تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : مُطِرنا بفضل الله ...


رحيل
10-31-2020, 09:25 AM
لحمدُ للهِ والصلاة والسلامُ على رسول الله وبعدُ :

فبمناسبةِ هذا الْخَيْر الذي عمّنا من الأمطار الغزيرة بفضل اللهِ ورحمته أُذّكرُ بِحديثِ النبي – صلى الله عليه وسلم _ الذي يرويه
زيدُ بنُ خالدٍ الْجُهَنِيُّ – رضي الله عنه - قال :

صلى لنا رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - صلاةَ الصبحِ بالْحُديْبيةِ , على إثْرِ سَماءٍ كانت من الليلةِ ، فلمّا انصرفَ أقبلَ على الناسِ فقال :

(( هل تدرون ماذا قال ربُّكم )) .

قالوا : اللهُ ورسوله أعلم .

قال : (( أصبحَ من عبادي مؤمنٌ بِي وكافرٌ ، فأمّا من قال : مُطِرْنا بفضلِ اللهِ ورحْمتِه , فذلك مؤمنٌ بِي وكافرٌ بالكوكبِ ، وأمّا من قال : بنَوْءِ كذا وكذا , فذلك كافرٌ بِي ومؤمنٌ بالكوكبِ )) .
[ رواه البخاري ومسلم وغيرهما ] .

قال ابنُ عُثيمين – رحمه اللهُ – في شرحِه على كتابِ التوحيد :

قولُه : " على إثْرِ سَماءٍ كانت من الليل " . الإثر معناه : العَقِبُ ، والأثر معناه العُقْبُ ، والأثرُ : ما ينتجُ عن السّيْر .

قوله : " سَماء " . الْمُرادُ به المطرُ .

قوله : " كانت من الليل " . " من " لابتداءِ الغايةِ , هذا هو الظاهر - والله أعلم - ، ويَحتملُ أن تكونَ بِمعنى فِي الظرفية .

قوله : " فلما أنصرف " أي : من صلاتِه ، وليس من مكانِه بدليل قوله : " أقبل على الناس "
قوله : " هل تدرون ماذا قال ربكم ؟ " . الأستفهامُ يُرادُ به التنبيهُ والتشويقُ لِما سَيُلقى عليهم ، وإلا ، فالرسولُ - صلى الله عليه وسلم - يعلمُ أنّهم لا يعلمون ماذا قال اللهُ ، لأنّ الوحيَ لا ينزلُ عليهم .
ومعنى قوله : " هل تدرون " . أي : هل تعلمون .

والْمُراد بالربوبية هنا الخاصّة ؛ لأن ربوبية اللهِ للمؤمن خاصة ,كما أنّ عبوديةَ المؤمنِ له خاصّةٌُ ، ولكنّ الخاصةَ لا تنافي العامّة ؛ لأنّ العامّة تشملُ هذا وهذا ، والخاصة تَختصُّ بالمؤمن .

قوله : " قالوا : الله ورسوله " . فيه إشكال نَحوي ؛ لأنّ : " اعلمُ " خبرٌ عن اثنين ، وهي مفردٌ ، فيُقالُ : أنّ أسمَ التفضيل إذا نُويَ به معنى "مَنْ"، وكان مُجرّداً من أل والإضافةِ ,لزمَ فيه الإفرادُ والتذكيرُ .

وفيه أيضاً إشكالٌ معنويٌّ ، وهو أنه جَمعٌ بين اللهِ ورسولِه بالواو ، مع أن الرسولَ - صلى الله عليه وسلم - لَمّا قال له الرجلُ : ما شاء اللهُُ وشئتَ قال : " أجعلتنى لله نداً ! " .
فيقال : إنّ هذا أمرٌ شرعيٌّ ، وقد نزل على الرسول - صلى الله عليه وسلم - .
وأمّا إنكارُه على مَن قال : ما شاء اللهُ وشِئْتَ ؛ فلأنه أمرٌ كونِيٌّ ، والرسولُ - صلى الله عليه وسلم - ليس له شأنٌ في الأمور الكونية .

والمراد بقولهم : " الله ورسوله أعلم " تفويض العلم إلى الله ورسولِه ، وأنّهم لا يعلمون .

قالوا : الله ورسوله أعلم . قال : " أصبح من عبادي مؤمنٌ بِي وكافرٌ ، فأمّا من قال : مُطرنا بفضل الله ورحْمتِه ، فذلك مؤمن بِي كافرٌ بالكوكبِ ، وأمّا من قال : مُطرنا بنَوْءِ كذا وكذا ، فذلك كافرٌ بِي مؤمن بالكوكب " .
قوله : " أصبح من عبادي مؤمن بي وكافر " . " مؤمن " صفة لِموصوفٍ مَحذوفٍ ، أي : عبدٌ مؤمن ، وعبدٌ كافر .

و" أصبح " : من أخوات كان ، وأسْمُها : " مؤمنٌ " ، وخبَرُها : " من عبادي ". ويَجوزُ أن يكونَ " أصبح " فعلاً ماضياً ناقصاً ، وأسْمُها ضميرُ الشأنِ ، أي : أصبح الشأن ، فـ " من عبادي " خبرٌ مُقدمٌ ، و"مؤمن " مؤخرٌ ، أي : أصبح شأنُ الناس منهم مؤمن ومنهم كافر .

قوله : " فأمّا مَن قال : مُطرنا بفضل الله ورحْمتِه " . أي : قال بلسانِه وقلبِه ، والباءُ للسبيية ، والفضلُ : العطاءُ والزيادة .
والرحْمة : صفة من صفات الله ، يكون بِها الإنعامُ والإحسان إلى الخلق .

وقوله : " فذلك مؤمن بِي وكافر بالكوكب " . لأنه نسبَ المطرَ إلى الله ولم ينسبْهُ إلى الكوكبِ ، ولم يرَ له تأثيراً في نزولِه ، بل نزل بفضلِ اللهِ .

قوله : " وأمّا من قال : " مُطرنا بنوء كذا وكذا " . الباءُ للسّبَبيّةِ ، فذلك كافرٌ بِي مؤمنٌ بالكوكب ، وصار كافراً بالله ؛ لأنه أنكرَ نعمةَ الله ونسبها إلى سببٍ لم يّجعلْه اللهُ سبباً ، فتعلقت نفسُه بِهذا السبب ، ونسيَ نعمةَ اللهِ ، وهذا الكفرُ لا يُخرجُ من الْمِلّةِ ؛ لأن المرادَ نسبةُ المطر إلى النوْءِ على أنه سببٌ , وليس إلى النّوْءِ على أنه فاعلٌ ؛ لأنه قال : " مُطرنا بنوءِ كذا " ، ولم يقلْ : أنزل علينا المطرَ نوْءُ كذا ؛ لأنه لو قال ذلك ، لكان نسبة المطر إلى النوء نسبة إيِجادٍ ، وبه نعرف خطأ من قال : إنّ الْمُرادَ بقولِه : " مُطرنا بنوءِ كذا " نسبة المطر إلى النوءِ نسبةُ أيِجادٍ ؛ لأنه لو كان هذا هو المرادُ لقال : أنزلَ علينا المطرَ نوءُ كذا ولم يقلْ : مُطِرنا به .

فعُلِمَ أنّ المرادَ أنّ مَن أقرّ بأن الذي خلق المطرّ وأنزله هو الله ، لكنّ النوْءَ هو السببُ ، فهو كافرٌ ، وعليه : يكونُ مِن بابِ الكفرِ الأصغرِ الذي لا يُخرجُ من الْمِلةِ .

والمراد بالكوكبِ : النجمُ ، وكانوا ينسبون المطر َ إليه ، ويقولون : إذا سقط النجمُ الفلانِيُّ جاء المطرُ ، وإذا طلع النجمُ الفلاني جاء المطرُ ، وليسوا ينسبونه إلى هذا نسبةَ وقتٍ ، وإنّما نسبةَ سببٍ ، فنِسبةُ المطر إلى النوءِ تنقسمُ إلى ثلاثةِ أقسام :

- نسبة إيِجادٍ ، وهذه شركٌ أكبرُ .

- نسبةُ سببٍ ، وهذه شركٌ أصغرُ .

- نسبةُ وقتٍ ، وهذه جائزةٌُ بأنْ يُريدَ بقوله : مُطرنا بنوءِ كذا ، أي : جاءنا المطرُ في هذا النوءِ أي في وقتِه .

ولِهذا قال العلماءُ : يَحْرمُ أنْ يقولَ : مُطرنا بنوءِ كذا ، ويَجوز : مُطرنا في نوءِ كذا ، وفرّقوا بينهما : أنّ الباءَ للسببية ، و"في " للظرفية ، ومن ثم قال أهل العلم : إنه إذا قال : مطرنا بنوء كذا وجعل الباء للظرفية فهذا جائزٌ ، وهذا وإن كان له وجهٌ من حيثُ المعنى ، لكن لا وجهَ له من حيثُ اللفظِ ؛ لأنّ لفظَ الحديثِ : " من قال : مُطرنا بنوء كذا " ، والباءُ للسببيةِ أظهرُ منها للظرفيةِ ، وهي وإن جاءت للظرفية كما فى قوله تعالى : { وإنكم لتَمّرونَ عليهم مُصبحينَ وبالليّل } [الصافات : 137، 138 ] ، لكن كونُها للسببية أظهرُ ، والعكسُ بالعكس ، "في " للظرفية أظهر منها للسببية وإن جاءت للسببية ، كما في قوله - صلى الله عليه وسلم - "دخلت امرأةٌُ النارَ في هِرّةٍ " .

والحاصلُ أنّ الأقربَ المنعُ , ولو قصد الظرفيةَ ، لكنْ إذا كان المتكلم لا يعرفُ من الباء إلا الظرفيةَ مطلقاً ، ولا يظن أنّها تأتي سببيةً ، فهذا جائز ، ومع ذلك فالأولى أن يقال لهم : قولوا : فى نوء كذا .

ومعنى الحديث : أنه لَمّا نزل المطرُ نسَبَهُ بعضُهُم إلى رحْمةِ اللهِ , وبعضُهم قال : لقد صدق نوْءُ كذا وكذا ، فكأنه جعل النوءَ هو الذي أنزل المطرَ أو نزلَ بسببِهِ .

شيخة الزين
10-31-2020, 10:23 AM
أَثابَك الْلَّه خَيْر الْثَّوَاب ,,
وَلَا حَرَمَك,,اجْر مَاقَدَّمَت وَاجْر مِن اسْتَفَاد مِنْهَا
دُمْت بِحِفْظ الْلَّه وَتَوْفِيْقِه,,

بنت الشام
10-31-2020, 10:32 AM
جزاك الله خير ونفع بك .‘
وجعله في موآزين حسنآتك ..
ورفع به درجآتك على هذآ الطرح القيم ..‘
لا حرمنآالله توآجدك .."

نور القمر
10-31-2020, 02:57 PM
طرح رائع بروعة حضورك
ومجهود مميز وجميل
يسلمووووووو لهذا الالق
يعطييييييك العافية يارب
ودام سنا ضياك وهجا بالمنتدى
تحياااتي وعاطر الورد

سمارا
10-31-2020, 03:35 PM
بارك الله فيك على الطرح القيم
جزاك ربك خير الجزاء
وجعله في ميزان حسناتك
دمت بحفظ الرحمن

سمأأأأأرا

سمارا
10-31-2020, 03:35 PM
بارك الله فيك على الطرح القيم
جزاك ربك خير الجزاء
وجعله في ميزان حسناتك
دمت بحفظ الرحمن

سمأأأأأرا

مرتني الدنيا
10-31-2020, 04:11 PM
بارك الله فيك واثابك على ما قدمت

شيخة المزايين
10-31-2020, 05:55 PM
جزاك الله خير
جعله الله بميزان حسناتك

خالد الشاعر
11-01-2020, 02:15 AM
الله يجزاكى كل خير على مجهودكِ
ويجعل الأجر الاوفر بميزان حسناتكِ

وسام العز
11-01-2020, 08:22 AM
جزاك الله خير
طرح قيم
بارك الله فيك وبانتظار المزيد من التألق

هالة
11-01-2020, 12:04 PM
أإسـ عٍ ـد الله أإأوٍقـآتَكُـم بكُـل خَ ـيرٍ
دآإئمـاَ تَـبهَـرٍوٍنآآ بَمَ ـوٍآضيعكـ
أإلتي تَفُـوٍح مِنهآ عَ ـطرٍ أإلآبدآع وٍأإلـتَمـيُزٍ
لك الشكر من كل قلبي

الأمير
11-01-2020, 12:24 PM
مُزْنٌ يَهْطُل وشَلآلٌ يَتَدَفَقْ
بَطِرُوحَآتِكْ الْرَآئِعَةْ الْجَمِيلَةَ
بِإخْتِيَآرْ يَفُوقْ الْوَصْفْ والْتَعْبِيِرْ
فَإلَى الأَمَآمْ بِإنْتِظآرِ جَدِيِدِكْ بِشَوقْ
وفَقِكْ الْلَه تَعَآلَى
http://katka5212.bloglap.hu/kepek/201204/_1.png

روح انثى
11-01-2020, 12:28 PM
جزاك الله خيراً على انتقائك القيم
وجعلها ربي في ميزان حسناتك
وفي انتظار المزيد
:f17::f17::f17::f17::f17::f17:

ڞــمۭــۃ ۛ ּڂۡــڣــﯟڦ ❥
11-01-2020, 01:08 PM
,,~

جَزآگ اللهُ خَيرَ آلجَزآءْ..،
جَعَلَ يومَگ نُوراً وَسُروراً
وَجَبآلاُ مِنِ آلحَسنآتْ تُعآنِقُهآ بُحوراً..
جَعَلَهُا آلله في مُوآزيَنَ آعمآلَگ
دَآمَ لَنآعَطآئُگ..
دُمْت بــِطآعَة الله ..~

,,~

دره العشق
11-01-2020, 10:20 PM
بارك الله فيك على الموضوع القيم والمميز
وفي انتظار جديدك الأروع والمميز
لك مني أجمل التحيات
وكل التوفيق لك يا رب..

شيخة رواية
11-03-2020, 06:25 AM
:f15:
موضوع في قمة الخيااال
طرحت فابدعت
دمت ودام عطائك
ودائما بأنتظار جديدك الشيق
:f15:

ابوصالح S
11-05-2020, 03:36 PM
جزاك الله خير
وجعله فى ميزان حسناتك
وانار دربك بالايمان
ويعطيك العافيه على طرحك
دمت بحفظ الله ورعآيته

روحي تبيك
11-05-2020, 06:25 PM
جزاك الله خير وجعله في ميزان حسناتك
ولا حرمك الأجر يارب
وأنار الله قلبك بنورالإيمان
أحترآمي لــ/سموك

Şøķåŕą
09-05-2022, 11:37 AM
_



جزاك الله كل خير ..
وَبارك الله فيك ولا حرمك الأجر
لك من الشكر أجزله.

Şøķåŕą
09-05-2022, 11:39 AM
_



جزاك الله كل خير ..
وَبارك الله فيك ولا حرمك الأجر
لك من الشكر أجزله.

Şøķåŕą
11-23-2024, 04:19 PM
شكراً لك
بإنتظار الجديد القادم
دمت بكل خير