منتدى رواية عشق - مناظره بين الشعر والنثر

مناظره بين الشعر والنثر

دخلت مدينة التعبير في ليلة من ليالي الخريف الدافئة فوجدت عجوزين قد أحنت الدنيا ظهريهما وقد جلسا محتبيين بجانب مقبرة قديمة وكأنهما ينتظران دورهما.
اقتربت منهما وإذا هما يتجادلان ويتناظران فحييتهما فلم يأبها بي, واستمرا في جدالهما فجلست غير بعيد منهما استمع مناظرتهما وما هو إلا عن قليل حتى عرفتهما فالعجوز صاحب الصوت الموزون هو الشعر والآخر صاحب الصوت المنثور هو النثر فاتكأت استمع مناظرتهما.

قال النثر:
أما تعلم أني الأصل وأنت الفرع؟؟

فقال الشعر:
وإن تفق الأنام وأنت منهم ****** فإن المسك بعض دم الغزال

قال النثر:
أنت مختل تحتاج إلى وزن, شرود تحتاج إلى قيد أما أنا فحر طليق لا وزن يثقلني ولا قيد يحدني.

فقال الشعر:
ذو العقل يشقى في النعيم بعقله******* وأخو الجهالة في الشقاوة ينعم

النثر:
بعض معانيك غامضة غير مفهومة ولولاي لمل فهمت,فأنا الشارح لك وبفضلي فهمت.

الشعر:
أغوص إلى المعاني فانتقيها******* وما ذنبي إذا لم تفهم البقر
النثر:
هذا جواب خاطئ وقول معيب لا يدفع عنك الغموض ولا يغنيك عن شرحي.
الشعر:
ورب عائب قولا صحيحا ****** وآفته من الفهم السقيم
النثر:
أتسبني وأنا اقرب الناس إليك.
الشعر:
وآنف من أخي لأبى وأمي ****** إذا ما لم أجده من الكرام
النثر:
تأنف مني يا مختل..؟ يا من يحتاج إلى وزن, يا للهول... تتكبر علي ولولاي لما وجدت.
الشعر:
وما الكبر طبي فيهم غير أنني ******* بغيض اليّ الجاهل المتعاقل
النثر:
اخرس لا أبا لك... اخرس يا عبد الغناء وذيل الهجاء
الشعر:
وإذا أتتك مذمتي من ناقص ***** فهي الشهادة لي باني كامل
النثر:
إيه...... حضنتك وقدمتك وشرحتك ثم يكون جزائي جزاء سنمّار , والله لولا أنى اعلم انك تقول ما لا تفعل لكنت ضربتك ضرب غرائب الإبل حتى تتكسّر أوزانك وتنهدم أبياتك.
الشعر:
وفي اليمين على ما أنت واعده ***** ما دل انك في الميعاد متهم

النثر:
رمتني بدائها وانسلت, فمثلي لا يتهم بالكذب إنما يتّهم به أمثالك, فأعذبك أكذبك, واكثر أصحابك من المجّان والفسقة.
الشعر:

ألا لا يجهلً أحد علينا ***** فنجهل فوق جهل الجاهلينا
النثر:
دع عنك الجهالة يا واصف الصهباء وفاضح النساء وهلمّ أحملك على عمودك لترحل عني.....

ويقترب النثر من الشعر ليحمله فينتفض الشعر ويلطمه لطمة قوية على وجهه فيتناثر دمه ليملأ أرجاء المكان, ويقوم الشعر متكئاً على عموده ويولي منشداً بعد أن جمع أغراضه:

لا يسلم الشرف الرفيع من الأذى ******حتى يراق على جوانبه الدم