منتدى رواية عشق

منتدى رواية عشق (https://r-eshq.com/vb/index.php)
-   ۩ القُــرآن الكرِيــم ۩ (https://r-eshq.com/vb/forumdisplay.php?f=77)
-   -   فخر الدين الرّازي سورة الأعراف: معنى الاستواء والكفر (https://r-eshq.com/vb/showthread.php?t=225403)

نبضها مطيري 04-09-2023 07:49 PM

فخر الدين الرّازي سورة الأعراف: معنى الاستواء والكفر
 
قال الإمام المفسِّر فخر الدين الرازي (ت 606هـ) في تفسيره (سورة الأعراف): أَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى : ( ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ ) فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ مِنْهُ كَوْنَهُ مُسْتَقِرًّا عَلَى الْعَرْشِ وَيَدُلُّ عَلَى فَسَادِهِ وُجُوهٌ عَقْلِيَّةٌ ، وَوُجُوهٌ نَقْلِيَّةٌ...

أَمَّا الْعَقْلِيَّةُ فَأُمُورٌ :

أَوَّلُهَا : أَنَّهُ لَوْ كَانَ مُسْتَقِرًّا عَلَى الْعَرْشِ لَكَانَ مِنَ الْجَانِبِ الَّذِي يَلِي الْعَرْشَ مُتَنَاهِيًا وَإِلَّا لَزِمَ كَوْنُ الْعَرْشِ دَاخِلًا فِي ذَاتِهِ وَهُوَ مُحَالٌ ، وَكُلُّ مَا كَانَ مُتَنَاهِيًا فَإِنَّ الْعَقْلَ يَقْضِي بِأَنَّهُ لَا يَمْنَعُ أَنْ يَصِيرَ أَزْيَدَ مِنْهُ أَوْ أَنْقَصَ مِنْهُ بِذَرَّةٍ ، وَالْعِلْمُ بِهَذَا الْجَوَازِ ضَرُورِيٌّ ، فَلَوْ كَانَ الْبَارِي تَعَالَى مُتَنَاهِيًا مِنْ بَعْضِ الْجَوَانِبِ لَكَانَتْ ذَاتُهُ قَابِلَةً لِلزِّيَادَةِ وَالنُّقْصَانِ ، وَكُلُّ مَا كَانَ كَذَلِكَ كَانَ اخْتِصَاصُهُ بِذَلِكَ الْمِقْدَارِ الْمُعَيَّنِ لِتَخْصِيصِ مُخَصِّصٍ وَتَقْدِيرِ مُقَدِّرٍ ، وَكُلُّ مَا كَانَ كَذَلِكَ فَهُوَ مُحْدَثٌ ، فَثَبَتَ أَنَّهُ تَعَالَى لَوْ كَانَ عَلَى الْعَرْشِ لَكَانَ مِنَ الْجَانِبِ الَّذِي يَلِي الْعَرْشَ مُتَنَاهِيًا ، وَلَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَكَانَ مُحْدَثًا وَهَذَا مُحَالٌ فَكَوْنُهُ عَلَى الْعَرْشِ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ مُحَالًا.

أَمَّا الدَّلَائِلُ السَّمْعِيَّةُ فَكَثِيرَةٌ :

أَوَّلُهَا: قَوْلُهُ تَعَالَى: ( قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ) [الْإِخْلَاصِ : 1] فَوَصَفَهُ بِكَوْنِهِ أَحَدًا، وَالْأَحَدُ مُبَالَغَةٌ فِي كَوْنِهِ وَاحِدًا. وَالَّذِي يَمْتَلِئُ مِنْهُ الْعَرْشُ وَيَفْضُلُ عَنِ الْعَرْشِ يَكُونُ مُرَكَّبًا مِنْ أَجْزَاءٍ كَثِيرَةٍ جِدًّا فَوْقَ أَجْزَاءِ الْعَرْشِ ، وَذَلِكَ يُنَافِي كَوْنَهُ أَحَدًا

وَثَانِيهَا: أَنَّهُ تَعَالَى قَالَ: ( وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ ) [الْحَاقَّةِ : 17] فَلَوْ كَانَ إِلَهُ الْعَالَمِ فِي الْعَرْشِ، لَكَانَ حَامِلُ الْعَرْشِ حَامِلًا لِلْإِلَهِ، فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ الْإِلَهُ مَحْمُولًا حَامِلًا، وَمَحْفُوظًا حَافِظًا، وَذَلِكَ لَا يَقُولُهُ عَاقِلٌ.

وَثَالِثُهَا: أَنَّهُ تَعَالَى قَالَ: ( وَاللَّهُ الْغَنِيُّ ) [مُحَمَّدٍ : 38] حَكَمَ بِكَوْنِهِ غَنِيًّا عَلَى الْإِطْلَاقِ، وَذَلِكَ يُوجِبُ كَوْنَهُ تَعَالَى غَنِيًّا عَنِ الْمَكَانِ وَالْجِهَةِ.

وَرَابِعُهَا: أَنَّ فِرْعَوْنَ لَمَّا طَلَبَ حَقِيقَةَ الْإِلَهِ تَعَالَى مِنْ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَلَمْ يَزِدْ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ عَلَى ذِكْرِ صِفَةِ الْخَلَّاقِيَّةِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، فَإِنَّهُ لَمَّا قَالَ: ( وَمَا رَبُّ الْعَالَمِينَ ) [الشُّعَرَاءِ : 23] فَفِي الْمَرَّةِ الْأُولَى قَالَ: ( رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ ) [الشُّعَرَاءِ : 24]، وَفِي الثَّانِيَةِ قَالَ: ( رَبُّكُمْ وَرَبُّ آبَائِكُمُ الْأَوَّلِينَ ) [الشُّعَرَاءِ : 26]، وَفِي الْمَرَّةِ الثَّالِثَةِ قَالَ: ( رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَمَا بَيْنَهُمَا إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ ) [الشُّعَرَاءِ : 28] وَكُلُّ ذَلِكَ إِشَارَةٌ إِلَى الْخَلَّاقِيَّةِ، وَأَمَّا فِرْعَوْنُ لَعَنَهُ اللَّهُ فَإِنَّهُ قَالَ: ( يَاهَامَانُ ابْنِ لِي صَرْحًا لَعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبَابَ أَسْبَابَ السَّمَاوَاتِ فَأَطَّلِعَ إِلَى إِلَهِ مُوسَى ) [غَافِرٍ : 36 ، 37] فَطَلَبَ الْإِلَهَ فِي السَّمَاءِ، فَعَلِمْنَا أَنَّ وَصْفَ الْإِلَهِ بِالْخَلَّاقِيَّةِ، وَعَدَمَ وَصْفِهِ بِالْمَكَانِ وَالْجِهَةِ دِينُ مُوسَى وَسَائِرِ جَمِيعِ الْأَنْبِيَاءِ، وَجَمِيعُ وَصْفِهِ تَعَالَى بِكَوْنِهِ فِي السَّمَاءِ دِينُ فِرْعَوْنَ وَإِخْوَانِهِ مِنَ الْكَفَرَةِ.

وَإِذَا ثَبَتَ هَذَا فَنَقُولُ: قَوْلُهُ: ( الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ ) آيَةٌ مُحْكَمَةٌ دَالَّةٌ عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ: ( ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ ) مِنَ الْمُتَشَابِهَاتِ الَّتِي يَجِبُ تَأْوِيلُهَا، وَهَذِهِ نُكْتَةٌ لَطِيفَةٌ، وَنَظِيرُ هَذَا أَنَّهُ تَعَالَى قَالَ فِي أَوَّلِ سُورَةِ الْأَنْعَامِ : ( وَهُوَ اللَّهُ فِي السَّمَاوَاتِ ) [الْأَنْعَامِ : 3] ثُمَّ قَالَ بَعْدَهُ بِقَلِيلٍ : ( قُلْ لِمَنْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ قُلْ لِلَّهِ ) [الْأَنْعَامِ : 12] فَدَلَّتْ هَذِهِ الْآيَةُ الْمُتَأَخِّرَةُ عَلَى أَنَّ كُلَّ مَا فِي السَّمَاوَاتِ فَهُوَ مِلْكٌ لِلَّهِ، فَلَوْ كَانَ اللَّهُ فِي السَّمَاوَاتِ لَزِمَ كَوْنُهُ مِلْكًا لِنَفْسِهِ، وَذَلِكَ مُحَالٌ فَكَذَا هَهُنَ.

فَثَبَتَ بِمَجْمُوعِ هَذِهِ الدَّلَائِلِ الْعَقْلِيَّةِ وَالنَّقْلِيَّةِ أَنَّهُ لَا يُمْكِنُ حَمْلُ قَوْلِهِ: ( ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ ) عَلَى الْجُلُوسِ وَالِاسْتِقْرَارِ وَشَغْلِ الْمَكَانِ وَالْحَيِّزِ، وَعِنْدَ هَذَا حَصَلَ لِلْعُلَمَاءِ الرَّاسِخِينَ مَذْهَبَانِ :

الْأَوَّلُ: أَنْ نَقْطَعَ بِكَوْنِهِ تَعَالَى مُتَعَالِيًا عَنِ الْمَكَانِ وَالْجِهَةِ وَلَا نَخُوضَ فِي تَأْوِيلِ الْآيَةِ عَلَى التَّفْصِيلِ، .... وَالْقَوْلُ الثَّانِي: أَنْ نَخُوضَ فِي تَأْوِيلِهِ عَلَى التَّفْصِيلِ.

نسائم الحب 04-09-2023 08:13 PM

جزاك الله خيرا
دمت بحفظ الرحمن

شيخة الزين 04-10-2023 04:20 PM

الله يعطيك العافيه على الطرح القيم
سلمت يمينك بارك الله فيك

мя Зάмояч 04-10-2023 05:13 PM

جزاك الله خيـر
بارك الله في جهودك
وأسال الله لك التوفيق دائما
وأن يجمعنا على الود والإخاء والمحبة
وأن يثبت الله أجرك

نور القمر 04-11-2023 01:55 AM

موضوع راقي
كل الشكر للانتقاء المميز
تقديري

KFN 04-11-2023 01:56 AM

الله يعطيك العافيه على الطرح القيم
سلمت يمينك بارك الله فيك


الساعة الآن 11:56 PM

Powered by vBulletin Hosting By R-ESHQ
HêĽм √ 3.1 BY: ! RESHQ ! © 2010
new notificatio by R-ESHQ
User Alert System provided by Advanced User Tagging (Lite) - vBulletin Mods & Addons Copyright © 2025 DragonByte Technologies Ltd.
تنويه : المشاركات المطروحة تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس بالضرورة تمثل رأي أدارة الموقع