روح انثى
06-26-2020, 05:08 PM
http://img0.liveinternet.ru/images/attach/c/0/118/120/118120608_3684840.png
ان الحمد لله ، نحمده و نستعينه ، و نستغفره ، و نعوذ بالله
من شرور انفسنا و من سيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له
و أشهد أن لا إله إلا الله و أشهد أن محمداً عبده و رسوله
الصحابى الجليل عبد الله بن مسعود رضي الله عنه
د - خالد سعد النجار
صحابة رسول الله- صلى الله عليه وسلم - نجوم في سماء الزمان، تربوا على عين الحبيب صلوات الله وسلامه عليه، وفي كنفه - صلى الله عليه وسلم - نبت إيمانهم من نبع الوحي الصافي، بعيداً عن تحريف الغالين، وانتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين، فترجموا تعاليم الوحي بقيادة الرسول - صلى الله عليه وسلم - إلى واقع عملي مشرق، وانتشروا في الأرض يفتحون البلاد، ويفتحون معها قلوب العباد، وكونوا أعظم وأطهر حضارة، وقدموا للبشرية خير نماذج يُقتدى بها للوصول إلى الفوز الحقيقي في الدنيا والآخرة.
ولقد كان الصحابي الجليل عبد الله بن مسعود أحد هذه النماذج الفذة التي حوت سيرته العطرة العديد والعديد من الآراء والمواقف الناصعة مما يجعلها حلولاً عملية لكثير من المشكلات التي تعاني منها الأمة الإسلامية في الوقت الراهن، فرأيت أن ألقي الضوء على بعض منها، أقدمها لشباب هذه الأمة وشيوخها الذين أعرضوا عن هذا الخير؛ فأصابهم ما أصابهم مما لا يجهله الأمي قبل المتعلم.
صدق الإيمان بالله ورسوله:
هذا الصدق الذي دفعه لأن يكون من أوائل المتبعين لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فلقد أسلم - رضي الله عنه - قبل أن يدخل الرسول - صلى الله عليه وسلم - دار الأرقم، وكان سادس ستة أسلموا واتبعوا نور الوحي في مهده، وهذا الصدق حوله من أجير بسيط يرعى الغنم لأحد سادة قريش إلى شجاع في الحق لا يعبأ بسادة قريش ولا بطشهم، ويسمعهم القرآن جهراً في جوف الحرم.
فيروي أصحاب السير: "كان أول من جهر بالقرآن بعد رسول الله- صلى الله عليه وسلم - بمكة، عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه -، اجتمع يوماً أصحاب رسول الله- صلى الله عليه وسلم - فقالوا: والله ما سمعت قريش هذا القرآن يجهر لها به قط، فمن رجل يسمعهموه؟
فقال عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه -: أنا، قالوا: إنا نخشاهم عليك، إنما نريد رجلاً له عشيرة يمنعونه من القوم إن أرادوه.
قال: دعوني، فإن الله سيمنعني، فغدا ابن مسعود حتى أتى المقام في الضحى، وقريش في أنديتها، حتى قام عند المقام، ثم قرأ رافعاً صوته، بسم الله الرحمن الرحيم: (الرحمن علم القرآن…)، ثم استقبلها يقرؤها، فتأملوه فجعلوا يقولون: ماذا قال ابن أم عبد؟!
ثم قالوا: إنه ليتلو بعض ما جاء به محمد، فقاموا إليه فجعلوا يضربونه في وجهه، وجعل يقرأ حتى بلغ منها ما شاء الله أن يبلغ، ثم انصرف إلى أصحابه وقد أثروا في وجهه، فقالوا له: هذا الذي خشينا عليك، فقال: ما كان أعداء الله أهون علي منهم الآن، ولئن شئتم لأغادينهم بمثلها غداً، قالوا: لا، حسبك، قد أسمعتهم ما يكرهون.
لقد كان - رحمه الله - يستيقن أن الذي يحادّ الله مغلوب هين على الله، فينبغي أن يكون مهيناً عند أوليائه.
ومن كلماته الرائعة التي تعكس هذا الصدق الذي يملئ قلبه وجوارحه، قوله: "لا يبلغ عبد حقيقة الإيمان حتى يحل بذروته، ولا يحل بذروته حتى يكون الفقر أحب إليه من الغنى، والتواضع أحب إليه من الشرف، وحتى يكون حامده وذامه عنده سواء"، ففسرها أصاحبه فقالوا: حتى يكون الفقر في الحلال أحب إليه من الغنى في الحرام، والتواضع في طاعة الله أحب إليه من الشرف في معصية الله، وحتى يكون حامده وذامه عنده في الحق سواء.
ويقول أيضاً - رضي الله عنه -: "من اليقين أن لا ترضي الناس بسخط الله، ولا تحمدن أحداً على رزق الله، ولا تلومن أحداً على ما لم يؤتك الله، فإن رزق الله لا يسوقه حرص الحريص، ولا يرده كره الكاره، وإن الله بقسطه وحكمه، وعدله وعلمه جعل الروح والفرح في اليقين والرضا، وجعل الهم والحزن في الشك والسخط".
الشغف بالقرآن:
لقد كان فرط حبه لكلام الله مضرب المثل بين الصحابة، فشهدوا له بالعلم به والإمامة في تلاوته، ولا عجب في ذلك، ألم يكن قدوته وحبيبه - صلى الله عليه وسلم - خلقه القرآن، وكان قرأناً يمشي بين الناس.فعن علقمة قال: جاء رجل إلى عمر بن الخطاب وهو بعرفه، فقال: جئت يا أمير المؤمنين من الكوفة، وتركت بها رجلاً يملي المصاحف عن ظهر قلب، فغضب وانتفخ حتى كاد يملأ ما بين شعبتي الرحل، فقال: من هو؟ ويحك، قال: عبد الله بن مسعود، فما زال يطفأ ويسير عنه الغضب حتى عاد إلى حاله التي كان عليها، ثم قال: ويحك، والله ما أعلم بقى من الناس أحد هو أحق بذلك منه، وسأحدثك عن ذلك، كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا يزال يسمر عند أبي بكر الليلة كذلك في أمر من أمر المسلمين، وإنه سمر عنده ذات ليلة وأنا معه، فخرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وخرجنا معه، فإذا رجل قائم يصلي في المسجد، فقام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يستمع قراءته، ***ا كدنا نعرفه، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((من سره أن يقرأ القرآن رطباً كما أنزل فليقرأه على قراءة ابن أم عبد)) قال: ثم جلس يدعو، فجعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول له: ((سل تعطه، سل تعطه))، فكان فيما سأل: اللهم إني أسألك إيماناً لا يرتد، ونعيماً لا ينفد، ومرافقه نبيك محمد - صلى الله عليه وسلم - في أعلى جنان الخلد، قال عمر: قلت والله لأغدون عليه فأبشرنه، قال: فغدوت عليه فبشرته فوجدت أبا بكر قد سبقني إليه فبشره، ولا والله ما سبقته إلى خير قط إلا سبقني إليه.وكان - رحمه الله - يقول: "والذي لا إله غيره، لقد قرأت من في رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بضعاً وسبعين سورة، ولو أعلم أحداً أعلم بكتاب الله مني تبلغنيه الإبل لأتيته".ويوضح في كلمات رشيقة بليغة ما ينبغي أن يكون عليه صاحب القرآن الصادق فيقول: "ينبغي لحامل القرآن أن يعرف بليله إذا الناس نائمون، وبنهاره إذا الناس مفطرون، وبحزنه إذا الناس يفرحون، وببكائه إذا الناس يضحكون، وبصمته إذا الناس يخوضون، وبخشوعه إذا الناس يختالون، وينبغي لحامل القرآن أن يكون باكياً محزوناً حليماً حكيماً سكيناً، ولا ينبغي لحامل القرآن أن يكون جافياً ولا غافلاً، ولا صخاباً ولا صياحاً ولا حديداً".حبه لسيد الأنام:
وأما حبه للرسول - صلى الله عليه وسلم - فحدث ولا حرج، فلقد كان - رضي الله عنه - صاحب سر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ووساده وسواكه، ونعليه وطهوره، وكان يشبه بالنبي - صلى الله عليه وسلم - في هديه ودله وسمته.فعن عبد الله بن يزيد، قال: أتينا حذيفة، فقلنا له: حدثنا بأقرب الناس برسول الله - صلى الله عليه وسلم - هديا وسمتاً ودلاً، نأخذ عنه ونسمع منه، قال: كان أقرب الناس برسول الله هدياً وسمتاً ودلاً عبد الله بن مسعود حتى يتوارى عنا في بيته، ولقد علم المحفوظون من أصحاب محمد أن ابن أم عبد من أقربهم إلى الله زلفى.وفي عصرنا ما أحوجنا لمثل هذا الصدق في علاقتنا بالله وبرسوله في بيوتنا ومدارسنا، وشوارعنا وصحافتنا، خاصة بعض الإعلاميين من أبناء أمتنا الذين يلهثون وراء الخبر المثير والسبق الصحفي ليصفق لهم في المحافل، رغم أن حقيقة الخبر خلاف ذلك بكثير، ولو أنهم تريثوا في تحري الحقيقة لظهر لهم الواقع الذي هو أبسط من هذا الصخب بكثير، فلا يسعنا إلا أن نقول لهم قول الله - تعالى -: (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين) [التوبة: 119].حسن الإتباع:أوصى النبي - صلى الله عليه وسلم - صحابته وأمته من بعده بالتمسك بنور الوحي والسنة، فيقول - صلى الله عليه وسلم -: ((أوصيكم بتقوى الله - عز وجل -، والسمع والطاعة، وإن تأمر عليكم عبد، فإنه من يعش منكم فسيرى اختلافاً كثيراً، فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي، عضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور، فإن كل بدعة ضلاله) [رواه الترمذي].ولقد كان الصحابي الجليل عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - نموذج يحتذى به في اتباع وصية رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فكان يرى أن أي خروج عن هدي الإسلام بداية طريق الشقاق، حتى وإن كان فعل ذلك عن نية حسنة ومقصد نبيل.فيقول - رحمه الله -: "عليكم بالعلم قبل أن يقبض، وقبضه بذهاب أهله، عليكم بالعلم فإن أحدكم لا يدري متى يفتقر إلى ما عنده، وستجدون أقواماً يزعمون أنهم يدعون إلى كتاب الله، وقد نبذوه وراء ظهورهم، فعليكم بالعلم، وإياكم والتبدع والتنطع والتعمق، وعليكم بالعتيق".ويقول: "القصد في السنة خير من الاجتهاد في البدعة".وعن زينب امرأة عبد الله بن مسعود قالت: إن عبد الله رأى في عنقي خيطاً، فقال: ما هذا؟ قلت: خيط رقي لي فيه، قالت: فأخذه ثم قطعه، ثم قال: أنتم آل عبد الله لأغنياء عن الشرك، سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "إن الرقى والتمائم والتولة شرك"،
الراوي: عبدالله بن مسعود المحدث:الألباني - المصدر: غاية المرام - الصفحة أو الرقم: 298
خلاصة حكم المحدث: صحيح
فقلت: لقد كانت عيني تقذف، وكنت أختلف إلى فلان اليهودي، فإذا رقى سكنت، فقال عبد الله: إنما ذاك عمل الشيطان، كان ينخسها بيده، فإذا رقى كف عنها، إنما كان يكفيك أن تقولي كما كان يقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((أذهب البأس رب الناس، واشف أنت الشافي، لا شفاء إلا شفاؤك، شفاء لا يغادر سقما)) [رواه أبو داود]وعن عمرو بن سلمة الهمداني قال: كنا نجلس على باب عبد الله بن مسعود قبل صلاة الغداة، فإذا خرج مشينا معه إلى المسجد، فجاءنا أبو موسى الأشعري، فقال: أخرج إليكم أبو عبد الرحمن بعد؟قلنا: لا، فجلس معنا حتى خرج، ***ا خرج قمنا إليه جميعاً، فقال له أبو موسى: يا أبا عبد الرحمن، إني رأيت في المسجد آنفا أمراً أنكرته، ولم أر والحمد لله إلا خيراً، قال: فما هو؟ فقال: إن عشت فستراه، قال: رأيت في المسجد قوماً حلقاً جلوساً ينتظرون الصلاة، في كل حلقة رجل، وفي أيديهم حصى، فيقول: كبروا مائة؛ فيكبرون مائة، فيقول: هللوا مائة؛ فيهللون مائة، ويقول: سبحوا مائة؛ فيسبحون مائة، قال: فماذا قلت لهم؟ قال: ما قلت لهم شيئا، انتظار رأيك، قال: أفلا أمرتهم أن يعدوا سيئاتهم، وضمنت لهم أن لا يضيع من حسناتهم شيء؟ثم مضى ومضينا معه، حتى أتى حلقة من تلك الحلق، فوقف عليهم فقال: ما هذا الذي أراكم تصنعون؟قالوا: يا أبا عبد الرحمن، حصى نعد به التكبير والتهليل والتسبيح، قال فعدوا سيئاتكم، فأنا ضامن أن لا يضيع من حسناتكم شيء، ويحكم يا أمه محمد ما أسرع هلكتم!هؤلاء صحابة نبيكم - صلى الله عليه وسلم - متوافرون وهذه ثيابه لم تبل وآنيته لم تكسر، والذي نفسي بيده إنكم لعلى ملة هي أهدى من ملة محمد، أو مفتتحون باب ضلاله؟!قالوا: والله يا أبا عبد الرحمن، ما أردنا إلا الخير، قال: وكم من مريد للخير لم يصيبه، إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حدثنا: ((إن قوماً يقرءون القرآن لا يجاوز تراقيهم، يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية))
الراوي: عبدالله بن مسعود المحدث:الألباني - المصدر: السلسلة الصحيحة - الصفحة أو الرقم: 5/11
خلاصة حكم المحدث: إسناده صحيح
وأيم الله ما أدري لعل أكثرهم منكم، ثم تولى عنهم، فقال عمرو بن سلمة: فرأينا عامة أولئك الحلق يطاعنونا يوم النهروان مع الخوارج.إن درس الاعتصام بالكتاب والسنة جدير بأن نهمس به في آذان العلمانيين من أنباء أمة الإسلام الذين أعرضوا عن منهج الإسلام، وأخذوا يلهثون وراء التعاليم الأوربية والأفكار الغريبة عن ديننا، يرون فيها رشداً خيراً من رشد الإسلام، فتحتم علينا أن نقول لهم: تعلموا حسن الاتباع لله ولرسوله من خير جيل أقام خير حضارة، ولابد أن تعرفوا أن الله - تعالى - الذي قال: (وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة) [المزمل: 20] هو الذي قال: (ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب) [البقرة: 179]
وكما قال: (وأتموا الحج والعمرة لله) [البقرة: 196]
قال أيضا: (قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم) [النور: 30
http://img0.liveinternet.ru/images/attach/c/0/118/120/118120608_3684840.png
ان الحمد لله ، نحمده و نستعينه ، و نستغفره ، و نعوذ بالله
من شرور انفسنا و من سيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له
و أشهد أن لا إله إلا الله و أشهد أن محمداً عبده و رسوله
الصحابى الجليل عبد الله بن مسعود رضي الله عنه
د - خالد سعد النجار
صحابة رسول الله- صلى الله عليه وسلم - نجوم في سماء الزمان، تربوا على عين الحبيب صلوات الله وسلامه عليه، وفي كنفه - صلى الله عليه وسلم - نبت إيمانهم من نبع الوحي الصافي، بعيداً عن تحريف الغالين، وانتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين، فترجموا تعاليم الوحي بقيادة الرسول - صلى الله عليه وسلم - إلى واقع عملي مشرق، وانتشروا في الأرض يفتحون البلاد، ويفتحون معها قلوب العباد، وكونوا أعظم وأطهر حضارة، وقدموا للبشرية خير نماذج يُقتدى بها للوصول إلى الفوز الحقيقي في الدنيا والآخرة.
ولقد كان الصحابي الجليل عبد الله بن مسعود أحد هذه النماذج الفذة التي حوت سيرته العطرة العديد والعديد من الآراء والمواقف الناصعة مما يجعلها حلولاً عملية لكثير من المشكلات التي تعاني منها الأمة الإسلامية في الوقت الراهن، فرأيت أن ألقي الضوء على بعض منها، أقدمها لشباب هذه الأمة وشيوخها الذين أعرضوا عن هذا الخير؛ فأصابهم ما أصابهم مما لا يجهله الأمي قبل المتعلم.
صدق الإيمان بالله ورسوله:
هذا الصدق الذي دفعه لأن يكون من أوائل المتبعين لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فلقد أسلم - رضي الله عنه - قبل أن يدخل الرسول - صلى الله عليه وسلم - دار الأرقم، وكان سادس ستة أسلموا واتبعوا نور الوحي في مهده، وهذا الصدق حوله من أجير بسيط يرعى الغنم لأحد سادة قريش إلى شجاع في الحق لا يعبأ بسادة قريش ولا بطشهم، ويسمعهم القرآن جهراً في جوف الحرم.
فيروي أصحاب السير: "كان أول من جهر بالقرآن بعد رسول الله- صلى الله عليه وسلم - بمكة، عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه -، اجتمع يوماً أصحاب رسول الله- صلى الله عليه وسلم - فقالوا: والله ما سمعت قريش هذا القرآن يجهر لها به قط، فمن رجل يسمعهموه؟
فقال عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه -: أنا، قالوا: إنا نخشاهم عليك، إنما نريد رجلاً له عشيرة يمنعونه من القوم إن أرادوه.
قال: دعوني، فإن الله سيمنعني، فغدا ابن مسعود حتى أتى المقام في الضحى، وقريش في أنديتها، حتى قام عند المقام، ثم قرأ رافعاً صوته، بسم الله الرحمن الرحيم: (الرحمن علم القرآن…)، ثم استقبلها يقرؤها، فتأملوه فجعلوا يقولون: ماذا قال ابن أم عبد؟!
ثم قالوا: إنه ليتلو بعض ما جاء به محمد، فقاموا إليه فجعلوا يضربونه في وجهه، وجعل يقرأ حتى بلغ منها ما شاء الله أن يبلغ، ثم انصرف إلى أصحابه وقد أثروا في وجهه، فقالوا له: هذا الذي خشينا عليك، فقال: ما كان أعداء الله أهون علي منهم الآن، ولئن شئتم لأغادينهم بمثلها غداً، قالوا: لا، حسبك، قد أسمعتهم ما يكرهون.
لقد كان - رحمه الله - يستيقن أن الذي يحادّ الله مغلوب هين على الله، فينبغي أن يكون مهيناً عند أوليائه.
ومن كلماته الرائعة التي تعكس هذا الصدق الذي يملئ قلبه وجوارحه، قوله: "لا يبلغ عبد حقيقة الإيمان حتى يحل بذروته، ولا يحل بذروته حتى يكون الفقر أحب إليه من الغنى، والتواضع أحب إليه من الشرف، وحتى يكون حامده وذامه عنده سواء"، ففسرها أصاحبه فقالوا: حتى يكون الفقر في الحلال أحب إليه من الغنى في الحرام، والتواضع في طاعة الله أحب إليه من الشرف في معصية الله، وحتى يكون حامده وذامه عنده في الحق سواء.
ويقول أيضاً - رضي الله عنه -: "من اليقين أن لا ترضي الناس بسخط الله، ولا تحمدن أحداً على رزق الله، ولا تلومن أحداً على ما لم يؤتك الله، فإن رزق الله لا يسوقه حرص الحريص، ولا يرده كره الكاره، وإن الله بقسطه وحكمه، وعدله وعلمه جعل الروح والفرح في اليقين والرضا، وجعل الهم والحزن في الشك والسخط".
الشغف بالقرآن:
لقد كان فرط حبه لكلام الله مضرب المثل بين الصحابة، فشهدوا له بالعلم به والإمامة في تلاوته، ولا عجب في ذلك، ألم يكن قدوته وحبيبه - صلى الله عليه وسلم - خلقه القرآن، وكان قرأناً يمشي بين الناس.فعن علقمة قال: جاء رجل إلى عمر بن الخطاب وهو بعرفه، فقال: جئت يا أمير المؤمنين من الكوفة، وتركت بها رجلاً يملي المصاحف عن ظهر قلب، فغضب وانتفخ حتى كاد يملأ ما بين شعبتي الرحل، فقال: من هو؟ ويحك، قال: عبد الله بن مسعود، فما زال يطفأ ويسير عنه الغضب حتى عاد إلى حاله التي كان عليها، ثم قال: ويحك، والله ما أعلم بقى من الناس أحد هو أحق بذلك منه، وسأحدثك عن ذلك، كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا يزال يسمر عند أبي بكر الليلة كذلك في أمر من أمر المسلمين، وإنه سمر عنده ذات ليلة وأنا معه، فخرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وخرجنا معه، فإذا رجل قائم يصلي في المسجد، فقام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يستمع قراءته، ***ا كدنا نعرفه، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((من سره أن يقرأ القرآن رطباً كما أنزل فليقرأه على قراءة ابن أم عبد)) قال: ثم جلس يدعو، فجعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول له: ((سل تعطه، سل تعطه))، فكان فيما سأل: اللهم إني أسألك إيماناً لا يرتد، ونعيماً لا ينفد، ومرافقه نبيك محمد - صلى الله عليه وسلم - في أعلى جنان الخلد، قال عمر: قلت والله لأغدون عليه فأبشرنه، قال: فغدوت عليه فبشرته فوجدت أبا بكر قد سبقني إليه فبشره، ولا والله ما سبقته إلى خير قط إلا سبقني إليه.وكان - رحمه الله - يقول: "والذي لا إله غيره، لقد قرأت من في رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بضعاً وسبعين سورة، ولو أعلم أحداً أعلم بكتاب الله مني تبلغنيه الإبل لأتيته".ويوضح في كلمات رشيقة بليغة ما ينبغي أن يكون عليه صاحب القرآن الصادق فيقول: "ينبغي لحامل القرآن أن يعرف بليله إذا الناس نائمون، وبنهاره إذا الناس مفطرون، وبحزنه إذا الناس يفرحون، وببكائه إذا الناس يضحكون، وبصمته إذا الناس يخوضون، وبخشوعه إذا الناس يختالون، وينبغي لحامل القرآن أن يكون باكياً محزوناً حليماً حكيماً سكيناً، ولا ينبغي لحامل القرآن أن يكون جافياً ولا غافلاً، ولا صخاباً ولا صياحاً ولا حديداً".حبه لسيد الأنام:
وأما حبه للرسول - صلى الله عليه وسلم - فحدث ولا حرج، فلقد كان - رضي الله عنه - صاحب سر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ووساده وسواكه، ونعليه وطهوره، وكان يشبه بالنبي - صلى الله عليه وسلم - في هديه ودله وسمته.فعن عبد الله بن يزيد، قال: أتينا حذيفة، فقلنا له: حدثنا بأقرب الناس برسول الله - صلى الله عليه وسلم - هديا وسمتاً ودلاً، نأخذ عنه ونسمع منه، قال: كان أقرب الناس برسول الله هدياً وسمتاً ودلاً عبد الله بن مسعود حتى يتوارى عنا في بيته، ولقد علم المحفوظون من أصحاب محمد أن ابن أم عبد من أقربهم إلى الله زلفى.وفي عصرنا ما أحوجنا لمثل هذا الصدق في علاقتنا بالله وبرسوله في بيوتنا ومدارسنا، وشوارعنا وصحافتنا، خاصة بعض الإعلاميين من أبناء أمتنا الذين يلهثون وراء الخبر المثير والسبق الصحفي ليصفق لهم في المحافل، رغم أن حقيقة الخبر خلاف ذلك بكثير، ولو أنهم تريثوا في تحري الحقيقة لظهر لهم الواقع الذي هو أبسط من هذا الصخب بكثير، فلا يسعنا إلا أن نقول لهم قول الله - تعالى -: (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين) [التوبة: 119].حسن الإتباع:أوصى النبي - صلى الله عليه وسلم - صحابته وأمته من بعده بالتمسك بنور الوحي والسنة، فيقول - صلى الله عليه وسلم -: ((أوصيكم بتقوى الله - عز وجل -، والسمع والطاعة، وإن تأمر عليكم عبد، فإنه من يعش منكم فسيرى اختلافاً كثيراً، فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي، عضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور، فإن كل بدعة ضلاله) [رواه الترمذي].ولقد كان الصحابي الجليل عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - نموذج يحتذى به في اتباع وصية رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فكان يرى أن أي خروج عن هدي الإسلام بداية طريق الشقاق، حتى وإن كان فعل ذلك عن نية حسنة ومقصد نبيل.فيقول - رحمه الله -: "عليكم بالعلم قبل أن يقبض، وقبضه بذهاب أهله، عليكم بالعلم فإن أحدكم لا يدري متى يفتقر إلى ما عنده، وستجدون أقواماً يزعمون أنهم يدعون إلى كتاب الله، وقد نبذوه وراء ظهورهم، فعليكم بالعلم، وإياكم والتبدع والتنطع والتعمق، وعليكم بالعتيق".ويقول: "القصد في السنة خير من الاجتهاد في البدعة".وعن زينب امرأة عبد الله بن مسعود قالت: إن عبد الله رأى في عنقي خيطاً، فقال: ما هذا؟ قلت: خيط رقي لي فيه، قالت: فأخذه ثم قطعه، ثم قال: أنتم آل عبد الله لأغنياء عن الشرك، سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "إن الرقى والتمائم والتولة شرك"،
الراوي: عبدالله بن مسعود المحدث:الألباني - المصدر: غاية المرام - الصفحة أو الرقم: 298
خلاصة حكم المحدث: صحيح
فقلت: لقد كانت عيني تقذف، وكنت أختلف إلى فلان اليهودي، فإذا رقى سكنت، فقال عبد الله: إنما ذاك عمل الشيطان، كان ينخسها بيده، فإذا رقى كف عنها، إنما كان يكفيك أن تقولي كما كان يقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((أذهب البأس رب الناس، واشف أنت الشافي، لا شفاء إلا شفاؤك، شفاء لا يغادر سقما)) [رواه أبو داود]وعن عمرو بن سلمة الهمداني قال: كنا نجلس على باب عبد الله بن مسعود قبل صلاة الغداة، فإذا خرج مشينا معه إلى المسجد، فجاءنا أبو موسى الأشعري، فقال: أخرج إليكم أبو عبد الرحمن بعد؟قلنا: لا، فجلس معنا حتى خرج، ***ا خرج قمنا إليه جميعاً، فقال له أبو موسى: يا أبا عبد الرحمن، إني رأيت في المسجد آنفا أمراً أنكرته، ولم أر والحمد لله إلا خيراً، قال: فما هو؟ فقال: إن عشت فستراه، قال: رأيت في المسجد قوماً حلقاً جلوساً ينتظرون الصلاة، في كل حلقة رجل، وفي أيديهم حصى، فيقول: كبروا مائة؛ فيكبرون مائة، فيقول: هللوا مائة؛ فيهللون مائة، ويقول: سبحوا مائة؛ فيسبحون مائة، قال: فماذا قلت لهم؟ قال: ما قلت لهم شيئا، انتظار رأيك، قال: أفلا أمرتهم أن يعدوا سيئاتهم، وضمنت لهم أن لا يضيع من حسناتهم شيء؟ثم مضى ومضينا معه، حتى أتى حلقة من تلك الحلق، فوقف عليهم فقال: ما هذا الذي أراكم تصنعون؟قالوا: يا أبا عبد الرحمن، حصى نعد به التكبير والتهليل والتسبيح، قال فعدوا سيئاتكم، فأنا ضامن أن لا يضيع من حسناتكم شيء، ويحكم يا أمه محمد ما أسرع هلكتم!هؤلاء صحابة نبيكم - صلى الله عليه وسلم - متوافرون وهذه ثيابه لم تبل وآنيته لم تكسر، والذي نفسي بيده إنكم لعلى ملة هي أهدى من ملة محمد، أو مفتتحون باب ضلاله؟!قالوا: والله يا أبا عبد الرحمن، ما أردنا إلا الخير، قال: وكم من مريد للخير لم يصيبه، إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حدثنا: ((إن قوماً يقرءون القرآن لا يجاوز تراقيهم، يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية))
الراوي: عبدالله بن مسعود المحدث:الألباني - المصدر: السلسلة الصحيحة - الصفحة أو الرقم: 5/11
خلاصة حكم المحدث: إسناده صحيح
وأيم الله ما أدري لعل أكثرهم منكم، ثم تولى عنهم، فقال عمرو بن سلمة: فرأينا عامة أولئك الحلق يطاعنونا يوم النهروان مع الخوارج.إن درس الاعتصام بالكتاب والسنة جدير بأن نهمس به في آذان العلمانيين من أنباء أمة الإسلام الذين أعرضوا عن منهج الإسلام، وأخذوا يلهثون وراء التعاليم الأوربية والأفكار الغريبة عن ديننا، يرون فيها رشداً خيراً من رشد الإسلام، فتحتم علينا أن نقول لهم: تعلموا حسن الاتباع لله ولرسوله من خير جيل أقام خير حضارة، ولابد أن تعرفوا أن الله - تعالى - الذي قال: (وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة) [المزمل: 20] هو الذي قال: (ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب) [البقرة: 179]
وكما قال: (وأتموا الحج والعمرة لله) [البقرة: 196]
قال أيضا: (قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم) [النور: 30
http://img0.liveinternet.ru/images/attach/c/0/118/120/118120608_3684840.png