تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : نموذج رائع من الإيمان النبوي والحنان الأبوي


روح انثى
07-28-2020, 11:45 PM
http://img0.liveinternet.ru/images/attach/c/0/118/120/118120608_3684840.png
نموذج رائع من الإيمان النبوي والحنان الأبوي


﴿ وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِنًا وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنَامَ (35) رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (36) رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلَاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ (37) رَبَّنَا إِنَّكَ تَعْلَمُ مَا نُخْفِي وَمَا نُعْلِنُ وَمَا يَخْفَى عَلَى اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ (38) الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدُّعَاءِ (39) رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلَاةِ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاءِ (40) رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ ﴾ [إبراهيم : 35 - 41].


إن دعاء والد لولده أو جدّ ومؤسس أسرة وسيد عشيرة لذريته وفصيلته: شيء طبيعي جرت عليه العادة واقتضته الطبيعة البشرية، فإن حنان الأبوة، والحرص على سعادة الأولاد من غريزة الأباء والأجداد وشيوخ القبائل.


ولكن دعاء إبراهيم الخليل أسلوب من الدعاء، لا نظير له في التاريخ، ولا مثيل له في دواوين الأدب، كما أن إبراهيم طراز خاص من البشر وأمة وحده، والدعاء قطعة من النفس، وصورة للنفسية والعقيدة.


إنه دعاء تجلى فيه إيمان إبراهيم وحنان إبراهيم، وعلم إبراهيم ودعوة إبراهيم، فمن أراد أن يعرف مكانة إبراهيم ويتمثل نفسيته فلينظر إلى هذا الدعاء الذي صدر من أعماق النفس ومن أعماق القلب، فدل على النفس، ودل على قلب، وكان إبراهيم دائما يتكلم عن عقيدة، ويعبر عن قلب، ذلك القلب السليم الذي خصَّه الله به، فكيف في هذا الدعاء الذي كان يناجي به ربه ؟!


إن أول ما طلبه إبراهيم من ربه لأولاده وذريته هو أن يجنبه وإياهم من عبادة الأصنام، وكان ذلك أكبر هم إبراهيم الذي شغل خاطره، واستولى على مشاعره، فقد رأى - وهو بعيد النظر، واسع التجربة، نافذ البصيرة، سائح في الأرض – مصير الأجيال البشرية، والأديان السماوية، كيف أصبحت فريسة الوثنية، وعبادة الأصنام، وكيف ضاعت أمانة التوحيد في غابة العقائد والفلسفات، وكيف شُغل الإنسان بعبادة الأصنام والتماثيل، والتوجه إليها والتوصل بها، عن عبادة الله وحده، فلم يوفَّق لها ولم يُكرم بها في أجيال كثيرة وآجال طويلة. وكانت النتيجة أن اتجهت عاطفة العبادة وغريزة الدعاء والالتجاء والتضرع إلى المخلوقات والمحسوسات، فهل يناقش إبراهيم عليه الصلاة والسلام في ضوء التجارب وواقع الحياة في قوله : ﴿ رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ ﴾؟ وهل يشك في صدقه وفراسته؟


ثم إنه يُخبر بأنه أسكن ذريته بواد غير ذي زرع، بجوار البيت المحرم، بعيدًا عن مراكز المدنية والخصوبة والتجارة وعن العواصم الكبيرة، على خلاف عادة الآباء ومؤسسي العشائر والقبائل، وآثر بطن الجزيرة وبطحاء مكة ليعلموا أن المطلوب منهم غير التجارة، وغير الزراعة، وغير الثراء والرخاء، والمطلوب منهم القيام بدعوة إبراهيم ولئلا يذهبوا عن عبادة رب هذا البيت الذي بناه وشيده ﴿الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ ﴾ [قريش : 4] : ﴿ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلَاةَ ﴾.
وهناك ثار الحنان الأبوي في جوار الإيمان النبوي، وإبراهيم الخليل مثال رائع بين إيمان الأنبياء وحنان الآباء، فلم ينس الشفاعة لأولاده الذين هم قطعة من نفسه وجسمه، فلاحظ – وهو قوي الملاحظة – أن الوادي الذي آثره لأولاده لا زرع فيه ولا ضرع، وليس فيه شيء يستهوي القلوب، ويجلب الناس، ويجلب الرزق والبضائع، وهم امناء الدعوة وورثة الدين، فكيف يقومون بفريضتهم ؟ وكيف يؤثرون هذا المكان المنعزل بالإقامة والبقاء؟ فقال: ﴿ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ﴾.


ولم يشغله هذا الدعاء المخلص والمناجاة الخاشعة، على أن يحمد الله على نعمة الأولاد والذرية التي وهبت له على الكبر، وكان كل ذلك نتيجة الدعاء والابتهال. وهو يرجو إجابة هذا الدعاء، كما تحقق إجابة الدعاء القديم: ﴿ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدُّعَاءِ﴾. وطلب من الله أن يوفقه وذريته لإقامة الصلاة، وأن يجعله وأعقابه مرتبطين بوجهه الكريم وبيته القديم، ولم ينس حين دعا لذريته أن يدعو لأبيه وللمؤمنين جميعا، فإبراهيم عليه الصلاة والسلام آية في الوفاء، سخي جواد في الدعاء، فقال: ﴿ رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ ﴾.


الظروف المحيطة بسيدنا إبراهيم ودعوته:
كان العالم في عصر إبراهيم عليه الصلاة والسلام خاضعا للأسباب، واعتمد الناس عليه اعتمادًا رائدا، حتى أصبحوا يعتقدون أنها أصبحت مؤثرة مستقلة قائمة بذاتها، وحتى أصبحت أربابا من دون الله، وأصبح هذا الخضوع للأسباب وتقديسها والاعتماد عليها وثنية أخرى غير الوثنية التي أغرقوا فيها وغلوا من عبادة الأصنام والأوثان .


وكانت حياة إبراهيم ثورة على الوثنيين، ودعوة إلى التوحيد النقي الخالص، وتحقيقا لقدرة الله الواسعة المحيطة بكل شيء، وأنه يخلق الأشياء من عدم، وأنه يخلق الأسباب ويملكها، ويفصل الأسباب عن المسببات، وينتزع عن الأشياء خواصها، وطبيعتها، ويستخرج منها أضدادها، ويسخرها لما يشاء، ومتى يشاء.


أشعل الناس له النيران وقالوا: ﴿حَرِّقُوهُ وَانْصُرُوا آلِهَتَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ فَاعِلِينَ﴾ [الأنبياء : 68]، وكان إبراهيم يؤمن أن النار خاضعة لإرادة الله تعالى، ليس الإحراق لها طبيعة دائمة لا تنفك عنها، إنما هي طبيعة مودعة وأمانة فيها، إذا أراد أطلق لها العنان، وإذا أراد أمسك الزمام، وحوَّلها إلى برد وسلام، فخاضها مؤمنا مطمئنا واثقا، وهكذا كان : ﴿قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ (69) وَأَرَادُوا بِهِ كَيْدًا فَجَعَلْنَاهُمُ الْأَخْسَرِينَ﴾ [الأنبياء : 69، 70].


واعتقد الناس أنه لا حياة إلا بالخِصب والميرة والماء الغزير، فكانوا يرتادون لأسرهم وابنائهم، ويختارون لسكنهم ووطنهم أراضي مخصبة تكثر فيها المياه ويتوفر فيها الخصب، وتسهل فيها التجارة والصناعة، وقد ثار إبراهيم على هذه العادة المتبعة والعرف الشائع، والاعتماد على الأسباب، فاختار لأسرته الصغيرة – المكونة من أم وابن – واديا غير ذي زرع، لا زراعة فيه ولا تجارة، منقطعا عن العالم، ومراكز التجارة، ومواضع الرخاء والثراء، ودعا الله تعالى أن يوسع لهم الرزق، ويعطف إليهم القلوب، ويَجبِي إليهم الثمرات من غير سبب وطريق معروف ، فقال: ﴿رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلَاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ﴾.


وأجاب الله دعاءه فضمن لهم الرزق والأمن ، وجعل بلدهم محطا للخيرات والثمرات : ﴿أَوَلَمْ نُمَكِّنْ لَهُمْ حَرَمًا آمِنًا يُجْبَى إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ رِزْقًا مِنْ لَدُنَّا وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ ﴾ [القصص : 57]، ﴿ فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ (3) الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ﴾ [قريش : 3 ، 4].


تركهم في أرض لا أثر فيها لِما يروي الغلة ويبل الحلقوم ، فإذا بماء يفور من الرمال ، ويفيض من غير انقطاع، فيشربه الناس في سخاء ويحملونه إلى بلدهم .


ويترك أهله في بلد قفر لا أنيس فيه ، فإذا به يصبح مكانا يؤمه الناس من كل صوب ، ويأتون إليه من كل فج عميق.


وهكذا كانت حياة إبراهيم تحديا للمادية المسرفة الشائعة في عصره ، وعبادة الأسباب واتخاذها أربابا من دون الله، ومثالا للإيمان بالله وقدرته المطلقة، وان إرادته فوق كل شيء ، وهكذا كانت سنة الله معه ، يُخضع له الأسباب ويخلق له ما تحتار فيه الألباب.



http://img0.liveinternet.ru/images/attach/c/0/118/120/118120608_3684840.png







[/QUOTE]

شيخة رواية
07-28-2020, 11:50 PM
-

كل لشكر لك ل جمال م نثر
موودتي مع كل التقدير

:241:

الدكتور على حسن
07-29-2020, 03:23 AM
تحياتى وتقديــرى
طرح في غآية آلروعه
كروعة آختيآرك آلرآقي
آخترت وآبدعت في آلآختيآر
كل الشكر وكل التقدير لحضرتك
في آنتظآر جديدك
لك كل تحياتى وتقديرى وحبى
الدكتــور علـى
https://www.3b8-y.com/vb/images/smilies/redroseplz.pnghttps://www.3b8-y.com/vb/images/smilies/100 (19).gifhttps://www.3b8-y.com/vb/images/smilies/redroseplz.png

الأمير
07-29-2020, 09:08 AM
بآرك الله جهودك
طرح رآئع سلمت الأنآمل
ننتظر جديدك بكل شوق
الله يعطيك الصحة والعآفية
https://2img.net/h/dl6.glitter-graphics.net/pub/1152/1152936s0xnmt1zpg.gif

رُّوحي بروحهُ
07-29-2020, 12:07 PM
جزاك الله كل خير


..

بنت الشام
07-29-2020, 02:33 PM
بارك الله فيك

نور القمر
07-29-2020, 03:14 PM
طرح رائع وجميل
انتقاء في غاية الاناقة
كل الشكر لجهودك النيرة
وسلمت الانامل المميزة
والمتفردة بالابداع

مودتي والورد

ڞــمۭــۃ ۛ ּڂۡــڣــﯟڦ ❥
07-29-2020, 04:53 PM
,,~

جزاك الله كل خير
جعله في ميزان حسناتك

,,~

سوار الياسمين
07-30-2020, 01:04 PM
-

كل لشكر لك ل جمال م نثر
موودتي مع كل التقدير

:241:

حلوة الروح
07-30-2020, 06:33 PM
https://f.top4top.net/p_1092tr3mj1.jpg[/img]

بارك [COLOR="Red"]الله فيكك ونفعنا بما قدمت
جزاكك الله خير الجزاء
سلمت اناملكم
فى انتظار ابدعاتك
دمت متألق مبدع متميز
,,,,

روحي تبيك
07-30-2020, 09:39 PM
جزاك الله خير وجعله في ميزان حسناتك
ولا حرمك الأجر يارب
وأنار الله قلبك بنورالإيمان
أحترآمي لــ/سموك

ابو الملكات
07-30-2020, 09:40 PM
اللهم صلى وسلم على الحبيب المصطفى عليه افضل الصلاة والتسليم
جزاك الله خير ورحم والديك شكراً على طرحك الكريم

ورد
07-31-2020, 05:33 AM
:169:
‘*
الله يعطيك العآفيـه ,
وسلمت يدآك على النقـل ,
شكراً لك من القلب على هذآ العطاء ,
لقلبك السعآده والفـرح ..
|‘,
:68::68:

دره العشق
07-31-2020, 07:17 PM
دَام عَطَائِكْ.. يَآطُهرْ..
وَلَا حَرَّمْنَا أَنْتَقَائِكْ الْمُمَيِّز وَالْمُخْتَلِف دَائِمَا
حَفِظَك الْلَّه مِن كُل مَكْرُوْه ..
*
تَحِيّه مُعَطَّرَه بِالْمِسْك.

سمارا
07-31-2020, 08:35 PM
بارك الله فيك على الطرح القيم
جزاك ربك خير الجزاء
وجعله في ميزان حسناتك
دمت بحفظ الرحمن

سمأأأأأرا

سليدا
07-31-2020, 10:00 PM
-

كل لشكر لك ل جمال م نثر
موودتي مع كل التقدير

:241:

شيخة رواية
07-31-2020, 11:19 PM
شكرا لك على الموضوع الجميل و المفيذ ♥

جزاك الله الف خير على كل ما تقدمه لهذا المنتدى ♥

ننتظر ابداعاتك الجميلة بفارغ الصبر

خالد الشاعر
08-02-2020, 11:10 AM
جزاكى الله خير
وبارك الله فيكِ
وجعلها في موازين حسناتكِ
وأثابكِ الله الجنه أن شاء الله

روح انثى
08-03-2020, 04:38 PM
يسعدني ويشرفني مروركم العطر
دمتم بحفظ الله ورعايته
:rose: :rose:

tarhal
08-04-2020, 10:27 AM
جزاك الله خير
:eq-35:

شيخة رواية
08-04-2020, 04:01 PM
موضوع في قمة الروعه

لطالما كانت مواضيعك متميزة

لا عدمنا التميز و روعة الاختيار

دمت لنا ودام تالقك الدائم

بيلسان
08-04-2020, 05:14 PM
:23:
-

مشكورعلى مواضيعك الاكثر من رائعه والمميزة..
وسلمت الانامل الذهبيه
دمتم متالقين مبدعين متميزين
بانتظار جديدكِم المميز
ودي واحترامي
لشخصكِم الرائع
تحياتي :91:

عيسى العنزي
08-26-2020, 03:17 PM
شكرا لك على الموضوع
بارك الله فيك ويعطيك العافيه
احترامي

Şøķåŕą
09-04-2022, 09:36 AM
_



جزاك الله كل خير ..
وَبارك الله فيك ولا حرمك الأجر
لك من الشكر أجزله.