منتدى رواية عشق

إنعاش

أن تقبله امرأة بهذه الطريقة ، هذا ما لم يعهده من قبل .
حدث ذلك بينما كان يغطُّ في نوم عميق ، لم يرها وهي تقترب منه ، ولكنه أحس بملامستها له نشوة غريبة جعلته يتأوه بصمت، مع إنه متزوج منذ عشرين سنة لكنه لم يجرب هذا المزيج الغريب من الدفء والبرودة معاً ، ارتجاف يصاحبه قشعريرة في كل بدنه ، شعور لا يمكن وصفه مثل الم القلب .
هل جرب أحدكم الم القلب ؟ هو يعرف ذلك الألم اللعين ، الم لئيم لا يرحم ، لا يمكن ان يصفه كل من جربه إلا بهذا الوصف .
- هل أنت مريض بالسكري ؟ سأله الطبيب المختص بعد إن أفاق من غيبوبته وهو في غرفة الإنعاش
- لا .
- هل تعاني من ارتفاع في ضغط الدم ؟
- لا
- هل تدخن ؟
- نعم .
نظر إليه الدكتور بازدراء مما ترك في نفسه تساؤلا ً يشوبه الحيرة . كان يحتاج الى شرح مفصل من قبل الطبيب ليعرف ما حدث لقلبه بالضبط .
الزيارة ممنوعة عليه منعا باتا . حتى زوجته أبعدوها عنه . لا أريده ان يكلم أحدا او يكلمه احد .
_ دكتور أعطني دواء ً يخفف من الم القلب . إنني أموت .
قبلة بهذا الشكل كانت كافية لإنعاشه وجعل قلبه ينبض بالحياة على الرغم من توقفه لأكثر من دقيقة او ربما دقيقتين حسب تقرير الطبيب المناوب.
- أنت أول مريض بالقلب يعود الى الحياة على يدي .. تصور جميع الذين عالجتهم بالصدمة الكهربائية كانوا يفارقون الحياة في نفس الوقت .. أنا فرح أكثر منك .. ان تعيد لإنسان ميت الحياة هذا وحده انجاز كبير .
- انتظر دكتور .. لا تذهب أرجوك أحس بألم فظيع في قلبي ، لا يشبه أي الم من قبل ، أرجوك ..
- بعد قليل سيزول الألم .. تحمل قليلا .
- أرجوك دكتور ، لا تتركني هكذا ، إما ان تخلصني من الألم او تقتلني ؟
- أعطوه حبة فاليوم لكي يستطيع النوم .
- لكنني كنت نائما
- نم مرة اخرى لا ضير في ذلك.
- أخاف أن أنام هذه المرة ولا استيقظ بعدها ؟.
- ولم الخوف .. لا .. لا تخف .. الأعمار بيد الله
- لكنه كان نائماً ولم يستيقظ .
- من ؟!
-المريض الراقد الى يساري وكذلك المريض الى يميني
- وتخاف ان يصل إليك الدور ؟
- لم تضحك .. نعم .. أخاف ان أموت فعلا
- غريب
- وما الغريب في ذلك
- لقد وصلت الى المستشفى وأنت ميت والآن أنت في صحة جيدة ، فلم الخوف ؟!!
- لكن .. هما ؟
- من هما
- لقد غادرا غرفة الإنعاش قبل ان تصل إليها بقليل ، ولم تنفع معهما الصدمات الكهربائية لقد رأيتهما بأم عيني وهما يغطان في نوم عميق ، دكتور أنا خائف.
الحمد لله على سلامتك
قالتها وهي تتقدم منه بثوبها الأصفر الطويل وقامتها الفارعة ، قوام انتبه إليه كل من كان في غرفة الإنعاش حتى زوجته ، لقد عرفها ، بدت له وكأنها ملاك بجناحين وهي تنام الى جواره وكلما توغلت بأصابعها في شعر رأسه الأشيب ، كان ألم القلب يخفُّ عنه شيئا فشيئا .. حتى إذا أطبقت شفتيها على شفتيه أحس بأن جناحين ينبتان على كتفيه وهو مستعد بأن يطير معها الى أقاصي السماء ، راقبها الجميع وهي تضرب بجناحيها وترتفع عن الأرض شيئا فشيئا. راودته رغبة الطيران معها بعد ان لفحته نسمة هواء طيبة أنعشت روحه ليحلق معها عبر النافذة الوحيدة المفتوحة في غرفة الإنعاش ولكن كلما ارتفع الى الأعلى وهو في قمة السعادة ، كان هنالك من يحاول سحبه من قدميه لإرجاعه الى الأرض . التفت الى الخلف فرأى زوجته تمسك برجله بقوة وهي تبتسم