تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : مجالس المعتكفين (2) صلاة قيام الليل


شيخة رواية
07-25-2020, 08:45 AM
الحمد لله عز وجل على آلائه الجُلَّى، مما تناءَى وتدانَى، وأشكره على ما خَصَّ من نِعم تتوالى ولا تتوانى، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد عبدِ الله ورسوله أزكَى البرية أَرُومةً وجَنانًا، وأوثقِها حجةً وأبلغِها بيانًا، وعلى آله الذين لم يَثنوا دون المعالي عِنانًا، وصحبه بُدور الحق الساطع عِيانًا، ومن اقتفى أثرهم بإحسان يرجو من المولى رحمةً ورضوانًا.

أما بعد:

فتقدم معنا في سلسلة (موانع قبول الحق والعمل به) الحلقةُ الأولى؛ وذكرنا فيها المانع الأول من موانعه، وهو: الجهل به، ونقف في هذه الحلقة الثانية مع المانع الثاني.



المانع الثاني: الحسد:

يقول الله عز وجل: ﴿ وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾ [البقرة: 109].


يقول ابن القيم رحمه الله: "ومِن أعظم هذه الأسباب - أي: التي تمنع من قَبول الحق - الحسدُ؛ فإنه داء كامن في النفس، ويرى الحاسدُ المحسودَ قد فُضِّل عليه وأُوتيَ ما لم يُؤتَ نظيره، فلا يدعه الحسد أن ينقاد له ويكون من أتباعه، وهل مَنَع إبليسَ من السجود لآدم إلا الحسدُ؟! فإنه لما رآه قد فُضل عليه ورُفع فوقه، غصَّ بِريقِه، واختار الكفر على الإيمان بعد أنْ كان بين الملائكة[1]، وهذا الداء هو الذي منع اليهود من الإيمان بعيسى ابن مريم عليه السلام، وقد علموا علمًا لا شك فيه أنه رسول الله، جاء بالبيِّنات والهدى، فحملهم الحسد على أن اختاروا الكفر على الإيمان، وأطبقوا عليه، وهُمْ أمَّة فيهم الأحبار والعلماء والزهَّاد والقضاة والملوك والأمراء... هذا، وقد جاء المسيح عليه السلام بحكم التوراة، ولم يأتِ بشريعة تخالفها، ولم يقاتلهم؛ وإنما أتى بتحليل بعض ما حُرِّم عليهم تخفيفًا ورحمة وإحسانًا، وجاء مكمِّلًا لشريعة التوراة، ومع هذا فاختاروا كلُّهم الكفر على الإيمان؛ فكيف يكون حالهم مع نبي جاء بشريعة مستقلة ناسخة لجميع الشرائع، مُبكِّتًا لهم بقبائحهم، ومناديًا على فضائحهم، ومُخرِجًا لهم من ديارهم، وقد قاتَلوه وحارَبوه، وهو في ذلك كله يُنصَر عليهم، ويظفر بهم، ويعلو هو وأصحابه، وهم معه دائمًا في سفال، فكيف لا يملك الحسدُ والبغيُ قلوبَهم؟! وأين يقع حالهم معه مِن حالهم مع المسيح عليه السلام وقد أَطبَقوا على الكفر به مِن بعد ما تبيَّن لهم الهدى؟ وهذا السبب وحده كافٍ في رَدِّ الحق، فكيف إذا انضاف إليه زوال الرياسات والمآكل كما تقدم؟! وقد قال الأَخْنَسُ بن شَرِيقٍ يوم بدر لأبي جهل: يا أبا الحكم، أخبِرني عن محمد أصادق هو أم كاذب؟ فإنه ليس ها هنا من قريش أحد غيري وغيرك يسمع كلامنا، فقال أبو جهل: ويحك، والله إن محمدًا لصادق، وما كذب محمد قط، ولكن إذا ذهبَتْ بنو قُصَيٍّ باللواء والحجابة والسقاية والنبوَّة، فماذا يكون لسائر قريش؟!"[2].


فتأمَّلْ معي كلام هذا العَلَم الهُمام، تعِ خطورة هذا المانع! والله وحده المستعان.


ومما يدل أيضًا على ذلك قول الله عز وجل: ﴿ وَإِذَا جَاءَتْهُمْ آيَةٌ قَالُوا لَنْ نُؤْمِنَ حَتَّى نُؤْتَى مِثْلَ مَا أُوتِيَ رُسُلُ اللَّهِ اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ ﴾ [الأنعام: 124].


وسواء أكان مرادهم مِن هذا أنْ تحصل لهم النبوة والرسالة كما حصلت لمحمد صلى الله عليه وآله وسلم، أم أنهم طالَبوه بآيات وبراهين ليتَّبعوه - وهما وجهان في تفسير هذه الآية الكريمة - إلا أنه يفوح ويظهر ذلك الكَمُّ المهول من الحسد في خطابهم ذاك، والذي أعمى بصيرتهم وقلوبهم، وما تُخفي صدورهم أكبر؛ فيا لَجهالاتهم الغريبة، وعَجْرَفَتِهم العجيبة، التي استحقوا مِن أجلها حرمانهم مِن الحق واتِّباعه، ووقَف حسدهم ذلك عقبةً بينهم وبين بلوغه[3].



ونظير هذه الآية قوله عز وجل: ﴿ وَقَالُوا لَوْلَا نُزِّلَ هَذَا الْقُرْآنُ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ ﴾ [الزخرف: 31]، وقوله عز وجل: ﴿ وَقَالَ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا الْمَلَائِكَةُ أَوْ نَرَى رَبَّنَا ﴾ [الفرقان: 21]، ونحوها قوله عز وجل: ﴿ بَلْ يُرِيدُ كُلُّ امْرِئٍ مِنْهُمْ أَنْ يُؤْتَى صُحُفًا مُنَشَّرَةً ﴾ [المدثر: 52]، والآيات في هذا كثيرة، وكثيرة جدًّا.


ولهذا يقول شيخ الإسلام ابن تيميَّة رحمه الله: "القلب لا يدخله حقائق الإيمان إذا كان فيه ما ينجسه من الكِبْر والحسد"[4].


وبهذا، نختم هذه الحلقة الثانية من سلسلة موانع قَبول الحق والعمل به، وقد وقفنا فيها مع المانع الثاني، وهو الحسد، وسنقف بإذن الله عز وجل في الحلقة الثالثة من هذه السلسلة مع المانع الثالث، وهو الصحبة السيئة.


وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

ڞــمۭــۃ ۛ ּڂۡــڣــﯟڦ ❥
07-25-2020, 08:47 AM
,,~

جزاك الله كل خير
جعله في ميزان حسناتك

,,~

الأمير
07-25-2020, 08:49 AM
بآرك الله جهودك
طرح رآئع سلمت الأنآمل
ننتظر جديدك بكل شوق
الله يعطيك الصحة والعآفية
https://2img.net/h/dl6.glitter-graphics.net/pub/1152/1152936s0xnmt1zpg.gif

سكون الورد
07-25-2020, 08:52 AM
جزاك الله خير على الطرح
وجعله الله بميزان حسناتك
عناقيد من الجوري تطوقك فرحاً
الله لايحرمنا من جديدك

خالد الشاعر
07-25-2020, 11:41 AM
جزاكي الله خيراً
وجعله بموازين حسنااتكِ
لا عدمناا حضووركِ
لروحكِ احترامي وتقديري

روحي تبيك
07-25-2020, 11:51 AM
جزاك الله خير وجعله في ميزان حسناتك
ولا حرمك الأجر يارب
وأنار الله قلبك بنورالإيمان
أحترآمي لــ/سموك

دره العشق
07-25-2020, 12:07 PM
اللهم اعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك
يعطيج العافيه
بانتظار جديدج
لك ودي

لَـحًـــنِ ♫
07-25-2020, 01:29 PM
دام عطائك و دام ابداعك
ولا حرمنا انتقائك المميز والمختلف دائماً
تحية معطرة بالمسك ,,http://lyal-alomr.com/vb/images/icons/241.gifhttp://lyal-alomr.com/vb/images/icons/241.gif

رُّوحي بروحهُ
07-25-2020, 02:12 PM
جزاك الله كل خير



..

نور القمر
07-25-2020, 02:21 PM
سلمت أناملك
وسلم ذوقكـ على حسن الانتـــــــقاااء
بـ إنتظآر جديدك وعذب أطرٌوحآتك
تحيتي وتقديري

tarhal
07-25-2020, 05:39 PM
جزاك الله خير

نسائم النور
07-25-2020, 06:32 PM
جزاكم الله الف خير

على هذا الطرح القيم

وجعله الله فى ميزان اعمالكم

ابو الملكات
07-26-2020, 04:54 PM
جزاك الله خير ورحم والديك وانار قلبك وعقلك بنور الايمان وجعل عملك هذا في ميزان حسناتك وجعل الجنة مثواك امين يارب

متـفرده بالحسـن❤
07-27-2020, 02:54 AM
بارك الله فيكِ
وجزاكِ الله خير الجزاء
دمتِى برضى الله وحفظه ورعايته

بنت الشام
07-27-2020, 02:01 PM
جَزآك اللهُ خَيرَ آلجَزآءْ ..،
جَعَلَ يومَك نُوراً وَسُروراً
وَجَبآلاُ مِنِ آلحَسنآتْ تُعآنِقُهآ بُحوراً..
جَعَلَهُ الله في مُوآزيَنَ آعمآلَك
دَآمَ لَنآ عَطآئُك ..

شيخة رواية
07-31-2020, 11:52 PM
كل الشكر لكـِ ولهذا المرور الجميل

Şøķåŕą
09-23-2022, 08:34 AM
_



جزاك الله كل خير ..
وَبارك الله فيك ولا حرمك الأجر
لك من الشكر أجزله.

نور القمر
07-28-2024, 12:58 PM
طرحَ عَذب ..!!
أختيآر أنيق وحضور صآخب
سلة من الوردَ وآنحناءة شكر لسموك

Şøķåŕą
08-08-2024, 12:20 PM
شكراً لك
بإنتظار الجديد القادم
دمت بكل خير