تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : ((الحسرات))


بنت الشام
09-30-2020, 12:28 PM
(( الحسرات ))
الحمد لله ربِّ العالمين، والصَّلاة والسَّلام على نبينا محمَّد وعلى آله وصحبه، وبعد:

طبيعة النفوس أنها تحزن حين تصاب في أمور تحبها؛ فمن فقد عزيزاً، أو خسر مالاً أو صحة أو وظيفة فإنه يحزن لفقد هذه الـمُرادات العزيزة.

ولأن رضا الله ورسوله صل الله عليه وسلم عظيم التقدير في قلب المصلح والداعية إلى الخير؛ فمن الطبيعي أن يحزن على ما يرى من تفريط في جنب الله، أو مجاهرة في المنكرات، أو انحرافات تعبث بالشباب والفتيات.

فالحزن أمر طبيعي، لكنه في الوقت نفسه ليس مطلوباً شرعياً؛ فليس في كتاب الله ولا سنة رسوله صل الله عليه وسلم ثناء على الحزن أو حثٌّ عليه.

أخبرنا الله تعالى عن حزن النبي صل الله عليه وسلم على قومه فقال: {قَدْ نَعْلَمُ إنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ} [الأنعام: ٣٣] وقال سبحانه: {وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ} [الحجر: 97].

بل جاء النهي عنه في مواضع كثيرة من كتاب الله، فيقول سبحانه: {وَلا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلا تَكُ فِي ضَيْقٍ مِّمَّا يَمْكُرُونَ} [النحل: 127]، وفي موضع آخر: {وَلا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلا تَكُن فِي ضَيْقٍ مِّمَّا يَمْكُرُونَ} [النمل: ٧]، وقال تعالى: {فَلا يَحْزُنكَ قَوْلُهُمْ إنَّا نَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ} [يس: 76] {وَلا يَحْزُنكَ قَوْلُهُمْ إنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا} [يونس: 65].

فالنبي صل الله عليه وسلم يحزن من ترك الكفار لطاعته، واستنكافهم عن الانقياد لله ورسوله صلى الله عليه وسلم، فيرشده ربنا جل وعلا أن لا يحزن، فالحزن ليس مقصداً للشارع.

ويذكر الله هذا الحزن في مواضع أُخَر فيرشد ربنا نبيه صل الله عليه وسلم أن لا يهلك نفسه حزناً عليهم، فيقول تعالى: {لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَّفْسَكَ أَلَّا يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ} [الشعراء: ٣] وقال سبحانه: {فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَّفْسَكَ عَلَى آثَارِهِمْ إن لَّمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الْـحَدِيثِ أَسَفًا} [الكهف: ٦]، وقال سبحانه: {فَلا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ} [فاطر: ٨].

فهذه آيات كثيـرة في هذا الحزن، تدل على أنه موضوع مهم وله آثار تستوجب هذه العناية الربانية.

الحزن ليس مقصداً للشريعة، لأنه لا مصلحة فيه؛ وإنما هو أثر من آثار حب الله وحب رسوله صل الله عليه وسلم وتعظيم أمر الشارع فيقع في القلب الحزن على ما يحدث من تفريط؛ فالداعية والمصلح مثاب على ما يجده من حزن، لأنه بسبب هذا المقصد الشريف، ولأنه من الأذى والضرر في سبيل الله.

لكنه ليس مقصداً لذاته، فيُبحَث عنه أو يستثار في القلب أو يُحَث الشخص عليه، فهو كالمشقة في التكاليف الشرعية، لا يسوغ أن تُتَقصد المشقة فيها لأن الشارع لا يريد المشقة لأنها مشقة، ولا مصلحة فيها بذاتها؛ وإنما إن جاءت المشقة تبعاً للتكليف أثيب المسلم عليها.

من المهم أن يستحضر الدعاة والمصلحون في كل زمان ومكان هذا النداء الرباني بعدم الحزن على المفرطين والمستهترين والمتهتكين؛ فالحزن طاقة سلبية مؤذية، تضعف النفس، وتبعث الإحباط، وتثبط العزائم، وقد تؤدي إلى ترك العمل الصالح، واليأس من الخير، إن لم تتجاوز ذلك إلى الزيغ والانحراف.

ترك الحزن معنى شرعي عظيم، يمكن أن يستهلم منه أمور كثيرة مما يستوجبه هذا الحكم، ومن ذلك:

التركيز على جانب الدعـوة والإصلاح والنصح وقول الحق والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ونحو هذه المصالح الشرعية المقصودة، فهذه هي الأمور التي ينبغي العناية بها في كل حال، والبحث عن أفضل السبل لتحقيقها.

استشعار أن الهداية بيد الله، وأن لله الأمر من قبل ومن بعد، وله حكم في خلقه لا يحيط به أحد من البشر، فلا يحزن المسلم على ثمرة لم تحصل له، وأمر لم يتحقق، لأن الأمر لله.

التعالي عن التأثيرات السلبية لبعض الناس حين يتعمد إثارة الحزن والحسرة، واستفزاز المصلحين بالمجاهرة بفعل ما يغضب الله ورسوله؛ فالتوجيه الرباني أن لا تحزن عليهم؛ فمن اهتدى فإنما يهتدى لنفسه، ومن ضل فإنما يضل عليها.

تجنب مثيرات الحزن، فالحزن هو أمر تبعي، وأثر لفقدان النفس لما تعظمه، وقد لا يملك الإنسان حدوث هذا الحزن حين يوجد سببه، فهو نتيجة طبيعية، لكن هذا الحزن يتجاوز هذا الأمر عند بعض الناس في بحثه عما يثير هذا الحزن، وفي استثارته، وفي إطالة التفكير فيه، فيجب الإعراض عن ذلك كله، وأعظم ما يعين على الإعراض هو الانشغال النافع والعمل الصالح.

وإذا كان الانشغال النافع هو أعظم ما يعين على دفع الحزن والإعراض عنه، فإن من أعظم ما يثير هذا الحزن هو كثرة الحديث عن المنكرات، وتتبع المخالفات، والسؤال عن التجاوزات، وقضاء الأوقات في ملاحقة هذه المجريات بما يملأ القلب حزناً وحسرة بلا ثمرة ولا فائدة، وقد يغري الشيطان بعض الفضلاء بهذه التفصيلات على اعتبار أنها من فقه الواقع، أو من الإصلاح أو إنكار المنكرات، وهي في الحقيقة ليس فيها شيء من ذلك.

البحث عن الواجب المقدور عليه، وترك التفكير في المعجوز عنه؛ فالمسلم محاسب على ما يستطيع {لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إلَّا وُسْعَهَا} [البقرة: 286] {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} [التغابن: 16]، فلو عجز عن القيام بواجب شرعي فهو معذور، وينبغي بعدها أن لا يفرط في الواجب الشرعي المقدور عليه، ومشكلة الحزن أنه يصيب قلوب الدعاة والمصلحين بسبب التفكير في المعجوز عنه مع أنه لن يحاسب عليه وليس من الواجبات الشرعية التي يكلَّف بها فيحزن على أمر ليس واجباً عليه، فيتسبب في ترك واجب مقدور عليه.

وواقع حال الناس شاهد أن من كان تركيزه على العمل، ويبحث عن المقدور عليه تفتح له الأبواب المغلقة ويتمكن مما كان يراه غير مقدور عليه، ومن كان غارقاً في المعجوز عنه فإنه سيكون عاجزاً عن الأمور المتيسرة فلا يتمكن من القيام بها.

إن كان لا بد من الحزن، فاحزن - أيها المسلم - على تفريطك في الأمور المشروعة، حين تفرِّط في نصح، أو أمر بمعروف ونهي عن منكر، أو مشاركة في خير، أو دعم مشروع نافع، أو إصلاح بين الناس، أو إغاثة لملهوف، أو إعانة على مصلحة.

وحتى في هذه لا تحزن، بل بادر بالعمل، وأعرض عن هذه المشاعر السلبية.

خالد الشاعر
09-30-2020, 02:01 PM
جزاكى المولى الجنه
وجعله المولى شاهداً لكى لا عليكى
لاعدمنا روعتكِ
ولكى احترامي وتقديري

بنت الشام
09-30-2020, 02:32 PM
بشكركن ع المرور

تمرد
09-30-2020, 04:28 PM
جزيت خير الجزاء
على ماخطه لنا قلمك من طرح قيم
وجعله المولى في موازين حسناتك

سراج الليل
09-30-2020, 04:42 PM
فخامة حضور
وابداع في الطرح
شكرا لك من الاعماق
على ما قدمتي لنا
موضوع رائع ومميز
طرحت فابدعت دمت ودام عطائك
سلمت اناملك الذهبيه على ماخطته لنا
اعذب التحايا لك
لك خالص احترامي:245::sh-f:

بنت الشام
09-30-2020, 05:12 PM
بشكركن ع المرور

نزووورتوا

جوهره
09-30-2020, 05:57 PM
جزاك الله كل خير
طرح رائع يحمل الخير بين سطوره
ويحمل الابداع في محتواه
سلمت يمينك

بنت الشام
09-30-2020, 06:50 PM
يسلمو ع الحضور

نور القمر
09-30-2020, 08:39 PM
جلب راقي وانتقاء مميز
بوركت جهودك المثمرة
ولا حرمنا عطائك
ودي ..

بنت الشام
09-30-2020, 09:45 PM
نورت الموضوع
بشكرك ع الحضور

بنت الشام
09-30-2020, 09:46 PM
نورت الموضوع
بشكرك ع الحضور

ڞــمۭــۃ ۛ ּڂۡــڣــﯟڦ ❥
10-01-2020, 03:36 AM
,,~

جَزآگ اللهُ خَيرَ آلجَزآءْ..،
جَعَلَ يومَگ نُوراً وَسُروراً
وَجَبآلاُ مِنِ آلحَسنآتْ تُعآنِقُهآ بُحوراً..
جَعَلَهُا آلله في مُوآزيَنَ آعمآلَگ
دَآمَ لَنآعَطآئُگ..
دُمْت بــِطآعَة الله ..~

,,~

بنت الشام
10-01-2020, 07:06 AM
بشكرك ع المرور

الأمير
10-01-2020, 07:41 AM
مُزْنٌ يَهْطُل وشَلآلٌ يَتَدَفَقْ
بَطِرُوحَآتِكْ الْرَآئِعَةْ الْجَمِيلَةَ
بِإخْتِيَآرْ يَفُوقْ الْوَصْفْ والْتَعْبِيِرْ
فَإلَى الأَمَآمْ بِإنْتِظآرِ جَدِيِدِكْ بِشَوقْ
وفَقِكْ الْلَه تَعَآلَى
http://katka5212.bloglap.hu/kepek/201204/_1.png

دره العشق
10-01-2020, 12:45 PM
ربي يسلمك ويسلم قلبك على روعة طرحك
رآآق لي جدآ موضوعك جزآك ربي كل خير عزيزتي
وجعل طرحك بميزآن حسنآتك يآرب
كوني دومآ بهدآ آلتميز وآكتر
مآننحرم من جديدك
ودي لك

بنت الشام
10-01-2020, 01:32 PM
كل الشكر لك على تواجدك

الجميل وردك الرائع

اسعدني جدا مرورك .. ربي

يعافيك ويسعدك


دمت بالف خير ..

بنت الشام
10-01-2020, 01:32 PM
كل الشكر لك على تواجدك

الجميل وردك الرائع

اسعدني جدا مرورك .. ربي

يعافيك ويسعدك


دمت بالف خير ..

حكاية حب
10-02-2020, 01:15 PM
جزاك ربي خير الجزاء
ونفع الله (https://hwazen.com/vb/t361.html) بك وسدد خطاك
وجعلك من أهل جنات النعيم
اللهم آآآآمين

روحي تبيك
10-02-2020, 02:12 PM
جزاك الله خير وجعله في ميزان حسناتك
ولا حرمك الأجر يارب
وأنار الله قلبك بنورالإيمان
أحترآمي لــ/سموك

بنت الشام
10-02-2020, 06:05 PM
كل الشكر لك على تواجدك الجميل وردك الرائع
اسعدني جدا مرورك .. ربي يعافيك ويسعدك
دمت بالف خير ..

سمارا
10-04-2020, 08:33 PM
بارك الله فيك على الطرح القيم
جزاك ربك خير الجزاء
وجعله في ميزان حسناتك
دمت بحفظ الرحمن

سمأأأأأرا

سمارا
10-04-2020, 08:33 PM
بارك الله فيك على الطرح القيم
جزاك ربك خير الجزاء
وجعله في ميزان حسناتك
دمت بحفظ الرحمن

سمأأأأأرا

بنت الشام
10-04-2020, 09:23 PM
منوورين الموضوع

كل الشكر لحضوركن

شيخة رواية
10-08-2020, 04:35 AM
كل الشكر والامتنان على روعهـ بوحـكـ ..
وروعهـ مانــثرت .. وجماليهـ طرحكـ ..
دائما متميز في الانتقاء

بنت الشام
10-08-2020, 03:52 PM
كل الشكر لك على تواجدك الجميل وردك الرائع
اسعدني جدا مرورك .. ربي يعافيك ويسعدك
دمت بالف خير

Şøķåŕą
09-06-2022, 10:11 AM
_



جزاك الله كل خير ..
وَبارك الله فيك ولا حرمك الأجر
لك من الشكر أجزله.