الأمير
10-04-2020, 05:59 PM
العبث بالإرث
منذ أنْ تسلَّم الخليفة الراشد عمر بن الخطَّاب رضي الله تعالى عنه مفاتيحَ بيت المقدس، في السنة الخامسة عشرة من هجرة المصطفى صلى الله عليه وسلم - 636م - والقدس عربيَّة إسلامية، تُحكَم بالإسلام، ويتمتَّع أهلها بالحكم الإسلامي العادل، حتى مع الأعداء: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ ﴾ [المائدة: 8]، وأعداء الإسلام والمسلمين - شديدو العداوة - هم اليهود والذين أشركوا: ﴿ لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ ﴾ [المائدة: 82]، وعليه فقد أضحت القدس إرثًا إسلاميًّا.
تَمرُّ على المسلمين كلَّ سنة ذكرى احتلال فلسطين، بتحقيق وعد بلفور، وزير خارجية بريطانيا في العقد الثاني من القرن الميلادي العشرين المنصرم (1917م / 1336 هـ)، المبني - أصلًا - على توقُّعات هرتزل سنة 1316هـ/ 1898م بإقامة وطنٍ قوميٍّ لليهود في فلسطين، ينمِّيه الاعتقاد لدى اليهود بأنَّ الله تعالى قد اصطفاهم من بين شعوب الأرض[1].
مهما جرى الأمر فإنَّ وجود اليهود بهذه الصورة في فلسطين يحكمونها، ويستقرُّون بها، ويجتمعون بها - أمرٌ غير طبيعي، وليس مستمرًّا، مهما كان الحال، والأمر غير الطبيعي لا يتوقَّع له الاستمرار، فإذا دخل في ذلك الاستيلاء على إرث إسلامي - مثل بيت المقدس - فإنَّ مدَّة بقاء هذا الجسم المزروع لن تطول.
لقد شاهدتُ برنامجًا مؤثِّرًا بمناسبة مرور ثلاث وخمسين سنة على الاحتلال، وُفِّق مُعدُّوه ومخرجوه والعاملون عليه على عرضه عرضًا وثائقيًّا علميًّا مؤثِّرًا، ووجدتُ فيه من الفقرات ما يؤكِّد - لخاصَّة الناس وعامَّتهم - أنَّ الأمل معقود على الأجيال القادمة، التي بدأت تشقُّ طريقها في الحضانة والروضة والمدرسة الابتدائية؛ إذ لا يزال هؤلاء يتحدَّثون ببراءة عن العودة إلى الأرض، إلى الإرث، ولا يزالون مصمِّمين - وهم صغار - على أنَّ الوضع الذي هم فيه غير طبيعي، وهم الصغار الذين سيستمرون في محاربة اليهود، حتى يخرجوهم من ديارهم، بهذه البساطة من الطَّرح؛ ذلك أنِّي عندما رأيتُ هؤلاء الأطفال تيقَّنتُ أكثرَ بأنَّ المسألة لن تستمر على ما هي عليه.
دون الدخول في تعقيدات المحلِّلين، ودون النظر إلى العوامل الداخلية والخارجية، ودون النظر إلى القوَّة المادِّية الهائلة - فإنِّي من أولئك الذين يجزمون أنَّ هناك قوةً هي أقوى من كل قوَّة مادِّية، وهي كفيلة بتخطِّي كل شيء يقف أمامها؛ وهي قوَّة الإيمان المصحوبة بالإعداد بالقوَّة المساندة، "واشتدِّي أزمة تنفرجي" بإذن الله تعالى.
هذا مع التوكيد على أنَّ الأمر ليس متروكًا لاجتهادات شخصية، قامت عليها أحزاب اختلطَت أوراقُها، وبالتالي اختلطت لديها الأولويات، فما عادت تفرِّق بين الصديق والعدوِّ، والمحارَب والمستأمن، فلجأَت إلى الغلوِّ والتطرُّف في النظر إلى القضية، فكانت عونًا للعدو على ذاتها؛ حيث فتحت له مجال التعاطُف الدولي، شرقًا وغربًا، هذا التعاطُف الذي لم يقتصر على المعنوي فحسب، بل إنَّه جلب معه المادِّي، بغير حساب؛ فالنضوج الفكري في فهم القضيَّة، وإفهامها لآخر كفيلٌ - بإذن الله تعالى - بالوصول إلى الهدف، الذي قد لا يكون للزمن فيه اعتبار.
ثم مع هذا، ولعلَّه من القوَّة، أنَّ القضية قضيتنا جميعًا، وأنَّنا معها اليوم، كما كنا معها بالأمس، وكما سنكون معها غدًا - إنْ شاء الله - بالقيادة وبالقاعدة، بالدَّعم الملموس، والظاهر والواضح المحسوس، والشواهدُ على هذا الدَّعم - والحمد لله - معلومة، ولا تزال تتردَّد آثارها إلى لحظتنا هذه.
منذ أنْ تسلَّم الخليفة الراشد عمر بن الخطَّاب رضي الله تعالى عنه مفاتيحَ بيت المقدس، في السنة الخامسة عشرة من هجرة المصطفى صلى الله عليه وسلم - 636م - والقدس عربيَّة إسلامية، تُحكَم بالإسلام، ويتمتَّع أهلها بالحكم الإسلامي العادل، حتى مع الأعداء: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ ﴾ [المائدة: 8]، وأعداء الإسلام والمسلمين - شديدو العداوة - هم اليهود والذين أشركوا: ﴿ لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ ﴾ [المائدة: 82]، وعليه فقد أضحت القدس إرثًا إسلاميًّا.
تَمرُّ على المسلمين كلَّ سنة ذكرى احتلال فلسطين، بتحقيق وعد بلفور، وزير خارجية بريطانيا في العقد الثاني من القرن الميلادي العشرين المنصرم (1917م / 1336 هـ)، المبني - أصلًا - على توقُّعات هرتزل سنة 1316هـ/ 1898م بإقامة وطنٍ قوميٍّ لليهود في فلسطين، ينمِّيه الاعتقاد لدى اليهود بأنَّ الله تعالى قد اصطفاهم من بين شعوب الأرض[1].
مهما جرى الأمر فإنَّ وجود اليهود بهذه الصورة في فلسطين يحكمونها، ويستقرُّون بها، ويجتمعون بها - أمرٌ غير طبيعي، وليس مستمرًّا، مهما كان الحال، والأمر غير الطبيعي لا يتوقَّع له الاستمرار، فإذا دخل في ذلك الاستيلاء على إرث إسلامي - مثل بيت المقدس - فإنَّ مدَّة بقاء هذا الجسم المزروع لن تطول.
لقد شاهدتُ برنامجًا مؤثِّرًا بمناسبة مرور ثلاث وخمسين سنة على الاحتلال، وُفِّق مُعدُّوه ومخرجوه والعاملون عليه على عرضه عرضًا وثائقيًّا علميًّا مؤثِّرًا، ووجدتُ فيه من الفقرات ما يؤكِّد - لخاصَّة الناس وعامَّتهم - أنَّ الأمل معقود على الأجيال القادمة، التي بدأت تشقُّ طريقها في الحضانة والروضة والمدرسة الابتدائية؛ إذ لا يزال هؤلاء يتحدَّثون ببراءة عن العودة إلى الأرض، إلى الإرث، ولا يزالون مصمِّمين - وهم صغار - على أنَّ الوضع الذي هم فيه غير طبيعي، وهم الصغار الذين سيستمرون في محاربة اليهود، حتى يخرجوهم من ديارهم، بهذه البساطة من الطَّرح؛ ذلك أنِّي عندما رأيتُ هؤلاء الأطفال تيقَّنتُ أكثرَ بأنَّ المسألة لن تستمر على ما هي عليه.
دون الدخول في تعقيدات المحلِّلين، ودون النظر إلى العوامل الداخلية والخارجية، ودون النظر إلى القوَّة المادِّية الهائلة - فإنِّي من أولئك الذين يجزمون أنَّ هناك قوةً هي أقوى من كل قوَّة مادِّية، وهي كفيلة بتخطِّي كل شيء يقف أمامها؛ وهي قوَّة الإيمان المصحوبة بالإعداد بالقوَّة المساندة، "واشتدِّي أزمة تنفرجي" بإذن الله تعالى.
هذا مع التوكيد على أنَّ الأمر ليس متروكًا لاجتهادات شخصية، قامت عليها أحزاب اختلطَت أوراقُها، وبالتالي اختلطت لديها الأولويات، فما عادت تفرِّق بين الصديق والعدوِّ، والمحارَب والمستأمن، فلجأَت إلى الغلوِّ والتطرُّف في النظر إلى القضية، فكانت عونًا للعدو على ذاتها؛ حيث فتحت له مجال التعاطُف الدولي، شرقًا وغربًا، هذا التعاطُف الذي لم يقتصر على المعنوي فحسب، بل إنَّه جلب معه المادِّي، بغير حساب؛ فالنضوج الفكري في فهم القضيَّة، وإفهامها لآخر كفيلٌ - بإذن الله تعالى - بالوصول إلى الهدف، الذي قد لا يكون للزمن فيه اعتبار.
ثم مع هذا، ولعلَّه من القوَّة، أنَّ القضية قضيتنا جميعًا، وأنَّنا معها اليوم، كما كنا معها بالأمس، وكما سنكون معها غدًا - إنْ شاء الله - بالقيادة وبالقاعدة، بالدَّعم الملموس، والظاهر والواضح المحسوس، والشواهدُ على هذا الدَّعم - والحمد لله - معلومة، ولا تزال تتردَّد آثارها إلى لحظتنا هذه.