، فرفض وخلع طاعة الحجاج، وتابعه وجوه الناس، فقاتله الحجاج وقتله وقتل جماعة من أصحابه.
ثورة المطرف بن المغيرة بن شعبة
ولاه الحجاج الثقفي على المدائن سنة 77هـ، وحين زحف شبيب بن يزيد الشيباني الخارجي على المدائن في تلك السنة طلب إليه المطرف أن يرسل إليه رجالاً من صلحاء أصحابه ليناظرهم، وينظر ما يدعون إليه، فأرسل إليه ستة رجال فيهم سويد بن سليم. فلما سأله المطرف عما يدعون إليه، قال: إن ما ندعو إليه كتاب الله وسنة نبيه، وأن الذي نقمنا منه استئثارهم بالفيء وتعطيل الحدود والتسلط بالجبرية. فقال له المطرف: ما دعوتم إلا إلى الحق، ولا نقمتم إلا جوراً ظاهراً. فأعلن متابعته لهم في مقاومة الظلم، وخلع طاعة عبد الملك والحجاج. فوجه إليه الحجاج جيشاً بقيادة عمر بن هبيرة فقاتله وقتله.
ثورات المرجئة
اشتركوا مع الخوارج في بعض ثوراتهم، واستقلوا بثورات أضرموها احتجاجاً على ظلم عمال الأمويين، منها ثورة الحارث بن سريج وثورة جديع الكرماني.
ثورة البربر ضد الدولة الأموية 122هـ - 125هـ
كان والي إفريقيا بشر بن صفوان - عندما بدأت خلافة هشام بن عبد الملك - وعندما توفي استخلف قبل موته نفاش بن قرط الكلبي الذي أسرف في إذلال القيسية.
ثم إن هشاماً عين على إفريقيا عبيدة بن عبد الرحمن القيسي فبطش بعمال سابقيه من اليمانية وبآل موسى بن نصير. وفي عام 116ﻫ أرسل والي مصر عبيد الله بن الحباب فولى على طنجة عمر بن عبيد الله المرادي فأساء معاملة البربر، الأمر الذي دعاهم إلى الثورة.
تكرر الظلم والتعسف أيام إمارة عبيد الله بن الحبحاب والذي تولى إمارة إفريقيا 116ﻫ، واشتد استياء البربر المسلمين من هذه الأفعال، ورأوا التناقض الصارخ بين تعاليم الإسلام وبين سلوك هؤلاء العمال. وأصبحت عندهم قابلية للتمرد في الوقت الذي فشت فيه النزعة الخارجية في إفريقيا والمغرب، ونادى أصحابها بشعارات خارجية، ظاهرها فيه بعض الحق وباطنها ينطوي على شر عظيم؛ فصادف ذلك هوى في نفوس البربر، وتحمس كثير منهم لما نادى به دعاة الخوارج، إلا أنهم لم يعلنوا التمرد والعصيان إلا بعد أن يئسوا من إمكانية تبليغ صوتهم بالشكوى إلى الخليفة. ذلك ما ذكره الطبري حيث قال: فما زال بربر إفريقية من أسمع أهل البلدان وأطوعهم إلى زمن هشام بن عبد الملك.. فلما دب إليهم دعاة العراق واستثاروهم شقوا عصاهم وفرقوا بينهم إلى اليوم. وكان من سبب تفريقهم أنهم ردوا على أهل الأهواء فقالوا: إنا لا نخالف الأئمة بما تجبي العمال، ولا نحمل ذلك عليهم. فقالوا: لهم: إنما يعمل هؤلاء بأمر أولئك، فقالوا لهم: لا نقبل ذلك حتى نبورهم - أي نختبرهم - فخرج مسيرة المظفري زعيم الصفرية في بضعة عشر إنساناً حتى قدم على هشام فطلبوا الأذن فصعب عليهم"..
فلما طال بهم البقاء ونفذت نفقاتهم عادوا إلى إفريقيا فخرجوا على والي هشام فقتلوه واستولوا على إفريقيا.
وهكذا اندلعت بإفريقيا والمغرب ثورات لا نهاية لها، ابتدأت سنة 122ﻫ، وهي أول ثورة في إفريقيا في الإسلام.
وتضافرت جهود الإباضية والصفرية للإطاحة بحكومة القيروان، وأصبح هّم الخليفة في المشرق القضاء على هذه الثورات، فكان يرسل الجيش تلو الآخر.
مروانبن محمد والنهاية الأموية
هو مروان بن محمد بن مروان بن الحكم بن أبي الحكم بن أبي العاص بن أمية القرشي الأموي، أبو عبد الملك أمير المؤمنين، آخر خلفاء بني أمية بويع له بالخلافة بعد وفاة يزيد الثالث، ثم قدم دمشق وخلع إبراهيم بن الوليد واستقر له الأمر في منتصف شهر صفر سنة 127هـ، وعرف بمروان الجعدي نسبة إلى مؤدبه الجعد بن درهم. كان صبوراً يصل السير بالسير في محاربة الخارجين عليه.
يعتبر مروان بن محمد من فرسان بني أمية وشجعانهم. ورغم ما تمتع به من إقدام وسداد رأي، إلا أن الظروف شاءت أن تكون نهاية دولة الخلافة الأموية في عهده. وقد لا يكون هو المسؤول عن ذلك بفعل أن العوامل التي أدت إلى إضعافها وزوالها كانت تتفاعل منذ زمن بعيد، وكان قدره أن يصارع تلك الأحداث الجسام التي كانت تعمل ضده.
وأول خطر واجهه مروان هو انقسام الأمويين على أنفسهم، والذي كان من أسوأ نتائجه انقسام كتلتي العرب الرئيستين في الشام وهما اليمنيون والقيسيون. فقد انقلب اليمنيون ضد مروان، وانحاز القيسيون إليه، وتظهر خطورة هذا الانقسام في أنه حدث في مقر الخلافة الأموية وبين أكثر أنصار الأمويين قوة؛ ولهذا كان اضطراب الأمر في الشام، إيذانًا باضطراب أمر الدولة كلها.
وقد حاول مروان منذ بيعته في دمشق، أن يهدئ خواطر الناس، وأن يبعث الثقة في النفوس، فلما بايعه الناس عرض عليهم أن يختاروا بأنفسهم من يرضون من الولاة لولايات الشام الرئيسية.
يقول الطبري: "فأمرهم أن يختاروا لولاية أجنادهم، فاختار أهل دمشق زامل بن عمرو الجيراني، وأهل حمص عبد الله بن شجرة الكندي، وأهل الأردن الوليد بن معاوية بن مروان، وأهل فلسطين ثابت بن نعيم الجذامي".
كانت تلك سياسة حكيمة من مروان فهو لم يفرق بين عرب اليمن وبين قيس، فهؤلاء الولاة فيهم يمنيون وقيسيون. وقد أظهر مروان بذلك مرونة كبيرة، حتى أنه قبل اختيارهم لثابت بن نعيم الجذامي، مع أنه كان قد سبق له الغدر بمروان في أرمينية، وتزعم حركة عصيان قام بها جند الشام هناك ضد مروان، ولكن مروان عفا عنه، وعينه والياً على فلسطين تسكيناً للفتنة، وحسماً للفُرقة والخلاف.
وبعد أن رتب مروان أوضاع الشام غادر دمشق إلى حران التي اتخذها مقرّاً لحكمه.
وتمشياً مع خطته في إصلاح الأحوال، وكَبْح جماح الفتنة فإنه حينما جاءه إبراهيم بن الوليد، الخليفة المخلوع، وسليمان بن هشام اللذان كان قد هربا من دمشق قبل وصوله إليها وطلبا منه الأمان أَمَّنهما وعفا عنهما وبايعاه.
وهكذا بدأت الأمور، وكأنها آخذة في الاستقرار، ولكن ذلك الهدوء لم يكن إلا بمنزلة السكون الذي يسبق العاصفة، فلم تلبث الأنباء أن وافت دار الخليفة بنشوب الاضطراب في الشام مرة ثانية وبسريان حُمَّى الثورة من جديد.
ثورة أهل حمص على مروان سنة 127هـ
كان أهل حمص قد بايعوا مروان بن محمد، وساروا معه إلى دمشق، إلا أنهم خرجوا على حكمه بعد ذلك، ويرجح البعض أن خلافات شخصية هي التي فجرت حركتهم، ذلك أن ثابت بن نعيم الجذامي، أحد القادة المسلمين، كان على خلاف مع مروان منذ أن كان هذا والياً عليهم، واعترف به الخليفة تسكيناً للفتنة، ويبدو أن الخلاف ظل محتدماً بين الرجلين فسعى ثابت إلى استقطاب اليمنية في حمص، الذين وقفوا ضد مروان ثم تزعمهم وأعلن خروجه، واستنجد أهل حمص بالكلبيين في تَدْمُر فأمدوهم بقوة عسكرية.
حاول مروان في بادئ الأمر إصلاح الأمور بالطرق السلمية إلا أن أهل حمص لم يرتدعوا، عندئذ اضطر الخليفة أن يخرج بنفسه لوضع حد لحركتهم، وكانت له مع الحمصيين وقائع حاسمة انتصر فيها عليهم، وهدم أسوار مدينتهم.
ثورة أهلالغوطة سنة 127هـ
بينما كان مروان مشغولاً بقمع ثورة حمص، نشبت ثورة أخرى في الغوطة؛ فقد ثار أهله، وولوا عليهم زعيماً يمنياً هو يزيد بن خالد القسري. وساروا إلى دمشق فحاصروها، ولكن مروان أرسل إليهم وهو في حمص قائدين من قواده هما: أبو الورد بن الكوثر بن زفر بن الحارث، وعمرو بن الوضاح في عشرة آلاف، تمكنا من القضاء على الثورة وحرق المزة وقرى اليمانية، وقتل يزيد بن خالد، وبعث زامل بن عمرو - والي دمشق - برأسه إلى مروان بحمص.
ثورة أهل فلسطين سنة 127هـ
لقد كان ثابت بن نعيم الجذامي - والي فلسطين - وراء حركات الشام ضد الخليفة مروان بن محمد، وها هو الآن يعلن الثورة عليه ويخلع طاعته، ولكن مروان عاجله، وكتب إلى أبي الورد - الذي قمع ثورة الغوطة، وفك حصار دمشق - أن يسير إلى ثابت، فسار إليه فاقتتلوا وبعد قتال عنيف تمكن أبو الورد من أسر ثلاثة من أولاده وبعث بهم إلى مروان، ثم تمكن الوالي الجديد الذي عينه مروان على فلسطين وهو الرماحس بن عبد العزيز الكناني من القبض على ثابت بن نعيم، وأن يرسله إلى مروان الذي أمر بقتله هو وأولاده الثلاثة.
الاضطرابات في العراق
حركات الخوارج:
قامت في العراق حركات أشد خطراً مما كان في الشام، خاصة وأنه الإقليم الأكثر عداوة للحكم الأموي، منذ أن أصبحت بلاد الشام مركز السلطان، واشتُهِرَ العراق بأنه مركز الشيعة، وحركات الخوارج وتستعر في نفوس أهله عصبية إقليمية، غدت بموجبها الهوية العراقية منطلقًا لتطرف لا حدود له ضد كل نزعة شامية.
ووجد الخوارج في تصدع بني أمية فرصة للانتفاضة ضد الحكم الأموي، وتوجيه ضربة قاسية إلى مروان بن محمد قد تنهي حكم أسرة طالما مقتوها وأرادوا التخلص منها، وتميزت حركتهم في هذه الفترة بالشمولية، فبعد أن كانت قلة العدد طابع جيوشهم، أضحوا الآن يقاتلون بأعداد جماهيرية كبيرة.
فيبدو أن حركة الخوارج بعد تسعين عاماً من العمل العقائدي الثوري، غدت أكثر عدداً بما انضم إليها من مختلف الطبقات. إذ لم تعد تقتصر على المؤمنين الصادقين في إيمانهم الخارجي كما في السابق، بل أضحت حركة سياسية أكثر منها حركة دينية، وفتحت أبواب صفوفها لكل من يجيء إليها صادقاً أو غير صادق ذا رأي قد لا يتفق تماماً مع مبادئه، ولكنه يشاركها العداء لبني أمية.
وتعددت حركاتهم بعد مقتل الخليفة الوليد الثاني في عام 126هـ، وكان مسرحها العراق وشبه الجزيرة العربية، حيث دخلوا الكوفة، واستولوا عل البصرة، وعلى حضرموت. إلا أن مروان بن محمد تصدى لهم وهزمهم في أكثر من معركة في نواحي كفرتوثا من أعمال ماردين، وفي عين التمر، وفي جيرفت، وفي وادي القرى شمالي الشام، وتغلب عليهم وأجلاهم عن العراق، واستعاد سيطرته على الحجاز واليمن.
من أبرز قواد الخوارج في تلك الفترة الضحاك بن قيس الشيباني الذي قام بثورته في العراق ما بين أعوام 127- 130هـ، وأبو حمزة الخارجي الذي قام بثورته في الجزيرة العربية ما بين أعوام 128- 130هـ.
حركات الشيعة:
تزعم عبد الله بن معاوية بن عبد الله بن جعفر، آخر حركة قام بها الشيعة ضد الدولة الأموية، وانضم إليه شيعة الكوفة وبايعوه بالخلافة، وخرج في شهر المحرم من عام 127هـ لقتال أهل الشام في الحيرة.
ويبدو أن الشيعة خذلوه عندما نشب القتال، وفروا من أرض المعركة، ولم يثبت معه سوى ربيعة والزيدية، فاضطر للتراجع إلى الكوفة، وتبعه الأمويون، وشهدت شوارع المدينة معارك عنيفة بين الطرفين، وتمكن الجيش من السيطرة على الموقف، ومنح الوالي الأمويُّ عبدَ الله بن معاوية الأمان والإذن بالانسحاب، فارتحل إلى فارس حيث أعاد تنظيم صفوف قواته، وقوي أمره بمن انضم إليه من الموالي والعبيد، والعباسيين الثائرين على الحكم الأموي، والأمويين الناقمين على مروان بن محمد، وكل طامع في عطية أو وظيفة، وبقايا الخوارج الذين طردهم مروان بن محمد من الموصل.
ويبدو أن هذا الحشد الذي التف حوله كان غيرَ متجانس، وواضح أن هدفه تشكيل جبهة مقاومة لا يجمعها إلا العداء لمروان بن محمد؛ لذلك لم يتم له الاستمرار طويلاً، وسرعان ما انفرط عقده على إثر الهزيمة القاسية التي مُنِيَ بها أمام قوات مروان بن محمد عند مرو الشاذان في نهاية عام 129هـ.
وانهارت آمال عبد الله وتطلعاته وفرَّ إلى سجستان، وبلغ هراة آملاً أن يجد نصيراً في أبي مسلم، لكن هذا الأخير قبض عليه وقتله.
عقد مروان البيعة لولديه:
وسط هذه الثورات المتلاحقة وجد مروان فسحة من الوقت ليأخذ البيعة في (دير أيوب) لابنيه عبيد الله وعبد الله، وانتهز هذه المناسبة لتكون فرصة للمصالحة بين أبناء بيته، فزوج ابنيه من ابنتي هشام بن عبد الملك، وجمع بذلك كما يقول بن الأثير: "بني أمية"، وكان هذا الزواج كما يقول فلهاوزن "بمنزلة حفلة رسمية للدولة، وكان مروان يعتقد أنه قد استطاع أن يصلح ما بينه وبين أسرة بني أمية، وأن يضمها إلى جانبه".
ولكن ما كل ما يتمنى المرء يدركه؛ فسرعان ما قلب له أمراء بني أمية ظهر المِجَنِّ، وواجهوه بالعصيان والتمرد.
حركات بني أمية:
حركة عبد الله بن عمر بن عبد العزيز:
يبدو أن الفوضى التي آلت إليها أوضاع الأسرة الأموية حرّكت المطامع في نفوس أفرادها، وظن كل منهم نفسه صاحب حق في هذا الأمر.
فكان عبد الله بن عمر بن عبد العزيز والياً على العراق ومركزه الكوفة، والراجح أنه كان ذا نزعات استقلالية، إذ بعد تغلبه على عبد الله بن معاوية، أضحى له من السلطان والقوة ما بدا له أن باستطاعته الانتفاضة على حكم مروان بن محمد، فنقض بيعته له، واعتمد في تحركه على القبائل اليمنية من أهل الشام المقيمين في الكوفة والحيرة، الذين ساءهم خضوع الشام للنفوذ القيسي.
لم يُعِر مروان بن محمد هذه الانتفاضة التفاتة جدية في بادئ الأمر، فترك عبد الله وشأنه لاعتقاده بأنه لا يشكل خطراً كبيراً على مركزه، ولكن حين بدا له أن مطامع واليه السابق على العراق قد وصلت إلى حد الخطر بما توافر له من القوة والمنعة، والنية في التوسع، قام لمواجهته وبعث إليه بجيش من الشام بقيادة النضر بن سعيد الحرشي، أحد رجالات قيس المشهورين، فاصطدم به، ودارت بين القوتين معارك هي إلى المناوشات الخفيفة أقرب، لم تؤد إلى نتيجة حاسمة، وظل الفريقان على هذه الحال حتى ظهرت مشكلة أكثر خطورة، تمثلت في الخوارج الذين برزوا مجدداً على مسرح الأحداث في العراق، وانهمك مروان بن محمد في التصدي لهم، وترك أمر عبد الله بن عمر بن عبد العزيز.
حركة سليمان بن هشام بن عبد الملك 127هـ:
توقع مروان أن مصاهرته لأبناء هشام بن عبد الملك كافية لرأب الصدع بين أبناء البيت الأموي كله، وأن الأمر في الشام قد استقام له، ولهذا أخذ في إعدادِ جيشٍ قوامه عشرون ألفاً تحت قيادة يزيد بن عمر بن هبيرة لمواجهة ثورة الخوارج في العراق الذين خرجوا عليه بزعامة الضحاك بن قيس الشيباني منتهزين فرصة انشغاله بثورات الشام، كما ضرب على أهل الشام بعثًا للحاق بيزيد ومعاونته في حرب الخوارج، وكان سليمان بن هشام - شقيق زوجتي ولدي مروان - قد استأذنه في الإقامة بالرصافة أيامًا للراحة فأذن له، وبينما يقوم مروان بالإشراف بنفسه على تجهيز جيش ابن هبيرة في قرقيسياء فاجأته ثورة عارمة قادها صهره سليمان، حيث انفلت عشرة آلاف من أهل الشام الذين استنفرهم مروان لقتال الخوارج، وذهبوا إلى سليمان بالرصافة، ودعوه إلى خلع مروان، فأجابهم إلى ذلك دون أن يعبأ ببيعته وعهوده التي قطعها على نفسه للخليفة، ولا مراعاة لصلة الرحم والمصاهرة الجديدة، بل ودون أن يضع في تقديره الظروف التي تمر بها الدولة الأموية كلها.
استفحلت ثورة سليمان فقد اجتمع حوله سبعون ألفاً، عسكر بهم في قرية تسمى خساف من أعمال قنسرين.
فاجأت هذه الأخبار مروان على غير توقع، فقرر أن يسير إلى سليمان بنفسه، فقصده في خساف حيث دارت بينهما معركة كبيرة هُزِمَ فيها سليمان، وقُتِلَ حوالي ثلاثين ألفًا من أتباعه، وهرب هو بمن بقي من جيشه إلى حمص ثم إلى تدمر ومنها إلى الكوفة حيث انضم إلى حركة الضحاك الخارجي.
ولا شك أن عصيان سليمان بن هشام، وانضمام فئات من أهل الشام إليه وقيام اضطرابات في بعض مدن الشام، كلها مؤشرات واضحة على الحالة المتردية التي آلت إليها وحدة الأسرة الأموية، وإلى خطورة هذا الصراع الذي استمر بين أفرادها بشكل لا يبرره سوى المطامع الشخصية.
الثورة العباسية
إن انهماك مروان الثاني في إخماد الثورات والفتن شغله عن الاهتمام بما كان يجري في المشرق خاصة في خراسان التي كانت مركزاً للدعوة العباسية، وقد انتشرت في المنطقة انتشاراً واسعاً، واستقامت الأمور فيها لبني العباس؛ مما أدَّى إلى اقتناع الدعاة العباسيين بأن الوقت قد حان للجهر بها. وفعلاً حصل هؤلاء الدعاة على موافقة إبراهيم الإمام - الذي كان يعيش في الحميمة- على الجهر بالدعوة والخروج على الأمويين، وقد تولى أبو مسلم الخراساني، الذي أضحى رئيساً للدعوة في خراسان، أخْذ البيعة تحت شعار: البيعة إلى الرضا من آل محمد.
أدرك نصر بن يسار، عامل مروان على خراسان ما يشكله أبو مسلم من خطر على الخلافة الأموية، فبعث برسالة عاجلة إلى دمشق يشرح فيها حالة الفوضى التي سادت خراسان، وخطر أبي مسلم الذي كان يتزايد يوماً بعد يوم، ويطلب مدداً من الخليفة.
ويبدو أن مروان كان عاجزاً آنذاك عن إجابة طلب واليه، ولم يستطع أن يفعل شيئاً سوى أن يمنّيه بالوعود، ويزوده بالنصائح؛ مما أتاح لأبي مسلم السيطرة التامة على خراسان، ولم يتمكن نصر من الصمود أمامه؛ فتقهقر إلى نيسابور ومعه أنصاره من العرب الذين هربوا من خراسان.
ثم حدث أن انتقلت القيادة العباسية العليا في العراق إلى قحطبة بن شبيب الطائي الذي سارع إلى الاصطدام بقوات نصر، وتغلب عليه، وأجبر نصراً على ترك نيسابور حيث قصد الري، وفيها واتته الإمدادات التي بعثت بها الخلافة بعد أن أدركت خطورة الوضع، وضرورة مساندة صمود نصر، فابتدأت بذلك جولة أخرى من الاصطدامات كان النصر فيها حليف القوات العباسية، ومات نصر بن سيار بالري في عام 131هـ، بعد وقعة أصفهان في جو الهزيمة القاتم.
ثم اتجه قحطبة نحو العراق ليصطدم بالقوات الأموية بقيادة ابن هبيرة - والي مروان على العراق - وتغلب عليه وهَمَّ بدخول الكوفة إلا أنه غرق وهو يعبر نهر الفرات. ودخلت القوات العباسية المدينة بقيادة حميد بن قحطبة في شهر ربيع الأول عام 132هـ، وسلم الأمر إلى أبي سلمة الخلال الذي أضحى وزير آل محمد. وبُويع في الكوفة لعبد الله بن محمد بن علي بن عبد الله بن العباس المعروف بأبي العباس، وقد كان أخوه إبراهيم الإمام قد عهد إليه بأمر الدعوة عندما قضى عليه مروان الثاني آنذاك بعدما كشف أمره ليصبح أول خليفة عباسي.
عام السقوط
وبعد أن تم الأمر لأبي العباس في العراق أرسل جيشاً بقيادة عمه عبد الله بن علي، التقى بجيش مروان على نهر الزاب، وهو أحد فروع نهر دجلة، وكانت الانتصارات التي حققتها الثورة حتى ذلك التاريخ قد أضعفت معنويات الجيش الأموي، فأحجمت بعض وحداته عن خوض المعركة ومنها الوحدات اليمنية، ربما بدافع العصبية من جهة، ومن التأخير في دفع مرتبات الجند من جهة أخرى. وعصت هذه الوحدات أوامر مروان في تلك اللحظة الحرجة ودارت بين الجيشين الأموي والعباسي رحى معركة عنيفة في شهر جمُادَى الآخرة عام 132هـ، استمرت أحدَ عشرَ يوماً انتهت بهزيمة مروان بن محمد، الذي انسحب بعد المعركة باتجاه الموصل لكن المدينة أغلقت أبوابها في وجهه؛ مما دفعه إلى الانسحاب نحو حران مقره السابق، إلا أن الجيش العباسي ظل يطارده فانسحب إلى حِمْص فدمشق فالأردن ثم فلسطين، وكانت المدن في هذه البلاد تفتح أبوابها للجيش العباسي باستثناء مدينة دمشق التي دخلها العباسيون عنوة.
وعهد عبد الله بن علي إلى أخيه صالح بمطاردة مروان بعد أن تجاوز الشام ووصل إلى مصر بعد أن تخلى عنه أنصاره وتوقف في قرية بوصير الصغيرة في منطقة الفيوم؛ حيث داهمته في الليل قوة عسكرية وقاوم مروان حتى خرَّ صريعاً. وانتهت بمقتله الخلافة الأموية، وكان ذلك في عام 132هـ.
الخلاصة:
إذاً سنلاحظ أن اكبر عاملين في قيام هذه الثورات وسقوط الخلافة الأموية، هما: الانقسام والصراع بشقيه القبلي والعنصري، وكذلك تجاهل بعض الخلفاء لمطالب الناس وشكاواهم، إضافة إلى ضعف بعض الخلفاء وانشغال بعضهم بمصالحه الشخصية..
وقد نقل المسعودي أن بعض شيوخ بني أمية وَمُحصَليها سئل عقيب زوال الملك عنهم إلى بني العباس: ما - كان سبب زوال ملككم؟. فقال - ملخصاً أسباب سقوط دولتهم- : "إنا شُغلنا بلذَّاتنا عن تفقد ما كان تَفَقُّده يلزمنا، فَظَلَمْنَا رعيتنا، فيئسوا من إنصافنا، وتمنوا الراحة مِنَّا. وتحومل على أهل خراجنا فَتَخَلّوْا عنا، وخربت ضياعنا فخلَتْ بيوتُ أموالنا، ووثقنا بوزرائنا فآثَرُوا مرافقهم على منافعنا، وَأَمْضوْا أموراً دوننا أَخْفَوْا علمها عنا. وتأخّرَ عطاء جندنا؛ فزالت طاعتهم لنا، واستدعاهم أعادينا؛ فتظافروا معهم على حربنا. وَطَلَبنَا أعداؤنا فعجزنا عنهم لقلة أنصارنا. وكان استتار الأخبار عنا من أوْكَدِ أسباب زوال ملكنا".
وهكذا نشأت الأسباب والعوامل وترعرعت وتشابكت في ظل ظروف اجتماعية تفتقر إلى الأمن والاستقرار..
وسنجد أن الفترة التي حكم فيها عمر بن عبد العزيز كانت أفضل فترات العهد الأموي على المستوى السياسي والاقتصادي والاجتماعي؛ وغير خافي على أحد أن سبب ذلك يعود إلى نجاح سياسة هذا الخليفة العظيم الذي اعتمد على مبدأي التقوى والعدل في إدارة دولته؛ فانتفت الأسباب المؤدية إلى عدم الاستقرار داخل المجتمع.
ولهذا من الطبيعي أن تختفي الثورات والفتن والاضطرابات خلال فترة حكمه.. وحتى لو وجد من يسعى إلى ذلك لأطماع شخصية أو دوافع سياسية أو نوازع دينية طائفية، فإنه لن يجد في هذا المجتمع المستقر الآمن بيئة تحتضنه أو تدعمه، بل أن هذا المجتمع هو أول من يقف ضده.. مثلما سيكون خط الدفاع الأول ضد أي اعتداء أو تدخل خارجي..
وبالتالي تظل العلاقة بين السلطة العادلة ومجتمعها قائمة على الوفاء المتبادل..
ـــــــــــــــ ــــــــــ
المصادر:
- (تاريخ الأمم والرسل والملوك)، محمد بن جرير الطبري.
- (مروج الذهب)، المسعودي.
- (الدولة الأموية عوامل الازدهار وتداعيات الانهيار)، د. علي محمد الصلاَّبي.
- موقع (قصة الإسلام).
|
|
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|
07-03-2021
|
#3
|
كل الشكر وكل التقدير
لحضرتك
سلمت يداك على روعة طرحك
الاكثر من رائـــع
وسلم لنا ذوقك الراقى
على روعة الاختيــار
أسال الله عز وجل
لك سعادة دائمة لا تنتهــى
لك ولحضورك الجميل
كل الشكر وكل التقدير
تحياتى وتقديرى وإحترامى
الدكتـــور علـــى
|
|
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|
07-03-2021
|
#4
|
سطور نالت الإعجاب برقي هذا الطرح
وهذا سَّــر إبداعك وذائقتك المُتميزه
سوف آظل أترقب الجديد بكل شوق
لك كل الود والاحترام
|
|
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|
07-03-2021
|
#5
|
تميز في الانتقاء
سلم لنا روعه طرحك
نترقب المزيد من جديدك الرائع
دمت ودام لنا عطائك
لكـ خالص احترامي
|
|
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|
07-03-2021
|
#6
|
|
|
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|
تعليمات المشاركة
|
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك
كود HTML معطلة
|
|
|
الساعة الآن 09:59 AM
| | | | | |