منتدى رواية عشق

منتدى رواية عشق (https://r-eshq.com/vb/index.php)
-   ۩ إسلامِي هُو سر حَياتي ۩ (https://r-eshq.com/vb/forumdisplay.php?f=2)
-   -   العدل ميزان السماء في مجتمع الاسلام (https://r-eshq.com/vb/showthread.php?t=15525)

غـُـلايےّ 05-15-2018 08:22 AM

العدل ميزان السماء في مجتمع الاسلام
 
العدل ميزان السماء في مجتمع الاسلام

السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته

يُعَدُّ العدل من القيم الإنسانية الأساسية التي جاء بها الإسلام،

وجعلها من مُقَوِّمَاتِ الحياة الفردية والأسرية والاجتماعية والسياسية،

حتى جعل القرآنُ إقامةَ القسط - أي العدل - بين الناس هو هدف الرسالات السماوية كلها،

فقال تعالى: {لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْـمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ}

[الحديد: 25]،

وليس ثمة تنويه بقيمة القسط أو العدل أعظم من أن يكون هو المقصود الأول من

إرسال الله تعالى رُسُله، وإنزاله كتبه؛ فبالعدل أُنْزِلَتِ الكتب، وبُعِثَتِ الرسل،

وبالعدل قامت السموات والأرض

وفي تقرير واضح وصريح لإحقاق العدل وتطبيقه ولو كُنَّا مبغضين لمن نَحْكُم فيهم،

يقول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ

وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ} [النساء: 135]،

ويقول أيضًا: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ

شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ} [المائدة: 8]،

قال ابن كثير: أي لا يحملنَّكم بُغْض قوم على ترك العدل فيهم،

بل استعملوا العدل في كُلِّ أَحَدٍ؛ صديقًا كان أو عدوًّا


فالعدل في الإسلام لا يتأثَّر بحُبٍّ أو بُغْضٍ، فلا يُفَرِّقُ بين حَسَب ونَسَب،

ولا بين جاهٍ ومالٍ، كما لا يُفَرِّقُ بين مسلم وغير مسلم،

بل يتمتَّعُ به جميعُ المقيمين على أرضه من المسلمين وغير المسلمين،

مهما كان بين هؤلاء وأولئك من مودَّة أو شنآنٍ.

ومن المواقف التي تدلل على ما سبق قصة أسامة بن زيد مع المرأة المخزومية،

فلمَّا حاول أسامة بن زيد أن يتوسَّط لامرأة من قبيلة بني مخزوم ذات نسب؛

كي لا تُقطَعَ يَدُها في جريمة سرقة، ما كان من رسول الله صلى الله عليه وسلم

إلاَّ أن غضب غضبًا شديدًا، ثم خطب خطبة بليغة أوضح فيها منهج الإسلام وعدله،

وكيف أنه سوَّى بين كل أفراد المجتمع رؤساء ومرءوسين،

فكان ممَّا قاله في هذه الخطبة:

"إِنَّمَا أَهْلَكَ الَّذِينَ قَبْلَكُمْ أَنَّهُمْ كَانُوا إِذَا سَرَقَ فِيهِمُ الشَّرِيفُ تَرَكُوهُ، وَإِذَا سَرَقَ فِيهِمُ

الضَّعِيفُ أَقَامُوا عَلَيْهِ الْـحَدَّ، وَايْمُ اللهِ! لَوْ أَنَّ ‏‏فَاطِمَةَ بِنْتَ مُحَمَّدٍ ‏سَرَقَتْ لَقَطَعْتُ يَدَهَا"

وقد روى الإمام أَحمد عن جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما- أنه قال:

أفاء الله خيبر على رسول الله صلى الله عليه وسلم ،

فأقرَّهم رسول الله صلى الله عليه وسلم كما كانوا، وجعلها بينه وبينهم؛

فبعث عبد الله بن رواحة فخرصها عليهم، ثم قال لهم:

"يا معشر اليهود، أنتم أبغض الخَلْقِ إليَّ، قتلتم أنبياء الله ، وَكَذَبْتُمْ على الله،

وليس يحملني بغضي إيَّاكم على أن أحيف عليكم؛

قد خرصت عشرين ألف وسق من تمر، فإن شئتم فلكم،وإن أبيتم فَلِي".

فقالوا: بهذا قامت السموات والأرض، قد أخذنا

فرغم بُغض عبد الله بن رواحة لليهود إلاَّ أنه لم يظلمهم،

بل أعلنها لهم صريحة أنه لا يحيف عليهم، وما شاءوا أَخْذَهُ من أي القسمين من التمر فليأخذوه.

وحقيقة العدل في الإسلام، أنه ميزان الله على الأرض، به يُؤْخَذُ للضعيف حَقُّه،

ويُنْصَفُ المظلومُ ممن ظلمه، ويُمَكَّن صاحب الحقِّ من الوصول إلى حَقِّه من أقرب الطرق وأيسرها،

وهو واحد من القيم التي تنبثق من عقيدة الإسلام في مجتمعه؛

فلجميع الناس في مجتمع الإسلام حَقُّ العدالة وحقُّ الاطمئنان إليها.

وإذا كان الإسلام قد أَمَرَ بالعدل مع الناس -كُلِّ الناسِ كما رأينا في الآيات الأُوَلِ-

العدل الذي لا يَعْرِفُ العاطفة؛ فلا يتأثَّرُ بحُبٍّ أو بُغْضٍ،

فإنه قد أمر بالعدل ابتداءً من النفس، وذلك حين أمر المسلم بالموازنة بين حقِّ نفسه

وحقِّ ربِّه وحقوق غيره، ويظهر ذلك حين صدَّق رسول الله صلى اله عليه وسلم
سلمان الفارسي لمَّا قال لأخيه أبي الدرداء الذي جار على حقِّ زوجته بِتَرْكِها،

ومداومة صيام النهار، وقيام الليل:

"إِنَّ لِرَبِّكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَلِنَفْسِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَلأَهْلِكَ عَلَيْكَ حَقًّا؛ فَأَعْطِ كُلَّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ"

وأَمَرَ الإسلامُ كذلك بالعدل في القول،

فقال تعالى: {وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى} [الأنعام: 152]،

كما أمر بالعدل في الحكم،

فقال تعالى: {إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ}

[النساء: 58].

كما أمر بالعدل في الصُّلْـح،

فقال تعالى: {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْـمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا

فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللهِ

فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْـمُقْسِطِينَ} [الحجرات: 9].


وبقدر ما أَمَرَ الإسلامُ بالعدل وحثَّ عليه، حَرَّمَ الظلم أشدَّ التحريم،

وقاومه أشدَّ المقاومة، سواء ظُلْـم النفس أم ظُلْـم الآخرين،

وبخاصة ظُلْـم الأقوياء للضعفاء، وظُلْـم الأغنياء للفقراء، وظُلْـم الحُكَّام للمحكومين،

وكلَّما اشتدَّ ضعف الإنسان كان ظلمه أشدَّ إثمًا

ففي الحديث القدسي: "يَا عِبَادِي، إِنِّي حَرَّمْتُ الظُّلْـمَ عَلَى نَفْسِي، وَجَعَلْتُهُ بَيْنَكُمْ مُحَرَّمًا فَلاَ

تَظَالَمُوا"

ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم لمعاذ:

"... وَاتَّقِ دَعْوَةَ الْـمَظْلُومِ؛ فَإِنَّهُ لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللهِ حِجَابٌ".

وقال: "ثَلاَثَةٌ لاَ تُرَدُّ دَعْوَتُهُمْ: الصَّائِمُ حَتَّى يُفْطِرَ، وَالإِمَامُ الْعَادِلُ،

وَدَعْوَةُ الْـمَظْلُومِ يَرْفَعُهَا اللهُ فَوْقَ الْغَمَامِ، وَيَفْتَحُ لَهَا أَبْوَابَ السَّمَاءِ،

وَيَقُولُ الرَّبُّ: وَعِزَّتِي لأَنْصُرَنَّكِ وَلَوْ بَعْدَ حِينٍ".

وهكذا هو العدل.. ميزان السماء في مجتمع الإسلام.


دمتم بحفظ الرحمن

بٰٰقايٰا روحہٰ 05-15-2018 11:22 AM

ان كل مفردات حرفي لا تفيكي حقك
من الشكر والتقدير والاحترام
لكي مني عاطر التحية
واطيب المنى:121::100:

صاحبة السمو 05-15-2018 11:54 AM

سلمت الآكف ومَاجلبت
إبداع دآئم وتميز مُستمر
لا عدمنَاك
تقديري وتحيتي لسموك :241:

ملاذ الحب 05-15-2018 12:39 PM

بوحٌ ثري بالأناقة
وحرفٌ عابق بالنقاءْ
وسلمت أناملك الذهبيه
على ماخطته من سطور هنا
دمُت ودام قلمك ,,
لك ولنبض قلمك
تحية تقدير واعجاب

ابو الملكات 05-15-2018 12:56 PM

جزاك الله خير ورحم والديك وانار قلبك وعقلك بنور الايمان وجعل عملك هذا في ميزان حسناتك وجعل الجنة مثواك امين يارب

أبو علياء 05-15-2018 02:16 PM

جزاكم الله خيراً ونفع بكم
على الموضوع الرائع والمميز
وجعل كل ما تقدمونه في موازين حسناتكم
لكم مني ارق المنى
وخالص التقدير والاحترام


الساعة الآن 08:45 PM

Powered by vBulletin Hosting By R-ESHQ
HêĽм √ 3.1 BY: ! RESHQ ! © 2010
new notificatio by R-ESHQ
User Alert System provided by Advanced User Tagging (Lite) - vBulletin Mods & Addons Copyright © 2025 DragonByte Technologies Ltd.
تنويه : المشاركات المطروحة تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس بالضرورة تمثل رأي أدارة الموقع