![]() |
هل رأيت له في الخلقِ مثيلًا، أو تناهى إلى سمعك له شبيه؟
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿ فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ ﴾.[1]
تأمل ذَلك الخُلُقَ لرسولِ اللهِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، الذي لا يكاد ينقضي منه العجب خُلُقَ الرحمةِ! ومن فرط رحمته صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حزنه على ما يشق على أمته؛ فعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: «اللهُمَّ، مَنْ وَلِيَ مِنْ أَمْرِ أُمَّتِي شَيْئًا فَشَقَّ عَلَيْهِمْ، فَاشْقُقْ عَلَيْهِ، وَمَنْ وَلِيَ مِنْ أَمْرِ أُمَّتِي شَيْئًا فَرَفَقَ بِهِمْ، فَارْفُقْ بِهِ».[2] ومن فرط رحمته صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حزنه على تَكْذِيبِ قَوْمِهِ لَهُ وأسفه عليهم؛ كمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿ لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ أَلا يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ ﴾.[3] وقَالَ تَعَالَى: ﴿ فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ عَلَى آثَارِهِمْ إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الْحَدِيثِ أَسَفًا ﴾.[4] وقَالَ تَعَالَى: ﴿ فَلا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ ﴾.[5] فمن فرط رحمته صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حرصه الشديدُ على هدايةِ الناسِ جميعًا؛ كمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿ لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ ﴾.[6] بل ظهرت آثارُ رحمته صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، على العالمين؛ كما قَالَ تَعَالَى: ﴿ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ ﴾.[7] فمن آمَنَ بِهِ تحققت له السعادةُ فِي الدُّنْيَا، وَفازَ في الْآخِرَةِ، وَمَنْ لَمْ يُؤْمِنْ بِهِ عُوفِيَ مِمَّا أَصَابَ الْأُمَمَ السابقةَ فِي الدُّنْيَا. ومن فرط رحمته صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عفوه عمن أراد قتله؛ فعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: غَزَوْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَزْوَةً قِبَلَ نَجْدٍ، فَأَدْرَكَنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي وَادٍ كَثِيرِ الْعِضَاهِ، فَنَزَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَحْتَ شَجَرَةٍ، فَعَلَّقَ سَيْفَهُ بِغُصْنٍ مِنْ أَغْصَانِهَا قَالَ وَتَفَرَّقَ النَّاسُ فِي الْوَادِي يَسْتَظِلُّونَ بِالشَّجَرِ قَالَ: فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ رَجُلًا أَتَانِي وَأَنَا نَائِمٌ، فَأَخَذَ السَّيْفَ فَاسْتَيْقَظْتُ وَهُوَ قَائِمٌ عَلَى رَأْسِي، فَلَمْ أَشْعُرْ إِلَّا وَالسَّيْفُ صَلْتًا فِي يَدِهِ، فَقَالَ لِي: مَنْ يَمْنَعُكَ مِنِّي؟ قَالَ قُلْتُ: اللهُ، ثُمَّ قَالَ فِي الثَّانِيَةِ: مَنْ يَمْنَعُكَ مِنِّي؟ قَالَ قُلْتُ: اللهُ، قَالَ: فَشَامَ السَّيْفَ فَهَا هُوَ ذَا جَالِسٌ"، ثُمَّ لَمْ يَعْرِضْ لَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.[8] فهل رأيت له في الخلقِ مثيلًا، أو تناهى إلى سمعك له شبيه؟ ومع فرط رحمته وعظيم شفقته، يرمى أتباعه بالإرهاب، ويوسم دينه بالشدة مشاقةً له، وتنفيرًا للناس عنه. اللهم احشرنا في زمرته، وتحت لوائه. [1] سُورَةُ آلِ عِمْرَانَ: الْآيَة/ 158 [2] رواه مسلم- كِتَابُ الْإِمَارَةِ، بَابُ فَضِيلَةِ الْإِمَامِ الْعَادِلِ، وَعُقُوبَةِ الْجَائِرِ، وَالْحَثِّ عَلَى الرِّفْقِ بِالرَّعِيَّةِ، وَالنَّهْيِ عَنْ إِدْخَالِ الْمَشَقَّةِ عَلَيْهِمْ، حديث رقم: 1828 [3] سُورَةُ الشُّعَرَاءِ: الآية/ 3 [4] سُورَةُ الْكَهْفِ: الآية/ 7 [5] سُورَةُ فَاطِرٍ: الآية/ 8 [6] سُورَةُ التَّوْبَةِ: الْآيَة/ 128 [7] سُورَةُ الأنبياء: الآية/ 107 [8] رواه البخاري- كِتَابُ الجِهَادِ وَالسِّيَرِ، بَابُ مَنْ عَلَّقَ سَيْفَهُ بِالشَّجَرِ فِي السَّفَرِ عِنْدَ القَائِلَةِ، حديث رقم: 2910، ومسلم- كتاب الْفَضَائِلِ، بَابُ تَوَكُّلِهِ عَلَى اللهِ تَعَالَى، وَعِصْمَةِ اللهِ تَعَالَى لَهُ مِنَ النَّاسِ، حديث رقم: 843 |
تميز في الانتقاء
سلم لنا روعه طرحك نترقب المزيد من جديدك الرائع دمت ودام لنا عطائك لكـ خالص احترامي |
-
جزاك الله كل خير .. |
جزاك الله كل خير
|
بشكركن علي الحضور الجميل
|
ذائقةٌ مُخضبةٌ بـِ النور سلمت أكف العطاء وتحيّة عطِرة مُعتقة بـِ المسك ..! |
الساعة الآن 10:54 AM |
Powered by vBulletin Hosting By
R-ESHQ
HêĽм √ 3.1 BY: ! RESHQ ! © 2010
new notificatio by R-ESHQ
User Alert System provided by
Advanced User Tagging (Lite) -
vBulletin Mods & Addons Copyright © 2025 DragonByte Technologies Ltd.
تنويه : المشاركات المطروحة تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس بالضرورة تمثل رأي أدارة الموقع