منتدى رواية عشق

منتدى رواية عشق (https://r-eshq.com/vb/index.php)
-   ۩ إسلامِي هُو سر حَياتي ۩ (https://r-eshq.com/vb/forumdisplay.php?f=2)
-   -   التغافل، وأخلاق الكبار. (https://r-eshq.com/vb/showthread.php?t=53911)

دره العشق 09-11-2019 09:56 PM

التغافل، وأخلاق الكبار.
 


بسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيم


مُعظَمُ النَّاسِ يَسْعَونَ جاهدينَ لتحقيقِ السَّعادةِ والنَّجاحِ، ونَجَاحُ الإنسانِ في حياتِهِ يَكمُنُ في صِدْقِهِ، وإخلاصِه مع رَبِّهِ وتطبيقِه لأحكامِ شَرعِهِ، ومعاشرتِه للنَّاسِ بأحسنِ الأخلاق وأفضلها، وحماية اللسان من الخوض فيما لا يَعني و لا يُغني، لأنّ الرسولَ -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- قد وجّه المسلمَ لاغتنام طاقاتِه فيما ينفعُه، وتركِ ما يضرُّه، ففي الحديث الصحيح: "مِن حُسْنِ إسلامِ المرءِ تَرْكُه مَا لا يَعنِيهِ" رواه الترمذيّ وحسّنه.

ومن حِرصِهِ – صلى الله عليه وسلم- على غرسِ المحبّةِ والأخوّةِ بين أفرادِ أمّتِهِ قال عليه الصّلاة والسّلام: "مَنْ رأى منكُم مَنكَرًا فليغيِّرهُ بيدِهِ، فإنْ لم يستطِعْ فَبِلسَانِهِ، فإنْ لم يستطِعْ فبقلبِهِ، وذلك أضعفُ الإيمانِ" رواه مسلم.

فقوله عليه الصلاة والسلام "مَنْ رأى" دليلٌ عَلَى أَنَّ الإِنكَارَ مُتَعَلِّقٌ بِالرُّؤْيَةِ، فَلَوْ كَانَ مَسْتُورًا فَلَمْ يَرَهُ، وَلَكِنْ عَلِمَ بِهِ، فالْمَنْصُوصُ عَنْ الإمام أَحْمَدَ-رحمه الله- فِي أَكْثَرِ الرِّوَايَاتِ أَنَّهُ لا يَعْرِضُ لَهُ، وَأَنَّهُ لا يُفَتِّشُ عَمَّا اسْتَرَابَ بِهِ".

لذا لا يجوز للإنسان أنْ يظنَّ بالنّاس سُوءاً أو أنْ يقولَ فيهم سوءاً ظناً منه أو اعتقاداً في ارتكابهم للمنكر، لأنّ مَنْ "رأى" ليس كمن ظنَّ أو اعتقد، كما أنَّ مِن سلامة الإنسان تغافُلُه عن معاصي الناس وأخطائِهم ما لم يُجاهروا بها. ومن أسباب سلامة الإنسان أيضاً عدمُ التدقيق في كُلِّ صغيرةٍ وكبيرةٍ.

وفي صحيح الجامع ( برقم 7984 و 7985 ) يقول عليه الصلاة والسلام: "من تَتَبَّعَ عورةَ أخيه تَتَبَّعَ اللهُ عورَتَهُ، ومن تَتَبَّعَ اللهُ عورَتَه يَفضَحْهُ ولو في جَوفِ بَيتِهِ".

فاتّقِ اللهَ يا من تَتْبَعُ عوراتِ النّاسِ وفضائِحَهم وتَنْشُرُها في وسائلِ التواصلِ الاجتماعيِّ، وفي غيرِها من المجالسِ والمنتدياتِ، و أعلمْ أنّ مَن تَتبّع عوراتِ النّاس كانَ مِنْ شِرارِ خَلقِ اللهِ، إذ يقول الشاعر:

شرُّ الورى بمساوي النَّاسِ مُشْتَغلٌ ** مثلُ الذُّبابِ يُراعِي موضعَ العللِ

واجعل السّعادةَ الأخرويّةَ هدفاً من أهدافِكَ في هذه الحياةِ ليَستُرَ اللهُ حالَكَ، فلا يُوجد مَنْ ليسَ له عُيوبٌ، واعلم أنَّ كلامَك مكتوبٌ وقولَكَ محسوبٌ، و اسألْ ربَّكَ أنْ يَستُرَ عيوبَكَ.

كانَ الإمامُ مالكٌ بنُ أنسٍ - رحمه الله- يقولُ: أدركتُ بهذه البلدة - يعني المدينة - أقواماً لم تكن لهم عُيوبٌ، فعابوا الناسَ؛ فصارتْ لهم عُيوبٌ. وأدركت بها أقواماً لهم عُيوبٌ، فسكتوا عن عُيوبِ النَّاسِ؛ فنُسيتْ عُيوبُهم". مجموع أجزاء الحديث.

فالسكوتُ عن عيوبِ النَّاسِ من أخلاقِ الكبارِ، مِثْلُهُ مِثْلُ التَّغافُلِ عن سَفَهِ الشَّبابِ وزلاتِهِم، والكَيِّسُ العاقلُ هو الفَطِنُ المتغافلُ عن الزَّلاتِ، وسَقَطَاتِ اللِّسانِ- إذا لم يَتَرَتَّبْ على ذلك مفاسدُ-.


إذا أنت عِبْتَ النَّاس عابوا وأكثروا ** عليك وأبدوا منك ما كان يُسْتَرُ
فإن عِبْتَ قومًا بالذي ليس فيهمُ ** فذلك عنــدَ الله والنّـــَاسِ أكبرُ
وإن عِبْتَ قومًا بالذي فيك مثله ** فكيف يَعِيب العُورَ من هو أعورُ


والإسلامُ أمَرَ بِسَتْرِ عوراتِ المسلمينَ، واتِّقاءِ مواضعِ التُّهَمِ، قال تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ) [النور: 19].

كما يدعو إلى التَّغافُلِ عن الزَّلاتِ، و إظهارِ عَدَمِ رُؤيَتِها.

ومِنْ فَضَائِلِ التَّغافُلِ مَا رواه الْبَيْهَقِيُّ فِي مَنَاقِبِ الإِمَامِ أحمدَ عَن عُثْمَانَ بن زَائِدَةَ قَالَ: "الْعَافِيَةُ عَشَرَةُ أَجْزَاءٍ تِسْعَةٌ مِنْهَا فِي التَّغَافُلِ". فحدَّثتُ به أحمد بن حنبل فقال: "العافيةُ عشرةُ أجزاءٍ كُلُّهَا في التَّغَافُلِ".

وكَثِيرًا مَا وَصَفَتْ الْعَرَبُ الْكُرَمَاءَ وَالسَّادَةَ بِالتَّغَافُلِ وَالْحَيَاءِ فِي بُيُوتِهَا وَأَنْدِيَتِهَا.

قَالَ الشَّاعِرُ :

نَزْرُ الْكَلامِ مِنْ الْحَيَاءِ تَخَالُهُ ** صَمْتًا وَلَيْسَ بِجِسْمِهِ سَقَـمُ

وَقَالَ آخَرُ:

كَرِيمٌ يَغُضُّ الطَّرَفَ دُونَ خِبَائِهِ ** وَيَدْنُو وَأَطْرَافُ الرِّمَاحِ دَوَانِـي

وَقَالَ كُثَيِّرٌ:

وَمَنْ لَمْ يُغْمِضْ عَيْنَهُ عَنْ صَدِيقِهِ ** وَعَنْ بَعْضِ مَا فِيهِ يَمُتْ وَهْوَ عَاتِبُ
وَمَنْ يَتَطَلّـَبْ جَاهِدًا كُلَّ عَثْرَةٍ ** يَجِدْهَا وَلا يَسْلَمْ لَهُ الدَّهْرَ صَاحِبُ


وفي وصف ابن الأثير-رحمه الله- لصلاح الدين الأيوبي قال: "وكان -رحمه الله- حليماً حَسَنَ الأخلاقِ، ومتواضعاً، صبوراً على ما يَكْرَهُ، كثيرَ التَّغافُلِ عن ذُنُوبِ أصحابِهِ، يَسمعُ من أحدِهم ما يَكْرَهُ، ولا يُعلِمُهُ بذلك، ولا يَتَغَيَّرُ عليه".

وهذه لعمري هي أخلاقُ الكبارِ وسادةِ القَومِ، وعلى الإنسان إذا ما أرادَ أن يعيشَ سعيدًا مسرورًا محبوبًا معدودًا في جُملةِ الكِبارِ أن يتحلَّى بها.

وكانت العربُ تردِّدُ هذا البيتَ كثيرًا:

ليسَ الذكيُّ بسيّدٍ في قومِهِ ** لكنَّ سيّدَ قومِهِ المُتَغَابِي


وفي حديث عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - قَالَتْ: "جَلَسَتْ إحدى عَشْرةَ امرأةً، فتعاهَدْنَ وتعاقَدْنَ أنْ لا يَكْتُمْنَ من أخبارِ أزواجهنَّ شيئاً. وقالت إحداهن: "زوجي إذا دَخَلَ فَهِد، وإذا خَرَجَ أَسِدَ، ولا يَسْألُ عَمَّا عَهِدَ" رواه البخاريّ في بابِ حُسْنِ المعاشرةِ مع الأهلِ.

ومِنْ صفاتِ الفَهْدِ التَّغَافُلَ.

تذكّرْ -أيٌّها الموفَّق- ما مرّ في يومك وليلتك من مواقف تعاملت فيها مع أهلِك، أو أصدقائِك، أو طلابِك، أو معلميك، أو عامّةِ النَّاسِ، ثم انظرْ هل تَغافلتَ عن أخطائِهم؟ أم حاسبْتَهم عليها حِسابَ الشَّريكِ لشريكِهِ؟

إنْ لم تكنْ قد تغافلتَ عن ذلك فيما مَضَى؛ فلديكَ فيما بقيَ من عُمُرِكَ فُرصٌ جديدةٌ تستحقُّ الاغتنامَ، واغتنامُها يكونُ بالتَّغَاضِي والتَّغافُلِ وغَضِّ الطَّرفِ:

ولسْتَ بمُسْتَبْقٍ أخاً، لا تَلُمُّهُ ** على شَعَثٍ، أيُّ الّرجال المُهَذَّبُ؟

التَّغَافُلُ خُلُقٌ جَميلٌ من أخلاقِ الكِبارِ، وهو من فضل الله الذي يؤتيه من يشاء، فاللهُمَّ ارزقْنا مِنْ وَاسِعِ فَضْلِكَ



الأمير 09-11-2019 10:01 PM

طرح رآئع بإبدآع لآ يُضآهى
فكراً ومنطوقاً وعطآء يفوق الخيآل
سلمتم ودمتم كما تحبون وترضون
وفقكم الله وأمد أعمآركم
أرق التحآيا لمقآمكم
https://upload.3dlat.com/uploads/135733709012.gif

لَـحًـــنِ ♫ 09-12-2019 12:00 AM


فيضَ مَنَ الجَمــالْ الَذي سكبتهْ
تِلَكَ الَـأنــاملْ الَاَلمَــاَسيَةَ ..!
ابداع مٌخملَي ..,
كُلْ شَئَ مختلفْ هُنــا
يعطَيكـً العآفية ..ولـآحرَمنآ منَكـً
بإنتظَآرَجَديِدكًـ بشغفَ


https://v.3bir.net/3bir/2016/10/14107590690610-1.gif

إميلي. 09-12-2019 04:16 AM

إنتقاء رائع وطرح جميل
دائما مانرى الإبداع يلامس إنتقائك
لاحرمنـا الله من روعة اختيارك
وجميل الطرح والإبداع
لك كل الود وتقدير

دلوعة عشق 09-12-2019 06:50 AM


موضوع رائع
رفع الله قدرك فى الدارين
واجزل لك العطاء
شكرا لطرحك المميز

جوهره 09-12-2019 01:31 PM

جزاك الله كل خير
طرح رائع يحمل الخير بين سطوره
ويحمل الابداع في محتواه
سلمت يمينك


الساعة الآن 06:03 PM

Powered by vBulletin Hosting By R-ESHQ
HêĽм √ 3.1 BY: ! RESHQ ! © 2010
new notificatio by R-ESHQ
User Alert System provided by Advanced User Tagging (Lite) - vBulletin Mods & Addons Copyright © 2025 DragonByte Technologies Ltd.
تنويه : المشاركات المطروحة تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس بالضرورة تمثل رأي أدارة الموقع