عرض مشاركة واحدة
#1  
قديم 04-17-2022
♥мs.мooη♥ غير متواجد حالياً
Saudi Arabia     Female
 
 عضويتي » 10
 اشراقتي ♡ » May 2017
 كُـنتَ هُـنا » 09-02-2022 (01:40 AM)
آبدآعاتي » 143,730
 تقييمآتي » 100548
 حاليآ في » في قلب الغالي
دولتي الحبيبه » دولتي الحبيبه Saudi Arabia
جنسي  »  Female
 حالتي الآن »
آلعمر  » 32سنة
الحآلة آلآجتمآعية  » مرتبطة ♡
تم شكري »  0
شكرت » 0
مَزآجِي  »  1
 
افتراضي قصة صالح عليه السلام لابن هشام



السلام عليكم

وهم قبيلة مشهورة يقال ثمود باسم جدهم ثمود أخي جديس، وهما ابنا عابر بن ارم بن سام بن نوح، وكانوا عربًا من العارية يسكنون الحجر الذي بين الحجاز وتبوك، وقد مرَّ به رسول الله ﷺ وهو ذاهب إلى تبوك بمن معه من المسلمين، كما سيأتي بيانه

وكانوا بعد قوم عاد، وكانوا يعبدون الأصنام كأولئك، فبعث الله فيهم رجلًا منهم، وهو عبد الله ورسوله: صالح بن عبد بن ماسح بن عبيد بن حاجر بن ثمود بن عابر بن ارم بن سام بن نوح، فدعاهم إلى عبادة الله وحده لا شريك له، وأن يخلعوا الأصنام والأنداد، ولا يشركوا به شيئًا، فآمنت به طائفة منهم، وكفر جمهورهم، ونالوا منه بالمقال والفعال وهموا بقتله، وقتلوا الناقة التي جعلها الله حجة عليهم، فأخذهم الله أخذ عزيز مقتدر.

كما قال تعالى في سورة الأعراف: { وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا قَالَ يَاقَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ قَدْ جَاءتْكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ هَذِهِ نَاقَةُ اللَّهِ لَكُمْ آيَةً فَذَرُوهَا تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللَّهِ وَلَا تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ * وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاءَ مِنْ بَعْدِ عَادٍ وَبَوَّأَكُمْ فِي الْأَرْضِ تَتَّخِذُونَ مِنْ سُهُولِهَا قُصُورًا وَتَنْحِتُونَ الْجِبَالَ بُيُوتًا فَاذْكُرُوا آلَاءَ اللَّهِ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ * قَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا مِنْ قَوْمِهِ لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِمَنْ آمَنَ مِنْهُمْ أَتَعْلَمُونَ أَنَّ صَالِحًا مُرْسَلٌ مِنْ رَبِّهِ قَالُوا إِنَّا بِمَا أُرْسِلَ بِهِ مُؤْمِنُونَ * قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا بِالَّذِي آمَنْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ * فَعَقَرُوا النَّاقَةَ وَعَتَوْا عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ وَقَالُوا يَاصَالِحُ ائْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ * فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ * فَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقَالَ يَاقَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسَالَةَ رَبِّي وَنَصَحْتُ لَكُمْ وَلَكِنْ لَا تُحِبُّونَ النَّاصِحِينَ } [الأعراف: 73-79] .

وقال تعالى في سورة هود: { وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا قَالَ يَاقَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا فَاسْتَغْفِرُوهُ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُجِيبٌ * قَالُوا يَاصَالِحُ قَدْ كُنْتَ فِينَا مَرْجُوًّا قَبْلَ هَذَا أَتَنْهَانَا أَنْ نَعْبُدَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا وَإِنَّنَا لَفِي شَكٍّ مِمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ مُرِيبٍ * قَالَ يَاقَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَآتَانِي مِنْهُ رَحْمَةً فَمَنْ يَنْصُرُنِي مِنَ اللَّهِ إِنْ عَصَيْتُهُ فَمَا تَزِيدُونَنِي غَيْرَ تَخْسِيرٍ * وَيَا قَوْمِ هَذِهِ نَاقَةُ اللَّهِ لَكُمْ آيَةً فَذَرُوهَا تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللَّهِ وَلَا تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابٌ قَرِيبٌ * فَعَقَرُوهَا فَقَالَ تَمَتَّعُوا فِي دَارِكُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ ذَلِكَ وَعْدٌ غَيْرُ مَكْذُوبٍ * فَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا نَجَّيْنَا صَالِحًا وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا وَمِنْ خِزْيِ يَوْمِئِذٍ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ * وَأَخَذَ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دِيَارِهِمْ جَاثِمِينَ * كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيهَا أَلَا إِنَّ ثَمُودَ كَفَرُوا رَبَّهُمْ أَلَا بُعْدًا لِثَمُودَ } [هود: 61-67] .

وقال تعالى في سورة الحجر: { وَلَقَدْ كَذَّبَ أَصْحَابُ الْحِجْرِ الْمُرْسَلِينَ * وَآتَيْنَاهُمْ آيَاتِنَا فَكَانُوا عَنْهَا مُعْرِضِينَ * وَكَانُوا يَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا آمِنِينَ * فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ مُصْبِحِينَ * فَمَا أَغْنَى عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ } [الحجر: 80-84] .

وقال سبحانه وتعالى في سورة سبحان: { وَمَا مَنَعَنَا أَنْ نُرْسِلَ بِالْآيَاتِ إِلَّا أَنْ كَذَّبَ بِهَا الْأَوَّلُونَ وَآتَيْنَا ثَمُودَ النَّاقَةَ مُبْصِرَةً فَظَلَمُوا بِهَا وَمَا نُرْسِلُ بِالْآيَاتِ إِلَّا تَخْوِيفًا } [الإسراء: 59] .

وقال تعالى في سورة الشعراء: { كَذَّبَتْ ثَمُودُ الْمُرْسَلِينَ * إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ صَالِحٌ أَلَا تَتَّقُونَ * إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ * فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ * وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ * أَتُتْرَكُونَ فِي مَا هَاهُنَا آمِنِينَ * فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ * وَزُرُوعٍ وَنَخْلٍ طَلْعُهَا هَضِيمٌ * وَتَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا فَارِهِينَ * فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ * وَلَا تُطِيعُوا أَمْرَ الْمُسْرِفِينَ * الَّذِينَ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَلَا يُصْلِحُونَ * قَالُوا إِنَّمَا أَنْتَ مِنَ الْمُسَحَّرِينَ * مَا أَنْتَ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنَا فَأْتِ بِآيَةٍ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ * قَالَ هَذِهِ نَاقَةٌ لَهَا شِرْبٌ وَلَكُمْ شِرْبُ يَوْمٍ مَعْلُومٍ * وَلَا تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابُ يَوْمٍ عَظِيمٍ * فَعَقَرُوهَا فَأَصْبَحُوا نَادِمِينَ * فَأَخَذَهُمُ الْعَذَابُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ * وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ } [الشعراء: 141-159] .

وقال تعالى في سورة النمل: { وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ فَإِذَا هُمْ فَرِيقَانِ يَخْتَصِمُونَ * قَالَ يَاقَوْمِ لِمَ تَسْتَعْجِلُونَ بِالسَّيِّئَةِ قَبْلَ الْحَسَنَةِ لَوْلَا تَسْتَغْفِرُونَ اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ * قَالُوا اطَّيَّرْنَا بِكَ وَبِمَنْ مَعَكَ قَالَ طَائِرُكُمْ عِنْدَ اللَّهِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تُفْتَنُونَ * وَكَانَ فِي الْمَدِينَةِ تِسْعَةُ رَهْطٍ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَلَا يُصْلِحُونَ * قَالُوا تَقَاسَمُوا بِاللَّهِ لَنُبَيِّتَنَّهُ وَأَهْلَهُ ثُمَّ لَنَقُولَنَّ لِوَلِيِّهِ مَا شَهِدْنَا مَهْلِكَ أَهْلِهِ وَإِنَّا لَصَادِقُونَ * وَمَكَرُوا مَكْرًا وَمَكَرْنَا مَكْرًا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ * فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ مَكْرِهِمْ أَنَّا دَمَّرْنَاهُمْ وَقَوْمَهُمْ أَجْمَعِينَ * فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خَاوِيَةً بِمَا ظَلَمُوا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ * وَأَنْجَيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ } [النمل: 45-53] .

وقال تعالى في سورة فصلت: { وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمَى عَلَى الْهُدَى فَأَخَذَتْهُمْ صَاعِقَةُ الْعَذَابِ الْهُونِ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ * وَنَجَّيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ } [فصلت: 17-18] .

وقال تعالى في سورة اقتربت: { كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِالنُّذُرِ * فَقَالُوا أَبَشَرًا مِنَّا وَاحِدًا نَتَّبِعُهُ إِنَّا إِذًا لَفِي ضَلَالٍ وَسُعُرٍ * أَؤُلْقِيَ الذِّكْرُ عَلَيْهِ مِنْ بَيْنِنَا بَلْ هُوَ كَذَّابٌ أَشِرٌ * سَيَعْلَمُونَ غَدًا مَنِ الْكَذَّابُ الْأَشِرُ * إِنَّا مُرْسِلُو النَّاقَةِ فِتْنَةً لَهُمْ فَارْتَقِبْهُمْ وَاصْطَبِرْ * وَنَبِّئْهُمْ أَنَّ الْمَاءَ قِسْمَةٌ بَيْنَهُمْ كُلُّ شِرْبٍ مُحْتَضَرٌ * فَنَادَوْا صَاحِبَهُمْ فَتَعَاطَى فَعَقَرَ * فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ * إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ صَيْحَةً وَاحِدَةً فَكَانُوا كَهَشِيمِ الْمُحْتَظِرِ * وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ } [القمر: 23-32] .

وقال تعالى: { كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِطَغْوَاهَا * إِذِ انْبَعَثَ أَشْقَاهَا * فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ نَاقَةَ اللَّهِ وَسُقْيَاهَا * فَكَذَّبُوهُ فَعَقَرُوهَا فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُمْ بِذَنْبِهِمْ فَسَوَّاهَا * وَلَا يَخَافُ عُقْبَاهَا } [الشمس: 11-15] .

وكثيرًا ما يقرن الله في كتابه بين ذكر عاد وثمود، كما في سورة براءة وإبراهيم، والفرقان، وسورة (ص) وسورة (ق) والنجم، والفجر.

ويقال إن هاتين الأمتين لا يعرف خبرهما أهل الكتاب، وليس لهما ذكر في كتابهم التوراة، ولكن في القرآن ما يدل على أن موسى أخبر عنهما. كما قال تعالى في سورة إبراهيم: { وَقَالَ مُوسَى إِنْ تَكْفُرُوا أَنْتُمْ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا فَإِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ حَمِيدٌ * أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَبَأُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَالَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ لَا يَعْلَمُهُمْ إِلَّا اللَّهُ جَاءتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ... } [إبراهيم: 8-9] الآية.

الظاهر أن هذا من تمام كلام موسى مع قومه، ولكن لما كان هاتان الأمتان من العرب، لم يضبطوا خبرهما جيدًا ولا اعتنوا بحفظه، وإن كان خبرهما كان مشهورًا في زمان موسى عليه السلام، وقد تكلمنا على هذا كله في التفسير متقصيًا، ولله الحمد والمنة.

والمقصود الآن ذكر قصتهم، وما كان من أمرهم، وكيف نجى الله نبيه صالحًا عليه السلام، ومن آمن به، وكيف قطع دابر القوم الذين ظلموا بكفرهم، وعتوهم ومخالفتهم رسولهم عليه السلام.

قد قدمنا أنهم كانوا عربًا وكانوا بعد عاد، ولم يعتبروا بما كان من أمرهم، ولهذا قال لهم نبيهم عليه السلام:إنما جعلكم خلفاء من بعدهم، لتعتبروا بما كان أمرهم، وتعملوا بخلاف عملهم، وأباح لكم هذه الأرض تبنون في سهولها القصور، وتنحتون من الجبال بيوتًا حاذقين في صنعتها واتقانها وإحكامها، فقابلوا نعمة الله بالشكر والعمل الصالح، والعبادة له وحده لا شريك له، وإياكم ومخالفته، والعدول عن طاعته، فإن عاقبة ذلك وخيمة،و هو الذي خلقكم، فأنشأكم من الأرض، أعطاكموها بما فيها من الزروع والثمار، فهو الخالق الرزاق، فهو الذي يستحق العبادة وحده لا سواه،فأقلعوا عما أنتم فيه، وأقبلوا على عبادته فإنه يقبل منكم، ويتجاوز عنكم.

قال قومه: قد كنا نرجو أن يكون عقلك كاملًا قبل هذه المقالة، وهي دعاؤك إيانا إلى إفراد العبادة، وترك ما كنا نعبده من الأنداد، والعدول عن دين الآباء والأجداد.

قال نوح عليه السلام:فما ظنكم إن كان الأمر كما أقول لكم، وأدعوكم إليه، ماذا عذركم عند الله، وماذا يخلصكم بين يديه، وأنتم تطلبون مني أن أترك دعائكم إلى طاعته.لا يمكنني هذا لأنه واجب علي، ولو تركته لما قدر أحد منكم، ولا من غيركم، أن يجيرني منه ولا ينصرني، فأنا لا أزال أدعوكم إلى الله وحده لا شريك له، حتى يحكم الله بيني وبينكم.

قال قومه: إنَّما أنت مسحور لا تدري ما تقول في دعائك إيانا إلى إفراد العبادة لله وحده، وخلع ما سواه من الأنداد. وهذا القول عليه الجمهور إن المراد بالمسحرين المسحورين.وسألوا منه أن يأتيهم بخارق يدل على صدق ما جاءهم.

وقد ذكر المفسرون أن ثمود اجتمعوا يومًا في ناديهم، فجاءهم رسول الله صالح فدعاهم إلى الله، وذكرهم، وحذرهم، ووعظهم، وأمرهم، فقالوا له:إن أنت أخرجت لنا من هذه الصخرة، وأشاروا إلى صخرة هناك ناقة من صفتها كيت وكيت، وذكروا أوصافًا سموها ونعتوها، وتعنتوا فيها، وأن تكون عشراء طويلة، من صفتها كذا وكذا.

فقال لهم النبي صالح عليه السلام: أرأيتم إن أجبتكم إلى ما سألتم على الوجه الذي طلبتم أتؤمنون بما جئتكم به وتصدقوني فيما أرسلت به. قالوا: نعم، فأخذ عهودهم ومواثيقهم على ذلك، ثم قام إلى مصلاه فصلى لله عز وجل ما قدر له، ثم دعا ربه عز وجل أن يجيبهم إلى ما طلبوا.

فأمر الله عز وجل تلك الصخرة أن تنفظر عن ناقة عظيمة عشراء، على الوجه المطلوب الذي طلبوا، أو على الصفة التي نعتوا، فلما عاينوها كذلك، رأوا أمرًا عظيمًا، ومنظرًا هائلًا، وقدرة باهرة، ودليلًا قاطعًا، وبرهانًا ساطعًا، فآمن كثير منهم، واستمر أكثرهم على كفرهم وضلالهم، وعنادهم.

ولهذا قال لهم صالح عليه السلام: { هَذِهِ نَاقَةُ اللَّهِ لَكُمْ آيَةً } [هود: 64] أضافها لله سبحانه وتعالى إضافة تشريف وتعظيم، كقوله: بيت الله، وعبد الله، دليلًا على صدق ما جئتكم به.

{ فَذَرُوهَا تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللَّهِ وَلَا تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابٌ قَرِيبٌ } فاتفق الحال على أن تبقى هذه الناقة بين أظهرهم، ترعى حيث شاءت من أرضهم، وترد الماء يومًا بعد يوم، وكانت إذا وردت الماء تشرب ماء البئر يومها ذلك، فكانوا يرفعون حاجتهم من الماء في يومهم لغدهم، ويقال: إنهم كانوا يشربون من لبنها كفايتهم.

ولهذا قال: { لها شرب، ولكم شرب يوم معلوم }

ولهذا قال تعالى: { إِنَّا مُرْسِلُو النَّاقَةِ فِتْنَةً لَهُمْ } [القمر: 27] أي: اختبار لهم أيؤمنون بها أم يكفرون؟ والله أعلم بما يفعلون.

{ فَارْتَقِبْهُمْ } أي: انتظر ما يكون من أمرهم، واصطبر على أذاهم فسيأتيك الخبر على جلية.

{ وَنَبِّئْهُمْ أَنَّ الْمَاءَ قِسْمَةٌ بَيْنَهُمْ كُلُّ شِرْبٍ مُحْتَضَرٌ } [القمر: 28] فلما طال عليهم الحال هذا، اجتمع ملؤهم واتفق رأيهم على أن يعقروا هذه الناقة ليستريحوا منها، ويتوفر عليهم ماؤهم، وزين لهم الشيطان أعمالهم.

قال الله تعالى: { فَعَقَرُوا النَّاقَةَ وَعَتَوْا عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ وَقَالُوا يَاصَالِحُ ائْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ } [الأعراف: 77] .

وكان الذي تولى قتلها منهم رئيسهم: قدار بن سالف بن جندع، وكان فعله ذلك باتفاق جميعهم فلهذا نسب الفعل إلى جميعهم كلهم.
فانتدب شابان لعقرها، وسعوا في قومهم بذلك، فاستجاب لهم سبعة آخرون، فصاروا تسعة، وهم المذكورون في قوله تعالى: { وَكَانَ فِي الْمَدِينَةِ تِسْعَةُ رَهْطٍ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَلَا يُصْلِحُونَ } [النمل: 48] .

فابتدرهم قدار بن سالف فشد عليها بالسيف، فكشف عن عرقوبها، فخرت ساقطة إلى الأرض، ورغت رغاة واحدة عظيمة تحذر ولدها، ثم طعن في لبتها فنحرها، وانطلق سقيها وهو فصيلها(ولد الناقة)، فصعد جبلًا منيعًا ودعا ثلاثًا.

وروى عبد الرزاق، عن معمر، عمن سمع الحسن أنه قال: يا رب أين أمي؟ ثم دخل في صخرة فغاب فيها. ويقال: بل اتبعوه فعقروه أيضًا

وقال تعالى: { فَعَقَرُوا النَّاقَةَ وَعَتَوْا عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ وَقَالُوا يَاصَالِحُ ائْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ } [الأعراف: 77] . فجمعوا في كلامهم هذا بين كفر بليغ من وجوه:

منها: أنهم خالفوا الله ورسوله في ارتكابهم النهي الأكيد في عقر الناقة التي جعلها الله لهم آية.

ومنها: أنهم استعجلوا وقوع العذاب بهم فاستحقوه من وجهين:

أحدهما: الشرط عليهم في قوله: { وَلَا تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابٌ قَرِيبٌ } وفي آية { عَظِيْمٌ } وفي الأخرى { أَلِيمٌ } والكل حق.

فلهذا قال لهم صالح: { تمتعوا في داركم ثلاثة أيام } أي: غير يومهم ذلك، فلم يصدقوه أيضًا في هذا الوعد الأكيد، بل لما أمسوا همّوا بقتله، وأرادوا فيما يزعمون أن يلحقوه بالناقة.

{ قَالُوا تَقَاسَمُوا بِاللَّهِ لَنُبَيِّتَنَّهُ وَأَهْلَهُ } [النمل: 48] .أي: لنكبسنه في داره مع أهله، فلنقتلنه ثم نجحدن قتله، وننكرن ذلك إن طالبنا أولياؤه بدمه.

وذلك أن الله تعالى أرسل على أولئك النفر الذين قصدوا قتل صالح حجارة رضختهم، سلفًا وتعجيلًا قبل قومهم، وأصبحت ثمود يوم الخميس، وهو اليوم الأول من أيام النظرة، ووجوههم مصفرة كما أنذرهم صالح عليه السلام، فلما أمسوا نادوا بأجمعهم: ألا قد مضى يوم من الأجل.

ثم أصبحوا في اليوم الثاني من أيام التأجيل، وهو يوم الجمعة ووجوههم! محمرة، فلما أمسوا نادوا ألا قد مضى يومان من الأجل.

ثم أصبحوا في اليوم الثالث من أيام المتاع، وهو يوم السبت، ووجوههم مسودة، فلما أمسوا نادوا ألا قد مضى الأجل.

فلما كان صبيحة يوم الأحد، تحنطوا وتأهبوا وقعدوا ينظرون ماذا يحل بهم من العذاب، والنكال، والنقمة، لا يدرون كيف يفعل بهم، ولا من أي جهة يأتيهم العذاب.

فلما أشرقت الشمس، جاءتهم صيحة من السماء من فوقهم، ورجفة شديدة من أسفل منهم، ففاضت الأرواح، وزهقت النفوس، وسكنت الحركات، وخشعت الأصوات، وحقت الحقائق، فأصبحوا في دارهم جاثمين جثثًا لا أرواح فيها، ولا حراك بها.

قالوا ولم يبق منهم أحد إلا جارية كانت مقعدة، واسمها كلبة - بنت السلق - ويقال لها: الذريعة، وكانت شديدة الكفر والعداوة لصالح عليه السلام، فلما رأت العذاب أطلقت رجلاها، فقامت تسعى كأسرع شيء، فأتت حيًا من العرب فأخبرتهم بما رأت، وما حل بقومها واستسقتهم ماء، فلما شربت ماتت.

قال الله تعالى: { كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيهَا } أي: لم يقيموا فيها في سعة ورزق وغناء.

قال الإمام أحمد: حدثنا عبد الرزاق، حدثنا معمر، حدثنا عبد الله بن عثمان بن خيثم، عن أبي الزبير، عن جابر قال: لما مر رسول الله ﷺ بالحجر قال:

« لا تسألوا الآيات، فقد سألها قوم صالح فكانت - يعني الناقة - ترد من هذا الفج، وتصدر من هذا الفج فعتوا عن أمر ربهم فعقروها.

وكانت تشرب ماءهم يومًا، ويشربون لبنها يومًا، فعقروها فأخذتهم صيحة أهمد الله من تحت أديم السماء منهم إلا رجلًا واحدًا كان في حرم الله ».

فقالوا: من هو يا رسول الله؟

قال: « هو أبو رغال، فلما خرج من الحرم أصابه ما أصاب قومه ».

وهذا الحديث على شرط مسلم، وليس هو في شيء من الكتب الستة، والله أعلم.

وقد قال عبد الرزاق أيضًا: قال معمر، أخبرني إسماعيل بن أمية، أن النبي ﷺ مر بقبر أبي رغال فقال: « أتدرون من هذا؟ ».

قالوا: الله ورسوله أعلم.

قال: « هذا قبر أبي رغال، رجل من ثمود، كان في حرم الله فمنعه حرم الله من عذاب الله، فلما خرج أصابه ما أصاب قومه فدفن ههنا، ودفن معه غصن من ذهب، فنزل القوم فابتدروه بأسيافهم، فبحثوا عنه فاستخرجوا الغصن ».قال عبد الرزاق: قال معمر: قال الزهري: أبو رغال أبو ثقيف.

وقوله تعالى: { فَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقَالَ يَاقَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسَالَةَ رَبِّي وَنَصَحْتُ لَكُمْ وَلَكِنْ لَا تُحِبُّونَ النَّاصِحِينَ } [الأعراف: 79] إخبار عن صالح عليه السلام أنه خاطب قومه بعد هلاكهم، وقد أخذ في الذهاب عن محلتهم إلى غيرها قائلًا لهم:

{ يَاقَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسَالَةَ رَبِّي وَنَصَحْتُ لَكُمْ } أي: جهدت في هدايتكم بكل ما أمكنني، وحرصت على ذلك بقولي، وفعلي، ونيتي.

{ وَلَكِنْ لَا تُحِبُّونَ النَّاصِحِينَ } أي: لم تكن سجاياكم تقبل الحق، ولا تريده، فلهذا صرتم إلى ما أنتم فيه من العذاب الأليم، المستمر بكم، المتصل إلى الأبد، وليس لي فيكم حيلة، ولا لي بالدفع عنكم يدان، والذي وجب عليّ من أداء الرسالة، والنصح لكم، قد فعلته وبذلته لكم، ولكن الله يفعل ما يريد.




 توقيع : ♥мs.мooη♥

سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ

رد مع اقتباس