منتدى رواية عشق

منتدى رواية عشق (https://r-eshq.com/vb/index.php)
-   ۩ إسلامِي هُو سر حَياتي ۩ (https://r-eshq.com/vb/forumdisplay.php?f=2)
-   -   تقارب الزمان، ونطق الرويبضة (https://r-eshq.com/vb/showthread.php?t=265540)

نور الايمان 08-26-2024 03:24 AM

تقارب الزمان، ونطق الرويبضة
 

الخطبة الأولى

عرفنا من خلال خطبة الجمعة الماضية، أن زماننا زمان الغرائب والعجائب، وأن حرية الفكر، وإطلاق العنان للعقل قد أديا ببعض الناس إلى التمرد على الفكر والعقل جميعا، والإتيان بأقاويل لا تقبلها فطرة، ولا يسيغها منطق. من ذلك زعمهم أن هذا اليوم الذي نحيى فيه (21 دجنبر 2012) هو موعد قيام الساعة، بناء على التنجيم والأساطير، والدراسات التي لا يسندها أساس ولا برهان، إلا أن تكون ضربا من إثارة الفتنة بين الناس، وزرع الخوف والقلق في أوساط الكبار والصغار، حتى إن أحد كبار الرؤساء الغربيين، خرج على قومه - أمس - يطمئنهم من غلواء هذه الإشاعات، فزعم أن نهاية العالم لن تحل إلا بعد 4. 5 مليارات سنة، وفق الدورة الشمسية.



وذكرنا أن المسلمين مطمئنون إلى أن علم الساعة عند الله تعالى، لا يجليها لوقتها إلا هو، وأن النبي - صلى الله عليه وسلم - أخبرنا بأماراتها تحذيرا لنا وتذكيرا، حتى لا نتيه وراء ملذات الدنيا، وننسى يوم القيامة، ﴿ يَوْمَ هُمْ بَارِزُونَ لَا يَخْفَى عَلَى اللَّهِ مِنْهُمْ شَيْءٌ ﴾ [غافر: 16].



وبينا أن العلماء قسموا هذه الأمارات إلى أمارات كبرى، تكون بين يدي الساعة، وأخرى صغرى تنبئ عن قرب الساعة، وتدعو المسلم إلى التشمير في العبادة والتقوى، لينال رضا الله تعالى الذي بيده مقاليد كل شيء.



ومضى معنا من هذه العلامات الصغرى بعثة النبي - صلى الله عليه وسلم -، وموته، وانشقاق القمر.
وهاتان علامتان أخريان مما أخبر به الصادق المصدوق - صلى الله عليه وسلم -:
1- تقارب الزمان، ونزع بركة الأيام. وهذا يشعر به العقلاء من الناس الذين يعرفون قيمة الوقت، وضرورة الحرص عليه. فعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه -قَالَ: قَالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :"لاَ تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يُقْبَضَ الْعِلْمُ، وَتَكْثُرَ الزَّلاَزِلُ، وَيَتَقَارَبَ الزَّمَانُ، وَتَظْهَرَ الْفِتَنُ. . " البخاري.



وأقرب معنى يدل عليه الحديث، هو تفسير تقارب الزمان بسرعة طي الوقت، وانصرام الأيام والشهور والسنوات، حتى ليخيل لصاحبها وكأنها دقائق معدودات، وسويعات محسوبات، تطوى الأعمار، ويفنى الشباب، والناس في غفلتهم ساهون، وفي ملذاتهم منغمسون، وعلى دنياهم منكبون، لا يستيقظون إلا على ملك الموت وقد أمر بقبض أرواحهم، تمهيدا ليوم قال فيه تعالى: ﴿ يَوْمَئِذٍ لَا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَرَضِيَ لَهُ قَوْلًا * يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا * وَعَنَتِ الْوُجُوهُ لِلْحَيِّ الْقَيُّومِ وَقَدْ خَابَ مَنْ حَمَلَ ظُلْمًا * وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَا يَخَافُ ظُلْمًا وَلَا هَضْمًا ﴾ [طه: 109 - 112].



يقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَتَقَارَبَ الزَّمَانُ، فَتَكُونُ السَّنَةُ كَالشَّهْرِ، وَيَكُونُ الشَّهْرُ كَالْجُمُعَةِ، وَتَكُونُ الْجُمُعَةُ كَالْيَوْمِ، وَيَكُونُ الْيَوْمُ كَالسَّاعَةِ، وَتَكُونُ السَّاعَةُ كَاحْتِرَاقِ السَّعَفَةِ" رواه أحمد.



قال أبو عبية في تعليقه على "النهاية": "ذلك كناية عن نزع البركة من الوقت، حتى يبقى الانتفاع به وثمرة العمل فيه أقل مما يحصل في الأيام العادية التي لم تنزع بركتها".



وقال أبو سليمان الخطابي: "معناه: قصر زمان الأعمار، وقلة البركة فيها".



وقال التُّورِبِشْتِي - رحمه الله -:"يحمل ذلك على قلة بركة الزمان وذهاب فائدته على الناس، لكثرة اهتمامهم بما دهمهم من النوازل والشدائد، وشغل قلبهم بالفتن العظام، لا يدرون كيف تنقضي أيامهم ولياليهم".



وقال ابن بطال في شرح صحيح البخاري: "ومعنى ذلك - والله أعلم - تقارب أحوال أهله فى قلة الدين، حتى لا يكون فيهم من يأمر بمعروف ولا ينهى عن منكر، لغلبة الفسق وظهور أهله".



وذهاب بركة الوقت ليس وليد العصور المتأخرة، بل هو مظنة الحصول، مع توالي الزمان، وتعاقب الليل والنهار. قال ابن حجر:"قد وجد في زماننا هذا، فإننا نجد من سرعة مر الأيام ما لم نكن نجده في العصر الذي قبل عصرنا هذا".



وصدق رسول الله- صلى الله عليه وسلم - الذي قال: "لا يأتي عليكم زمان إلا والذي بعده شر منه حتى تلقوا ربكم" البخاري.



ومن أعظم أسباب ذلك، هذه المعاصي التي كثرت، والذنوب التي انتشرت، والأرحام التي قطعت، والمفاسد التي طغت - إلا من رحم الله - حتى صرنا نحس ضيق الأوقات عن الآمال والطموحات، وكثرة الجهد، مع ضحالة الثمار وقلة البركات. قال تعالى: ﴿ وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آَمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ ﴾ [الأعراف: 96].



يبلغ أحدنا الخمسين والستين، وهو لا يزال يجرى وراح مطمح لم ينجز، وغرض لم يقض، وهدف لم يحقق، حتى يخرج من الدنيا صفرا يشرب كأس الندامة، ويتجرع مرارة الحسرة والملامة، "يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ الإِنسَانُ وَأَنَّى لَهُ الذِّكْرَى يَقُولُ يَا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي".
خرجنا من الدنيا ونحن من أهلها https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
فلسنا من الأموات فيها ولا الأحيا https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif


ولقد كان سلفنا أحرص الناس على أن يكون لهم أثر في هذه الدنيا، ينتفعون به، وينفعون به غيرهم:
كان ابن مسعود - رضي الله عنه -يقول: "إني لأكره أن أرى الرجل فارغا، لا في عمل الدنيا، ولا في عمل الآخرة".



وقال ابن الجوزي - رحمه الله -: "الزمان أشرف شيء، والواجب انتهابه بفعل الخير". نعم، ابن الجوزي الذي كان يقول:"إني لأجد من حرصي على العلم وأنا في عشر الثمانين، أشد مما كنت أجده وأنا ابن عشرين سنة".



وقال ابن مسعود - رضي الله عنه -:"ما ندمت على شيء ندمي على يومٍ غربت شمسه، نقص فيه أجلي، ولم يَزِد فيه عملي".



ورحم الله ابن الجوزي الذي كان يقول: "التوبة التوبة قبل أن تصل إليك النوبة، الإنابة الإنابة قبل أن يُغلق باب الإجابة، الإفاقة الإفاقة، فيا قـُـرب وقت الفاقة".
يا من يعد غدا لتوبته https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
أعلى يقين من بلوغ غدِ؟ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif

المرء في زلل على أمل https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
ومنية الإنسان بالرصد https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif

أيام عمرك كلها عدد https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
ولعل يومك آخر العدد https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif


الخطبة الثانية

2- ظهور من سماه الرسول - صلى الله عليه وسلم - بالرويبضة، وهو الرجل الجاهل التافه الوضيع، يتولى المناصب الكبرى، ويتكلم في الشؤون العامة للناس، ولربما كانت له سلطة التقرير والتوجيه، إما إداريا، وإما ثقافيا، فيحشر الجماهير إلى الضلال، ويوجه الرأي العام إلى الزلل، ويكون ذلك مقرونا بتبدل الأحوال، بأن تجعل الأمانة خيانة، والخيانة أمانة، والصدق كذبا، والكذب صدقا. قال صاحب اللسان: "الرويبضة هو العاجز الذي ربض عن معالي الأمور وقعد عن طلبها". يقول النبي - صلى الله عليه وسلم - : "سَيَأْتِى عَلَى النَّاسِ سَنَوَاتٌ خَدَّاعَاتٌ، يُصَدَّقُ فِيهَا الْكَاذِبُ، وَيُكَذَّبُ فِيهَا الصَّادِقُ، وَيُؤْتَمَنُ فِيهَا الْخَائِنُ، وَيُخَوَّنُ فِيهَا الأَمِينُ، وَيَنْطِقُ فِيهَا الرُّوَيْبِضَةُ. قِيلَ: وَمَا الرُّوَيْبِضَةُ؟ قَالَ: الرَّجُلُ التَّافِهُ يتكلم في فِى أَمْرِ الْعَامَّةِ" صحيح سنن ابن ماجة.



فبعض الناس يستبيحون لأنفسهم أن يتولوا أمر التكلم بلسان الأمة، فيدعون إلى معتقداتهم الباطلة بألسنتهم، وأقلامهم، بأعمدتهم على صفحات الجرائد والمجلات، أو برامجهم على الإذاعات والشاشات، أو مواقعهم على الشبكيات.. من ذلك ادعاؤهم أن المسلمين أحرار في أن يرتدوا عن دينهم، وأن يختاروا من الديانات ما شاؤوا، ويلبسون على الناس باستدلالات لا تقتضي ما يزعمون، من قبيل قول الله تعالى: ﴿ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ ﴾ [الكهف: 29]، وقول الله تعالى: ﴿ لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ ﴾ [البقرة: 2http://www.ishqalyali.com/vb/images/smilies/144.gif]، ونسوا قول الله تعالى: ﴿ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102]، وقوله تعالى:"ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين"، وقوله تعالى: ﴿ وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ﴾ [البقرة: 217].



إنه لما غاب العلماء عن واقع الأمة، ومعالجة مشاكلها اليومية، والغوص في ما يؤرق الناس من قضايا اجتماعية، واقتصادية، وسياسية، ونفسية، واشتغلوا بخصومات زائفة بينهم، ووجهوا أقلامهم إلى طعن بعضهم على بعض، ولمز بعضهم بعضا، تولى هذه الأمور من لا يقدر العلم قدره، ويحفظ للدين شأنه. وهذا نفسه من أشراط الساعة. يقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إن من أشراط الساعة أن يلتمس العلم عند الأصاغر" صحيح الجامع.



قال عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه -: "لا يزال الناس صالحين متماسكين ما أتاهم العلم من أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم -، ومن أكابرهم، فإذا أتاهم من أصاغرهم هلكوا". ولقد نقل الطبراني عن بعضهم أن المراد: الأصاغر من أهل البدع.

حاء 08-26-2024 06:15 AM

_


جزاكّ الله خُير علىّ مُـا قُدمتّ
ورزُقكّ بُكُل حَرف خّطتهَ أناملكّ جُزيل الحُسناتّ ض2

نبضها مطيري 08-26-2024 06:55 AM

سلمت أناملك على الطرح المميّز
ويعطيك العافية على المجهود المبذول
ما ننحرم من فيض عطائك وإبداعك

نوف 08-26-2024 06:57 AM

كل الشكر والامتنان على روعهـ تصميمك ..
وروعهـ مانــثرت .. وجماليهـ طرحكـ ..
دائما متميز في الانتقاء
سلمت
نترقب المزيد من جديدك الرائع
دمت ودام لنا روعه مواضيعك

بنت العز 08-26-2024 02:12 PM

سلمت.. أنــآآملكـ..ع..الطرح..الرائع

الدكتور على حسن 08-26-2024 06:37 PM

http://img-fotki.yandex.ru/get/5110/...faacd2aa_L.png
كل الشكر وكل التقدير
لحضرتك
على روعة ما قدمت لنـــا
من موضوع اكثر من رائع
ربنا يبارك فيك ويسعدك ويكتب لك
كل الخير فى كل ما لمست يداك
وخطت قدمــاك
يااااااااااااااااارب
لك كل تحياتى وتقديرى وحبى
الدكتور علـى حسـن
http://img-fotki.yandex.ru/get/5108/...26c6f4a0_L.png



الساعة الآن 02:06 PM

Powered by vBulletin Hosting By R-ESHQ
HêĽм √ 3.1 BY: ! RESHQ ! © 2010
new notificatio by R-ESHQ
User Alert System provided by Advanced User Tagging (Lite) - vBulletin Mods & Addons Copyright © 2025 DragonByte Technologies Ltd.
تنويه : المشاركات المطروحة تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس بالضرورة تمثل رأي أدارة الموقع