تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : اللــــــــه الــودود


دره العشق
10-01-2020, 02:47 PM
إنّ الله سبحانه و تعالى لمّا خلق الكون لمخلوقاته
لم يجعله جافا بل ملأه بذلك الإحساس المرهف
الذي يملأ القلب فيوجب معه الصفح قبل المصافحة
و التسامح قبل العتاب و الوصل قبل الوصال و العطاء قبل الرجاء و الوفاء قبل الهجر و التضحية قبل الإنتقام ، نعم هذا هو الشعور النبيل المسمى بالحب الذي يختلج كل كل ُمحب اتجاه محبوبه سواء كان هذا المحبوب الأم أو الأب أو الإخوة أو الزوج أو الزوجة أو الأبناء أو الأهل أو الأصدقاء أو عباد الله الصالحين ، هذا هو الحب الذي يملأ قلوبنا فرحا بوجود و ُلقيا أحبابنا و ما أحلاه إن كان هذا الحب في الله ابتغاء مرضاة الله
في سردي هذا لمعنى الحب ذكرت الأرحام و لم أذكر خالق الأرحام الله سبحانه و تعالى ، أتعلمون لِما ؟
لأنّ حب الله هو أجّل من الحب البشري ، حب الله هو أبلغ من أن يطلق عليه اسم حب و إنّما هو الـــــود الذي بسببه اختار الله لنفسه أن يكون الودود بكل صفاته
الودود الذي يفهمك دون أن تشرح له و يسمعك دون أن تتكلم و يشعر باحساسك دون أن تبكي و يُصدقك دون أن تحلف و يلبي نِداءك قبل أن تناديه
هل تستطيع التفريق الآن بين الحـــــب و الــــــود ؟
إنّ الحب هو تلك المشاعر و الأحاسيس الداخلية التي نحملها للأخرين في قلوبنا ، أمّا الود فهو ترجمة تلك المشاعر و الأحاسيس الداخلية إلى أفعال و تصرفات ، أنا أكن لك مشاعر داخلية في قلبي و أتمنى لك الخير في حياتك فأنا أحبــك ، أمّا أن أهديك هدية أو أقف معك في الحلو و المر أو أنصحك أو أدعي لك أو أذكرك بالخير هذا وُد أي أنا أودكــ ، لهذا لم يسمي الله نفسه بالحبيـــب و إنّما سمى نفسه بالــــودود ، لأنّ الود أشمل و أعظم و أكبر من الحب ، الود أصفى الحب و أنقاه و أطهره ، فهو أعلى درجات و مستويات الحب لأنه خالٍ من الحقد
و بالتالي قد يكون كل ودود محـب غير أنه ليس كل محب يستطيع أن يكون ودود و الله المثل الأعلى في ذلك

فالودود يتحبب إلى أوليائه و عباده الصالحين بالقرب غير أنّه يتحبب أيضا لعباده المذنبين بالرحمة و المغفرة كما أنّه في نفس الوقت يتحبب إلى جميع خلقه بالعطاء و الرفق فهو القائل في حديثه القدسي : ((يا داود لو يعلم المدبرون عني شوقي لعودتهم و رغبتي في توبتهم لذابوا شوقا الي ، يا داود هذه رغبتي بالمدبرين عني فكيف محبتي للمقبلين علي ))
أ أحسست الأن بمعنى الودود ؟
الودود الذي يعلم أنّك مُحتاج للحب و الحنان بنفس مقدار احتياجك للعلم و القوّة و العزة و الفهم و الرزق فلم يكتفي الله بتغذية فكرك و جسمك بل لجأ أيضا لتغذية قلبك و روحك ، و لم يقفْ عند حدِّ توفير التغذية الروحية و الجسدية ، بل عمد إلى تسخير وُده لك في كل خلقه
أنظر للشمس و القمر و الليل و النهار و النجوم و البحر و الأشجار ، أليست لها دلالة في الحياة و هي من المفروض أن تؤدي وظيفتها لإستمرار الحياة و لكن أنظر إليها جيّدا ألا تجد أنّها غير صماء و مليئة بالحب هي الأخرى ، أترى لما ؟
أليس لأنّ الله يحبنا و يريد أن يتقرب إلينا بكل مخلوقاته ؟


وَجِه نظرك للشمس ، أليست وظيفتها الرئيسية هي الإنارة و المحافظة على درجة حرارة الأرض ، كما نستخدمها أيضا في الطاقة الشمسية ....و لكن أنظر إلى جانب الحب فيها ألا تتمتع بالنظر إلى خيوطها الذهبية المتلألئة في الظهيرة و لألوانها الجميلة البراقة عند الشروق و الغروب
وجه نظرك الأن للقمر أليست وظيفته هو أيضا الإنارة ، و لكن تمعن فيه جيّدا ألا تجد مع القمر الرقة
وجه نظرك للحيتان في الماء و ما أجمل أشكالها و ألوانها فألا تبعث في قلبك صفة الإبداع في الخلق قبل صفة توفير الطعام
و وجه نظرك للأزهار و ألوانها و أشكالها و رائحتها فألا تبعث في قلبك الراحة و الحلاوة
و وجه نظرك للطيور و للأنهار و للبحار و الشلالات و الأمواج ، انظر لشكل قوس قزح و ألوانه و أطلق العنان لنظرك و تأمل في خلق الله و ابداعاته ......ألا تحس بمدى حبه
هل ملأ الودود الأن قلبك أيّها العبد و استشعرت تجليه في كل مخلوقاته ، كيف لا و كل شيء واضح في هذا الحديث : { ما في شبر في السماء إلاّ وفيه ملك قائم أو راكع أو ساجد إلى يوم القيامة ، فإذا قامت الساعة قاموا من عبادتهم يقولون سبحانك ما عبدناك حق عبادتك }
إنّهم يعترفون بتقصيرهم اتجاه خالقهم و هم الذين لم ينقطعوا عن عبادته أبدا ، فكيف هي عبادتنا لله خالقنا مقارنة بعبادتهم له ؟ فهل اعترفنا يوما بتقصيرنا ؟
اسأل نفسك يا بني آدم ..يا من فضّلك الله عن كل مخلوقاته ، كيف هو اللـــه في قلبك ؟ و هو الذي يحبك بالرغم من كونك أصغر مخلوقاته حجما مقارنة بحجم السماوات و الأرض ، تأمل في حجمك الصغير و في مقدار حب الله الكبير لك ؟
أتعلم يا بني آدم أنّ ما السماء الأولى في السماء الثانية إلاّ كحبة في صحراء و ما الثانية في الثالثة إلاّ كحبة في صحراء و ما الثالثة في الرابعة إلاّ كحبة في صحراء و ما الرابعة في الخامسة إلاّ كحبة في صحراء و ما الخامسة في السادسة إلاّ كحبة في صحراء و ما السادسة في السابعة إلاّ كحبة في صحراء و ما السابعة في العرش إلاّ كحبة في صحراء و ما العرش في الكرسي إلاّ كحبة في صحراء ، وسع كرسيه السماوات و الأرض، فأين أنــــت من كل هــــذا ؟
أتأملت الأن حجمك يا بني آدم و أدركت كم أنّك صغير جدا مقارنة بكل هذا ، فما هو حجمك أنت لن أقول لك مقارنة بحجم السماوات و العرش و الكرسي و إنّما قارن حجمك بالصحراء ، ألست صغير جدا ؟ نعم صغير جدا جدا جدا و بالرغم من ذلك فهو يحبك و سمى نفسه الودود من أجلك ، لِما يا ترى قد يفعل كل هذا و هو غني عن حبك و غنيُُّ عن عبادتك ؟ أليس لأنّك غالي عليه كيف لا و هو القائل في حديثه القدسي : ((إذا تقرب العبد إلي شبراً تقربت إليه ذراعاً، وإذا تقرب إلي ذراعاً تقربت منه باعاً، وإذا أتاني يمشي أتيته هرولة))
هل تستطيع الأن معرفة إن كان الودود موجود بقلبك ؟ ، اسأل نفسك كم مرّة بكيت و كم مرّة خشعت و كم مرّة قلت أحبك يا رب ، و كم مرّة أحسست بقرب الله و حنانه ، إنّ من لم يشعر بذلك فهو إمّا أن يكون الله يتودد إليه و هو لم ينتبه بعد و هذه مشكلة و إمّا أنّ الله لا يتودد إليه لأنّه لا يستحق ذلك و هذه مصيبة ، و لكن تأكد أيّها العبد أنّك إذا رجعت إلى الله و قلت له يا ودود من لي سواك سيفتح لك أبوابه و يستقبلك بكل حـــب و وُد .
تَعلّم يا بني آدم أن تذهب للودود لِتُكلمَه فهناك فرق بين الدعاء الذي تلتمسه من ربّك و بين الفضفضة و الشكوى التي تتقرب بها من ربّك ، أُنظر فقط لنفسك عندما تكون مهموم ألا تفضل الذهاب إلى أحب الناس إليك لتشكو له همّك و تفضفض له ليقاسمك بعض همومك و يزيل عنك ، فلما لا تُجرّب الذهاب إلى الودود لتشكو له همّك ، لما لا تقتدي برسولك محمد صلى الله عليه و سلم و عباد الله الصالحين في رجوعك إلى الودود

بنت الشام
10-01-2020, 03:16 PM
يع ــطيك الع ــآفية
ولآ ع ــدمنآ تميز انآملك الذهبية
دمت ودآم بح ــر عطآئك بمآ يطرح متميزآ
بنتظآر القآدم بشووق
مآآآآآنـــــنـــحرم من جديد آلمتميز
لروح ــك بآقآت من الجوري

جوهره
10-01-2020, 04:03 PM
جزاك الله كل خير
طرح رائع يحمل الخير بين سطوره
ويحمل الابداع في محتواه
سلمت يمينك

ابو الملكات
10-01-2020, 05:55 PM
جزاك الله خير ورحم والديك وانار قلبك وعقلك بنور الايمان وجعل عملك هذا في ميزان حسناتك وجعل الجنة مثواك امين يارب

شيخة المزايين
10-01-2020, 06:50 PM
جزاك الله خير
جعله الله بميزان حسناتك

الأمير
10-02-2020, 06:10 AM
مُزْنٌ يَهْطُل وشَلآلٌ يَتَدَفَقْ
بَطِرُوحَآتِكْ الْرَآئِعَةْ الْجَمِيلَةَ
بِإخْتِيَآرْ يَفُوقْ الْوَصْفْ والْتَعْبِيِرْ
فَإلَى الأَمَآمْ بِإنْتِظآرِ جَدِيِدِكْ بِشَوقْ
وفَقِكْ الْلَه تَعَآلَى
http://katka5212.bloglap.hu/kepek/201204/_1.png

حكاية حب
10-02-2020, 01:12 PM
جزاك ربي خير الجزاء
ونفع الله (https://hwazen.com/vb/t361.html) بك وسدد خطاك
وجعلك من أهل جنات النعيم
اللهم آآآآمين

روحي تبيك
10-02-2020, 02:13 PM
جزاك الله خير وجعله في ميزان حسناتك
ولا حرمك الأجر يارب
وأنار الله قلبك بنورالإيمان
أحترآمي لــ/سموك

نور القمر
10-02-2020, 07:07 PM
جلب راقي وانتقاء مميز
بوركت جهودك المثمرة
ولا حرمنا عطائك
ودي ..

بنت الشام
10-02-2020, 07:23 PM
كل الشكر لك على تواجدك الجميل وردك الرائع
اسعدني جدا مرورك .. ربي يعافيك ويسعدك
دمت بالف خير ..

ڞــمۭــۃ ۛ ּڂۡــڣــﯟڦ ❥
10-02-2020, 11:38 PM
,,~

جَزآگ اللهُ خَيرَ آلجَزآءْ..،
جَعَلَ يومَگ نُوراً وَسُروراً
وَجَبآلاُ مِنِ آلحَسنآتْ تُعآنِقُهآ بُحوراً..
جَعَلَهُا آلله في مُوآزيَنَ آعمآلَگ
دَآمَ لَنآعَطآئُگ..
دُمْت بــِطآعَة الله ..~

,,~

خالد الشاعر
10-03-2020, 12:32 PM
جزاكى المولى الجنه
وجعله المولى شاهداً لكى لا عليكى
لاعدمنا روعتكِ
ولكى احترامي وتقديري

سمارا
10-04-2020, 08:37 PM
بارك الله فيك على الطرح القيم
جزاك ربك خير الجزاء
وجعله في ميزان حسناتك
دمت بحفظ الرحمن

سمأأأأأرا

شيخة رواية
10-08-2020, 04:39 AM
كل الشكر والامتنان على روعهـ بوحـكـ ..
وروعهـ مانــثرت .. وجماليهـ طرحكـ ..
دائما متميز في الانتقاء

Şøķåŕą
09-06-2022, 10:13 AM
_



جزاك الله كل خير ..
وَبارك الله فيك ولا حرمك الأجر
لك من الشكر أجزله.